المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثاني 109/ 2/ 20 - عن أبي سعيد الخدري رضي - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٣

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌15 - باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌16 - باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

- ‌[الحديث الأول]

- ‌17 - باب وجوب القراءة في الصلاة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌18 - باب ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

- ‌19 - باب سجود السهو

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌20 - باب المرور بين يدي المصلي

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌21 - باب جامع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌22 - باب التشهد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌23 - باب الوتر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌الحديث الثاني 109/ 2/ 20 - عن أبي سعيد الخدري رضي

‌الحديث الثاني

109/ 2/ 20 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحدٌ أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله، إنما هو شيطان"(1).

الكلام عليه من وجوه: والتعريف براويه سلف في باب الآذان.

الأول: قوله عليه الصلاة والسلام: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس" هو عام في كل ما يستره من جماد وحيوان في كل شيء إلَّا ما ثبت المنع من استقباله من آدمي، أو ما أشبه الصنم المصمود إليه وما في معنى ذلك، وقد كره ذلك بعض الفقهاء، وكرهه مالك في المرأة.

(1) البخاري (509، 3274)، ومسلم (505)، وأبو داود (698)، والنسائي (2/ 66)] (8/ 61)، وابن الجارود (217)، ومعاني الآثار (1/ 460)، ومشكل الآثار (3/ 250)، وأبو عوانة (2/ 43)، وأحمد (3/ 34، 43، 44، 63)، وابن خزيمة (818، 819)، ومالك (1/ 154)، والبيهقي (2/ 267)، ومعرفة الآثار (3/ 4214).

ص: 305

وقال المتولي: لو تستر بآدمي أو حيوان لم يستحب له ذلك لأنه يشبه عبادة من يعبد الأصنام.

وقال الشافعي في البويطي: لا يستتر بامرأة ولا دابة [فإن](1) قوله في المرأة (2) فظاهر، لأنها ربما شغلت ذهنه، وأما الدابة ففي

الصحيحين (3) عن ابن عمر أنه عليه الصلاة والسلام: "كان

(1) في ن ب د (فأما).

(2)

قال البخاري رحمه الله في صحيحه (1/ 586): باب استقبال الرجل صاحبه أو غيره في صلاته وهو يصلي، وكره عثمان أن يستقبل الرجل وهو يصلي وإنما هذا إذا اشتغل به، فأما إذا لم يشتغل به، فقد قال زيد بن ثابت: ما باليت أن الرجل لا يقطع صلاة الرجل. قال ابن حجر في الفتح: قال ابن المنير: الترجمة لا تطابق حديث عائشة. لكنه يدل على المقصود بالأولى، لكن ليس فيه تصريح بأنها كانت مستقبلته. فلعلها كانت منحرفة، أو مستدبرة. قال ابن رشيد: قصد البخاري أن شغل المصلي بالمرأة إذا كانت في قبلته على أي حالة كانت أشد من شغله بالرجل. ومع ذلك فلم تضر صلاته صلى الله عليه وسلم لأنه غير مشتغل بها، فكذلك لا تضر صلاة من لم يشتغل بها. والرجل من باب الأولى، واقتنع الكرماني بأن حكم الرجل والمرأة واحد في الأحكام الشرعية. ولا يخفى ما فيه. اهـ. وقد بوب البخاري على حديث عائشة رضي الله عنها وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم خلفها، فقال:"باب الصلاة خلف النائم""باب التطوع خلف المرأة""باب من: قال لا يقطع الصلاة شيء"

إلخ.

(3)

البخاري (507)، ومسلم (502)، وأبو داود عون (678)، والترمذي. قال ابن حجر في الفتح نقلًا عن القرطبي (1/ 580): قال القرطبي: في الحديث دليل على جواز التستر بما يستقر من الحيوان، ولا يعارضه النهي =

ص: 306

يُعَرضُ راحلته فيصلي إليها"، زاد البخاري في رواية: "وكان ابن عمر يفعله" ولعلّ الشافعي لم يبلغه هذا الحديث، وهو صحيح لا معارض له، فتعين العمل به، لا سيما وقد أوصانا الشافعي بأنه إذا صح حديث فهو مذهبه.

فائدة: إذا صلى إلى سترة فالسنة أن يجعلها مقابلة يمينه أو شماله، ولا يصمد لها أي يجعلها تلقاء وجهه (1).

= عن الصلاة في معاطن الإِبل، لأن المعاطن مواضع إقامتها عند الماء. وكراهة الصلاة حينئذ عندها إما لشدة نتنها. وإما لأنهم كانوا يتخلون بينها متسترين بها. اهـ. وقال غيره: علة النهي عن ذلك كون الإِبل خلقت من الشياطين. وقد تقدم ذلك فيحمل ما وقع منه في السفر من الصلاة إليها على حالة الضرورة

إلخ.

(1)

لفظ الحديث في أبي داود عون (679): "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى عود ولا عمود ولا شجرة إلَّا جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر، ولا يصمد له صمدًا".

قال الخطابي: الصمد القصد يريد أنه لا يجعله تلقاء وجهه.

