الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث
128/ 23/ 3 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك - بخمس، لا يجلس في شيء إلَّا في آخرها"(1).
الكلام عليه من وجوه:
الأول: المختار أن: "كان" من حيث وضعها لا يلزم منها دوام ولا تكرار، فإن دل دليل على ذلك عمل به، ومما استعمل فيه "كان"
(1) مسلم (737)(123) في صلاة المسافرين، باب: صلاة الليل، وأبو داود (1338) في الصلاة، باب: في صلاة الليل، والترمذي (459) في الصلاة، باب: ما جاء في الوتر بخمس، والبيهقي (3/ 27، 28)، وأبو عوانة (2/ 325)، وابن خزيمة (1076، 1077)، والبغوي (960، 961)، وابن حبان (2437).
تنبيه: قال الزركشي بعد ذكر هذا الحديث. قال عبد الحق في الجمع بين الصحيحين: إن البخاري لم يخرج هذا اللفظ، وأما الحميدي فجعله من المتفق عليه. والأول أولى ولفظ عائشة عند البخاري في الفتح (3/ 20):"كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتا الفجر". انتهى من كتاب تصحيح العمدة مجلة الجامعة الإِسلامية، العدد (75، 76).
للمرة الواحدة حديث عائشة: "كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لحرمه قبل أن يحرم، ولعله قبل أن يطوف بالبيت"(1). ومعلوم أن عائشة لم تحج معه إلَّا حجة الوداع، ولا يقال: لعلها طيبته لحله قبل أن يطوف بالبيت في العمرة أيضًا، فاقتضت التكرار، لأن المعتمر لا يحل له الطيب قبل الطواف بالإِجماع.
إذا تقرر هذا فقولها: "كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة" مع ما ثبت في الصحيح عنها: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم بتسع ركعات"(2). "وكان يقوم بإحدى عشرة منهن الوتر [يسلم] (3) من كل ركعتين، وكان يركع ركعتي الفجر إذا جاء المؤذن"(4)، وعنها: "كان
(1) البخاري (1539، 1754، 5922، 5928، 5930)، ومسلم (1189)، (133) في الحج، باب: الطيب للمحرم عند الإِحرام، وأبو داود (1745) في المناسك، باب: الطيب عند الإِحرام، النسائي (5/ 137) في المناسك، باب: إباحة الطيب عند الإِحرام، وابن ماجه (2926) في المناسك، باب: الطيب عند الإِحرام، وابن حبان (3766، 3772)، وابن خزيمة (2580، 2581)، وأحمد (6/ 39، 98، 107، 181، 186، 192، 200، 207، 214، 237، 238، 254، 258، 416).
(2)
مسلم (746)(139)، والنسائي (3/ 241) في قيام الليل، باب: كيف يوتر بتسع، وابن ماجه (1191) في إقامة الصلاة، باب: ما جاء في الوتر بثلاث وخمس وسبع وتسع، وأبو داود (1342) في قيام الليل، باب: في صلاة الليل، وأبو عوانة (2/ 321، 322)، وابن حبان (2442).
(3)
في ن ب ساقطة.
(4)
مسلم (736)(122) في صلاة المسافرين، باب: صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل، وأبو داود (1337) في الصلاة، باب: في =
يقوم بثلاث عشرة بركعتي الفجر" وعنها "كان [لا](1) يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة: أربعًا، أربعًا، وثلاثًا" (2) وعنها:"كان يصلي ثلاث عشرة: ثمانيًا، ثم يوتر، [ثم يصلي ركعتين وهو جالس] (3) ثم يصلي ركعتي الفجر"(4) وقد فسرتهما في الحديث
= صلاة الليل، النسائي (2/ 30) في الآذان، باب: إيذان المؤذنين الأئمة بالصلاة (3/ 65) في السهو، باب: السجود بعد الفراغ من الصلاة، وابن ماجه (1358) في إقامة الصلاة، باب: ما جاء في كم يصلي بالليل، وأحمد (6/ 83، 143، 215)، والبيهقي (3/ 7).
