الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث التاسع
92/ 9/ 15 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم من رسول الله صلى الله عليه وسلم"(1).
الكلام عليه من وجوه خمسة:
أحدها: هذا الحديث مبين لحديث ثابت، عن أنس المتقدم أيضًا من التطويل والتخفيف، ولا تعارض [بينهما](2) وبين تطويله
(1) البخاري (706) في الآذان، باب: الإِيجاز في الصلاة وإكمالها، ومسلم (469) في الصلاة، باب: أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام، والترمذي (237) في الصلاة، باب: ما جاء إذا أم أحدكم فليخفف، والنسائي (2/ 94، 95) في الإِمامة، باب: ما على الإِمام من التخفيف، وابن ماجه (985) في الإِقامة، باب: من أم قومًا فليخفف، والدارمي (1/ 288، 289)، وأبو عوانة (2/ 89)، والبغوي (840)، وعبد الرزاق (3718)، وابن حبان (1759، 1856، 1886، 2138)، وأحمد (3/ 182، 262)، والبيهقي (3/ 115)، والطبراني (726)، وابن أبي شيبة (2/ 57).
(2)
في ن ب (بينها).
- عليه الصلاة والسلام القراءة في بعض [الأحيان](1)، بل يحمل حديث أنس هذا على أنه آخر الأمرين من فعله صلى الله عليه وسلم، كما قدمت ذلك عن بعضهم في الحديث السابع.
ثانيها: "وراء" من الأضداد (2) تستعمل بمعنى قدام، كما في قوله -تعالى-:{وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ} (3) الآية، أي أمامهم، وهي
مؤنثة بدليل إلحاق الهاء في تصغيرها تقول: وُرَئِّيةٌ، وكذلك قدام تقول: قديديمة (4)، وهما شاذان لأن الرباعي لا يلحقه التأنيث ووجه شذوذهما. أنه ليس في الظروف مؤنث غيرهما فلو لم تلحقهما الهاء لأوهم تذكيرهما كسائر الظروف.
ثالثها: سمي الإِمام إمامًا لأن الناس يأتمون به، أي يؤمون أفعاله، أي يقصدونها ويتبعونها، ويقال: للطريق: إمام، لأنه يؤم، أي يقصد ويتبع، ومنه قوله -تعالى-:{وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ (79)} (5)
(1) في ن ب (أحيان).
(2)
قال الزجاج: وراء يكون لخلف ولقدام، ومعناها ما توارى عنك أي ما استتر عنك، قال: وليس من الأضداد كما زعم بعض أهل اللغة. اهـ، من لسان العرب (15/ 265).
(3)
سورة الكهف: آية 79.
(4)
تصغير قدام: قُدَيْدِمُ ذلك وقُدَيْدِمةُ ذلك. اهـ، من لسان العرب (15/ 265).
قال في المصباح المنير (494): قالوا: ولا يصغر رباعي بالهاء إلا قدام ووراء.
(5)
سورة الحجر: آية 79.
أي لبطريق واضح، يمرون عليها في أسفارهم، يعني القريتين المهلكتين: قريتي قوم لوط، وأصحاب الأيكة فيراهما ويعتبر بهما
من يخاف وعيد الله تعالى.
والإِمام: أيضًا الكتاب، ومنه قوله تعالى:{يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} (1) أي بكتابهم.
[ويقال: بدينهم.
وقيل: بنبيهم.
وقيل: بكتابهم] (2) الذي فيه أعمالهم.
وقيل: بمتبعهم من هاد ومضل.
قال ابن عطية: ولفظ الإِمام يعم هذا كله، لأن الإِمام هو ما يؤتم به، ويهتدي به في [المقصد] (3): ومنه [قيل](4): لخيط البناء إمام (5).
(1) سورة الإِسراء: آية 71.
(2)
زيادة من ب د، أما في ن ب (بنيتهم) بدل:(بنبيهم).
(3)
في ن ب (القصد).
(4)
في ن ب (لقيل).
