المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثالث 86/ 3/ 15 - عن عبد الله بن عمر - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٣

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌15 - باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌16 - باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

- ‌[الحديث الأول]

- ‌17 - باب وجوب القراءة في الصلاة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌18 - باب ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

- ‌19 - باب سجود السهو

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌20 - باب المرور بين يدي المصلي

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌21 - باب جامع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌22 - باب التشهد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌23 - باب الوتر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌الحديث الثالث 86/ 3/ 15 - عن عبد الله بن عمر

‌الحديث الثالث

86/ 3/ 15 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة وإذا كبر للركوع وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك، وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد. وكان لا يفعل ذلك في السجود (1).

الكلام عليه من وجوه:

أحدها: اختلف في سبب مشروعية رفع اليدين، فقيل: إن كفار قريش وغيرهم كانوا يظهرون الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) البخاري (735، 736، 738، 739)، ومسلم (390)، ومالك في الموطأ (1/ 75)، وأبو داود (721)، والترمذي (255)، والنسائي (2/ 121)، وابن ماجه (858)، وأحمد في المسند (2/ 8، 18، 100، 132، 134، 147)، والدارمي (1/ 285)، والشافعي (1/ 71)، وشرح معاني الآثار (1/ 223)، والبيهقي في السنن (2/ 66، 69، 70، 83)، والبغوي في السنة:(559، 560، 561)، وعبد الرزاق (2518، 2520)، وابن أبي شيبة (1/ 234، 235)، وابن حبان (1861، 1864، 1868، 1877)، وابن الجارود (178)، وابن خزيمة (456)، والدارقطني 1/ 288، 289)، والطبراني في الكبير (13111، 13112).

ص: 63

وأصنامهم تحت آباطهم، فأمر صلى الله عليه وسلم برفعهما ليرفعوها معه فتسقط أصنامهم (1).

وقيل: كانوا يرفعون أيديهم عند طلب العفو في محاصرة أعدائهم [لهم](2) فجعل الله -تعالى- ذلك في الصلاة استسلامًا له

وانقيادًا.

وقيل: لرفعهم أيديهم في الغارات بالصياح والتكبير فجعل ذلك في الصلاة.

[الثاني](3): اختلفوا أيضًا في حكمته (4)، فقال الشافعي رحمه الله، فعلته إعظامًا لجلال الله واتباعًا لسنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجاء ثواب الله.

(1) رد هذا الصنعاني في حاشية على إحكام الأحكام (2/ 304)، حيث قال: لا يخفى نكارة هذا القول، فإنه ما كان يصلي معه صلى الله عليه وسلم الكفار، ولا تتسع الأباط للأصنام.

(2)

في ن ب (له).

(3)

في ن ب (ثانيها).

(4)

قال ابن حجر في الفتح (2/ 218): الحكمة في اقترافها أن يراه الأصم ويسمعه الأعمى.

فائدة: ذكرها ابن حجر في الفتح (2/ 218)، نقل ابن عبد البر عن ابن عمر، أنه قال رفع الدين من زينة الصلاة، وعن عقبة بن عامر، قال:"بكل رفع عشر حسنات، بكل أصبع حسنة".

قال الشوكاني في نيل الأوطار (2/ 185): هذا له حكم الرفع، لأنه مما لا مجال في للاجتهاد.

وانظر: تخريج الروايات في "جلاء العينين تخريج جزء رفع اليدين".

ص: 64

وقال الدرزماري: هو إشارة إلى رفع الحجاب بين العبد والرب -جلَّت عظمته-.

وقيل: إنه تعبد لا يعقل معناه، وقيل هو إشارة إلى التوحيد.

وقيل: الحكمة فيه عند الإِحرام أن يراه من لا يسمع التكبير، فيعلم دخوله في الصلاة فيقتدي به.

قلت: وكذا في غيرها عند من استحبه كما سيأتي ليتبع.

وقيل: هو استسلام وانقياد، وكان الأسير إذا [غلب](1) مدّ يديه علامة لاستسلامه وهذا نحو ما سلف.