والصمد: هو السيد الذي يصمد إليه في الحوائج أي يقصد فيها ويعتمد لها.

قال المنذري: في إسناده أبو عبيد الوليد بن كامل البجلي الشامي وفيه مقال.

قال ابن القيم في تهذيب السنن: حديث ضباعة قال ابن القطان: فيه ثلاثة مجاهيل، الوليد بن كامل، عن المهلب بن حجر، عن ضباعة بنت المقداد، عن ابيها. قال عبد الحق: إسناده ليس بقوي. ورواه النسائي من حديث بقية عن الوليد بن كامل: حدثنا المهلب بن حجر البهراني عن ضبعة بنت المقدام بن معد يكرب، عن أبيها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: =

ص: 307

الثاني: قوله عليه الصلاة والسلام: "فليدفعه" هذا الأمر الظاهر فيه الوجوب، لكن اتفق العلماء على أنه أمر ندب متأكد.

قال النووي (1): ولا أعلم أحدًا من العلماء أوجبه بل صرح أصحاب الشافعي وغيرهم بأنه مندوب غير واجب، وجاء في رواية لمسلم:"فليدفعه في نحره".

الثالث: هذا لمن لم يفرط في ترك الصلاة إلى سترة، أما إذا فرّط بترك الصلاة إليها أو تباعد عنها على قدر المشروع فمن مر وراء موضع السجود لم يكره، وإن مرّ موضعه كره، ولكن ليس للمصلي أن يقاتله، وعلة ذلك تقصيره حيث لم يقرب من السترة. نقل القاضي عياض: اتفاق العلماء على ذلك. قال: وكذلك اتفقوا على أنه لا يجوز للمصلي المشي إليه ليدفعه، وإنما يدفعه ويرده من موقفه إما بإشارة أو بشيء، لأن مفسدة المشي في صلاته أعظم من مرور المار من بين يديه، وإنما أبيح له قدر ما تناله يده من موقفه، ولهذا أُمر المصلي بالقرب من

= "إذا صلى أحدكم إلى عمود أو سارية أو شيء فلا يجعله نصب عينيه، وليجعله على حاجبه الأيسر"، فهذا أمر، وحديث أبي داود فعل. فقد اختلف على الوليد بن كامل، كما ترى فعلي بن عياش رواه فعلًا، وبقية رواه قولًا، وابن أبي حاتم ذكر المهلب بن حجر أنه يروي عن ضبعة بنت المقدام بن معد يكرب وهذا غير ما في الإِسنادين فإن فيهما ضباعة بنت المقداد، أو ضبعة بنت المقدام، والله أعلم.

(1)

شرح مسلم (6/ 223).

ص: 308

سترته (1)، وإنما يرده إذا كان بعيدًا بالإِشارة أو التسبيح. قال: وكذلك اتفقوا على أنه إذا مر لا يرده لئلا يصير مرورًا ثانيًا إلَّا شيئًا

روى عن بعض السلف أنه يرده وتأوله بعضهم.

(1) قال البخاري في صحيحه: "باب قدر كم ينبغي بين المصلي والسترة"، ثم ساق بإسناده إلى سهل بن سعد رضي الله عنه قال:"كان بين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الجدار ممر الشاة".

وحديث سلمة قال: "كان جدار المسجد عند المنبر ما كادت الشاة تجوزها"، وقال أبو داود عون (2/ 388):"باب الدنو من السترة". قال ابن حجر في الفتح (1/ 575): قال ابن الصلاح: قدروا ممر الشاة بثلاثة أذرع. قلت: ولا يخفى ما فيه. أقول: ومأخذهم من حديث بلال: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة وبينه وبين الجدار ثلاثة أذرع". أخرجه البخاري (506).

وقال البغوي: أستحب أهل العلم الدنو من السترة بحيث يكون بينه وبيها قدر إمكان السجود. وكذلك بين الصفوف. وقد ورد الأمر بالدنو منها، وفيه بيان الحكمة في ذلك، وهو ما رواه أبو داود (2/ 388) من حديث سهل بن أبي حثمة مرفرعًا:"إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها، لا يقطع الشيطان عليه صلاته". قال ابن القيم رحمه الله: رجال إسناده رجال مسلم

إلخ.

لطيفة: ذكرها الخطابي في المعالم (1/ 342)، قال: أخبرني الحسن بن يحيى بن صالح، أخبرنا ابن المنذر: أن مالك بن أنس كان يصلي يومًا متباينًا عن السترة، فمر به رجل وهو لا يعرفه، فقال: أيها المصلي ادن من سترتك، فجعل يتقدم وهو يقرأ (4/ 113):{وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)} .

ص: 309

وقال صاحب القبس (1): إنما يدفعه إذا مر في موضع سجوده خاصة سواء وضع بين يديه سترة أم لا، وما ذكره في الثاني ليس

بجيد.

