المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الخامس 125/ 5/ 22 - عن عائشة رضي الله عنها - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٣

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌15 - باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌16 - باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

- ‌[الحديث الأول]

- ‌17 - باب وجوب القراءة في الصلاة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌18 - باب ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

- ‌19 - باب سجود السهو

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌20 - باب المرور بين يدي المصلي

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌21 - باب جامع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌22 - باب التشهد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌23 - باب الوتر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌الحديث الخامس 125/ 5/ 22 - عن عائشة رضي الله عنها

‌الحديث الخامس

125/ 5/ 22 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةً بعد أن أنزلت عليه {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} إلا يقول فيها: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي".

وفي لفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي"(1).

(1) البخاري (794) في الآذان، باب: الدعاء (817) في الركوع، باب: التسبيح في الركوع (4293)، في المغازي (4967، 4968)، في التفسير سورة النصر، ومسلم (484)(217)، باب: ما يقال في الركوع والسجود، أبو داود (877) في الصلاة، باب: في الدعاء في الركوع والسجود، والنسائي (2/ 219، 220) في التطبيق، باب: نوع آخر، وابن ماجه (889) في الإِقامة، باب: التسبيح في الركوع والسجود، والبغوي في السنة (618)، والبيهقي في السنن (2/ 86، 109)، وابن حبان (1929، 1930)، وأبو عوانة (2/ 186، 187)، وابن خزيمة (605)، وأحمد (6/ 43، 49)، وعبد الرزاق (2878)، والطحاوي في معاني الآثار (1/ 234).

ص: 514

الكلام عليه من وجوه:

الأول: "إذا" منصوب بسبح، وهو لما يستقبل، ولا يدخل إلَّا على ما تحقق وقوعه بخلاف "إن"، فإنها تدخل على المشكوك في

وقوعه، ولهذا لو قال:"إذا دخلت الدار فأنت طالق" لم يكن حلفًا بخلاف "إن دخلت الدار فأنت طالق"، لكنه إذا وجد المعلق عليه فيهما وقع الطلاق لوجود الصفة، وفي "إذا" وجه أنه لا يقع لأنه لا يسمى حلفًا عرفا.

الثاني: الإِعلام بذلك قبل كونه من أعلام النبوة، روي أن هذه السورة نزلت أيام التشريق في حجة الوداع (1).

الثالث: الفرق بين النصر والفتح أن:

الأول: إعانة وإظهار على العدو، ومنه نصر الله الأرض: أغاثها.

الثاني: فتح البلاد: والمعنى نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم على العرب أو على قريش، وفتح مكة.

(1) قال ابن حجر في الفتح (8/ 736): وقد سئلت عن قول الكشاف: إن سورة النصر نزلت في حجة الوداع أيام التشريق، فكيف صدرت بإذا الدالة على الاستقبال؟

فأجبت بضعف ما نقله، وعلى تقدير صحته فالشرط لم يكتمل بالفتح، لأن مجىء الناس أفواجًا لم يكن كمل، فبقية الشرط مستقبل، وقد أورد الطيبي السؤال وأجاب بجوابين: أحدهما: أن "إذا" قد ترد بمعنى إذ كما في قوله -تعالى-: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً} الآية. ثانيهما: أن كلام الله قديم وفي كل من الجوابين نظر لا يخفى.

ص: 515

الرابع: قد تقدم في باب الجنابة الكلام على لفظ: "سبحان الله" وأنه من المصادر اللازمة للنصب، وأنه منصوب بإضمار فعل

لا يظهر.

الخامس: في الحديث مبادرة الرسول صلى الله عليه وسلم[إلى](1) امتثال ما أمره الله به، وملازمته [لذلك](2) فكان يقول هذا الكلام البديع في الجزالة المستوفي ما أمر به في الآية، وكان يأتي به في ركوعه وسجوده، لأن حالة الصلاة أفضل من غيرها، فكان يختارها لأداء هذا الواجب الذي أمر به ليكون أكمل.