وقيل: هو إشارة إلى طرح أمور الدنيا وراء ظهره والإِقبال بكليته على صلاته ومناجاته، كما تضمن ذلك قول:"الله أكبر" فيتطابق فعله وقوله.

وقيل: القصد به إشعار النفس استعظام ما يدخل فيه، وكثيرًا ما يجري للناس مثل ذلك عند [مفاجاة](2) أمر استعظمه، فيرفع يديه: كالفزع منه والمستهول له.

[الثالث](3): رفع اليدين مع التكبير للإِحرام مشروع بالإِجماع، للأحاديث الثابتة فيه لهذا الحديث وغيره.

واختلف العلماء في الرفع فيما سواه.

(1) في ن ب ساقطة.

(2)

في ن ب (مناجاة).

(3)

في ن ب (ثالثها).

ص: 65

فقال الشافعي وأحمد وجمهور الصحابة ممن بعدهم: يشرع رفعهما أيضًا عند الركوع، وعند الرفع منه، وهو رواية عن مالك، وهذا الحديث دال على ذلك.

واختلف أصحابنا في موضع رابع، وهو: إذا قام من التشهد الأول، وصححوا أنه لا يستحب.

والصواب: استحبابه لصحة الحديث فيه من طريق ابن عمر في البخاري (1)، ومن طريق أبي حميد الساعدي (2) في سنن أبي داود والترمذي.

وقال بعض أصحابنا: يستحب أيضًا في السجود، وهو قوي، فقد صح في النسائي من حديث أبي قلابة، وحكى النووي في "تحقيقه" وجهًا أنه يستحب الرفع من كل خفض ورفع، ويستدل له بأحاديث صحيحة،.

قال ابن القطان: صح الرفع بين السجدتين وعند الرفع من

(1) البخاري (839)، وفي جزء رفع اليدين: قال البخاري في الجزء المذكور: وكذلك يروى عن سبعة عشر نفسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أنهم كانوا يرفعون أيديهم عند الركوع وعند الرفع منه، ثم ذكرهم أبو داود (710) في الصلاة، باب افتتاح الصلاة، وابن خزيمة في صحيحه (693)، وابن حبان (1868).

(2)

الترمذي (305)، وأبو داود (730، 963)، والدارمي (1/ 313، 314)، وابن ماجه (1061)، وابن خزيمة (588)، والطحاوي (1/ 223، 258)، وابن الجارود (192، 193)، والبيهقي في السنن (2/ 72، 118، 123، 129)، وابن حبان (1865، 1866، 1868).

ص: 66

السجود حتى النهوض إلى ابتداء الركعة من حديث ابن عباس (1) ومالك بن الحويرث (2) عند النسائي، وابن عمر (3) عند الطحاوي

(1) النسائي (2/ 232)، وابن ماجه (1/ 282)، وقال في الزوائد (1/ 107): إسناده ضعيف، أبو داود في سننه (709) وابن حزم في المحلى، والدولابي في الأسماء والكنى (1/ 198).

(2)

النسائي (2/ 231، 205)، وأحمد (3/ 436، 437)، وانظر: كلام ابن حجر على هذه الرواية في الفتح (2/ 223)، وأيضًا قال ابن القيم في تهذيب السنن (1/ 365) على حديث أبي هريرة ولفظه:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة جعل يديه حذو منكبيه، وإذا ركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع للسجود فعل مثل ذلك، وإذا قام من الركعتين فعل مثل ذلك". قال ابن القيم رحمه الله: وهذا الحديث على شرط مسلم، رواه جماعة عن الزهري عن أبي بكر. اهـ.

