الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
23 - باب الوتر
هو بفتح الواو وكسرها، ذكر فيه رحمه الله ثلاثة أحاديث:
الحديث الأول
126/ 1/ 23 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: ما ترى في صلاة الليل قال: "مثنى مثنى، فإذا خشى الصبح صلى واحدة، فأوترت له ما [قد] (1) صلى"، وأنه كان يقول:"اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترًا"(2).
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
البخاري (472، 473)، باب: الحلق والجلوس في المسجد (990، 993، 995، 1137)، ومسلم (749، 148)، وأبو داود (1421)، في الصلاة، باب: كم الوتر، والنسائي (3/ 232، 233) في قيام الليل، باب: كم الوتر، والبغوي (956، 957)، ومالك (1/ 123)، وابن ماجه (1320) في إقامة الصلاة، باب: في صلاة الليل ركعتين، وابن حبان (2426، 2620، 2622، 2623، 2624)، والبيهقي (3/ 21، 22)، وابن خزيمة (1072)، وأحمد (2/ 40، 49، 66، 79، 102، 119، =
الكلام عليه من وجوه:
الأول: هذا السائل بحثت عن اسمه فلم أر أحد ذكره.
الثاني: "المنبر" مأخوذ من المنبر وهو الارتفاع، وفي صانعه أقوال، ذكرتها في (تخريجي لأحاديث الرافعي)، فراجعه منه (1).
الثالث: "مثنى مثنى" غير مصروف للعدل والوصف.
فإن قلت: القاعدة فيما عدل عن أسماء الأعداد، أنه لا يكرر أعني أنك تقول جاء في القوم مثنى ليس إلَّا من غير تكرير يريد اثنين اثنين، وكذا ثلاث ورباع ونحوها. قال -تعالى-:{مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (2).
فكيف جاء هذا الحديث [وما الحكمة](3) في ذلك؟
والجواب: ما ذكره ابن الحاجب في (شرح المفصل) حيث قال: مثنى في الخبر [المبالغة](4) في التوكيد، وكأنه قال: صلاة الليل: اثنتان اثنتان، فكرر أربع مرات، لأن مثنى بمنزلة اثنين مرتين، فإذا كررت اثنين اثنين، فالتكرار معنوي فلو كان لفظيًّا لكان سقوطه وثبوته واحدًا، وجاز تكرير مثنى، وإن تبح تكرير اثنين أربع مرات،
= 71، 81)، والطبراني (13096)، وابن الجارود (143)، وابن نصر (127)، ووالترمذي (437) باب: ما جاء أن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى.
(1)
سيأتي في كتاب صلاة الجمعة.
(2)
سورة النساء: آية 3.
(3)
في ن ب (وما حكمه).
(4)
في ن ب (للمبالغة).
لأن مثنى أخصر؛ لأنه مفرد، وإن [كان](1) للمبالغة فلا يبقى ما ذكرنا من أنه معدول عن المكرر.
الرابع: قوله: "وهو على المنبر" مقتضاه جواز كلام الإِمام وهو على المنبر شرع في الخطبة وإن لم يشرع، وأن السائل عن العلم والحالة هذه غير لاغ.
الخامس: فيه الاعتناء بقيام الليل والمحافظة عليه وعظم ثوابه، وقد صح في ذلك عدة أحاديث.
السادس: قوله عليه الصلاة والسلام: (مثنى مثنى) تمسك به مالك رحمه الله في أنه لا يزاد في صلاة النفل على ركعتين سواء كان بالليل أو بالنهار، وبه قال الشافعي وأحمد، ومسلم أبو حنيفة في صلاة الليل. وقال في نفل النهار: رباع من حيث أن صلاة النهار، وهي الظهر والعصر رباعيتان، فنفله كفرضه، وأما الليل فصلاته فرضًا ثلاثية ورباعية. وقد نص الشارع على أن نفله مثنى فلا يتعدى.
وأجاب الأولون والجمهور: بأنه صح في رواية أخرى من حديث ابن عمر أيضًا: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى" رواه [أصحاب السنن الأربعة (2) وصححه
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
أبو داود (1295) في الصلاة، باب: في صلاة النهار، والترمذي (597) في الصلاة، باب: ما جاء أن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، والنسائي (3/ 227) في قيام الليل، باب: كيف صلاة الليل، وابن ماجه (1322) في إقامة الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى.
البخاري (1)، وابن حبان (2) والحاكم (3) ................