(1)
في ن ب ساقطة.
(2)
البخاري (1147) في التهجد، باب: قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالليل في رمضان وغيره (2017) في صلاة التراويح، باب: فضل قيام رمضان (3569) في المناقب، باب: كان النبي صلى الله عليه وسلم تنام عيناه ولا ينام قلبه،
ومسلم (738)(125) في صلاة المسافرين، باب: صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل، وأبو داود (1341) في الصلاة، باب: في صلاة الليل، والترمذي (439) في الصلاة، باب: ما جاء في وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل، والنسائي (3/ 234) في قيام الليل، باب: كيف الوتر بثلاث، وابن حبان (2430)، وابن خزيمة (1166)، وأحمد (6/ 36، 73، 104)، والبغوي (899)، والموطأ (1/ 120).
(3)
في ن ب ساقطة.
(4)
البخاري (619) باب: الآذان بعد الفجر (1159) في التهجد، باب: المداومة على ركعتي الفجر، ومسلم (738)(126) في صلاة المسافرين، باب: صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل، وأبو داود (1340) في الصلاة، باب: في صلاة الليل، وابن حبان =
الآخر: "منها ركعتي الفجر" وعنها في البخاري: "أن صلاته بالليل سبع أو تسع" يقتضي كل ذلك عدم التكرار والدوام. وفي الصحيحين (1) من حديث ابن عباس: "أن صلاته بالليل ثلاث عشرة [ركعة] (2) وركعتين بعد الفجر"، سنة الفجر. وفي حديث زيد بن خالد: أنه عليه الصلاة والسلام "صلى ركعتين خفيفتين، ثم طويلتين" وذكر الحديث. وقال في آخره: [فتلك ثلاث](3) عشرة" (4).
= (3/ 351) في قيام الليل، باب: إباحة الصلاة بين الوتر وبين ركعتي الفجر، وابن حبان (2616، 2634)، والبغوي (964).
(1)
البخاري. انظر (117)، فقد استوفى ذكر أطرافه، ومسلم (763)، والنسائي (2/ 218) في التطبيق، باب: الدعاء في السجود، والترمذي (232) في الصلاة، باب: ما جاء في الرجل يصلي ومعه رجل، وابن ماجه (423) في الطهارة، باب: ما جاء في القصد في الوضوء، وأبو داود (1364)، والبيهقي (3/ 7، 8)، وأبو عوانة (2/ 316، 317، 318)، وابن حبان (2592، 2626، 2579، 2636)، وابن خزيمة (1533، 1534)، وأحمد (1/ 284، 364).
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
زيادة من ن ب د.
(4)
مسلم (765) في صلاة المسافرين، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه، وأبو داود (1366) في الصلاة، باب: في صلاة الليل، وابن ماجه (1362) في إقامة الصلاة، باب: ما جاء في كم يصلي بالليل، والموطأ (1/ 122) وعنده زيادة:"ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما"، وعبد الرزاق (4712)، والمسند (5/ 193)، وابن حبان (2608)، والبيهقي (3/ 8).
قال العلماء: كما نقله القاضي عياض (1) عنهم في هذه الأحاديث أخبر كل واحد من عائشة وابن عباس وزيد بما شاهد.
واختلف في أحاديث عائشة واختلافها.
فقيل: هو منها.
وقيل: من الرواة عنها (2)، فيحتمل أن إخبارها بإحدى عشرة
(1) إكمال إكمال المعلم (2/ 374، 375).
(2)
قال ابن حجر في الفتح (3/ 21) نقلًا عن القرطبي: أشكلت روايات عائشة على كثير من أهل العلم حتى نسب بعضهم حديثها إلى الاضطراب، وهذا إنما يتم لو كان الراوي عنها واحدًا أو أخبرت عن وقت واحد. والصواب أن كل شيء ذكرته من ذلك محمول على أوقات متعددة وأحوال مختلفة بحسب النشاط وبيان الجواز، والله أعلم.