(3)

ولفظه: "كان يرفع يديه في كل خفض ورفع وركوع وسجود وقيام وقعود وبين السجدتين". وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 234، 237)، وابن حزم في المحلى، وقال: هذا إسناد لا داخلة فيه. وقال ابن حجر في الفتح (2/ 223): هذه رواية شاذة. قد اختلف العلماء في رفع الأيدي للسجود وعند الرفع منه، والذين يثبتون رفع الأيدي أقرب إلى السنَّة من المانعين لأن الأحاديث في ذلك صحيحة وصريحة. انظر: تمام المنة في التعليق على فقه السنة (172)، كتاب صفة الصلاة (151)، والمحلى لابن حزم (4/ 85، 94)، وسنن الترمذي (2/ 43)، كلاهما تعليق أحمد شاكر، بدائع الفوائد لابن القيم (3/ 89)، ومصنف ابن أبي شيبة (1/ 106)، وطرح التثريب (2/ 239)، مع ما مر من تخريج الأحاديث الواردة في ذلك. انظر: قرة العينين في تخريج أحاديث رفع الدين، المسند (4/ 317)، وأبو داود (723)، ومشكل الآثار (1/ 222)، والمعتصر من =

ص: 67

وفي هذا رد لقول البغوي: -أظنه في، "شرح السنة"(1) - لم يقل أحد من أهل العلم نعلمه أنه يرفع إذا قام من السجدتين في وتر من [صلاته](2).

وقال أبو حنيفة وأصحابه وجماعة من أهل الكوفة: لا يستحب في غير تكبيرة الإِحرام- وهو مشهور الروايات عن مالك.

قال صاحب (البيان والتقريب): المشهور من مذهب مالك إثبات الرفع في الجملة.

قال ابن القاسم: ولم أرَ مالكًا يرفع يديه عند الإِحرام [وأحب إلى ترك](3) الرفع عنده.

قلت: ودليله أحاديث كلها معلولة، وقد ذكرتها بعللها موضحة فيما أخرجته من أحاديث الرافعي، فسارع إليه. وأما حديث: "ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل [شمس](4)

= المختصر (1/ 36). انظر: بدائع الفوائد (3/ 89)، ومن خلاصة البدر المنير (1/ 113) لهم. وانظر: رسالة في هذا الموضوع "فتح الودود في تحقيق رفع اليدين عند السجود" لعبد الحق الهاشمي -رحمنا الله وإياه- حيث ذكر جميع الروايات الواردة ونقل كلام أهل العلم على بعض الأحاديث.

(1)

بحثت عنه في شرح السنة فلم أجده.

(2)

في الأصل (صلاة وهي).

(3)

هكذا العبارة. انظر: إكمال إكمال المعلم (2/ 144).

(4)

في ن ب ساقطة.

ص: 68

اسكنوا في الصلاة" (1).

فجوابه: أنَّ المراد بالرفع رفعهم أيديهم عند السلام مشيرين إلى السلام من الجانبين، كما صرح به في الرواية الأخرى.

وأيضًا: فلم ينكر عليه الصلاة والسلام مطلق الرفع [و](2) إنما المراد أنكر كثرة تحريك الأيدي واضطرابها وعدم استقرارها. ويفهم ذلك من تشبيهه (3) بأذناب الخيل الشمس، وهي التي لا تكاد تستقر، هكذا فسره ابن فارس في (مجمله)(4).

والمشهور أنه لا يجب شيء من الرفع، وحكى الإِجماع عليه.

وحُكي عن داود إيجابه في [تكبيرة الإِحرام، وبه قال ابن سيار من أصحابنا، وقال: إذا لم يرفع فيها تبطل صلاته، كما نقلته

(1) جاء في بعض ألفاظه بعد قوله: "أذناب خيل شمس إنما يكفي أحدكم أن يضع يديه على فخذه ثم يسلم عن يمينه وعن شماله"، فهذا اللفظ يبين موضع النهي عن التحريك. والحديث أخرجه مسلم (430) في الصلاة، باب: الأمر بالسكون في الصلاة والنهي عن الإِشارة باليد ورفعها عند السلام. أبو داود (661، 1000)، والطبراني في الكبير (1822، 1825، 1826، 1827، 1828، 1829)، وأحمد في المسند (5/ 101، 107)، والنسائي (3/ 4، 5)، والسنن للبيهقي (2/ 280)، وصححه ابن خزيمة (733)، والشافعي في المسند (1/ 92)، وابن حبان (1879، 1880، 1881).