السادس: الباء في "بحمدك" متعلق بمحذوف، أي وبحمدك سبحت، وهذا يحتمل أن يكون أيضًا فيه حذف، أي وبسبب حمد الله

سبحت، ويكون المراد بالسبب هنا التوفيق والإِعانة على التسبيح.

السابع: قوله: "اللهم اغفر لي" فيه امتثال لقوله: "واستغفره" بعد امتثال قوله: "فسبح بحمد ربك" وسؤالُه المغفرة هنا مع أنه مغفور له هو من باب العبودية والإِذعان والافتقار.

الثامن: ظاهر اللفظ الثاني يقتضي جواز الدعاء في الركوع، ولا تعارض بينه وبين الحديث الآخر:"أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه [في] (3) الدعاء" فإنه دال على

(1) في ن ب (في).

(2)

في ن ب (كذلك).

(3)

في الأصل (من)، وما أثبت من ن ب د.

ص: 516

الأولوية وهي لا تخالف الجواز كيف، ولم ينه عنه فيه، بل فعله عليه الصلاة والسلام فيه وأمر بالاجتهاد في السجود من الدعاء من غير منع من التسبيح، بل أمر به [في حديث](1) آخر فيقتضي ذلك جميعه أن يكون السجود، قد أمر فيه بتكثير الدعاء لإشارة قوله:"فاجتهدوا" والذي وقع في الركوع من قوله: "اغفر لي" ليس بكثير فلا تعارض إذًا، كذا قرره الشيخ تقي الدين (2).

واعترض الفاكهي فقال: هذا تعسف منه. قال: وهذا عندي كلام من لم يعتد بقول الفقهاء: بالكراهة في الركوع، حيث اعتقد جوازه من هذا الحديث من غير كراهة (3) إذ لا يجوز أن يريد الجواز مع الكراهة، لكونه عليه الصلاة والسلام بريء من فعل

(1) زيادة من ن ب د.

(2)

إحكام الأحكام (3/ 46).

(3)

قال ابن حجر في الفتح (2/ 281): على قول البخاري (باب الدعاء في الركوع) ثم ساق الحديث بسنده: ترجم بعد هذا بأبواب التسبيح والدعاء في السجود، وساق فيه حديث الباب، فقيل: الحكمة في تخصيص الركوع بالدعاء دون التسبيح -مع أن الحديث واحد- أنه قصد الإِشارة إلى الرد على من كره الدعاء في الركوع كمالك، وأما التسبيح فلا خلاف فيه، فاهتم هنا بذكر الدعاء لذلك، وحجة المخالف الحديث الذي أخرجه مسلم من رواية ابن عباس مرفوعًا وفيه:"فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم"، لكنه لا مفهوم له، فلا يمتنع الدعاء في الركوع، كما لا يمتنع التعظيم في السجود. وظاهر حديث عائشة: أنه كان يقول هذا الذكر كله في الركوع وكذا في السجود.

ص: 517

المكروه، فهذا ليس بجيد، ثم لا نسلم كونه بكثير مع التعبير عنه بكان الذي تدل على المداومة، بل قد صرحت عائشة بالكثير بقولها: كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده الحديث، فهذا وهم ظاهر، هذا كلامه فليتأمل (1) ويبعد أن يقال يُرجِع قوله:"سبحانك اللهم وبحمدك" إلى الركوع، وقوله:"اللهم اغفر لي" إلى السجود.

التاسع: في لفظ عائشة الأول سؤال، وهو أن لفظة "إذا" تقتضي الاستقبال وعدم حصول الشرط حينئذ.

