المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثالث 123/ 3/ 22 - عن أبي هريرة رضي الله - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٣

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌15 - باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌16 - باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

- ‌[الحديث الأول]

- ‌17 - باب وجوب القراءة في الصلاة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌18 - باب ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

- ‌19 - باب سجود السهو

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌20 - باب المرور بين يدي المصلي

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌21 - باب جامع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌22 - باب التشهد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌23 - باب الوتر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌الحديث الثالث 123/ 3/ 22 - عن أبي هريرة رضي الله

‌الحديث الثالث

123/ 3/ 22 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يدعو: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب النار ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال"(1).

وفي لفظ لمسلم: "إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم"(2).

(1) البخاري أطرافه (832) في الجنائز، باب: التعود من عذاب القبر، ومسلم (1/ 580)(131) في المساجد، باب: ما يستعاذ منه في الصلاة، والترمذي (3604) في الدعوات، باب: في الاستعاذة، والنسائي (8/ 275، 278) في الاستعاذة من عذاب جهنم وشر المسيح الدجال، وفي الاستعاذة من عذاب النار، وأبو عوانة (2/ 235، 236)، وابن حبان (1002، 1018، 1019)، وابن خزيمة (721)، وابن أبي شيبة (10/ 190).

(2)

مسلم (588، 128، 131)، وأبو داود (983) في الصلاة، باب: ما يقول بعد التشهد، والنسائي (3/ 58) في السهو، باب: نوع آخر، والدارمي (1/ 310)، وابن الجارود (207)، وأبو عوانة (2/ 235)، والبيهقي (2/ 154)، وابن حبان (1967)، وابن خريمة (721)، والبغوي في شرح السنة (693)، وأحمد (2/ 237)، وابن ماجه (909).

ص: 485

ثم ذكر نحوه.

الكلام عليه من أربعة عشر وجهًا:

الأول: لفظ مسلم هذا هو من أفراده، كما شهد له بذلك أيضًا عبد الحق وغيره. وأما النووي في "شرح المهذب" و"الأذكار"(1)

فعزاه إلى البخاري أيضًا، وكأنه أراد أصل الحديث، فإن البخاري أخرجه باللفظ الأول في باب الجنائز من صحيحه في باب التعوذ من عذاب القبر.

الثاني: قد تكرر أن: "كان" هذه تدل على المداومة والتكرار.

الثالث: ظاهر الرواية الأولى عموم الدعاء بذلك، أعني في الصلاة وغيرها بخلاف رواية مسلم الثانية، فإنها دالة على استحباب هذا الدعاء آخر الصلاة قبل السلام، وفي "صحيح (2) مسلم" أنه عليه الصلاة والسلام كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم

السورة من القرآن، وأن طاوسًا رحمه الله أمر ابنه بإعادة الصلاة حين لم يدع به فيها، وهذا كله دليل على تأكيد هذا الدعاء والتعوذ والحث الشديد عليه، وظاهر كلام طاوس أنه حمل الأمر به على الوجوب فأوجب الإِعادة بفواته (3). وإليه ذهب أهل الظاهر والجمهور على خلافه، ولعله أراد تأديب ابنه وتأكيد هذا الدعاء عنده، لا أنه يعتقد وجوبه.

(1) الأذكار (55)، والمجموع شرح المهذب (3/ 468 - 470).

(2)

مسلم (950).

(3)

انظر: المجموع (3/ 470).

ص: 486

الرابع: دعاؤه عليه الصلاة والسلام واستعاذته من هذه الأمور التي عوفي منها وعصم، إنما فعله ليلزم خوف الله وإعظامه

والافتقار إليه؛ لتقتدي أمته به، وليبين لهم صفة (1) الدعاء والمهم منه.

فأجاب بعضهم عن استعاذته من الدجال: بأنه يحتمل أن ذلك قبل أن يعلم أنه لا يدركه، ويحمل التعوذ من فتنة تشبه فتنته.

والجواب القوي ما قدمناه أولًا (2).

الخامس: القبر واحد القبور والمقبرة مثلثة الباء [واحدة المقابر](3) وقد جاء في الشعر المقبر:

قال لكل قوم مقبر بفنائهم

فهم ينقصون والقبور تزيد

وقبرت الميت أقبره بضم الباء وكسرها قبرًا، أي دفنته وأقبرته. أمرت بأن يقبر.