(1) ذكره ابن حجر الدراية (1/ 200)، عن أبي أحمد بن فارس قال: سئل البخاري عن حديث ابن عمر هذا فقال: صحيح، والبيهقي في السنن (2/ 487).
(2)
ابن حبان (2482).
(3)
البيهقي (2/ 487)، والدارقطني (1/ 417). هذه الرواية سكت عنها الترمذي إلَّا أنه قال: اختلف أصحاب شعبة فيه فرفعه بعضهم ووقفه بعضهم. ورواه الثقات عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكروا فيه صلاة النهار، وقال النسائي: هذا الحديث عندي خطأ، وقال في سننه الكبرى: إسناده جيد إلَّا أن جماعة من أصحاب ابن عمر خالفوا الأزدي
فيه. فلم يذكروا فيه النهار. منهم سالم، ونافع، وطاوس، ثم ساق رواية الثلاثه.
وقد بسط تضعيف هذه الزيادة شيخ الإِسلام -رحمنا الله وإياه- في الفتاوى (21/ 289)، فقال بعد سياق الحديث: فهذا برواية الأزدي عن علي بن عبد الله البارقي عن ابن عمر. وهو خلاف ما رواه الثقات المعروفون، عن ابن عمر، فإنهم رووا ما في الصحيحين أنه سأل عن صلاة الليل فقال:"صلاة مثنى مثنى"، ولهذا ضعف الإِمام أحمد وغيره رواية البارقي، ولا يقال: هذه الزيادة من الثقة مقبولة لوجوه:
أحدها: أن هذا متكلم فيه.
ثانيها: أن ذلك لم يخالف الجمهور، وإلَّا فإذا انفرد عن الجمهور ففيه قولان.
الثالث: أن هذا إذا لم يخالف المزيد عليه، وهذا الحديث قد ذكر ابن عمر: "أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل. ومعلوم أنه لو قال صلاة الليل والنهار مثنى مثنى. فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة لم يجز ذلك، وإنما يجوز إذ ذكر صلاة الليل منفردة كما ثبت في الصحيحين والسائل =
والبيهقي] (1)، وهذه الرواية رافعة لحصر [رواية](2) الصحيحين [وتحمل على أنها جواب لمن خص الليل بالذكر](3)، وحديث عائشة الآتي يدل على عدم انحصار صلاة الليل في ذلك.
السابع: هذا الحديث عند الشافعي محمول على الأفضل، فلو جمع ركعات بتسليمة واحدة جاز، وكذا إذا تطوع بركعة واحدة،
وخالف مالك فيهما وأبو حنيفة في الثاني عملًا بظاهر هذا الحديث، وهذا أولى من الاستدلال بأنه لو كانت الركعة الفردة صلاة لما امتنع قصر صلاة الصبح والمغرب، فإنه ضعيف.
وذكر بعض أصحاب الشافعي على ما حكاه الشيخ تقي الدين أنه لو تطوع بأزيد من ركعتين شفعًا أو وترًا فلا يزيد على تشهدين،
= إنما سأله عن صلاة الليل. والنبي صلى الله عليه وسلم وإن كان يجيب عن أعم مما سئل عنه، كما في حديث البحر، لكن يكون الجواب منتظمًا كما في هذا الحديث. وهنا إذا ذكر النهار لم يكن منتظمًا، لأنه ذكر: "فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة
…
" إلخ. قال الزيلعي في نصب الراية: والحديث في الصحيحين من حديث جماعة عن ابن عمر ليس فيه ذكر النهار (2/ 144).
وقال ابن عبد البر في تمهيده (13/ 185): وكان يحيى بن معين يخالف أحمد في حديث علي الأزدي ويضعفه، ولا يحتج به، ويذهب مذهب الكوفيين في هذه المسألة
…
إلخ. انظر: تلخيص الحبير (2/ 22)، والدراية (1/ 2)، وفتح الباري (2/ 479).
(1)
في ن ب ساقطة.
(2)
في الأصل (رواه)، والتصحيح من ن ب د.
(3)
زيادة من ن ب د.