(2)

زيادة من ن ب.

(3)

في ن ب زيادة (به).

(4)

مجمل اللغة (1/ 511).

ص: 69

في] (1)"فتاوى" القفال عنه، وعلله بأنها واجبة بخلاف باقي التكبيرات لا يجب لها الرفع لأنها غير واجبة، واستغربه النووي في (طبقاته)(2)، فقال: نظرت فيما استقصى فيه العلماء خلاف العلماء، فلم أجد ذلك محكيًّا عن أحد أصلًا. وهذا عجيب منه،

فقد حكاها هو في (تهذيب الأسماء)(3)، و (شرح مسلم)(4) عن داود الظاهري، وقال في (شرح المهذب) (5): إن صاحب (التتمة) نقله عن بعض العلماء. وحكاه القرطبي (6): في أول تفسير البقرة عن بعض المالكية، ونقل عن بعض أصحاب داود أنه أوجبه أيضًا عند الركوع وعند الرفع منه، وهو قول الحميدي ورواية عن الأوزاعي.

وقال ابن خزيمة إمام الأئمة: من ترك الرفع في الصلاة فقد

(1) زيادة من ن ب د.

(2)

انظر: طبقات الشافعية لابن الصلاح. تهذيب النووي (1/ 343). في هامش الطبقات منقولًا عن أحد النسخ "الطبقات". قلت: هو مذهب أهل الظاهر وجماعة من السلف، وعجيب قوله: لم يجد ذلك محكيًا عن أحد من العلماء، ولعله أراد تخصيصه بالوجوب بالرفع عند التحريم دون غيره من المواضع المشروع فيها الرفع، فإن أهل الظاهر وغيرهم قالوا بالوجوب فيها. ثم ساق ما ذكره في تهذيب الأسماء وساق ما ذكر عن ابن خزيمة. اهـ.

(3)

(1/ 113).

(4)

شرح مسلم (4/ 95).

(5)

المجموع شرح المهذب (3/ 304، 306).

(6)

انظر: تفسير القرطبي (1/ 171، 19/ 62، 20/ 221، 222).

ص: 70

ترك ركنًا من أركانها (1)، حكاه عنه الحاكم في (تاريخ نيسابور) في ترجمة محمد بن علي العلوي.

وقال ابن حزم (2): رفع اليدين في أول الصلاة فرض لا تصح الصلاة إلَّا به، وقد روي عن الأوزاعي (3). وهو قول من تقدم من

أصحابنا، فاستفد من ذلك، ولله الحمد على تيسيره.

الرابع: اختلفت الروايات في صفة الرفع ففي الكتاب الرفع إلى حذو المنكبين.

-والمنكب: مجمع عظم العضد والكتف- وفي رواية لمسلم: "أنه رفعهما حتى حاذى بهما أذنيه"، وفي رواية له أيضًا:"أنه حاذى بهما فروع أذنيه"، وجمع الإِمام الشافعي بينهما: بأنه عليه الصلاة والسلام، جعل كفيه محاذيًا منكبيه، وأطراف أصابعه أعلا أذنيه، وإبهاميه شحمتي أذنيه، فاستحسن الناس ذلك منه، وذلك معنى رواية الكتاب.

وحكى قولًا أنه يرفع حذو الأذنين، وحكى عن أبي حنيفة.

وحكى الرافعي: قولًا أسقطه النووي من الروضة: أنه يرفع إلى أن يحاذي رؤوس أصابعه منكبيه، وأنكر على الغزالي حكايته ثلاثة أقوال في ذلك.

(1) ذكره السبكي في طبقاته (3/ 119).

(2)

المحلى (3/ 300، 302)، وفتح الباري (2/ 218)، والمجموع (3/ 304، 306)، والمغني (1/ 470).

(3)

انظر: معجم فقه السلف (2/ 87).

