المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[الحديث الأول] (1) 98/ 1/ 16 - عن أبي هريرة رضي - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٣

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌15 - باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌16 - باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

- ‌[الحديث الأول]

- ‌17 - باب وجوب القراءة في الصلاة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌18 - باب ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

- ‌19 - باب سجود السهو

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌20 - باب المرور بين يدي المصلي

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌21 - باب جامع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌22 - باب التشهد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌23 - باب الوتر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌[الحديث الأول] (1) 98/ 1/ 16 - عن أبي هريرة رضي

[الحديث الأول]

(1)

98/ 1/ 16 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دخل المسجد، فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فصل! فإنك لم تصل، فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ارجع فصل! فإنك لم تصل، [فرجع فصلى كما صلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فصل! فإنك لم تصل] (2) ثلاثًا فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره، فعلمني. فقال: إذا قمت إلى الصلاة فكبِّر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، وافعل ذلك في صلاتك كلها"(3).

(1) زيادة من المحقق حسب ترتيب الكتاب.

(2)

ساقطة من ن ب د.

(3)

البخاري (757، 793) في الآذان، باب: أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يتم ركوعه بالإِعاده (6251) في الاستئذان، باب: من ردَّ فقال: عليك السلام (6667)، وفي الأيمان والنذور، ومسلم (397) في الصلاة، باب: وجوب قرأة: الفاتحة في كل ركعة، والترمذي (303) في الصلاة، باب: =

ص: 163

(1)

الكلام عليه من وجوه:

أحدها: هذا الرجل المبهم هو خلاد، كما ذكره ابن بشكوال (2) بعد أن ذكر الحديث من رواية رفاعة بن رافع، والحديث من رواية [يحيى بن علي](3) بن يحيى بن خلّاد [بن رافع](4) الزرقي عن أبيه عن جده عن رفاعة [بن رافع](5) كذا أخرجه أبو داود فليتأمل.

ثانيها: اعلم أن الواجبات في الصلاة على ضربين: متفق عليها ومختلف فيها، وليس هذا الحديث موضوعًا لحصرها [بل لحصر ما](6) أهمله [

] (7) هذا الرجل المصلي وجهله في صلاته، وقد استدل به الكثير من الفقهاء على [أن](8) ما ذكره فيه فهو واجب، وما لم يذكره فيه ليس بواجب، وليس الحديث موضوعًا لبيان سنن الصلاة اتفاقًا.

= ما جاء في وصف الصلاة، وابن ماجه (1060) في الإِقامة، باب: إتمام الصلاة، وأبو داود (856) في الصلاة، باب: صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع، والبغوي (552)، والبيهقي (2/ 126)، وأحمد (3/ 437)، والطحاوي (1/ 233)، وابن حبان (1890).

(1)

في ن د زيادة (واو).

(2)

غوامض الأسماء المبهمة رقم الخبر (196)، واسمه خلاد بن رافع.

(3)

زيادة من سنن أبي داود.

(4)

زيادة من سنن أبي داود.

(5)

زيادة من سنن أبي داود.

(6)

زيادة من ن ب د.

(7)

في الأصل كلمة (كأنها المصنف)، وهي غير موجودة في باقي النسخ.

(8)

زيادة من ن ب د.

ص: 164

فالنية والقعود في التشهد الأخير، وترتيب أركان الصلاة: واجبات مجمع عليها، وليست مذكورة في الحديث، والتشهد الأخير، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه، والسلام من المختلف [فيه] (1) أوجبها الشافعي وأوجب الجمهور: السلام، وكثيرون: التشهد.

وللشافعي قول بوجوب نية الخروج من الصلاة، وأوجب أحمد التشهد الأول، وكذا التسبيح وتكبيرات الانتقالات فالجواب عما استدل به الكثير من الفقهاء من أن المذكور في الحديث واجب وغيره ليس بواجب مع ماذكرنا من الواجبات المجمع عليها، والمختلف فيها، أن المجمع عليه إن كان معلومًا عند السائل لم يحتج إلى بيانه، وكذا المختلف فيه عند من يوجبه بحمله على ذلك وجه استدلالهم على الوجوب بذكره في الحديث وعدمه بعدمه، إن الأمر يتعلق بالوجوب وإن عدمه ليس [بمجرد](2) أن الأصل عدم الوجوب، بل لأمر زائد، وهو أن ما ذكره ي في هذا الحديث تعليم وبيان للجاهل وتعريف واجب الصلاة وهو يقتضي انحصاره فيما ذكر وقويت رتبة الحصر فيه بذكر ما تعلقت به الإِساءة من المصلي من الواجب فيها وما لم تتعلق به، وذلك دليل على عدم الاقتصار على المقصود مما وقعت فيه الإِساءة فقط فكل موضع اختلف [الفقهاء](3) في وجوبه، وكان مذكورًا في الحديث فلك أن تتمسك

(1) زيارة من ن ب د.

