المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثالث 110/ 3/ 20 - عن ابن عباس رضي الله - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٣

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌15 - باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌16 - باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

- ‌[الحديث الأول]

- ‌17 - باب وجوب القراءة في الصلاة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌18 - باب ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

- ‌19 - باب سجود السهو

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌20 - باب المرور بين يدي المصلي

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌21 - باب جامع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌22 - باب التشهد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌23 - باب الوتر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌الحديث الثالث 110/ 3/ 20 - عن ابن عباس رضي الله

‌الحديث الثالث

110/ 3/ 20 - عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "أقبلت راكبًا على حمار أتان، وأنا يومئذٍ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت، فأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي أحد"(1).

الكلام عليه من وجوه: والتعريف براويه سبق في باب الاستطابة.

الأول: "الأتان" الأنثى من جنس الحمير، ولا تقل: أتانة. وحكى عن يونس وغيره: أتانة وعجوزة وفرسة ودمشقة في دمشق.

(1) البخاري (76، 493، 861، 1857، 4412)، ومسلم (504)، وأبو داود (715)، والترمذي (337)، والنسائي (2/ 64)، وابن ماجه (947)، وابن الجارود (168)، وأبو عوانة (2/ 54، 55)، والبيهقي (2/ 276، 277)، وابن خزيمة (833)، والمسند (1/ 342، 219، 264، 365)، والشافعي في المسند (1/ 68)، وابن أبي شيبة (1/ 278، 280)، والموطأ (1/ 155، 156)، والبيهقي في السنن (2/ 273، 277)، وابن حبان (2151، 2381).

ص: 314

فقوله في هذه الرواية: "على حمار أتان" هي رواية إطلاق البخاري، كما ذكره النووي في "شرح مسلم"(1)، وهو بدل من حمار وتبعد فيه الوصفية، ولمسلم روايتان إحداهما "أتان" والأخرى "حمار"، فرواية البخاري فيها استعمال [للفظ](2) الحمار فيما يعم الذكر والأنثي، وبين أنه أنثى، ومثله لفظ الشاة والإِنسان.

قال الجوهري: وربما قالوا للإِتان حمارة.

وقال المحب الطبري في "أحكامه": حمار أتان بتنوين الحرفين.

وقال بعضهم: إنما هو على الإِضافة.

الثاني: قوله "ناهزت الاحتلام" أي قاربته ودانيته: والاحتلام معروف، وهو البلوغ.

وحدّه عندنا بالسن: خمس عشرة [سنة](3) وهو رواية عن مالك وأخرى عنه سبع عشرة، والمشهور عنه ثماني عشرة، وأما الإِنبات ففيه ثلاثة أقوال عندهم.

ثالثها: يعتبر في الجهاد ولا يعتبر في غيره، ومذهبنا أنه علامة في حق الكافر دون المسلم.

(1) شرح مسلم (4/ 221).

(2)

في الأصل ون ب (اللفظ)، وما أثبت من ن د.

(3)

في ن ب ساقطة.

ص: 315

وقوله: هنا " [قاربت] (1) الاحتلام" يؤيد قول من قال: إن ابن عباس ولد قبل الهجرة بثلاث سنين وأنه ابن ثلاث عشرة عند موته صلى الله عليه وسلم خلافًا لمن قال: عمره عشر سنين عند موته عليه الصلاة والسلام. وروى سعيد بن جبير عنه أنه كان عمره إذ ذاك خمس عشرة، وقال الإِمام أحمد: أنه الصواب وقد قدمت هذا الخلاف في ترجمته في باب الاستطابة (2).

وفائدة قول ابن عباس "ناهزت الاحتلام" والله أعلم التوكيد لهذا الحكم حتى لايظن أن عدم الإِنكار سببه الصغر وعدم التمييز.

الثالث: معنى "ترتع" ترعى، يقال: رتعت الإِبل إذا رعت يقال: خرجت تلعب فترتع أي تنعم وتلهو، وأرتع الغيث أي أثبت ما رتع فيه الإِبل (وترتع بكسر التاء [يفتعل] (3) في الرعي) (4).

(1) في ن ب د (ناهزت).

(2)

قال ابن حجر في الفتح (9/ 84): ويمكن الجمع بن الروايات إلَّا ست عشرة وثنتي عشرة، فإن كلا منها لم يثبت سنده. والأشهر بأن يكون ناهز الاحتلام لما قارب ثلاث عشرة ثم بلغ لما استكملها، ودخل في التي بعدها. فإطلاق خمس عشرة بالنظر إلى جبر الكسرين وإطلاق العشر والثلاث عشرة بالنظر إلى الكسر. وإطلاق أربع عشرة بجبر أحدهما. اهـ. انظر إكمال إكمال المعلم (2/ 219).

