المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثاني 100/ 2/ 17 - عن أبي قتادة الأنصاري رضي - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٣

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌15 - باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌16 - باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

- ‌[الحديث الأول]

- ‌17 - باب وجوب القراءة في الصلاة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌18 - باب ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

- ‌19 - باب سجود السهو

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌20 - باب المرور بين يدي المصلي

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌21 - باب جامع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌22 - باب التشهد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌23 - باب الوتر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌الحديث الثاني 100/ 2/ 17 - عن أبي قتادة الأنصاري رضي

‌الحديث الثاني

100/ 2/ 17 - عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر [بفاتحة] (1) الكتاب وسورتين، يطول في الأولى، ويقصّر في الثانية يسمعنا الآية أحيانًا. وكان يقرأ في العصر بفاتحة الكتاب وسورتين، يطول في الأولى، ويقصر في الثانية، [وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب، وكان يطول في الركعة الأولى في صلاة الصبح، ويقصر في الثانية] (2) "(3).

الكلام عليه من وجوه:

الأول: التعريف براويه، وقد سلف في باب الاستطابة.

(1) في الأصل (بأم الكتاب)، والتصحيح من مصادر الحديث.

(2)

تقديم وتأخير بين النسخ ومصادر الكتب فأثبت ما في المصادر.

(3)

البخاري (759، 762، 776، 778، 779)، ومسلم (451) في الصلاة، باب: القراءة في الظهر والعصر. وأبو داود (798)، والنسائي (2/ 166)، وأبو عوانة (2/ 151)، وابن خزيمة (504)، وابن ماجه (829)، والبيهقي في السنن (2/ 95، 348)، وابن حبان (1829، 1831).

ص: 192

الثاني: "الأوليان": تثنِية أولى [وكذلك](1)"الأخريان" تثنية أخرى، وأما ما يشيع على الألسنة من الأولى وتثنيتها [بالأولتين](2) فمرجوح في اللغة، كما نبه عليه الشيخ تقي الدين (3). والسورة في معناها أقوال.

أحدها: لانفصالها عن أختها.

ثانبها: لشرفها وارتفاعها، كما يقال لما ارتفع من الأرض:[سورة](4).

ثالثها: لأنها قطعة من القرآن، فعلى هذا يكون أصلها الهمز، ثم خففت وأبدلت واوًا لضمِّ ما قبلها.

رابعها: لتمامها وكمالها، من قولهم للناقة التامة: سورة. وجمع سورة سُوَر -بفتح الواو- ويجوز أن تجمع على سورات وسَورات.

الثالث: الحكمة في قراءة السورة في الأوليين من الظهر والعصر وفي الصبح: أن الظهر في وقت قائلة، والعصر في وقت شغل الناس بالبيع والشراء وتعب الأعمال، والصبح في وقت غفلة بالنوم آخر الليل، فطولتا بالقراءة ليدركهما المتأخر لاشتغاله بما ذكرنا من القائلة والتعب والنوم، وإن كانت قراءتهما في العصر أقصر

(1) في ن ب ساقطة.

(2)

في ن ب د (بالأولين).

(3)

إحكام الأحكام (2/ 394).

(4)

في ن د (سور).

ص: 193

من الصبح والظهر (1).

الرابع: الحكمة في تطويل الأولى عن الثانية قصدًا: ليدرك المأموم فضيلة أول الصلاة جماعة.

الخاص: إسماعه عليه الصلاة والسلام الآية أحيانًا، يحتمل أنه كان مقصودًا ليكون دليلًا على أن الإِسرار ليس بشرط لصحة الصلاة السرية، بل يجوز الجهر والإِسرار فيها. والإِسرار أفضل، فيكون ذلك بيان للجواز، مع أن الإِسرار منه سنة، ويحتمل أنه ليس مقصودًا، بل كان يحصل بسبق اللسان للاستغراق في التدبر وهو الأظهر لكن الأسماع يقتضي القصد له.

السادس: فيه أنّ "كان" تقتضي الدوام في الفعل وقد سلف.

السابع: [فيه](2) وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وقد سلف ذلك مع الاختلاف فيه قريبًا.

الثامن: فيه مشروعية السورة في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر، وفي حكمهما المغرب والعشاء وكذلك الصبح.

التاسع: فيه أن السورة لا تشرع في الأخريين من الظهر والعصر وكذا العشاء وثالثة المغرب، وهو أشهر قولي الشافعي إلَّا أن يكون

(1) وقد ورد ذلك من حديث أبي قتادة. أخرجه ابن حبان (1855)، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيل في أول الركعتين من الفجر والظهر، وقال: كنا نرى أنه يفعل ذلك ليتدارك الناس. وأخرجه ابن خزيمة (1580)، وفيه "ليتأدى" بدل "ليتدارك"، وعبد الرزاق (2675)، وأبو داود (1800).

(2)

في ن د ساقطة.