وقال ابن حجر في الجمع بين مختلف روايات عائشة (3/ 20): فمن رواية مسروق قال: "سألت عائشة عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: سبع وتسع وإحدى عشرة سوى ركعتي الفجر"، أما من رواية القاسم بن محمد:"كان يصلي من الليل ثلاث عشرة منها الوتر وركعتا الفجر"، وفي رواية لمسلم من هذا الوجه:"كانت صلاته عشر ركعات ويوتر بسجدة ويركع ركعتي الفجر، فتلك ثلاث عشرة ركعة"، فأما ما أجابت به مسروقًا فمرادها أن ذلك وتسع منه بأوقات مختلفة، فتارة كان يصلي سبعًا وتارة تسعًا وتارة إحدى عشرة، وأما حديث القاسم فمحمول على أن ذلك كان غالب أحواله
…
إلخ. كما ذكر الجمع بين مختلف الروايات لرواية ابن عباس (2/ 483).
فائدة: ذكر ابن حجر في الفتح (3/ 21): من الحكمة في عدم الزيادة على إحدى عشرة أن التهجد والوتر مختص بصلاة الليل، وفرائض النهار، =
هو الأغلب وباقي رواياتها بما كان يقع نادرًا في بعض الأوقات، فأكثره خمس عشرة، بركعتي الفجر، وأقله [تسع](1)، وذلك بحسب ما كان يحصل من اتساع الوقت أو ضيقه [بطول](2) قراءة كما جاء في حديث حذيفة (3)، وابن مسعود (4) أو لنوم أو لعذر من مرض
= الظهر وهي أربع، والعصر وهي أربع والمغرب وهي ثلاث وهي وتر النهار، فناسب أن تكون صلاة الليل كصلاة النهار في العدد جملة وتفصيلًا، وأما مناسبة ثلاث عشرة فبضم صلاة الصبح لكونها نهارية إلى ما بعدها.
(1)
في ن ب د (سبع).
(2)
في الأصل (نظرك)، وما أثبت من ن ب د.
(3)
مسلم (772) في صلاة المسافرين، باب: استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، وأبو داود (871) في الصلاة، باب: ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده. الترمذي (262) في الصلاة، باب: ما جاء في تسبيح الركوع والسجود، والنسائي (2/ 176، 177) في الإِفتتاح، باب: تعوذ القارئ إذا مر بآية عذاب (2/ 177)، باب: مسألة القارئ إذا مر بآية رحمة (2/ 224) في التطبيق، باب: نوع آخر (3/ 225، 226) في قيام الليل، باب: تسوية القيام والركوع والسجود، وابن ماجه (1351) في إقامة الصلاة، باب: ما جاء في القراءة في صلاة الليل، والبيهقي (2/ 309، 310)، والطيالسي (415)، وابن حبان (2604، 2605، 2609)، والدارمي (1/ 299)، وأحمد (5/ 382، 394).
(4)
البخاري (1135) في التهجد، باب: طول القيام في صلاة الليل، ومسلم (773) باب: استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، وابن ماجه (1418) في الإِقامة، باب: ما جاء في طول القيام في الصلوات، والترمذي في الشمائل (272)، وابن حبان (2141)، وأبو يعلى =
أوغيره أو عند كبر السن، كما قالت عائشة: فلما أسن صلَّى [سبع](1) ركعات (2). أو تارة بعد الركعتين الخفيفتين في أول قيام
الليل كما رواها زيد بن خالد (3). وروتها عائشة في صحيح مسلم بعد ركعتي الفجر تارة وبحذفهما أخرى، وقد يكون عدت راتبة العشاء مع ذلك تارة وحذفتها أخرى. قال: ولا خلاف أنه ليس في ذلك حد لا يزاد عليه ولا ينقص منه، وأن صلاة الليل من الطاعات التي كلما زيدت زاد الأجر، وإنما الخلاف في فعله عليه الصلاة والسلام وما اختاره لنفسه (4).