ص: 71

وحكى عن الطحاوي: أن الرفع إلى الصدر والمنكبين في زمن البرد وإلى الأذنين وفوق الرأس في زمن الحر، لأن أيديهم في زمن

البرد تكون ملفوفة في ثيابهم، وفي غيره تكون بادية، واعتمد رواية وائل (1) الرفع إلى الأذنين (2) وحمل رواية المنكبين أنهم فعلوا ذلك في البرد، وهذا تمنع منه رواية سفيان بن عيينة، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه"(3).

قال وائل: "ثم أتيتهم في الشتاء فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس"، كذا رواه الشافعي والحميدي عن سفيان، وهي مصرحة أن الرفع إلى المنكبين كان في الشتاء، وقال ابن سريج: هذا [من](4) الاختلاف المباح.

(1) في ن ب زيادة (بن الأسقع)، والصحيح ما أثبت.

(2)

أبو داود (726، 727)، وأحمد في المسند (4/ 316، 317، 318)، والبخاري في قرة العينين في رفع اليدين النسائي (2/ 126، 3/ 34، 35)، وابن ماجه (867)، وابن الجارود (202، 208)، والدارمي (1/ 314، 315)، وابن خزيمة (1/ 242، 243)، والبغوي (563، 564، 565)، والبيهقي (2/ 72، 111، 112)، والطبراني في الكبير (22/ 78، 79، 80، 81)، والحميدي (885)، وعبد الرزاق (2522)، وابن حبان (1860، 1945).

(3)

البخاري في قرة العينين في رفع اليدين، ومسلم (390)، وأبو داود (721)، والترمذي (255، 256)، وابن ماجه (858)، وابن الجارود (177)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (222/ 1)، والبيهقي في السنن (2/ 69)، وابن حبان (1861، 1868، 1877).

(4)

في الأصل (في)، وما أثبت من ن ب د.

ص: 72

الخامس: اختلف في وقت الرفع، فظاهر رواية الكتاب: أنه يبتدىء الرفع مع ابتداء التكبير، ولم يتعرض فيهما لوقت وضعهما وفي رواية لمسلم:"أنه رفعهما ثم كبر" وفي رواية له: "كبر ثم رفع يديه" فهذه حالات فعلت لبيان جواز كل منها، وهي أوجه لأصحابنا، وأصحها: عندهم أنه يبتدىء الرفع مع ابتداء التكبير ولا استحباب في الانتهاء، صححه الرافعي في كتبه، والنووي في (الروضة)، و (المنهاج)، و (شرح مسلم)(1)، لكنه خالف في (شرح المهذب)(2)، و (الوسيط)، و (التحقيق)، فصحح أنه ينهيه مع

الانتهاء أيضًا، وفي المسألة ثلاثة أوجه ذكرتها في شرحي المنهاج وغيره فليراجع عليه، وعن الشيخ أبي محمد ونسبه الغزالي إلى

المحققين أن هذه الكيفيات كلها سواء، ولا أولوية، فقد صحت الروايات بها كلها (3).

فقد حمل الكلام في الرفع في ستة مواضع:

الأول: في سبب مشروعيته.

الثاني: في [حكمه](4).

الثالث: في أصله.

(1)(4/ 95).

(2)

(3/ 307).

(3)

ذكر الخلاف في ابتداء الرفع وانتهائه ابن حجر في الفتح (2/ 218) فلينظر.

(4)

في ن ب (حكمته).

ص: 73

والرابع: في موضعه.

والخامس: في صفته.

والسادس: في وقته، ولله الحمد.

فروع متعلقة بالرفع: تكون كفاه للقبلة مكشوفتين وهو ما اختاره الباجي من المالكية، وعلله بأنا نتمكن من ذلك الجمع بين الحديثين، وأنه أبعد في التكلف، وأيسر في الرفع، ثم حكى عن سحنون: تكون يداه [مبسوطتين](1) ظهورهما إلى السماء وبطونهما إلى الأرض.

وحكى بعض متأخريهم: اختيار إقامة الكف مع ضم الأصابع، لأن هذا الشكل فيه معنى من حال الرهبة ومن حال الرغبة، وهي الإِشارة بالكف نحو السماء.