ثم إن كان المتنفل به شفعًا فلا يزيد بين التشهدين على ركعتين وإن كان وترًا فلا يزيد بينهما على ركعة، فعلى هذا إذا تنفل بعشر
ركعات مثلًا جلس بعد الثامنة ولا يجلس بعد السابعة ولا ما قبلها لأنه قد يكون زاد على ركعتين بين التشهدين وإن تنفل بتسع أو بسبع مثلًا فلا يزيد بين التشهدين على ركعة فيجلس بعد الثامنة في التسع وبعد السادسة في السبع، ثم يصلي الركعة، ثم يجلس. ولو اقتصر على جلوس واحد في ذلك كله جاز، وإنما حمله على ما ذكر أن النوافل تبع للفرائض، وهي شبهها والفريضة الوتر للنهار (1) هي المغرب، وليس بين التشهدين فيها إلَّا ركعة واحدة والفرائض الشفع ليس بين التشهدين فيها أكثر من ركعتين.
الثامن: الحديث يقتضي تقديم الشفع على الوتر، فلو أوتر بعد صلاة العشاء من غير شفع لم يكن آتيًا بالسنة، وهل يشترط في الإِيتار سبق نفل بعد العشاء فيه وجهان عندنا أصحهما لا وهو يوتر ما قبله فرضًا كان أو سنة.
وظاهر مذهب مالك أنه لا يوتر بركعة، فردة هكذا من غير حاجة، كذا حكاه الشيخ تقي الدين.
ونقل [المازري](2) ذلك في الكراهة فقط قال: وإنما اختلف في المسافر ففي المدونة لا يوتر بها. وروى سحنون: نعم. ورأى
سحنون أن المرض كالسفر.
(1) في الأصل ون ب زيادة (لكنها).
(2)
في الأصل (الماوردي)، وما أثبت من ن ب د. انظر: المعلم بفوائد مسلم للمازري (1/ 453).
وقال أبو حنيفة: لا يجوز الوتر بأقل من ثلاث ركعات (1). لنا أحاديث صحيحة ذكرتها في "شرح المنهاج" منها: ما أخرجه ابن حبان في صحيحه (2) من حديث ابن عباس: "أنه عليه الصلاة والسلام أوتر بواحدة"، وحديث النهي عن البتر لا يصح كما بين ضعفه عبد الحق (3)، وحديث وتر الليل ثلاث كوتر النهار صلاة المغرب (4) ضعيف أيضًا.
(1) انظر: الاصطلام في الخلاف للسمعاني (296، 305).
(2)
قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (2/ 481، 482): حديث أبي أيوب مرفوعًا: "الوتر حق، فمن شاء أوتر بخمس ومن شاء بثلاث، ومن شاء بواحدة"، أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم، وصح عند جماعة من الصحابة أنهم أوتروا بواحدة من غير تقدم نفل قبلها، ففي كتاب محمد بن نصر وغيره بإسناد صحيح عن السائب ابن يزيد أن عثمان قرأ القرآن ليلة في ركعة لم يصل غيرها، وأيضًا عند البخاري في المناقب، باب: ذكر معاوية رضي الله عنه (3764،
3765)، وأيضًا عن سعد بن أبي وقاص في المغازي.
(3)
مختصر قام الليل للمروزي (277). قال في نصب الراية -رحمنا الله وإياه- (2/ 120). رواه ابن عبد البر في التمهيد، وذكره عبد الحق في أحكامه. وقال الغالب: على حديث عثمان بن محمد -هذا- الوهم، وقال ابن القطان في كتابه: هذا حديث شاذ ولا يعرج على راويه، وذكره ابن الجوزي في التحقيق، ثم قال: والمروي عن ابن عمر أنه فسر البتيراء أن يصلي بركوع ناقص وسجود ناقص". اهـ.
وقال النووي في المجموع -رحمنا الله وإياه- (3/ 478)، حديث البتيراء ضعيف ومرسل. اهـ.
(4)
مختصر قيام الليل للمروزي (270). رواه الدارقطني في سننه (2/ 28) =
التاسع: يفهم من الحديث انتهاء وقت الوتر بطلوع الفجر من قوله: "فإذا خشي الصبح"، وهو قول الجمهور والصحيح عند الشافعية، وفي قول له: يمتد وقته حتى يصلي الصبح.
وقيل: يمتد إلى طلوع الشمس، حكاه النووي في (شرح مسلم)(1).
قال أبو الطاهر المالكي: والأول هو المشهور عندنا. قال: فلو لم يصله حتى أحرم بصلاة الصبح ففي القطع والتمادي قولان:
وفي قول عندهم أنه يمتد وقته إلى الإِسفار.