(3)

في ن ب (بفعيل)، وفي الأصل مفعول والتصحيح من ن د.

(4)

في فتح الباري (1/ 171): ترتع بكسر العين يفتعل في الرعي.

ص: 316

الرابع: "مِنًا" الأجود صرفها [وتركه](1) وكتابتها بالألف وتذكيرها.

وسميت منًا: لما يمنى بها من الدماء أي يراق، ومنه قوله تعالى:{مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37)} (2)[وقيل: غير ذلك](3).

الخامس: في هذه الرواية: "أنه رآه يصلي بمنا" وفي رواية لمسلم "بعرفة" وهو محمول على أنهما قضيتان (4).

السادس [: في الحديث دليل على ركوب الصبي المميز الحمار وما في معناه وأن الولي لا يمنعه من ذلك.

السابع:] (5) فيه دليل أيضًا على صحة صلاة الصبي.

الثامن: فيه أيضًا أن سترة الإِمام سترة لمن خلفه، كذا استنبطه النووي في شرحه منه، وتوبع عليه، وليس في الحديث تعرض لها كما ستعلمه في الوجه [الثاني](6) عشر.

(1) في ن ب د ساقطة.

(2)

سورة القيامة: آية 37.

(3)

زيادة من ن ب.

(4)

قال ابن حجر في الفتح (1/ 572): كذا قال مالك، وأكثر أصحاب الزهري ووقع عند مسلم من رواية ابن عيينة "بعرفة" قال النووي: يحمل على أنهما قضيتان، وتُعقب بأن الأصل عدم التعدد ولا سيما مع اتحاد مخرج الحديث. فالحق أن قول ابن عيينة "بعرفة" شاذ.

(5)

في ن د ساقطة.

(6)

في الأصل (الحادي)، والتصحيح من ن ب د.

ص: 317

التاسع: فيه أيضًا جواز إرسال الدابة من غير حافظ أو مع حافظ غير مكلف.

العاشر: فيه أيضًا احتمال بعض المفاسد لمصلحة أرجح منها، فإن المرور أمام المصلين مفسدة والدخول في الصلاة وفي الصف مصلحة راجحة، فاغتفرت المفسدة للمصلحة الراجحة من غير إنكار.

الحادي عشر: قوله: "فلم ينكر ذلك علي أحد"(1) استدلاله

(1) قال ابن حجر في الفتح (1/ 172) على قوله: "فلم ينكر ذلك عليَّ أحد" قيل: فيه جواز تقديم المصلحة الراجحة على المفسدة الخفيفة، لأن المرور مفسدة خفيفة، والدخول في الصلاة مصلحة راجحة. واستدل ابن عباس على الجواز بعدم الإِنكار لانتفاء المرافع إذ ذاك. ولا يقال: منع من الإِنكار اشتغالهم بالصلاة، لأنه نفي الإِنكار مطلقًا، فتناول ما بعد الصلاة. وأيضًا فكان الإِنكار يمكن الإِشارة.

وقال (1/ 572): قال ابن دقيق العيد: استدل ابن عباس بترك الإِنكار على الجواز، ولم يستدل بترك إعادتهم للصلاة لأن ترك الإِنكار أكثر فائدة. قلت: وتوجيهه أن ترك الإِعادة يدل على صحتها فقط لا على جواز المرور، وترك الإِنكار يدل على جواز المرور وصحة الصلاة معًا، ويستفاد منه أن ترك الإِنكار حجة على الجواز بشرطه وهو انتفاء الموانع من الإِنكار وثبوت العلم بالاطلاع على الفعل، ولا يقال: لا يلزم مما ذكر اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك لاحتمال أن يكون الصف حائلًا دون رؤية النبي صلى الله عليه وسلم له لأنا نقول قد تقدم أنه صلى الله عليه وسلم كان يروي في الصلاة من ورائه كما يرى من أمامه، وتقدم أن رواية المصنف في الحج أنه مر بين يدي بعض الصف الأول، فلم يكن هناك حائل دون الرؤية ولو لم يرد شيء من ذلك =

ص: 318

على عدم بطلان الصلاة لمروره بعدم الإِنكار منهم لفعله. لفائدتين:

الأولى: أنه غير مؤاخذ بفعله وبمرور الحمار بين يدي الصف، أما فعله فإنه لو كان في سن الصغر وعدم التمييز لاحتمل أن يكون عدم الإِنكار عليه لعدم مؤاخذته [لسبب](1) صغر سنه، لكنه نبه عليه بقوله:"ناهزت الاحتلام"، تأكيدًا لعدم بطلان الصلاة بمرور من هو في هذا السن، ولم يستدل بعدم استئنافهم الصلاة بدلًا عن عدم إنكارهم لأنه أكثر فائدة، فأنه إذا دل عدم إنكارهم على أن هذا الفعل غير ممنوع من [يفعله](2) دل على عدم إفساده الصلاة إذ لو أفسدها لامتنع إفساد صلاة الناس على المار، ولا ينعكس هذا وهو أن يقال لو لم تفسد لم يمتنع على المار لجواز أن لا يفسد الصلاة، ويمتنع المرور على المار، كما يقول في مرور الرجل بين يدي المصلي حيث يكون له مندوحة عنه إنه يمتنع عليه المرور، وإن لم تفسد الصلاة على المصلي، فثبت بهذا أن عدم الإِنكار دليل على الجواز، والجواز دليل على عدم الإِفساد [فإنه](3) لا ينعكس، فكان الاستدلال بعدم الإِنكار أكثر فائدة من الاستدلال بعدم استئنافهم الصلاة.

الثاني عشر: مرور الحمار بين يدي المصلي لا يخلو إما أن

= لكان توفر دواعيهم على سؤاله صلى الله عليه وسلم عما يحدث لهم كافيًا في الدلالة على اطلاعه على ذلك، والله أعلم.

(1)

في ن ب د (بسبب).

(2)

في ن ب د (فاعله).

(3)

في ن ب د (وأنه).

ص: 319

يكون المصلي إمامًا أو غيره، فإن كان إمامًا فلا يخلو أن يصلي إلى سترة أو إلى غير سترة، فإن كان إلى سترة فهي سترة لمن وراءه، فالمرور وقع في هذا الحديث بين يدي بعض الصف لا كله، والإِمام سترة للكل فلا يضر، وإن كان إلى غير سترة فالأكثرون من الفقهاء على أنه لا تفسد الصلاة بمرور شيء بين يديه، وظاهر هذا الحديث يدل عليه لقوله:"بغير جدار"(1)، ولو كان ثم سترة غيرها من غيره لذكرها، وإن كان لا يلزم [من عدم الجدار عدم [السترة](2) لأنه

(1) قال ابن حجر في الفتح (1/ 171): على قوله: "إلى غير جدار" أي إلى غير سترة، قاله الشافعي. وسياق الكلام يدل على ذلك. لأن ابن عباس أورده في معرض الاستدلال على أن المرور بين يدي المصلي لا يقطع صلاته. ويؤيده رواية البزار بلفظ "والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي المكتوبة ليس لشىء يستره".

وقال (1/ 751): بعد ذكر كلام الشافعي ثم قال، قال بعض المتأخرين: قوله: "إلى غير جدار" لا ينفي غير الجدار إلَّا أن إخبار ابن عباس عن مروره بهم وعدم إنكارهم لذلك مشعر بحدوث أمر لم يعهدوه. فلو فرض هناك سترة أخرى غير الجدار لم يكن لهذا الإِخبار فائدة، إذ مروره حينئذ لا ينكره أحد أصلًا، وكأن البخاري حمل الأمر في ذلك على المألوف المعروف من عادته صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يصلي في الفضاء إلَّا والعَنَزَة أمامه. ثم أيد ذلك بحديثي ابن عمر وأبي جحيفة. وفي حديث ابن عمر ما يدل على المداومة، وهو قوله بعد ذكر الحربة:"وكان يفعل ذلك في السفر"، وفي هذا الحديث فوائد، وهي أنه سترة الإِمام سترة لمن خلفه، كما ذكره النووي لشرحه لمسلم.

(2)

في الأصل كلمة غير واضحة، والتصحيح من ن د.

ص: 320

لا يلزم] (1) من عدم الأخص عدم الأعم، والمأموم بطريق الأولى والمنفرد كذلك.

وقد وردت أحاديث معارضة لذلك، منها ما دل على قطع الصلاة، بمرور المرأة، والحمار، والكلب الأسود. وهو صحيح أخرجه مسلم (2) من حديث أبي ذر وفيه:"أن الكلب الأسود شيطان" ووجه ذلك في المرأة أنها تقبل وتدبر في صورة شيطان، وأنها من مصائد الشيطان وحبائله. وأما الحمار فقد تعلق الشيطان به في دخول السفينة وإنهاقه عند رؤيته.