وقولها: "ما صلى صلاة بعد أن أُنزلت عليه" تقتضي تعجيل هذا القول لقرب الصلاة الأولى التي [هي](2) عقب نزول الآية من النزول للفتح، أي:[](3) فتح مكة ودخول الناس في دين الله أفواجاً، وذلك يحتاج إلى مدة أوسع من الوقت الذي بين نزول

الآية، والصلاة الأولى بعده، فقول عائشة في بعض الروايات يتأول القرآن قد يشعر بأنه يفعل ما أُمر به فيه، فإن كان الفتح ودخول الناس في دين الله حاصل عند نزول الآية، فلم يقل فيه إذا جاء وإن لم يكن

(1) قال ابن حجر في الفتح (2/ 300): على قوله: فليتأمل، وهو عجيب، فإن ابن دقيق العيد أراد بنفي الكثرة عدم الزيادة على قوله:"اللهم اغفر لي" في الركوع الواحد، فهو قليل بالنسبة إلى السجود المأمور فيه بالاجتهاد في الدعاء المشعر بتكثير الدعاء، ولم يرد أنه كان يقول ذلك في بعض الصلوات دون بعض حتى يعترض عليه بقول عائشة:"كان يكثر". انظر: حاشية الصنعاني (3/ 46).

(2)

في ن د (هو).

(3)

في الأصل زيادة (الذي)، والتصحيح من ن ب.

ص: 518

حاصلًا، فكيف يكون القول امتثالًا للأمر الوارد بذلك، ولم يوجد

شرط الأمر.

وجوابه: كما قال الشيخ تقي الدين: أن يختار أنه لم يكن

حاصلًا (1) على مقتضى اللفظ، ويكون النبي صلى الله عليه وسلم قد بادر إلى فعل

المأمور به قبل وقوع الزمن الذي يتعلق به الأمر فيه، إذ ذاك عبادة

(1) قال الصنعاني في الحاشية (3/ 48): ولا يخفى تكلفه، وكان الأحسن أن

يقال: إنه صلى الله عليه وسلم نرل ما سيقع مما أخبر الله أنه سيقع منزلة الواقع للقطع

بوقوع ما علق به الأمر من باب (ونفخ في الصور) وأمثاله، وهذا على

تقدير أن الآية نزلت قبل الفتح، وقال البرماوي: إن الذي عليه أئمة

التفسير أن المراد بالفتح: فتح مكة، ونصر الله: الانتصار على قريش،

وبدخول الناس في دين الله أفواجًا أي: زمرًا. الإشارة إلى طوائف

العرب، وهم الذين دخلوا في دين الإسلام، وأن الآية نزلت في أيام

التشريق في حجة الوداع. اهـ.

قلت: إذا تم هذا عاد الإشكال الآتي وهو الإتيان بإذا في أمر قد انقضى

وهي موضوعة للاستقبال، وقد أخرج ابن جرير عن عطاء بن يسار.

نزلت سورة: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} [النصر: 1] كلها بالمدينة. وأخرج ابن

أبي شيبة: وعبد بن حميد والبزَّار وأبو يعلى وابن مروديه والبيهقي في

الدلائل عن ابن عمر قال: نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أوسط أيام التشريق

بمنى وهي في حجة الوداع، والأحاديث عن الصحابة تفيد أنها نزلت عليه

هذه السورة بعد الفتح، فيرد إشكال استعمال إذا للماضي الذي أشار إليه

الشارح. وجوابه ما صرح به ابن هشام في مغني اللبيب أن "إذا" تخرج

عن الاستقبال فتجيء للماضي كما جاءت إذا للاستقبال وذلك كقوله:

{وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا} [التوبة: 92]

وقوله: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11] فيحمل الحديث على ذلك.

ص: 519

وطاعة لا تختص بوقت معين، فإذا وقع الشرط كان الواقع من هذا القول بعد وقوعه واقعًا على حسب الامتثال. وقبل وقوع الشرط

واقعًا على حسب التبرع، وليس في قول عائشة:"يتأول القرآن" ما يقتضي ولا بد أن يكون جميع قوله عليه الصلاة والسلام

واقعًا على جهة الامتثال للمأمور حتى يكون دالًّا على وقوع الشرط، بل مقتضاه أنه يفعل تأويل القرآن، وما دل لفظه فقط وجاز أن يكون بعض هذا القول فعلًا لطاعة مبتدأة، وبعضه امتثالًا للأمر (1).

(1) قال الصنعاني في الحاشية (3/ 49): ظاهر السياق أنه كله وقع امتثالًا.

ص: 520