العاشر: قوله عليه الصلاة والسلام: "اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترًا" مقتضاه أن يكون آخر صلاة الليل، ولم يقل أحد بوجوب ذلك فيما أعلم. بل ذهب أبو حنيفة وحده دون صاحبيه إلى وجوب أصل الوتر، وقد يستدل بصيغة الأمر له، وهو ما فهمه
المحب الطبري في (أحكامه)، ولا دلالة فيه، فإن أراد الاستدلال بأن تحمل الصيغة على الندب فلا تستقيم أيضًا لما يلزم منه من الجمع بين الحقيقة والمجاز، وهذا الذاهب يمنعه ثم جعل الوتر آخر
= وقال: يحيى بن زكريا، هذا يقال له ابن أبي الحواجب، ضعيف ولم يروه عن الأعمش مرفوعًا غيره.
قال الحافظ في التلخيص (2/ 15)، قال البيهقي:"الصحيح وقفه على ابن مسعود، كذا رواه الثوري وغيره عن الأعمش، ورفعه ابن أبي الحواجب وهو ضعيف". اهـ. سنن البيهقي (3/ 31)، وشرح معاني الآثار (1/ 294) موقوفًا على ابن مسعود.
(1)
(6/ 24، 25).
[صلاة](1) الليل هو الأفضل، لأنه الغالب من فعل الشارع.
وقوله: فإن كان له تهجد آخره إلى أن يتهجد وإلَّا قدمه. كذا أطلقه النووي في (الروضة)(2) تبعًا للرافعي عن العراقيين.
وقال في (شرح المهذب)(3): إن لم يكن له تهجد، ولكن وثق باستيقاظ آخر الليل يستحب تأخيره.
قلت: دليله قوله عليه الصلاة والسلام: "من خاف أن لا يقوم آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر
الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل" رواه مسلم (4)، ومعناه: تشهدها ملائكة الرحمة، ودليل ما إذا لم يشق بذلك حديث أبي هريرة وغيره في الصحيح (5) "أوصاني خليلي - عليه الصلاة
(1) في ن د ساقطة.
(2)
روضة الطالبين (1/ 329).
(3)
المجموع شرح المهذب (4/ 14).
(4)
مسلم (755، 163) في صلاة المسافرين، باب: من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، والترمذي (2/ 318) في الصلاة، باب: ما جاء في كراهية النوم قبل الوتر، وابن ماجه (1187) في إقامة الصلاة، باب: ما جاء في الوتر آخر الليل، وابن خزيمة (1806)، وعبد الرزاق (4623)، وأحمد (3/ 300، 315، 337، 348، 389)، وابن حبان (2565)، وأبو عوانة (2/ 290، 291)، وأبو يعلى (1905، 2106، 2279)، والبيهقي (3/ 35).
(5)
البخاري (1178) في التهجد، باب: صلاة الضحى في الحضر (1981)، وفي الصوم، باب: صيام البيض، ومسلم (721) في صلاة المسافرين، باب: استحباب صلاة الضحى، والنسائي (229) في قيام الليل، باب: =
والسلام- أن لا أنام إلَّا على وتر".
الحادي عشر: من أوتر ثم تهجد لم يعده على الصحيح عندنا والمشهور عند المالكية. وهذا الحديث ظاهره يقتضي الإِعادة، لكنه
يتوقف على أن لا يكون قبله وتر لما جاء في الأحاديث "لا وتران في ليلة"، حسنه الترمذي (1) مع الغرابة وصححه ابن حبان (2) وابن خزيمة (3)، وابن السكن فلزم من الأمر يجعله آخر الصلاة ومن قوله:"لا وتران في ليلة"، شفع الوتر الأول، فإنه إن لم يشفعه وأعاده لزم إعادتهما في ليلة، وإن لم يعد الوتر لم يكن آخر صلاة الليل وترًا ومن قال:[لا يشفع](4) ولا يعيد الوتر منع أن ينعطف حكم صلاة على أخرى بعد السلام، والحديث وطول الفصل إن وقع ذلك فإذا لم يجتمعا والحقيقة أنهما وتران، ولا وتران في ليلة، فامتنع الشفع،
= الحث على الوتر قبل النوم، وأحمد (2/ 459)، وابن حبان (2536)، والطيالسي (2392)، والدارمي (2/ 18، 19)، والبيهقي (3/ 36، 47، 4/ 493)، وابن خزيمة (1222، 1223).
(1)
الترمذي (470) في الصلاة، باب: ما جاء لا وتران في ليلة.