ص: 194

المصلي [مسبوقًا](1) كما نص عليه لئلا تخلو صلاته من سورة.

[العاشر](2): فيه أن قراءة سورة كاملة أفضل من قدرها من تطويله لارتباط القراءة بعضها ببعض في ابتدائها وانتهائها بخلاف من قراءة قدرها من طويله، فإنه قد يخفى الارتباط على أكثر الناس أو كثير منهم، فيبتدىء، ويقف على غير مرتبط وهو محذور لإِخلاله بنظم الإِعجاز.

واختلف عند المالكية في الاقتصار على بعض سورة.

فقيل: مكروه (3)، لأنه خلاف ما مضى به العمل.

(1) زيادة من ن د.

(2)

في الأصل (حادي عشر)، والتصحيح من ن ب.

(3)

قال ابن حجر في الفتح (2/ 256) على حديث: "وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم: المؤمنون في الصبح حتى إذا جاء ذكر موسى وهارون أو ذكر عيسى أخذته سعلة فركع"، وقال: وفي الحديث جواز قطع القراءة، وجواز القراءة ببعض السورة، وكرهه مالك. انتهى، ثم قال: نعم الكراهة لا تثبت إلَّا بدليل. وأدلة الجواز كثيرة، وحديث زيد بن ثابت أنه صلى الله عليه وسلم:"قرأ الأعراف في الركعتين ولم يذكر ضرورة ففيه القراءة بالأول وبالأخير".

قال ابن باز -غفر الله لنا وله- في التعليق (2/ 256): ويدل على ما ذكره الشارح من جواز قراءة بعض السور ما رواه البخاري عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم: "قرأ في ركعتي الفجر بالآيتين من البقرة وآل عمران: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} الآية. و {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} الآية، وما جاز في النفل جاز في الفريضة ما لم يرد تخصيص، والله أعلم.

ص: 195

وقيل: جائز، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قرأ بعض سورة في صلاة الصبح.

قال صاحب "البيان والتقريب": إنما فعل ذلك، في الصبح لأنه عليه الصلاة والسلام أخذته سعلة فركع. فلا حجة فيه للجواز، والأحسن عندهم الاقتصار على سورة، لأنه عمل السلف.

وقيل: تجوز الزيادة عليها لقول ابن مسعود: لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن، فذكر عشرين سورة، سورتين في كل ركعة.

وأجيب عن هذا: بأن ذلك محمول على النوافل.

[و](1) مشهور مذهب مالك: أنه لا يقسم سورة في ركعتين. فإن فعل أجزأه.

وقال مالك في "المجموعة": لا بأس به، وما هو الشأن.

الحادي عشر: فيه تطويل الأولى على الثانية في الصبح والظهر والعصر، وكذلك المغرب والعشاء، وقد اختلف العلماء في ذلك من

الشافعية وغيرهم، والاختلاف وجهان لأصحاب الشافعي:

أشهرهما: عندهم وهو المنصوص أيضًا، أنه لا يطول الأولى على الثانية، وهو مخالف لظاهر هذا الحديث [وتأولوه](2) على أنه

(1) في ن ب زيادة (وهو).

(2)

في الأصل وفي ن ب (وما رواه)، والتصحيح من ن د.

ص: 196

طول بدعاء الافتتاح والتعوذ لا في القراءة، أو على أنه أحس بداخل، وفي هذا [الحمل](1) ضعف؛ لأن السياق للقراءة والانتظار

لا يستحب إلَّا في التشهد والركوع لا في القيام (2). وحديث أبي قتادة فيه (3).

والثاني: وهو الصحيح (4)[كما](5) قال البيهقي، واختاره أبو الطيب والمحققون، ونقله القاضي أبو الطيب عن عامة أصحابنا

الخراسانيين: يطول القراءة في الثانية قصدًا لظاهر السنة، فعلى هذا من قال من أصحاب الشافعي باستحباب السورة في الأخيرتين اتفقوا على أنها أخف منها في الأوليين.

واختلفوا في تطويل الثالثة على الرابعة إذا قلنا بتطويل الأولى على الثانية على طريقين:

أحدكما: لا، جَزْمًا لعَدم النص فيها، كذا علله النووي في

(1) في ن ب (المجمل).

(2)

قال البخاري رحمه الله في جزء القراءة كلامًا معناه: أنه لم يرد عن أحد من السلف في انتظار الداخل في الركوع، والله أعلم. اهـ، من الفتح (2/ 245)، أما في عموم الصلاة فلا مانع لحديث ابن أبي أوفى، والذي أخرجه أحمد وأبو داود: كان يقوم في الركعة من صلاة الظهر حتى لا يسمع وقع قدم. وانظر: المجموع شرح المهذب (4/ 229، 234)، وضعف حديث ابن أبي أوفى لأن فيه رجل لم يسم.

(3)

ابن حبان (1855). انظر ت (3) ص (195).

(4)

انظر: إتحاف السادة المتقين (15/ 83).