الثاني: قد تقدم في الحديث الأول: أن هذا الحديث معارض له، أعني حديث: صلاة الليل مثنى مثنى، وهو من باب تعارض القول والفعل، ودلالة الفعل على الجواز قوية (5)، ويبعد معها
= (5165)، وأحمد (1/ 385، 396، 415، 440)، وابن خزيمة (1154).
(1)
في ن ب ساقطة.
(2)
أبو داود (1352) في الصلاة، باب: في صلاة الليل، والنسائي (3/ 220، 221) في قيام الليل، باب: كيف يعمل إذا افتتح الصلاة قائمًا (3/ 242)، باب: كيف الوتر بتسع، وابن حبان (2635)، وابن خزيمة (1104).
(3)
سبق تخريجه في التعليق ت (4) ص (542).
(4)
انظر: زاد المعاد وما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في فعله في صلاة الليل (1/ 327، 331)، وحاشية الصنعاني (3/ 62)، وانظر: تمام المنة في جمعه بين أحاديث عائشة وغيرها (251).
(5)
قال الصنعاني في الحاشية (3/ 62): أي إذا لم يقم على الخصوص دليل =
احتمال التخصيص، لأنه [لا يصار](1) إليه إلَّا بدليل، وتقدم أيضًا أن فيه متمسكًا للشافعي في الزيادة على [ركعتين في النوافل، وتأوله بعض المالكية بتأويل لا يتبادر إلى الذهن، وهو أن حمل ذلك](2) على أن الجلوس في محل القيام لم يكن إلَّا في آخر ركعة: كأن الأربع كانت الصلاة فيها قيامًا، والأخيرة كانت جلوسًا في محل القيام، وربما دل لفظة على تأويل أحاديث قدمها هذا منها بأن السلام وقع بين كل ركعتين. قال الشيخ تقي الدين: وهذا [يخالف اللفظ](3) فإنه لا يقع السلام بين كل ركعتين إلَّا بعد الجلوس، وذلك ينافيه.
قولها: "لا يجلس في شيء إلَّا في آخرها". قال الفاكهي: وأيضًا لو كان الأمر على ما قال لم يكن لتخصيص الخمس. فائدة، وكان وجه الكلام أن يقال يوتر بثلاث عشرة ركعة لا يجلس في شيء إلَّا في آخرها ركعة الوتر.
الثالث: اختلف أصحابنا في أكثر الوتر. والأصح أنه إحدى عشرة. وقيل: ثلاث عشرة، وأقله ركعة (4).
= فيبقى دلالة فعله صلى الله عليه وسلم للصلاة موصولة معارضة بالحصر المستفاد من قوله: "صلاة الليل مثنى" ولكن دلالة الحصر مفهوم، فدلالة الفعل أقوى منها فيستفاد من منطوق:"صلاة الليل مثنى" ومن فعله صلى الله عليه وسلم للصلاة موصولة جواز الأمرين.
(1)
في الأصل (لا تضاد)، والتصحيح من ن ب د.
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
في إحكام الأحكام (3/ 61) مخالفة اللفظ.
(4)
لحديث أبي أيوب رضي الله عنه مرفوعًا: "الوتر حق فمن شاء أوتر =
الرابع: لما ذكر عبد الحق هذا الحديث في جمعه باللفظ المذكور. قال عقبه: إن البخاري لم يخرج هذا اللفظ، وأما الحميدي فعزاه إليه فاعلم ذلك (1).
…
انتهى الجزء الثالث ويليه الجزء الرابع وأوله باب الذكر عقب الصلاة
= بخمس ومن شاء ثلاث ومن شاء بواحدة". أخرجه أبو داود (1422) في الصلاة، باب: كم الوتر، والنسائي (3/ 238، 239)، والدارمي (1/ 371)، والحاكم (1/ 302، 303) وابن حبان (2407)، والدارقطني (2/ 22، 23)، والبيهقي (3/ 27).
(1)
انظر التعليق ت (1)، ص (533).