(2)
ابن حبان (2449)، ذكر الزجر عن أن يوتر المرء في الليلة الواحدة مرتين في أول الليل وآخره.
(3)
ابن خزيمة (1101)، وأخرجه أبو داود (1439) في الصلاة، باب: في نقض الوتر، والنسائي (3/ 229، 230) في قيام الليل، باب: نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الوتر في ليلة، والبيهقي (3/ 36)، وأحمد (4/ 23)، والطيالسي (1095)، والطبراني (8247). قال ابن حجر: وهو حديث حسن الفتح (2/ 481).
(4)
في ن ب (لا شفع).
وامتنع إعادة الوتر أخيرًا، ولم يبق إلَّا مخالفة ظاهر "اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترًا"(1)، وهو محمول على الاستحباب كما أن الأمر بأصل الوتر كذلك وترك المستحب أولى من ارتكاب المكروه، ومن قال: بإعادة الوتر فهو أيضًا مانع من شفع الوتر الأول محافظة على الحديث المذكور، ويحتاج إلى الاعتذار عن قوله:"لا وتران في ليلة"(2)، وقد ينبني الكلام في ذلك على مسألة، وهي: أن التنفل بركعة فردة هل يشرع في غير المنصوص عليه وقد سلف الخلاف فيه؟ وقد رتب الشافعي على هذا المعنى ما إذا نذر صلاة هل يلزمه ركعتان، نظر إلى واجب الشرع أو ركعة نظر إلى جائزه، فيه قولان: والأصح الأول (3).
(1) سبق تخريجه قريبًا.
(2)
انظر: ت (1، 2، 3) ص (530).
(3)
قال ابن حجر في الفتح (2/ 481): وإنما يصح نقض الوتر عند من يقول بمشروعية التنفل بركعة واحدة غير الوتر، وقال الشوكاني في نيل الأوطار (3/ 52، 53)، أما حديث طلق وهو "لا وتران في ليلة"، فقد حسنه الترمذي قال عبد الحق: وغير الترمذي صححه. وقد احتج به على أنه لا يجوز نقض الوتر. ومن جملة المحتجين به على ذلك طلق بن علي الذي رواه كما قال العراقي. قال: وإلى ذلك ذهب أكثر العلماء. وقالوا: إن من أوتر وأراد الصلاة بعد ذلك لا ينقض وتره، ويصلي شفعًا حتى يصبح، ثم ذكر من اختار هذا القول من الصحابة وغيرهم، ومن أدلتهم أيضًا على عدم استحباب نقض الوتر قالوا: إن الرجل إذا أوتر أول الليل فقد قضى وتره، فإذا هو نام بعد ذلك، ثم قام وتوضأ وصلى ركعة أخرى، فهذه صلاة غير تلك الصلاة، وغير جائز في النظر أن تتصل هذه =
الثاني عشر. يؤخذ من قوله عليه الصلاة والسلام: "فإذا خشي الصبح" أن ما بين طلوع الفجر والشمس من النهار، وهو قول
الجمهور وأبعد من قال: إنه من الليل، ومن قال: إنه منفرد بنفسه. وعزي إلي الشعبي (1).
= الركعة بالركعة الأولى التي صلاها في أول الليل فلا يصيران صلاة واحدة، وبينهما نوم وحدث ووضوء وكلام في الغالب. وإنما هما صلاتان متباينتان كل واحدة غير الأولى، ومن فعل ذلك فقد أوتر مرتين، ثم إذا هو أوتر أيضًا في آخر صلاته. صار موترًا ثلاثًا مرات، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترًا"، وهذا قد جعل الوتر في مراضع من صلاة الليل، وأيضًا قال صلى الله عليه وسلم:"وتران في ليلة! "، وهذا قد أوتر ثلاث مرات، وأما من استدل على جواز نقض الوتر بحديث ابن عمر أنه كان إذا سأل عن الوتر قال:"أما أنا فلو أوترت قبل ان أنام ثم أردت أن أصلي بالليل شفعت بواحدة ما مضى من وتري، ثم صليت مثنى مثنى، فإذا قضيت صلاتي أوترت بواحدة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نجعل آخر صلاة الليل الوتر". رواه أحمد (2/ 135)، قال في مجمع الزوائد: فيه ابن إسحاق مدلس وهو ثقة، وبقية رجاله رجال الصحيحين، وقال الألباني في الإِرواء (2/ 194): إسناده حسن.
(1)
سبق هذا البحث في أوقات الصلاة.