(1) ومن الأجوبة التي ذكرها ابن حجر في الفتح غير ما سبق (2/ 319)، ثانيها: المراد السؤال منه لأمته فيكون المعنى هنا: أعوذ بك لأمتى. ثالثها: سلوك طريق التواضع وإظهار العبودية وإلزام خوف الله وإعظامه والافتقار إليه وامتثال أمره في الرغبة إليه، ولا يمتنع تكرار الطلب مع تحقق الإِجابة، لأن ذلك يحصل الحسنات ويرفع الدرجات، وفيه تحريض لأنه على ملازمة ذلك لأنه إذا كان مع تحقق المغفرة لا يترك التضرع، فمن لم يتحقق ذلك أحرى بالملازمة.

(2)

ويدل على ذلك أنه قبل العلم بعدم إدراكه ما روى مسلم في صحيحه: "إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه".

(3)

في ن ب ساقطة.

ص: 487

وقال ابن السكيت: أقبرته: صيرت له قبرًا يدفن فيه. وقوله تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21)} (1): أي جعله ممن يقبر ولم يجعله ملقى للكلاب وكأن القبر مما أكرم به بنو آدم.

السادس: الحديث مصرح بإثبات عذاب القبر وفتنته، وهو مذهب أهل السنة والحق، والإِيمان به واجب، وهو متكرر مستفيض

في الأحاديث، وقد سلف الكلام في ذلك في الحديث السادس من باب الاستطابة واضحًا ومن خالف فيه.

السابع: فيه الإِيمان بالنار، وأنها مخلوقة موجودة، وقد ثبتت الاستعاذة منها في غير حديث.

الثامن: الفتنة قال أهل اللغة: هي الامتحان والاختبار.

قال القاضي عياض: لكن عرفها في اختبار كشف ما يكره.

يقال: فتنت الذهب إذا أدخلته النار ليختبر، وينظر ما جودته، ودينار مفتون. قال -تعالى-:{إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} (2).

ويسمى الصائغ: الفتان. وكذلك الشيطان. وقال الخليل: الفتن: الإِحراق. قال -تعالى-: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (13)} (3) ويقال: افتتن الرجل وفتن فهو مفتون، إذا أصابته فتنة فذهب ماله أو عقله، وكذلك إذا اختبر قال -تعالى-:{وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} (4) والفتون: أيضًا الافتتان فيتعدى ولا يتعدى. وأنكر

(1) سورة عبس: آية 21.

(2)

سورة البروج: آية 10.

(3)

سورة الذاريات: آية 13.

(4)

سورة طه: آية 40.

ص: 488

الأصمعي (1)، أفتنت بالألف. وقال الفراء (2): أهل الحجاز يقولون: ما أنتم عليه بفاتنين. وأهل نجد يقولون: بمفتنين من أفتنت.

التاسع: فتنة المحيا والممات، أي الحياة والموت. فتنة المحيا ما يتعرض له الإِنسان مدة حياته من الافتتان بالدنيا، والشهوات والجهالات وأشدها وأعظمها والعياذ بالله منه أمر الخاتمة عند الموت. وفتنة الممات قيل المراد فتنة القبر. وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم الاستعاذة من عذاب القبر وفتنة القبر: كمثل أو أعظم من فتنة الدجال، ولا يكون من هذا الوجه متكررًا مع قوله:"من عذاب القبر" لأن العذاب مرتب على الفتنة، والسبب غير المسبب. ولا يقال: إن المقصود زوال عذاب القبر، وإن الفتنة نفسها أمر عظيم وهو شديد يستعاذ بالله من شره.

ويجوز أن يراد بفتنة الممات: الفتنة عند الموت، وأضيفت إلى الموت لقربها منه عند الاحتضار، وقبله بقليل، وتكون فتنة المحيا على هذا ما يقع قبل ذلك في مدة الحياة للإِنسان، ويصرفه في الدنيا، فإن ما قارب الشيء يُعطى حكمه، فحالة الموت تشبه بالموت، فلا تعد من الدنيا فعلى هذا يكون الجمع بين فتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال من باب ذكر الخاص بعد العام

ونظائره [كثيرة](3)، وخصت فتنة المسيح بالذكر لأجل الاهتمام.

(1) لسان العرب (10/ 178، 181).

(2)

معاني القرآن (2/ 394).

(3)

زيادة من ن ب د.

ص: 489

ويحتمل أن يراد بفتنة المحيا والممات: حالة الاحتضار وحالة المسائلة في القبر، فكأنه استعاذ من [فتنة](1) هذين المقامين،

وسأل التثبيت فيهما كما قال الله -تعالى-: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} (2) الآية.