ومنها: ما دل على قطعها بمرور اليهودي والنصراني والمجوسي والخنزير وهو ضعيف (3).

(1) في ن ب ساقطة.

(2)

أخرجه مسلم (510)، وأحمد (5/ 149، 160، 161)، والترمذي (338)، والنسائي (2/ 63، 64)، وأبو داود (702)، وابن ماجه (952)، وأبو عوانة (2/ 47)، والبيهقي (2/ 274).

(3)

أخرجه أبو داود عون المعبود (690)، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: أحسبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا صلى أحدكم إلى غير سترة فإنه يقطع صلاته الكلب والخنزير واليهودي والمجوسي والمرأة، ويجزىء عنه إذا مروا بين يديه على قذفة بحجر". قال أبو داود: في نفي من هذا الحديث شيء كنت ذاكرته إبراهيم وغيره، فلم أر أحدًا أجابه عن هشام ولا يعرفه، ولم أر أحدًا يحدث به عن هشام، وأحسب الوهم من ابن أبي سمينة -هو محمد بن إسماعيل البصري- والمنكر فيه ذكر المجوسي، وفيه "على قذفة بحجر وذكر الخنزير وفيه نكارة".

قال فيه ابن القيم في تهذيب السنن: قال ابن القطان: علته شك الراوي في =

ص: 321

وأجاب الشافعي وغيره عن الأول بأن المراد بالقطع. القطع عن الخشوع والذكر للشغل بها والالتفات إليها، لا لأنها تفسد الصلاة. فالمرأة تفتن، والكلب والحمار لقبح أصواتهما. قال -تعالى-:{إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)} (1)، وقال:{كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ} (2) الآية، ولنفور النفس من الكلب لا سيما الأسود، وكراهة لونه، وخوف عاديته، والحمار لحاجته وقلة تأتيه عند دفعه ومخالفته (3).

وادعى أصحابنا بنسخه بحديث ابن عباس هذا وحديث عائشة (4) الآتي، وبعضهم ادعى نسخه بحديث أبي سعيد الخدري المرفوع:"لا يقطع الصلاة شيء وادرءوا ما استطعتم" أخرجه

= رفعه. فانه قال عن ابن عباس قال: أحسبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا رأي لا خبر. ولم يجزم ابن عباس برفعه في الأصل، وأثبته ابن أبي سمينة أحد الثقات، وقد جاء هذا الخبر موقوفًا على ابن عباس بإسناد جيد، بذكر اربعة فقط قال: قال البزار: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا سعيد، عن قتادة قال:"قلت لجابر بن زيد، ما يقطع الصلاة؟ قال: قال ابن عباس: الكلب الأسود والمرأة والحائض، قلت: قد كان يذكر الرابع؟ قال: ما هو؟ قلت: الحمار. قال: رويدك الحمار؟ قلت: كان يذكر رابعًا؟ قال: ما هو؟ قال: العلج الكافر. قال: إن استطعت أن لا يمر بين يديك كافر ولا مسلم فافعل" تم كلامه.

(1)

سورة لقمان: آية 19.

(2)

سورة الأعراف: آية 176.

(3)

انظر: إكمال إكمال المعلم (2/ 222).

(4)

سيأتي بعد هذا. أخرجه البخاري رقم (382)، ومسلم (512).

ص: 322

أبو داود (1) لكن ابن حزم (2) ضعّف هذا الحديث، ودعوى النسخ جيدة إن ثبت تاريخ تأخير الناسخ عن المنسوخ بعد تعذر الجمع والتأويل، وأنى لها ذلك.

وقد اختلف العلماء في قطع الصلاة بمرور الحمار والمرأة والكلب الأسود.

فقال قوم: يقطع هؤلاء الصلاة.

وقال أحمد (3): يقطعها الكلب الأسود وفي قلبي من المرأة

(1) أخرجه أبو داود عون المعبود (705)، قال المنذري: في إسناده مجالد وهو ابن سعيد بن عمير الهمداني الكوفي وقد تكلم فيه غير واحد. وأخرج له مسلم حديثًا مقرونًا بجماعة من أصحاب الشعبي.

قال أبو داود: إذا تنازع الخبران عن النبي صلى الله عليه وسلم نظر ما عمل به أصحابه من بعده. هذا آخر كلامه.