(5)

في ن د (وبه).

ص: 197

(شرح المهذب)، وليس كذلك، ففيه حديث في (التلخيص)(1) للخطيب من حديث نعيم بن طرفة، عن عبد الله بن أبي أوفى في

الظهر والمغرب.

والثانية: طرد الخلاف [وهي](2) طريقة الرافعي، ثم اعلم أنه ليس في الحديث تعرض لتطويل الصلاة بالقراءة ولا قصرها، وقد ثبت في الصحيح بيان ذلك.

تبيه: قال الشيخ تقي الدين في [باب](3) صلاة الكسوف: كان السبب في تطويل الأولى، على الثانية أن النشاط في الركعة الأولى يكون أكثر، فناسب التخفيف في الثانية حذرا من الملل، انتهى. وشبيه بهذا التعليل كما نبه عليه الفاكهي التعليل عند النحاة: لاختصاص الفاعل بالرفع والمفعول بالنصب. قالوا: لأن الإِنسان يتناول الفاعل أولًا بقوة، ثم يتناول المفعول بعد بضعف، فأعطى لي

الأول الأثقل، وهو الرفع، وأعطى في الثاني الأخف وهو النصب (4).

ثم اعلم بعد ذلك أنه عليه الصلاة والسلام اعتبر خلاف معنى المناسبة السالفة في قيام الليل، فقال: "إذا قام أحدكم من

(1) تلخيص المتشابه في الرسم (789) للخطيب البغدادي.

(2)

في ن ب (وهو).

(3)

في ن ب ساقطة.

(4)

قال الزجاجي -رحمنا الله وإياه- في مجالس العلماء (193)، وسئل الخليل عن الرفع لم جُعِل للفاعل؟ فقال: الرفع أوّل حركة: والفاعل أوّل متحرك، فجعلوا أول حركة لأول متحرك.

ص: 198

الليل فليصل ركعتين خفيفتين، ثم ليطول ما شاء" (1) وكان المناسبة في ذلك استدراج النفس من التخفيف إلى حلاوة التثقيل وهو

التطويل، وكذلك ذكر العلماء مناسبة شرعية السنن الراتبة قبل الصلوات، وكذلك إذا اعتبرت مناسبة التنزيل للكتاب العزيز وشرعية الأحكام وتكثيرها، فإنك تجدها مستدرجة من التخفيف والتقليل إلى التثقيل والتكثير، ليكون أثبت وأبعد من الملل، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام:"خذوا من العمل ما تطيقون"(2)(3).

الثاني عشر: اعلم أن مجرد فعله عليه الصلاة والسلام لا يدل على الوجوب إلَّا أن يتبين أنه وقع بيانًا لمجمل [فقد](4) أُدعي في كثير من أفعاله عليه الصلاة والسلام التي قصد إثبات

(1) مسلم (768) في صلاة المسافرين، وأبو داود (1323) في الصلاة، باب: افتتاح صلاة الليل بركعتين، والترمذي في الشمائل (265)، وأبو عوانة (2/ 304)، والبغوي (908)، وابن حبان (2606)، وأحمد (2/ 232)، وابن أبي شيبة (2/ 273).

(2)

في ن د زيادة (الدوام عليه الحديث).

(3)

البخاري (1970) في الصوم، باب: صوم شعبان، ومسلم (782) في الصيام، باب: صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان، وأخرجه أحمد (6/ 189، 244)، وابن حبان (353)، وابن خزيمة (1283)، والطبري في تفسيره (29/ 50). وبقية الحديث:"فإن الله لا يمل حتى تملوا"، قالت -أي عائشة رضي الله عنها:"وكان أحب الأعمال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دام عليه وإن قل، وكان إذا صلى صلاة دام عليها"، وإسناده صحيح.

(4)

في ن د (هذا).

ص: 199

وجوبها: أنها بيان له، لمن ذلك في هذا المحل خارج عما أُدعي، فإنه ليس في قراءته عليه الصلاة والسلام السورة مع الفاتحة هنا إلَّا مجرد فعل فافترقا، وقد قدمت في الباب قبل هذا اختلاف السلف في وجوب قراءة السورة مع الفاتحة ودليله وعدمه.

الثالث عشر: في الحديث أيضًا جواز إضافة تسمية الصلاة إلى وقتها.

الرابع عشر: فيه الاكتفاء بظاهر الحال في الأخبار دون التوقف الخير على اليقين إذ لا [يتبين](1) قراءة سورة إلَّا بسماع جميعها، وقد قال:"يسمع الآية أحيانًا"، فأخذ من سماع ذلك قراءة جميعها، اعتمادًا على هذه القرينة، ويبعد أن يكون تيقن ذلك بإخباره عليه الصلاة والسلام عند فراغ الصلاة مع ما في لفظ "كان" من الإِشعار بالدوام كما سلف.

(1) في ن د (يتيقن).

ص: 200