(2)

في ن د (لمجرد).

(3)

في ن ب د (العلماء).

ص: 165

به في وجوبه، وكل موضع اختلفوا في تحريمه، فلك أن تستدل على عدم تحريمه لأنه لو حرم لوجب التلبس بضده.

فإن النهي [عن](1)[الشيء](2) أمر بأضداده، ولو كان التلبس بالضد واجبًا لذكر على ما قررناه، فإذا انتفى ذكره -أعني ذكر الأمر بالتلبس بالضد- انتفى ملزومه، وهو النهي عن ذلك الشيء، وكل موضع اختلفوا في وجوبه [و](3) لم يكن مذكورًا في الحديث فلك أيضًا أن تتمسك [به](4) في عدم وجوبه أيضًا، لكونه غير مذكور فيه لما تقدم [من](5) كونه موضع [للتعليم](6) وبيان، فظهرت القرينة. مع ذلك على قصد ذكر الواجبات، فهذه الطرق الثلاثة يمكن الاستدلال بها على كثير من المسائل المتعلقة بالصلاة إلَّا أن على طالب التحقيق في هذا ثلاث وظائف:

إحداها: جمع طرق الحديث [وإحصاء](7) الأمور المذكورة فيه، والأخذ بالزائد فالزائد منها، فإنه واجب.

الثانية: استمراره على طريقة واحدة فيها، فلا يستعمل في مكان ما نتركه في آخر، فينقلب نظره، بل يستعمل القوانين المعتبرة

(1) في ن ب ساقطة.

(2)

في ن ب (بالشيء).

(3)

زيادة من ن ب د.

(4)

زيادة من ب د.

(5)

في الأصل (في)، وما أثبت من ن ب د.

(6)

في ن ب د (تعليم).

(7)

في الأصل (واختصار)، والتصحيح من ن ب د.

ص: 166

في ذلك استعمالًا واحدًا، فإنه قد يقع هذا الاختلاف في كلام [كثيرين](1) من المناظرين.

الثالثة: إذا قام دليل على أحد أمرين- إما على عدم الوجوب، أو الوجوب- فالواجب العمل به، ما لم يعارضه ما هو أقوى منه، وهذا في باب النفي يجب التحرز فيه أكثر. فلينظر عند التعارض أقوى الدليلين فيعمل به. وإذا استدل على عدم وجوب شيء [بعدم](2) ذكره في الحديث، وجاءت صيغة الأمر في حديث آخر فهي مقدمة.

وإن قيل: إن الحديث دل على عدم الوجوب [وتحمل](3)[صيغة](4) الأمر [على](5) الندب لكن عدم الوجوب أقوى، لأنه متوقف على مقدمة أخرى (6)، وهي أن عدم الذكر في الرواية يدل

(1) في ن ب د (كثير).

(2)

في ن ب د (تقدم).

(3)

في الأصل ون ب (ويحتمل).

(4)

في إحكام الأحكام (صفة).

(5)

في الأصل (في)، والتصحيح من ن ب، وإحكام الأحكام.

(6)

العبارة هكذا في إحكام الأحكام (2/ 263)، وهو أن عدم الذكر في الرواية يدل على عدم الذكر في نفس الأمر، وهذه غير المقدمة التي قررناها. وهو أن عدم الذكر يدل على عدم الوجوب، لأن المراد ثمة أن عدم الذكر في نفس الأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على الوجوب، فإنه موضع بيان، وعدم، وعدم الذكر في نفس الأمر غير عدم الذكر في الرواية، وعدم الذكر في الرواية إنما يدل على عدم الذكر في نفس الأمر، =

ص: 167

على عدم الوجوب، لأن المراد: ثم إن عدم الذكر في نفس الأمر (1) من الشارع يدل على عدم الوجوب فإنه [](2) موضع البيان، وعدم الذكر في نفس الأمر [غير عدم الذكر في الرواية، وعدم الذكر في الرواية إنما يدل على عدم الذكر في نفس الأمر](3) بطريق أن يقال: لو كان لذُكر أو بأن الأصل عدمه، وهذه المقدمة أضعف من دلالة الأمر على الوجوب أيضًا (4).

فالحديث الذي فيه الأمر إثبات لزيادة، فيعمل بها، وهذا البحث كله بناءًا على إعمال صيغة الأمر في الوجوب الذي هو ظاهرٌ فيها، والمخالف يخرجها عن حقيقتها، بدليل عدم الذكر. فيحتاج الناظر المحقق إلى الموازنة بين الظن المستفاد من عدم الذكر في

المخالفة، وبين الظن المستفاد من كون الصيغة للوجوب. قال الشيخ تقي الدين (5): والثاني عندنا أرجح.