الرابع: قوله عليه الصلاة والسلام: "فليقاتله" ليس المراد بها المقاتلة بالسلاح، ولا بما يؤدي إلى الهلاك بالإِجماع، لأن ذلك مخالف [لما علم] (2) من قاعدة: الإِقبال على الصلاة، والاشتغال بها، والسكون فيها، ولما علم من تحريم دم المسلم وعظم حرمته، وإنما المراد: قوة المنع له على المرور بحيث لا ينتهى إلى الأعمال المنافية للصلاة.

قال القرطبي في شرحه (3): ولا يلتفت لقول آخر ومتأخر لم يفهم سرًّا من أسرار الشريعة، ولا قاعدة من قواعدها.

قال أصحابنا: فيرده إذا أراد المرور بين يديه بأسهل الوجوه، فإن أبى فبأشد منه، وإن أدى إلى قتله فلا شيء عليه: كالصائل عليه لأخذ نفسه أو ماله، وقد أباح له الشرع مقاتلته، وهي مباحة، فلا ضمان فيها فلو قاتله بما يجوز قتاله به فهلك، فلا قود عليه باتقاق العلماء.

وهل تجب دية أم يكون هذا هدرًا؟ فيه مذهبان للعلماء، وهما قولان في مذهب مالك، وصحح الماوردي من أصحابنا وجوب

(1) القبس (1/ 342).

(2)

في الأصل (فاعلم)، وما أثبت من ن ب د.

(3)

المفهم (2/ 896).

ص: 310

الدية. وروي عن عثمان (1) رضي الله عنه أنه رفع إليه إنسان دفع مارًا بين يديه فكسر أنفه، فقال: لو تركه لكان أهون، ولم يذكر أنه ألزمه الدية.

وقال الباجي (2): يحتمل أن يكون المراد هنا بالمقاتلة اللعنة، والقتال بمعنى اللعنة جاء في قوله تعالى:{قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10)} (3)، ويحتمل أن يكون معناه: فليعنفه.

قلت: وفي الأول نظر: "فلعن المؤمن: كقتله"(4).

وقال صاحب القبس (5): حريم المصلي إذا لم يكن سترة مقدار ما يستقل فيه قائمًا وراكعًا وساجدًا، قال: وذهب بعض العلماء إلى

أنه إذا صلى إلى غير سترة لا يمر أحدٌ بين يديه بمقدار رمية سهم.

وقيل: رمية حجر.

وقيل: مقدار رمح.

وقيل: مقدار المطاعنة.

وقيل: المضاربة بالسيف. قال: وهذا كله أوقعهم فيه قوله:

(1) ذكره الباجي في المنتقى (1/ 275).

(2)

المنتقى (1/ 275)، وانظر: الاستذكار (6/ 163).

(3)

سورة الذاريات: آية (10).

(4)

والحديث من رواية أبي زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين بملة غير الإِسلام كاذبًا متعمدًا فهو كما قال" وفيه: "ولعن المؤمن كقتله" متفق عليه.

(5)

القبس (1/ 344)، وأشار إليه في عارضة الأحوذي (1/ 131).

ص: 311

"فليقاتله". فحملوه على جميع أنواع المقاتلة، ولم يفهموا أن القتل لغة المدافعة كانت بيدٍ أو بآلة، حتى قال بعضهم: وباللسان، وليس بصحيح، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصيام:"فإن امرؤٌ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم"(1) ففرق بين المشاتمة التي هي راجعة إلى القول وبين المقاتلة، فدل على عدم دخول أحدهما تحت الآخر.

الخامس: في الحديث دليل على جواز العمل في الصلاة لمصلحتها من غير كراهة.

السادس: قوله عليه الصلاة والسلام: "فإنما هو شيطان" يعني أن امتناعه من الرجوع عن المرور فعل من أفعال الشيطان، فأشبه فعله فعله، لأن الشيطان بعيد من الخير وقبول السنة.

وقيل: إنما حمله على المرور [و](2) الامتناع من الرجوع الشيطان.

وقيل: المراد بالشيطان القرين، كما في الحديث:"فإن معه القرين"(3).

(1) لفظه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم" متفق عليه.

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

ولفظه عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان أحدكم يصلي، فلا يدعن أحدًا يمر بين يديه، فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين". أخرجه أحمد (2/ 8)، وأبو عوانة (2/ 43)، وابن حبان 2362، 2370)، وصححه ابن خزيمة (800).

ص: 312

السابع: فيه جواز إطلاق لفظ الشيطان في مثل هذا.

الثامن: فيه التنبيه على: عظم رتبة الصلاة، ومناجاة الرب -تعالى- واحترام المصلي، وعدم تعاطي أسباب تهويش قلبه وشغله عما هو بصدده، فإنها حالة عظيمة، ومقام كريم خاص بالله -تعالى-.

[التاسع](1): الشيطان مأخوذ من شطن إذا بعد.

وقيل: من شاط إذا احترق، والأول أصح، وعليهما يبنى الصرف وتركه، فتصرف على شطن لأصالة [النون](2) ولا يصرف على شاط لزيادتها.

(1) في ن ب (فائدة).

(2)

زيادة من ن ب د.

ص: 313