الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني
127/ 2/ 23 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: "من كل الليل أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول الليل وأوسطه، وآخره فانتهى وتره إلى السحر"(1).
[الكلام عليه من وجوه، واللفظ المذكور لمسلم دون البخاري، ولفظ البخاري: "من كل الليل أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهى
(1) البخاري (996) في الوتر، باب: ساعات الوتر، ومسلم (745، 137) في صلاة المسافرين، باب: صلاة الليل، وأبو داود (1435) في الصلاة، باب: في وقت الوتر، والترمذي (456) في الصلاة، باب: ما جاء في الوتر من أول الليل وآخره، والنسائي (3/ 230) في قيام الليل، باب: وقت الوتر، والبيهقي (3/ 35)، والدارمي (1/ 372)، والشافعي (1/ 195)، وابن حبان (2443)، وأحمد (6/ 46، 100، 107، 129، 204، 205)، وابن أبي شيبة (2/ 286)، وعبد الرزاق (4624).
هذا اللفظ لمسلم، وليس في البخاري لفظ "من" بل لفظه "كل الليل"، وكذلك قولها:"من أول الليل وأوسطه وآخره"، هي من أفراد مسلم، والمصنف تبع في عزوه الحديث للشيخين الحميدي، وهو وهم، فليس هذا من ألفاظ البخاري. اهـ، من حاشية الصنعاني (3/ 59).
وتره إلى السحر"] (1) (2)، ولفظ أبي داود "لكن انتهى وتره حين مات إلى السحر".
الأول: "السّحَرُ" وهو قبيل الصبح، وضبطه ابن أبي الصيف اليمنى بالسدس الأخير، وحكاه الماوردي في تفسيره (3) عن ابن [أبي](4) زيد.
الثاني: "الليل" اسم لما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني، وقد قدمت الخلاف قريبًا، فيما بين طلوع الفجر الثاني وطلوع الشمس، فظاهر هذا الحديث يدل على أنه ليس من الليل، لأنه جعل كل الليل وقتًا للوتر، وجعل نهاية الوتر الذي كل الليل وقته السحر أو الفجر، فدل على أن ما بعده ليس من الليل ولا شك أن أول وقت الوتر لا يدخل ما بين غروب الشمس ووقت العشاء
اتفاقًا مع أنه داخل في قولها: "من كل الليل أوتر من أوله".
والصحيح عندنا: أنه (5) لا يدخل وقته إلَّا بفعل الفرض.
وقيل: يدخل وقته قبل فعل العشاء [وخصه بعضهم بمن ظن أنه فعل العشاء](6) فصله، ثم بان أنه لم يفعلها، وتقدم في الكلام
(1) زيادة من ن ب د.
(2)
في الأصل هنا موضع الكلام عليه من وجوه.
(3)
تفسير الماوردي (5/ 366).
(4)
زيادة من ن ب.
(5)
زيادة من ن ب د.
(6)
في ن ب زيادة (داخل في قولها).
على الحديث الذي قبله انتهاء وقته مع الخلاف فيه، وأن الصحيح امتداده إلى طلوع الفجر الثاني. والأحاديث تدل له، [ويدل] (1) أيضًا لقول [من] (2) يقول: إنه يمتد إلى صلاة الصبح، فأنه عليه الصلاة والسلام كان يصلي الصبح عقب طلوع الفجر الثاني بيسير، فعبر في بعض الأحاديث [بفعل الصبح عن طلوع الفجر لقربه منه، واتفق العلماء على جواز فعله في جميع](3) ما بين أول وقته وآخره.
لكنهم اختلفوا في أن الأفضل تقديمه في أول الليل أو تأخيره إلى آخره على وجهين: حكاهما مطلقًا الشيخ تقي الدين (4)، ثم حكى مقالة فارقة بين من يرجو أن يقوم في آخر الليل، وبين من يخاف أن لا يقوم، وهذا أسلفته في الحديث الذي قبله، وإذا نظرنا
إلى آخر الليل من حيث هو [فإنه أفضل من أوله وأوسطه، وكان فعل الوتر فيه أفضل، فإذا عارضه](5) احتمال تفويته، قدمناه على ذوات هذه الفضيلة. وهذه قاعدة عامة يدخل تحتها أفراد منها: إذا رجا الماء آخر الوقت الأظهر عندنا أن تقديم الصلاة أول الوقت بالتيمم أفضل، إحرازًا للفضيلة المحققة على الموهومة. والمشهور من مذهب مالك أن التأخير أفضل (6).
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
في الأصل (ويقول).
(3)
في ن ب (أن).
(4)
إحكام الأحكام (3/ 59).
(5)
في ن ب ساقطة.