ثالثها: إذا تقرر أن عدم الذكر في الحديث يدل على عدم الوجوب، فقد استدلوا بهذا الحديث على مسائل من حيث إنها غير مذكورة فيه.

= بطريق أن يقال: لو كان لذُكِر، أو بأن الأصل عدمه، وهذه المقدمة أضعف من دلالة الأمر على الوجوب. اهـ.

(1)

في ن ب زيادة.

(2)

في ن ب زيادة (غير عدم الذكر في الرواية وعدم الذكر في نفس الأمر).

(3)

في ن ب د ساقطة.

(4)

نقل هذا الموضع من إحكام الأحكام في الهامش.

(5)

إحكام الأحكام (2/ 366).

ص: 168

الأولى: إنّ الإِقامة غير واجبة.

وقال بعض العلماء: بوجوبها لما ورد في بعض [طرق](1) الحديث الأمر بها.

فمن استدل بعدم الذكر في الحديث على عدم الوجوب [يحتاج إلى عدم رجحان الدليل الدال على وجوبها عند الخصم، فإن صح الأمر بالوجوب فقد عدم أحد الشرطين، وإن لم يصح فقد تم الدليل على عدم الوجوب](2) وإلَّا فيتعارض عدم الذكر والأمر بها لو صح، فينتفي الوجوب ويبقى الندب (3).

قلت: هذا الأمر قد أخرجه أبو داود في سننه (4) بإسناد لم يضعفه.

الثانية: إنّ دعاء الاستفتاح غير واجب، لأنه لم يذكر فيه، ومن نقل من المتأخرين -من غير المنسوبين إلى مذهب الشافعي- أنه قال بوجوبه فقد غلط ووهم (5).

الثالثة: التعوذ، رفع اليدين في تكبيرة الإِحرام، ووضع اليد

(1) من رواية علي بن يحيى بن خلاد بعكس ما ذكر.

(2)

زيادة من ن ب د.

(3)

ساقه بمعناه من إحكام الأحكام (2/ 366).

(4)

انظر ت (3) ص (163)، وقد أخرج الأمر بالإِقامة أبو داود والترمذي والنسائي.

(5)

في إحكام الأحكام (2/ 367) تحديد القائل: وهو القاضي عياض رحمه الله.

ص: 169

اليمنى على اليسرى، وتكبيرات الانتقالات، وتسبيحات الركوع والسجود، وهيآت الجلوس، ووضع اليد اليمنى على الفخذ، وغير

ذلك مما لم يذكر في الحديث ليس بواجب، إلَّا ما ذكرناه من [المجمع](1) عليه والمختلف فيه.

الرابعة والخامسة (2): استدل بعض المالكية على عدم وجوب التشهد بما ذكرنا من عدم الذكر.

واستدل به الحنفية على عدم وجوب السلام، لكن الدليل على راجح وجوبه أقوى، وكذلك دليل إيجاب التشهد [هو](3) الأمر به، وهو راجح، وقد تقع المناظرة بين الرجحانين بأن دلالة اللفظ على الشيء لا تنفي معارضة المانع الراجح، لكونها أمر يرجع إلى اللفظ، أو إلى أمر لو جرد النظر إليه -وذلك يمهد عذر أحد الرجحانين- ويثبت الحكم ولا ينفي وجود المعارض، أما لو استدل بلفظ يحتمل أمرين على السواء، لكانت الدلالة منتفية، وقد يطلق الدليل على الدليل التام الذي يجب العمل به، وذلك يقتضي عدم وجوب المعارض الراجح، لكن الأولى أن يستعمل في دلالة ألفاظ الكتاب والسنة الطريق الأول، ومن ادعى المعارض فعليه البيان.

السادسة (4): فيه دليل على وجوب التكبير بعينه لنصه عليه

(1) في ن ب (الجمع).

(2)

انظر: إحكام الأحكام (2/ 367، 369).

(3)

زيادة من إحكام الأحكام (2/ 368).

(4)

هذه المسألة ساقها من إحكام الأحكام (2/ 370، 372).

ص: 170

بقوله: "فكبر"، والمخالف وهو أبو حنيفة يقول: المراد منه التعظيم وبأي لفظ أتى به [حصل](1). [وغيره](2) قصر التعظيم بلفظ التكبير، ولم يعده إلى غيره نظرًا إلى التعبد به والاحتياط فيه [والاتساع](3) بخصوص التعظيم به، وهو الله أكبر.