قال الغزالي في (الإِحياء): وينبغي أن يرفع يديه إلى قدام [دفعًا عند التكبير](2)، ولا يردهما إلى خلف منكبيه ولا يتفضهما يمينًا ولا شمالًا.

قال المتولي: وينبغي قبل الرفع والتكبير أن ينظر إلى موضع سجوده، ويطرق رأسه قليلًا ثم يرفع يديه ويكبر ويستحب جزم تكبيرة الإِحرام بخلاف تكبيرات الانتقالات.

فائدة: في كل صلاة ثنائية إحدى عشرة تكبيرة، تكبيرة

(1) في المنتقى (2/ 142) منصوبتين.

(2)

زيادة من الإِحياء. انظر: إتحاف السادة المتقين (3/ 63).

ص: 74

الإِحرام، وخمس في كل ركعة، وفي الثلاثية سبع عشرة تكبيرة، وفي الرباعية ثنتان وعشرون، ففي المكتوبات الخمس أربع وتسعون

تكبيرة (1).

السادس: قوله: "وقال سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد" قد تقدم الكلام على معنى ذلك في الحديث الثاني من باب الإِمامة

واضحًا وإثبات الواو وحذفها (2)، وتقدم الكلام هناك على أن الإِمام

(1) البخاري (787، 788)، وأحمد في المسند (1/ 218، 292، 339، 351)، والطحاوي (1/ 221)، وابن أبي شيبة (1/ 241)، وعبد الرزاق (2506)، وابن حبان (1765)، والطبراني في الكبير (11832، 11918، 11933).

(2)

قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (2/ 282)، على قوله:(ولك الحمد)، كذا ثبت زيادة الواو في طرق كثيرة، وفي بعضها كما في الباب الذي يليه بحذفها. قال النووي: المختار لا ترجيح لأحدهما على الآخر. وقال ابن دقيق العيد: كأن إثبات الواو دال على معنى زائد، لأنه يكون التقدير مثلًا: ربنا استجيب، ولك الحمد، فيشتمل على معنى الدعاء ومعنى الخبر، انتهى. وهذا بناء على أن الواو عاطفة. وقد تقدم في "باب التكبير إذا قام من السجود" قول من جعل الواو حالية. وأن الأكثر رجحوا ثبوتها. وقال الأثرم: سمعت أحمد يثبت الواو في "ربنا ولك الحمد" ثبت فيه عدة أحاديث.

فائدة: ذكر ابن حجر في الفتح (2/ 283) في معرض الرد على ابن القيم في عدم ورود الجمع بين الواو، واللهم، فقد ذكر ابن القيم هذا في زاد المعاد (1/ 222)، لكن ابن القيم رحمه الله ساق الجمع في أعلام الموقعين (2/ 380).

ص: 75

والمأموم والمنفرد يجمعون بين التسميع والتحميد في الركوع والاستواء منه (1)، والجواب عما ظاهره المخالفة فراجعه. وهذا

الحديث ظاهر في جمع الإِمام بينهما وقد قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي".

(1) قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (2/ 283) على قوله: (إذا قال الإِمام)، استدل به على أن الإِمام لا يقول:(ربنا ولك الحمد) وعلى أن المأموم لا يقول: (سمع الله لمن حمده) لكون ذلك لم يذكر في هذه الرواية كما حكاه الطحاوي، وهو قول مالك وأبي حنيفة، وفيه نظر لأنه ليس فيه ما يدل على النفي، بل فيه أن قول المأموم:"ربنا ولك الحمد" يكون عقب قول الإِمام "سمع الله لمن حمده"، والواقع في التصوير ذلك لأن الإِمام يقول التسميع في حال انتقاله والمأموم يقول التحميد في حال اعتداله، فقوله يقع عقب قول الإِمام كما في الخبر، وهذا الموضع يقرب من مسألة التأمين كما تقدم من أنه لا يلزم من قوله: "إذا قال:

