الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الخامس
88/ 5/ 15 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبِّر حين يقوم، ثم يكبِّر حين يركع، ثم يقول: "سمع الله لمن حمده" حين يرفع صلبه من الركعة، ثم [يقول وهو قائم: "ربنا ولك الحمد"، ثم يكبِّر حين يهوي، ثم يكبِّر حين يرفع رأسه، ثم يكبِّر حبن يسجد ثم يكبِّر حين يرفع رأسه] (1)، ثم يفعل ذلك في صلاته كلها، حتى يقضيها، ويكبِّر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس (2).
الكلام عليه من وجوه عشرة:
أحدها: فيه مشروعية التكبير في كل خفض ورفع [ما عدا
(1) في الأصل ساقطة، وما أثبت من ن ب د.
(2)
البخاري (785، 789، 795، 803)، ومسلم (392)، والنسائي (2/ 134، 233، 235)، والموطأ (1/ 76)، والشافعي في المسند (1/ 81)، وأبو داود (836)، والبيهقي في السنن (2/ 67)، وابن خزيمة (578، 579)، وابن أبي شيبة (1/ 241)، وعبد الرزاق (2496)، وأحمد (2/ 236، 270، 452، 502)، وابن حبان (1766، 1767، 1797).
الرفع] (1) من الركوع، وهذا إجماع اليوم، وقد كان فيه خلاف زمن أبي هريرة، فكان بعضهم لا يرى التكبير إلَّا للإِحرام، وبعضهم
يزيد على بعض ما في حديثه، [وكأنه](2) لم يبلغهم فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان أبو هريرة يقول في بعض الروايات:"إني لأشبهكم صلاة [بصلاة] (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم"، واستقر العمل عليه بعده إلى الآن.
وأغرب بعضهم، فقال: لا يسن إلَّا للجماعة ليشعر الإِمام بحركته من وراءه.
وذهب أحمد إلى وجوبها كما قدمته في الحديث الثالث.
ثانيها: هذا الحديث مصرح [....](4) بتكبيرات في الركعة، وقد تقدم عددها في الحديث الثالث.
ثالثها: قوله: "يكبِّر حين يقوم" ظاهره إيقاع التكبير في حال القيام، ولا شك في وجوبه للتكبير وقراءة الفاتحة عند من يوجبها مع
القدرة، وكل انحناء يمنع اسم القيام عند التكبير يبطل التحريم، فلا بد من [صرف](5) اللفظ عن ظاهره.
رابعها: قوله: "ثم يكبِّر حين يركع" مقتضاه مقارنة التكبير
(1) ساقطة من ن ب.
(2)
في ن ب د (وكأنهم).
(3)
في ن ب د ساقطة.
(4)
في ن د بياض بمقدار كلمة، وما وجد منه مطابق لباقي النسخ.
(5)
في الأصل (حذف) ون ب ساقطة، وما أثبت من ن د.
لابتداء الركوع إلى حين انتهائه إلى حده ويمده على ذلك، ويشرع في تسبيح الركوع المشروع فيه.
خامسها: [قوله](1): "ثم يقول: سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة"، مقتضاه ابتداء قولة التسميع حال ابتداء الرفع
من الركوع إلى حين ينتصب قائمًا ويمده عليه، ويدل على أنه ذكر هذه الحالة، ولا شك أن الفعل يطلق على ابتداء الشيء وجملته حالة مباشرته، فحمله [عليها](2) لكونه مستصحبًا للذكر في جميع مباشرته أولى لئلا يخلو جزء من الفعل عن ذكر، ومعنى يرفع صلبه من الركعة أي حين يبتدىء الرفع.
سادسها: "الصُّلب"، من لدن الكاهل إلى عجيب الذنب، وفي الصلب الفقار، وهي ما بين كل مفصلين.
"والنخاع"، وهو الخيط الأبيض الذي يأخذ من الهامه ثم ينقاد في فقار الصلب حتى يبلغ عجب الذنب.
و (المتنان)[جانبًا](3) الظهر من [عن](4) يمين الصلب ويساره قد اكتنفا الصلب من الكاهل إلى الورك.
سابعها: قوله: "ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد" فيه دليل على أن التحميد ذكر الاعتدال من الركوع، وأن ابتداءه حال ابتداء الاعتدال حين ينتصب قائمًا.
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
في ن د (عليهما).
(3)
في ن د (جانب).
(4)
في ن ب (هن).
ثامنها: فيه دليل أيضًا على أن كلاًّ من التسميع والتحميد في محلهما، يشرعان لكل مصلٍّ جمعًا بينه وبين الحديث الآخر:"صلوا كما رأيتموني أصلي"(1) وتخصيص جمعهما [بالإِمام خلاف الأصل وتخصيص](2) من غير مخصص، وقد تقدم إيضاح ذلك في باب الإِمامة.
وأغرب المازري المالكي فقال: إن أراد صلاةً كان صلى الله عليه وسلم فيها إمامًا، [فذاك](3) حجة للقول الشاذ عن مالك، أنه كان يرى أن يقول الإِمام اللفظين جميعًا، والمشهور أنه يقتصر على قوله:"سمع الله لمن حمده". هذا كلامه، وفيه بعض تحامل، فالظاهر أنه كان إمامًا.
تاسعها: قوله: "يهوي" هو بفتح الياء وكسر الواو أي يسقط إلى أسفل، ومنه الحديث:"فهو يهوي في النار" أي ينزل ساقطًا، وماضيه هوى -بالفتح-.
وزعم بعضهم أن صوابه: أهوى إلى الأرض، وليس ذلك بشيء، ويقال: هوى بمعنى: هلك ومات، ومنه قوله -تعالى-:
(1) البخاري (628)، ومسلم (674)، والنسائي (2/ 9)، وأبو عوانة (1/ 331)، وأبو داود (589)، والترمذي (205)، وابن ماجه (979)، والبغوي (431)، والدارقطني (1/ 346)، والشافعي (1/ 129)، وابن خزيمة (397)، وأحمد (3/ 436)، والبيهقي (3/ 120).
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
في ن ب (فذلك)، ويوافق المعلم للمازري (1/ 392).
{وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (81)} (1). وأما هوى يهوى [بالكسر في الماضي والفتح في المستقبل فمعناه أحب.
وأما الرباعي: فأهوى يهوي] (2) يقال: أهوى إليه بيده ليأخذه.
قال الأصمعي: أهويت إلى الشيء [إذا](3) أومأت به، ويقال: أهويت له بالسيف.
وقيل: أهوى من قريب، وهوى من بعيد. والكلام في ابتدائه وانتهائه: كالكلام فيما قبله، وكذلك الكلام فيما بعده.
عاشرها: قوله: "ويكبِّر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس".
[مقتضاه](4): أنه يشرع في التكبير للقيام من التشهد الأول [حين](5) يشرع في الانتقال ويمده حتى ينتصب قائمًا. وهذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلَّا مالكًا، فإنه قال: لا يكبِّر للقيام منه حتى يستوي قائمًا. وقد قدمته في آخر الوجه الرابع عشر في الكلام على الحديث الثاني من هذا الباب. وظاهر هذا الحديث يخالف ذلك.
(1) سورة طه: آية 81.
(2)
في الأصل ساقط.
(3)
في ن ب (إلى).
(4)
في ن ب (بمعناه).
(5)
في ن ب (حتى).