تنبيه: ذكر في الحديث التعوذ من أربع، وعند المحيا والممات واحدًا، وهي في الحقيقة خمسة.

وأجاب بعضهم: بأنه لو عدها خمسًا لكانت وترًا، والغالب في الوتر في الشريعة أنه لا يذكر إلَّا في شيء محبوب، وهذه الأربعة مكاره، لكن [روى] (3) عبد بن حميد (4) في مسنده من حديث أبي هريرة:"استعيذوا بالله من خمس" فذكرهن.

العاشر: ظهرت العناية بالدعاء بهذه الأمور حيث أمرنا بها في كل صلاة، وهي حقيقة بذلك لعظم الأمر فيها، وشدة البلاء في وقوعها، ولأن أكثرها أمور إيمانية غيبية، فيكررها على الأنفس بجعلها ملَكَةً لها.

الحادي عشر: الرواية الثانية في الكتاب فيها زيادة كون الدعاء

(1) زيادة من ن ب د.

(2)

سورة إبراهيم: آية 27.

(3)

في الأصل (أدعى)، والتصحيح من ن ب د.

(4)

النسائي (8/ 276)، وأحمد (2/ 416). قال أحمد شاكر في المسند (19/ 110): إسناده صحيح. قلت: فيه اختلاف بين النسخ فطبعة أحمد بلفظ "كان" والطبعات الأخرى فيه لفظ الأمر وهو: "استعيذوا". وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي (3/ 1119).

ص: 490

مأمورًا به بعد التشهد، والمراد [به](1) الأخير، كما جاء في الحديث الآخر في مسلم (2) أيضًا، "إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع"، وهو ظاهر لبناء الأول على التخفيف. وأما الشيخ تقي الدين فقال: هذا الحديث عام في التشهد الأول والأخير، وقد اشتهر بين الفقهاء استحباب التخفيف في التشهد الأول، وعدم استحباب الدعاء بعده، حتى سامح بعضهم في الصلاة على الآل فيه، وقد يكون إذا ورد تخصيمة بالأخير متمسكًا لهم من باب حمل المطلق على المقيد أو من باب حمل [الخاص على العام] (3) وفيه بحث. قال: والعموم الذي ذكرناه يقتضي الطلب لهذا الدعاء فمن خصه، فلا بد له من دليل راجح وإن كان نصًا فلا بد له من صحته، هذا كلامه وقد علمت أيها الناظر ورود النص المخصص لذلك وصحته والحمد لله.

[الثاني عشر: [الأول](4) امتثال الأمر بقول ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم وإن كان يمكن التعبير بغير هذا اللفظ وهو جائز لحصول المقصود به، فإن معنى أعوذ: أعتصم.

الثالث عشر: في الحديث الرد على أبي حنيفة حيث منع في الصلاة إلا بألفاظ القرآن العظيم] (5).

(1) في الأصل ساقطة، وما أثبت زيادة من ن ب د.

(2)

سبق تخريجه.

(3)

في ن ب تقديم وتأخير. انظر: إحكام الأحكام (3/ 38).

(4)

في ن د (الأولى).

(5)

ما بين القوسين زيادة من ن ب.

ص: 491

[الرابع عشر](1): المسيح الدجال هو عدو الله الكذاب. سمي دجالًا لتمويهه وتغطيته الحق. وحكي [عن](2) ثعلب: أن الدجال: الكذاب (3).

وذكر القرطبي في تفسير (4) قوله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ} (5) أن اسم الدجال: صاف، ويكنى أبا يوسف. قال: وهو يهودي.

وجمعه: دجالون (6).

والمسيح -بفتح الميم وتخفيف السين- على المشهور.

وقيل: -بكسر الميم وتخفيف السين وتشديدها-.

وقيل: كذلك لكن بالحاء المعجمة.

وسمي بذلك: [لكونه](7) ممسوح العين.

وقيل: لأنه أعور.

وقيل: لمسحه الأرض عند خروجه. فعيل بمعنى فاعل، فمسحه الأرض بمحنه، وعيسى عليه السلام يمسحها منحة.

(1) في الأصل (الثاني عشر)، والتصحيح من ن ب.

(2)

زيادة من ن ب د.

(3)

لسان العرب (4/ 293، 294).

(4)

الجامع لأحكام القرآن (4/ 89، 100)(15/ 324).

(5)

سورة غافر: آية 56.

(6)

انظر: لسان العرب (4/ 293، 294).

(7)

في ن ب د (لأنه).