(5)
ومن معانيه أيضًا: يكون بمعنى: قادة إلى الخير. قال -تعالى-: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)} ، ويكون بمعنى: اللوح المحفوظ. قال -تعالى-: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)} ، ويكون بمعنى: التوراة. قال -تعالى-: {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا} . انظر: للاستفادة كشف السرائر لابن العماد (83).
رابعها: قط (1): على قسمين [زمانية](2) كهذه التي في الحديث وغير زمانية:
فالأولى: مفتوحة القاف مشددة الطاء، وفيها لغات أُخر منها ضم القاف أيضًا وقط مخففة وبنيت لأنها غاية كسائر الغايات.
والثانية: [بمعنى](3) حسب [وهو](4) الاكتفاء فهي مفتوحة القاف ساكنة الطاء.
خامسها: الظاهر هو أن هذه الصفة المذكورة في الحديث من صلاته عليه الصلاة والسلام تختص بحال الإِمامة، وأما حال الانفراد فإنه عليه السلام[كان] (5) يطول: من ذلك قيام الليل وغيره، وقد جاء ذلك صريحًا في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:"ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا [في] (6) غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا"(7)، وكما تقدم
(1) حروف المعاني والصفات لأبي القاسم الزجاجي (46)، إعراب بحديث للعكبري (432، 433).
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
في ن ب (حتى).
(4)
في ن ب (وهي).
(5)
زيادة من ن د، وفي ن ب (فإنه).
(6)
في الأصل ساقطة، وفي ن د (على).
(7)
البخاري (1147) في التهجد، باب: قيام النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان؛ =
من قوله عليه السلام: "إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف، وإذا صلى [أحدكم] (1) لنفسه فليطول ما شاء"(2)، فذكر الحكم والعلة.
واعلم: أن المطلوب [في](3) كل أمر العدل وهو الوسط [من](4) كل شيء، وهذا الحديث من هذا فيدل على طلب أمرين في الصلاة التخفيف في حق الإِمام مع الاتمام وعدم التقصير [وذلك](5) هو الوسط العدل، والميل إلى أحد الطرفين خروج عنه، فالتطويل في حق الإِمام إضرار [بالمأمومين](6) والتقصير عن الاتمام بخس
= و (2013) في صلاة التراويح، باب: فضل من قام رمضان، وفي المناقب، باب: كان النبي صلى الله عليه وسلم تنام عيناه ولا ينام قلبه، ومسلم (738) في صلاة المسافرين، باب: صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل، وأبو داود (1341) في الصلاة، باب: في صلاة الليل، والنسائي (3/ 234) في قيام الليل، باب: كيف الوتر بثلاث، الترمذي (439) في الصلاة، باب: ما جاء في وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل، وأحمد (6/ 36، 73، 104)، والموطأ (1/ 120)، والبيهقي (1/ 122)، (2/ 495، 496)، (3/ 6)، (7/ 62)، وابن حبان (2430، 2613)، والبغوي (899)، وابن خزيمة (1166).
(1)
في ن ب ساقطة.
(2)
سبق تخريجه في باب الإِمامة، الحديث السادس.
(3)
في ن ب د (من).
(4)
في ن ب د (في).
(5)
في ن ب د (وهذا).
(6)
في ن ب (بالمؤمنين).
يلحق العبادة، وليس المراد بالتقصير [هنا](1) ترك الواجبات، فإن تركها مفسد للصلاة موجب لنقصها فيرفع حقيقتها، بل المراد والله أعلم، التقصير [في](2) المسنونات والتمام بفعلها، فينبغي للإِمام التوسط في ذلك وتكون حاله دائمًا بين التفريط والإِفراط، لأنه إذا كان هذا في الصلاة التي هي [أجل](3) أركان الإِسلام، فما ظنك بغيرها من [العبادات](4)، والعادات، كيف وهو قدوة؟!.
(1) في ن ب (هما).
(2)
في ن ب د (من).
(3)
في ن د (أحد).
(4)
في ن ب (العبوات).