ولا الضالين، فقولوا: آمين" أن الإِمام لا يؤمن بعد قوله: "ولا الضالين"، وليس فيه أن الإِمام يؤمن كما أنه ليس في هذا أنه يقول: "ربنا ولك الحمد" لكنهما مستفادان من أدلة أخرى صحيحة صريحة كما تقدم في التأمين، وكما مضى في الباب الذي قبله وفي غيره، ويأتي أنه صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين التسميع والتحميد، وأما ما احتجوا به من حيث المعنى من أن معنى "سمع الله لمن حمده" طلب التحميد فيناسب حال الإِمام، وأما المأموم فتناسبه الإِجابة بقوله: "ربنا لك الحمد" ويقويه حديث أبي موسى الأشعري عند مسلم وغيره ففيه: "وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، يسمع الله لكم" فجوابه أن يقال: لا يدل ما ذكرتم على أن الإِمام لا يقول: "ربنا ولك الحمد" إذ لا يمتنع أن يكون طالبًا ومجيبًا، وهو نظير ما تقدم في مسألة التأمين

إلخ.

ص: 76

السابع: قوله: "وكان لا يفعل ذلك في السجود" معناه لا يرفع يديه في ابتداء السجود والرفع منه. ولعلَّ مراده في الابتداء أو كأنه

أقرب، وبه قال أكثر الفقهاء، وخالف فيه بعضهم كما قدمته [وأنه](1) صح في [النسائي](2) من حديث أبي قلابة (3)، وكأنه

اعتمد أنه زيادة فقدمت على من [نفاها](4) أو سكت عنها لكن من ترك الرفع ورجح رواية ابن عمر في الترك، لكن الترجيح إنما يكون عند التعارض، ولا تعارض بين رواية من أثبت الزيادة أو نفاها أو سكت عنها إلَّا أن يكون ذلك جميعه منحصرًا متحدًا في وقت واحد فيجب العمل بالزيادة، وادعى بعض الشارحين أن إثبات الرفع فيه ضعيف، وهو غلط منه، فقد صح كما أسلفناه.

الثامن: فيه إثبات تكبيرة الإِحرام، وقد تقدم الكلام عليها في الحديث قبله.

التاسع: في الحديث التكبير في الهوي إلى الركوع، وهو سنة عند العلماء كافة، إلَّا أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه فإنه أوجبها، وكذا [سائر تكبيرات](5) الانتقالات [وحجة](6) الجمهور أنها لم تذكر في حديث المسيء صلاته وهو موضع غاية البيان.

(1) في ن ب (فإنه).

(2)

في الأصل (الثاني)، وما أثبت من ن ب د.

(3)

انظر: ت (1، 2) ص (67) من حديث ابن عباس، ومالك بن الحويرث.

(4)

في ن د (النسائي).

(5)

في ن ب تقديم وتأخير.

(6)

في الأصل ون ب (ورجحه)، وما أثبت من ن ب.

ص: 77

العاشر: فيه أن أفعاله صلى الله عليه وسلم حجة كأقواله.

الحادي عشر: فيه وجوب نقلها وتبليغها والعمل بها على مراتبها من الوجوب والندب.

الثاني عشر: فيه فضل الصحابة على من بعدهم حيث ضبطوا وبلغوا وعملوا وبذلوا الجهد في ذلك، واعلم أنه إذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم سنة وجب اعتقاد شرعيتها والعمل بها، فإن كانت واجبة كان الاعتقاد والعمل واجبين، وإن كانت مندوبة وجب اعتقاد ندبيتها من حيث هو مندوب، ولم يجب العمل بها لكن يستحب، ويتأكد ما لم يعارضه مراعاة واجب في نفس أو مال أو عيال أو حق واجب غيرهما. وقد صنف الأئمة كتبًا مستقلة في الرد على من مع الرفع، ومنهم البخاري، ولله الحمد (1).

