الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السادس
89/ 6/ 15 - عن مطرف بن عبد الله، قال: صليت أنا وعمران بن حصين خلف علي بن أبي طالب، فكان إذا سجد كبر، وإذا رفع رأسه كبّر، وإذا نهض من الركعتين كبّر، فلما قضى الصلاة أخذ بيدي عمران بن حصين، وقال:[لقد](1) ذكرني هذا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم، أو قال:"صلى بنا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم"(2).
الكلام عليه من وجوه سبعة:
أحدها: مطرف هذا كنيته أبو عبد الله بن عبد الله [بن](3) الشخير -بكسر [الشين](4) وتشديد الخاء المشددة المعجمتين ثم مثناة تحت ثم راء- الحرشي العامري التابعي الجليل البصري، لوالده صحبة. روى عن أبيه وعائشة وغيرهما، وعنه أخوه أبو العلاء
(1) في إحكام الأحكام (2/ 317)(قد).
(2)
البخاري (784، 786، 826)، ومسلم (393)، وأبو داود (798)، والنسائي (2/ 233)(3/ 2)، وأحمد (4/ 440، 444).
(3)
في ن ب ساقطة.
(4)
في ن ب (الشخير).
يزيد، وآخرون. وكان ثقة، له فضل وورع، وعقل وأدب، وكان مجاب الدعوة، كان بينه وبين رجل كلام فكذب عليه، فقال مطرف: اللهم إن كان كاذبًا فأمته فخر ميِّتًا. فرفع [ذلك إلى](1) زياد فقال: قتلت الرجل. قال: لا، ولكنها دعوة وافقت أجلًا. ولم ينج من فتنة ابن الأشعث بالبصرة إلَّا هو وابن سيرين. وكان يلبس المطارف، والبرانس، ويركب الخيل، ويغشى السلطان، وكان ربما نور له سوطه فأدلج ليلة [جمعة](2)، فرأى أهل القبور، صاحب كل قبر جالسًا على قبره فلما رأوني قالوا: هذا مطرف [يأتي](3)[يوم](4) الجمعة، قلت: أتعلمون عندكم يوم الجمعة؟ قالوا: نعم! نعلم ما تقول الطير فيه؟ تقول: سلام سلام من يوم صالح (5). ومناقبه كثيرة في الحلية وغيرها. تزوج امرأة على عشرين ألفًا وأكثر. مات سنة تسع وخمسين، وقيل: سنة سبع وثمانين وهو أكبر من الحسن بعشرين سنة، وفي [الرواة] (6) مطرف أربعة: أوضحتهم فيما أفردته في الكلام على [أسماء](7) هذا الكتاب فراجعه منه.
(1) في ن ب (الكمال).
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
في ن ب (ثاني).
(4)
في ن د ساقطة.
(5)
انظر: النص بتمامه في حلية الأولياء، ترجمة رقم (178).
(6)
في ن ب (الرواية).
(7)
في ن ب (رجال).
ثانيها: علي، وعمران، تقدم الكلام عليهما فيما مضى فأغنى عن الإِعادة.
ثالثها، ورابعها: هذا الحديث دال على إتمام التكبير في حالات الانتقات [وهو الذي استقر عليه العمل، وأجمع عليه فقهاء الأمصار، وقد](1) تقدم قريبًا، وتقدم الاختلاف في وجوبها أيضًا، وهو مبنى على أن الفعل للوجوب أم لا؟ [وإذا لم يكن للوجوب رجع البحث إلى أن الفعل وإن للمجمل أم لا؟](2)، ومن هنا مأخذ من يرى الوجوب، والأكثرون على الاستحباب.
فإذا قلنا: به فتركه هل يسجد للسهو له إذا تعدد أم لواحد منه أم لا يسجد؟ فيه اختلاف وليس لذلك تعلق بهذا الحديث إلَّا أن
يستدل به على أن التكبيرات سنة مع انضمام [إلى](3) المستحب مطلقًا يقتضي سجود السهو لتركه، فيصير المجموع دليلًا على ذلك، وأما التفرقة بين كون المتروك مرة أو أكثر فهو راجع إلى الاستحباب، وتخفيف أمر المرة الواحدة. والصحيح من مذهبنا أن
تركها لا يوجب السجود.
وقال القاضي عياض (4): اختلف قول مالك في السجود لقليل الفعل وكثيره على ثلاثة أقوال: ثالثها: يسجد لكثيره فقط.
(1) زيادة من ن ب د.
(2)
ساقطة من ن ب، ومثبتة في د.
(3)
في ن ب د (أن).
(4)
ذكره في إكمال إكمال المعلم (2/ 146).
خامسها: فيه دليل على أن التكبير لم يكن معمولًا به حينئذٍ لقوله: "لقد ذكرني"، وإنما يتذكر من نسي ولو كان معمولًا به لم ينس وقد قدمنا أن ذلك كان في زمن أبي هريرة، ثم استقر العمل عليه إلى الآن.
قال بعض المالكية: ونظيره قول عائشة رضي الله عنها: "ما أسرع ما نسي الناس أن يعيبوا ما لا علم لهم به. والله ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل وأخيه إلَّا في المسجد"(1) حتى استدل به بعضهم على أن المعمول به عند الصحابة ترك الصلاة على الجنازة في المسجد. وفي ذلك نظر لا يخفى.
سادسها: فيه دليل على أن تأخر المأمومين خلف الإِمام وهو مذهب الجمهور خلافًا لأبي حنيفة والكوفيين في أن موقفهما عن يمين الإِمام وشماله. وقد تقدم الكلام في ذلك في باب الصفوف.
سابعها: هذا الحديث لم يستوف فيه تكبيرات الانتقالات ولا الذي قبله، فقد يستدل به على عدم وجوبها.
(1) مسلم (99، 100) في الجنائز، والثاني (4/ 68)، والترمذي (1033)، والطحاوي (1/ 490)، والبغوي (1491، 1492)، وأبو داود (3189، 3190)، وابن ماجه (1518)، وأحمد في المسند (6/ 79، 133، 261، 169)، والموطأ (1/ 229)، وابن حبان (3065، 3066).