ص: 492

قال أبو عبيد: وأصل المسيح بالعبرانية بالشين فعرب كما عرب موشى بموسى (1) وفي صحيح مسلم (2) من حديث أنس: " [ليس] (3) من بلد إلَّا سيطأه الدجال الَاّ مكة والمدينة" وفي حديث ابن عمرو إلَّا: "الكعبة وبيت المقدس"(4) ذكره [الطبري](5)، وزاد الطحاوي من حديث جنادة بن أبي أمية عن بعض الصحابة "ومسجد الطور" (6) وفي حديث أبي بكر بن أبي شيبة: وأنه سيظهر على الأرض كلها إلَّا الحرم وبيت المقدس (7)

(1) انظر: المعرب (302)، والجامع لأحكام القرآن القرطبي (4/ 89).

(2)

البخاري (1881) في فضائل المدينة، باب: لا يدخل الدجال المدينة (7124) في الفتن، باب: ذكر الدجال من طريقين، ومسلم (2943) في الفتن، باب: قصة الجساسة، والبغوي (2022)، وأحمد (3/ 191، 238)، وابن أبي شيبة (12/ 181، 15/ 143).

(3)

في الأصل ساقطة، ومثبتة في ن ب د.

(4)

انظر: الفتح (13/ 105).

(5)

في ن ب (القرطبي).

(6)

قد ورد فيه حديث عند الإِمام أحمد في المسند (5/ 435).

(7)

الفتح الرباني بترتيب مسند أحمد (24/ 76)، ومجمع الزوائد (7/ 343).

قال ابن حجر في الفتح (13/ 105): رجاله ثقات.

أسباب العصمة من فتنة الدجال:

أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى ما يعصمها من فتنة المسيح الدجال:

1 -

تعلم الدين الإِسلامي والتمسك به والاهتمام بمعرفة الله بأسمائه وصفاته مع التسلح بسلاح الإِيمان في معرفة الله بصفاته أن يعرف أن الدجال أعور، وأن الله ليس بأعور. وأنه لا يراه أحد حتى يموت. والدجال يراه الناس في الدنيا. =

ص: 493

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 2 - الحرص كل الحرص على الإِهتمام بالاستعاذة من فتنة الدجال في الصلاة وخارجها، كما يدل عليه حديث: "كان يدعو يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر

" الخ الحديث، وهذا يشمل داخل الصلاة وخارجها.

3 -

قال السفاريني رحمه الله في لوامع الأنوار (2/ 106، 107)، مما ينبغي لكل عالم أن يبث أحاديث الدجال بين الأولاد والنساء والرجال وقد قال ابن ماجه: سمعت الطنافسي يقول سمعت المحاربي يقول: ينبغي أن يرفع هذا الحديث يعني حديث الدجال إلى المؤدب حتى يعلمه الصبيان في الكتاب، وقد ورد من علامات خروجه نسيان ذكره على المنابر. انظر: مجمع الزوائد (7/ 335).

4 -

قراءة سورة الكهف مع حفظ فواتحها، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقراءة فواتح سورة الكهف على الدجال وفي بعضها خواتيمها، والقراه: تكون من أولها إلى نهاية عشر آيات بحديث رواه مسلم: "من أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف"، وروى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من حفظ عشر آيات من سورة الكهف عصم من الدجال" أي من فتنته" قال مسلم، قال شعبة: من آخر الكهف قال همام: من أول الكهف قال النووي: سبب ذلك ما في أولها من العجائب والآيات فمن تدبرها لم يفتن بالدجال وكذا آخرها {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا} .

5 -

العمل بالحديث النبوي في فضائل سورة الكهف فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم من رواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "إن من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين". أخرجه الحاكم (2/ 368)، وقال الألباني: صحيح. صحيح الجامع (5/ 340).

6 -

إمتثال قول الله -سبحانه-: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72)} ، وذلك بالفرار منه والابتعاد عن أماكنه وذلك =

ص: 494

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= لقوله صلى الله عليه وسلم: "من سمع بالدجال فلينأ عنه، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبث به من الشبهات أو لما يبعث من الشبهات". مستدرك الحاكم (4/ 531)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5/ 303).

والحرص كل الحرص على سكن مكة والمدينة، كما ورد في الحديث أنه لا يدخلهما.