(6)
قال شيخ الإِسلام في الفتاوي (22/ 285): في حديث أبي هريرة أنه =
الثالث: "أوتر صلى الله عليه وسلم أول الليل وأوسطه وآخره" توسعة على أمته، وأقر الصديق على فعله أوله، والفاروق على فعله آخره، وقال: حَذِّرَ هذا، وقَوِّيَ هذا، بعد سؤاله لكل منهما متى يوتر (1). وليس للوتر وقت لا يجوز فيه ولا يكره.
تنبيه: قال ابن العطار رحمه الله في "شرحه": هنا وقت
= أوصاه أن يوتر قبل أن ينام، وهذا إنما يوصي به من لم يكن عادته قيام الليل، وإلَاّ فمن كانت عادته قيام الليل، وهو يستيقظ غالبًا من الليل، فالوتر آخر الليل أفضل له، كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم:"من خشي أن لا يستيقظ آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يستيقظ آخره فليوتر آخره، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل"، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه سئل: أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ فقال: قيام الليل". انظر: حاشية الصنعاني (3/ 60).
(1)
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: "متى توتر"؟ قال: أوتر ثم أنام. قال: "بالحزم أخذت"، وسأل عمر:"متى توتر"؟ قال: أنام، ثم أقوم من الليل فأوتر، قال:"فعل القوي أخذت".
أخرجه ابن ماجه (1/ 389، 380) في إقامة الصلاة، باب: ما جاء في الوتر أول الليل، قال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 398): إسناده صحيح رجاله ثقات. الحاكم (1/ 301)، وصحح الحاكم إسناده ووافقه الذهبي، والبيهقي (3/ 36)، وابن حبان (2446)، وابن خزيمة (1084).
وفي الباب عن أبي قتادة عند أبي داود (1434)، والحاكم (1/ 301)، وابن خزيمة (1085).
وجابر عند أحمد (3/ 330)، وابن ماجه (1202).
التراويح: كالوتر لا أعلم في ذلك خلافًا قال: وأما ما يفعله كثير من أئمة المساجد بالديار المصرية في حضرها وريفها من صلاتهم لها بين المغرب والعشاء والوتر [بعدها](1) قبل فعل العشاء فلا يجوز، ذلك ولا يحصل لهم فضيلة قيام رمضان ووتره، وهل تحصل لهم [فضيلة](2) نفل مطلق، فيه نظر إذا أتوا بذلك على الوجه المأمور به فيه. فإذا ما ذكره. فأما ما قاله في الوتر فلا شك فيه وأما ما قاله في التراويح فليس كذلك، فلنا وجه أنه يدخل وقتها بالغروب. حكاه الروياني وجزم به القاضي مجلي، وتبعه العراقي شارح "المهذب"، وقد أوضحت ذلك في "شرح المنهاج" بزيادة مقالة غريبة للحليمي في وقت التراويح فراجع ذلك منه (3).
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
زيادة من ن ب.
(3)
سئل شيخ الإِسلام في الفتاوى (23/ 119): عمن يصلي التراويح بعد المغرب، هل هو سنة أم بدعة؟ وذكروا أن الإِمام الشافعي صلاها بعد المغرب، وتممها بعد العشاء الآخرة؟
فأجاب: الحمد لله رب العالمين، السنة في التراويح أن تصلي بعد العشاء الآخرة، كما اتفق على ذلك السلف والأئمة، والنقل المذكور عن الشافعي رضي الله عنه باطل، فما كان الأئمة يصلونها إلَّا بعد العشاء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد خلفائه الراشدين، وعلى ذلك أئمة المسلمين، لا يعرف عن أحد أنه تعمد صلاتها قبل العشاء، فإن هذه تسمى قيام رمضان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الله فرض عليكم صيام رمضان، وسننت لكم قيامه، فمن صامه وقامه غفر له ما تقدم من ذنبه"، وقيام الليل في رمضان وغيره إنما يكون بعد العشاء، وقد جاء مصرحًا به في السنن "إنه =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= لما صلى بهم قيام رمضان صلي بعد العشاء".
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قيامه بالليل هو وتره، يصلي بالليل في رمضان وغير رمضان إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، لكن كان يصليها [طوالًا]. فلما كان ذلك يشق على الناس قام بهم أبي بن كعب في زمن عمر بن الخطاب عشرين ركعة، يوتر بعدها، ويخفف فيها القيام، فكان تضعيف العدد عوضًا عن طول القيام. وكان بعض السلف يقوم بأربعين ركعة فيكون قيامها أخف ويوتر بعدها بثلاث، وكان بعضهم يقوم بست وثلاثين ركعة يوتر بعدها، وقيامهم المعروف عنهم بعد العشاء الآخرة.
ولكن الرافضة تكره صلاة التراويح، فإذا صلوها قبل العشاء الآخرة لا تكون هي صلاة التراويح، كما أنهم إذا توضّؤوا يغسلون أرجلهم أول الوضوء، ويمسحون في آخره فمن صلاها قبل العشاء فقد سلك سبيل المبتدعة المخالفين للسنة، والله أعلم.