(1) قال البخاري -رحمنا الله وإياه- في قرة العينين في جزء رفع اليدين (ص 149): من زعم أن رفع الأيدي بدعة، فقد طعن في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والسلف، ومن بعدهم وأهل الحجاز وأهل المدينة وأهل مكة وعدة من أهل العراق وأهل الشام وأهل اليمن وعلماء أهل خرسان منهم ابن المبارك

إلخ كلامه.

وقال ابن القيم في أعلام الموقعين (2/ 3): وانظر إلى العمل في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة خلفه وهم يرفعون أيديهم في الصلاة عند الركوع والرفع منه، ثم العمل في زمن الصحابة بعد حتى كان عبد الله بن عمر إذا رأى من لا يرفع حصبه، وهو عمل كأنه رأي عين. اهـ. وممن صنف في رفع اليدين:

- البخاري.

- الإِمام محمد بن نصر المروزي. =

ص: 78

الثالث عشر: روى مالك في الموطأ عن نافع عن ابن عمر: "أنه كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك"(1)، وروايته في الكتاب "وإذا رفع رأسه

= - السبكي.

- ابن القيم ذكره ابن رجب في الطبقات.

وكل من ألف كتابًا في الفقه أو الحديث جعل له باب مستقلًا.

فائدة: ذكر ابن العربي في أحكام القرآن (4/ 1903) في تفسير سورة الانشقاق، قال: ولقد كان شيخنا أبو بكر الفهري يرفع يديه عند الركوع وعند رفع الرأس منه فحضر عندي يومًا بمحرس ابن الشواء بالثغر وضع تدريسي عند صلاة الظهر، ودخل المسجد في المحرس المذكور فتقدم إلى الصف الأول وأنا في مؤخره قاعد على طاقات البحر أتنسم الريح من شدة الحر، ومعه في صف واحد أبو ثمنة رئيس البحر وقائده مع نفر من أصحابه ينتظر الصلاة فلما رفع الشيخ يديه في الركوع وفي رفع الرأس منه قال أبو ثمنة لأصحابه: ألا ترون إلى هذا المشرقي كيف دخل مسجدنا، فقوموا إليه فاقتلوه، وارموا به البحر، فلا يراكم أحد، فطار قلبي من بين جوانحي، وقلت: سبحان الله هذا الطرطوسي فقيه الوقت. فقالوا لي: ولم يرفع يديه؟ فقلت: كذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، وهو مذهب مالك في رواية أهل المدينة عنه، وجعلت أسكنهم وأسكتهم حتى فرغ من صلاته. وقمت معه إلى المسكن من المحرس، ورأى تغير وجهي فأنكره وسألني فأعلمته فضحك، وقال: من أين لي إن قتل على سنة؟ فقلت له: لا يحل لك هذا فإنك بين قوم إن قمت بها قاموا عليك، وذهب دمك فقال: دع هذا الكلام وخذ في غيره. اهـ. وكذا حكى القصة القرطبي في تفسيره (19/ 279)، والشاطبي في الاعتصام (1/ 358).

(1)

هذا الحديث من رواية نافع عن ابن عمر قال أبو داود في السنن رقم =

ص: 79

من الركوع رفعهما كذلك" قد يشعر بذلك، فإن المشبه بالشيء دون المشبه [به](1).

= (711)، لم يذكر "رفعهما دون ذلك" أحد غير مالك فيما أعلم. وأما الحديث الآخر فهو من رواية ابنه سالم عن ابن عمر وهو حديث الباب. قال البخاري في قرة العينين في رفع اليدين (109): حدثنا محمود أنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما كان يكبر بيديه حين يستفتح، وحين يركع، وحين يقول: سمع الله لمن حمده، وحين يرفع رأسه من الركوع، وحين يستوي قائمًا. قلت لنافع: كان ابن عمر يجعل الأولى أرفعهن قال: لا. اهـ. محل المقصود منه، وهو في سنن أبي داود (710)، معالم السنن للخطابي فحديث الباب مرفوع ورواية نافع عن ابن عمر موقوفة.

(1)

في ن ب د ساقطة.

ص: 80