هل ذكر الدجال في القرآن؟

قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في فتح الباري (13/ 91):

تنبيه: اشتهر السؤال عن الحكمة في عدم التصريح بذكر الدجال في القرآن مع ما ذكر عنه من الشر وعظم الفتنة به وتحذير الأنبياء منه، والأمر بالاستعاذة منه حتى في الصلاة وأجيب بأجوبة:

أحدها: أنه ذكر في قوله -تعالى-: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} ، فقد أخرى الترمذي وصححه عن أبي هريرة رفعه:"ثلاثة إذا خرجن لم ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من في: الدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها".

الثاني: قد وقعت الإِشارة في القرآن إلى نزول عيسى ابن مريم في قوله -تعالى-: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} ، وفي قوله -تعالى-:{وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} ، وصح أنه هو الذي يقتل الدجال فاكتفى بذكر أحد الضدين عن الآخر، ولكونه يلقب المسيح كعيسى لكن الدجال مسيح الضلالة، وعيسى مسيح الهدى.

الثالث: أنه ترك ذكره احتقارًا، وتعقب بذكره يأجوج ومأجوج، وليست الفتنة بهم بدون الفتنة بالدجال والذي قبله، وتعقب بأن السؤال باق، وهو ما الحكمة في ترك التنصيص عليه؟

وأجاب شيخنا الإِمام البلقينى بأنه اعتبر كل من ذكر في القرآن من =

ص: 495

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= المفسدين فوجد كل من ذكر إنما كلهم ممن مضى، وانقضى أمره وأما من لم يجىء بعد فلم يذكر منهم أحدًا، انتهى. وهذا ينتقض بيأجوج ومأجوج. وقد وقع في تفسير البغوي أن الدجال مذكور في القرآن في قوله تعالى:{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} ، وأن المراد بالناس الدجال من إطلاق الكل على البعض، وهذا إن ثبت أحسن الأجوبة فيكون من جملة ما تكفل النبي صلى الله عليه وسلم ببيانه، والعلم عند الله -تعالى-.

قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (13/ 91): ومما يحتاج إليه في أمر الدجال أصله، وهل هو ابن صياد أو غيره. انظر الفتح (13/ 325)، ولوامع الأنوار (2/ 107).

الثاني: هل كان موجودًا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أو لا؟ فمقتضى حديث فاطمة بنت قيس في قصة تميم الداري الذي أخرجه مسلم: أنه كان موجودًا في العهد النبوي، وأنه محبوس في بعض الجزائر. الفتح (13/ 325).

الثالث: متى يخرج؟ فقي حديث النواس بن سمعان عند مسلم: أنه يخرج عند فتح المسلمين القسطنطينية.

الرابع: ما سبب خروجه؟ ففي مسلم في حديث ابن عمر عن حفصة: أنه يخرج من غضبة يغضبها. الفتح (13/ 325).

الخامس: من أين يخرج؟ فمن قبل المشرق، ثم جاء في رواية أنه يخرج من خرسان. أخرى ذلك الحاكم من حديث أبي بكر، وفي أخرى أنه يخرج من أصبهان. أخرجها مسلم.

السادس: وما صفته؟ صفته مشهورة. الفتح (13/ 90).

السابع: ما الذي يدعيه؟ أمَّا الذي يدعيه فإنه يخرج أولًا فيدعي الإِيمان والصلاح، ثم يدعي النبوة، ثم يدعي الإِلهية. كما أخرج الطبراني من =

ص: 496

وأنه يحصر المؤمنين [في](1) بيت المقدس وأخباره شهيرة أعاذنا الله منه.

= طريق سليمان بن شهاب قال: "نزل عليَّ عبد الله بن المعتمر وكان صحابيًّا فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الدجال ليس به خفاء، يجيء من قبل المشرق فيدعو إلى الدين فيتبع ويظهر، فلا يزال حتى يقدم الكوفة، فيظهر الدين ويعمل به فيتبع ويحث على ذلك، ثم يدعي أنه نبي فيفزع من ذلك كل ذي لب ويفارقه، فيمكث بعد ذلك يقول: أنا الله فتغشى عينه، وتقطع أذنه، ويكتب بين عينيه كافر، فلا يخفى على كل مسلم فيفارقه كل أحد من الخلق في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان"، وسنده ضعيف.

فائدة: ذكر ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 143).

أثر: حدثا أبو المورع قال: حدننا الأجلح عن قيس بن أبي مسلم عن ربعي بن حراش قال: سمعت حذيفة يقول: لو خرج الدجال لآمن به قوم في قبورهم.

أيضًا ذكره السيوطي في الدر المنثور (5/ 355) من طريق ابن أبي شيبة.

(1)

في ن ب ساقطة.

ص: 497