(2)

انظر: المحلى (4/ 13).

(3)

الترمذي (2/ 163)، قال ابن القاسم في حاشية الروض (2/ 119): وقال الشيخ: مذهب أحمد أنه يقطع الصلاة: المرأة والحمار والكلب الأسود البهيم واختاره هو والمجد والشارح والناظم وغيرهم. قال الشيخ: والصواب أن مرور المرأة والكللب الأسود والحمار بين يدي المصلي دون سترة يقطع الصلاة. اهـ. وقال ابن القيم: صح عنه صلى الله عليه وسلم من طرق أنه يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود، ثبت عنه من راوية أبي ذر. أخرجها مسلم (510)، وأبي هريرة (511)، وابن عباس وأبو داود (703)، وعبد الله بن مغفل وابن ماجه (951)، ومعارض هذه الأحاديث قسمان صحيح غير صريح وصريح غير صحيح. فلا يترك العمل بها لمعارض هذا شأنه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وعائشة رضي الله عنها نائمة =

ص: 323

والحمار شيء ووجه قوله: إن الكلب لم يجيء في الترخيص فيه شيء يعارض هذا الحديث.

وأما المرأة: ففيها حديث عائشة الآتي، وفي الحمار: حديث ابن عباس، وقال الأئمة الثلاثة وجمهور السلف والخلف: لا تبطل الصلاة بمرور شيء من هؤلاء ولا غيرهم، وتأولوه كما سلف.

وحكى الأثرم عن أحمد: جزم القول بأنه لا يقطع المرأة والحمار. وجزم القول بذلك يتوقف على أمرين.

أحدهما: أن يتبين تأخر المقتضي لعدم الفساد على المقتضي للفساد، وفيه عسر عند المبالغة في التحقيق.

والثاني: أن يتبين أن مرور المرأة مساوٍ [بما](1) حكته عائشة [من](2) الصلاة إليها راقدة (3).

قال الشيخ تقي الدين (4): وليست هذه بالبينة عندنا لوجهين.

الأول: أنها ذكرت أن البيوت ليس فيها حينئذ مصابيح، فلعل سبب هذا الحكم عدم المشاهدة، لها.

= في قبلته. وكان ذلك ليس كالمار فإن الرجل محرم عليه المرور بين يدي المصلي ولا يكره له أن يكون لابثين بين يديه، وهكذا المرأة يقطع مرورها الصلاة دون لبثها والله أعلم. اهـ. من زاد المعاد (1/ 306).

(1)

في ن د (لما).

(2)

في الأصل (أن)، وما أثبت من ن ب د.

(3)

فيه فرق بين اللبث وبين المرور. انظر ت (3) ص (323).

(4)

إحكام الأحكام (2/ 462).

ص: 324

والثاني: أن قائلًا لو قال: إن مرور المرأة ومشيها لا يساويه في التشويش على المصلي اعتراضه بين يديه فلا يساويه في الحكم، لم يكن ذلك بالممتنع، وليس يبعد من تصرف الظاهرية مثل هذا.

الثالث عشر: في قول ابن عباس: "فلم ينكر ذلك علي أحد" دلالة على أن عدم الإِنكار حجة على الجواز، لكنه مشروط بانتفاء الموانع من الإِنكار وبالعلم بالاطلاع على الفعل، وذلك ظاهر، ولعل السبب في قول ابن عباس ذلك دون قوله: ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر أن هذا الفعل كان بين يدي بعض الصف، وليس بلازم من اطلاع الشارع على ذلك لجواز أن يكون الصف ممتدًا، ولا يرى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الفعل مته، فلا يجزم بترك إنكاره مع اطلاعه، فلا يوجد شرط الاستدلال بعدم الإِنكار على الجواز، وهو الاطلاع مع عدم المانع أما عدم الإِنكار فمن رأى هذا الفعل، فهو المتيقن، فترك المشكوك فيه، وهو الاستدلال بعدم إنكار النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ المتيقن، وهو الاستدلال بعدم إنكار الرأيين للواقعة، وإن كان يحتمل قوله:"فلم ينكر ذلك عليّ أحد" النبي صلى الله عليه وسلم وغيره لعموم لفظ: "أحد" إلَّا أن فيه ضعفًا، لأنه لا معنى للاستدلال بعدم إنكار غير الرسول صلى الله عليه وسلم مع حضرته، وعدم إنكاره إلَّا على بعد.

ص: 325