واعلم: أن رتب الأذكار مختلفة، فلا يتأدى بذكر ما يتأدى بآخر، ولا تعارض يكون المعنى مفهومًا، فقد يكون التعبد واقعًا في التفصيل، كما يفهم من الركوع بالخضوع، ولو أقام مقامه خضوعًا آخر لم يكتف به، فكذلك لفظ التكبير، ويتأيد باستمرار عمل الأمة على الدخول في الصلاة و [هو] (4):"الله أكبر"[ومما](5) اشتهر في الأصول بأن كل علة مستنبطة تعود على النص بالإِبطال أو التخصيص فهي باطلة، وعلى هذا يخرّج حكم المسألة، فأنه إذا استنبط من النص أن مطلق التعظيم هو المقصود، بطل خصوص التكبير، فيخرج عن القاعدة.

السابعة: فيه وجوب القراءة في الصلاة في الركعات كلها، وهو مذهب الشافعي والجمهور [و](6) لكن ظاهر هذا الحديث من هذا الطريق أن الفاتحة غير متعينة. والفقهاء الأربعة عينوها

(1) في ن ب ساقطة.

(2)

زيادة من ن ب د.

(3)

في ن ب (الاتساع)، ون د (الاتباع).

(4)

زيادة من ن د.

(5)

في ن ب د (وما).

(6)

في ن ب د ساقطة.

ص: 171

للوجوب، إلَّا [أن](1) أبا حنيفة منهم جعلها واجبة، وليست بفرض، على أصله في الفرق بين الواجب والفرض (2).

وحكى القاضي (3) عن علي بن أبي طالب وربيعة ومحمد بن أبي صفرة، وأصحاب مالك: أنه لا تجب قراءة أصلًا، وهي شاذة

عن مالك.

وفي مذهب مالك في قراءة الفاتحة في كل ركعة ثلاثة أقوال:

أحدها: كمذهب الجمهور تجب في كل ركعة.

والثاني: في الأكثر.

والثالث: تجب في ركعة واحدة.

وقال الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة: لا تجب القراءة [

] (4) في الركعتين الأخيرتين، بل هو بالخيار، إن شاء قرأ، وإن شاء سبح، وإن شاء سكت.

والصحيح الذي عليه [جمهور العلماء](5) من السلف والخلف: [وجوب](6) الفاتحة في كل ركعة، لقوله عليه السلام

(1) زيادة من ن ب د.

(2)

سبق أن ذكرت بيان الفرق. وانه لفظي ساق هذه المسألة من إحكام الأحكام. انظر: حاشية الصنعاني (2/ 373).

(3)

ذكره في إكمال إكمال المعلم (2/ 149).

(4)

في الأصل زيادة (إلَّا)، وساقطة من ن ب د.

(5)

في ن ب (الجمهور من العلماء).

(6)

زيادة من ن ب د.

ص: 172

[للأعرابي: "ثم افعل ذلك في صلاتك كلها" مع قوله عليه السلام:](1)"لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب". رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما (2) من رواية أبي هريرة وهو مبين أن المراد من قوله عليه السلام: "لا صلاة إلَّا بفاتحة الكتاب"(3) عدم الإِجزاء لا نفي الكمال.

والجواب: عن الرواية في هذا الحديث: أن المراد منه اقرؤوا ما تيسر ما زاد على الفاتحة بعدها، جمعًا بينه وبين دلائل إيجابها، وتؤيده الأحاديث الحسنة التي رواها أبو داود في سننه مرفوعة:"ثم اقرأ بفاتحة الكتاب، وما تيسر من القرآن"، وفي رواية:"وما شاء الله"، وروى ابن حبان في صحيحه (4) عن أبي سعيد الخدري:"أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر في الصلوات".

(1) في ن ب ساقطة.

(2)

ابن خزيمة (490)، وابن حبان (1789)، والطحاوي في معاني الآثار (1/ 216)، وفي المشكل (2/ 23)، وأحمد (2/ 478)، وأبو عوانة (2/ 127).

(3)

مسلم (394)، والبخاري (756)، وأبو داود (822)، والنسائي (2/ 137)، وابن ماجه (837).

(4)

أحمد (3/ 3، 97)، وأبو داود (818) في الصلاة، باب: من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب، وابن حبان (1790)، قال الحافظ (2/ 243) في الفتح: بعد أن أورده عن أبي داود، وسنده قوي، ولفظة:"في الصلوات" غير موجودة في ابن حبان، وفي مسند أحمد.

ص: 173

قلت: وأعلا من هذا [كله](1) وأعلا أن أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه (2) رويا [من](3) حديث رفاعة بن رافع الزرقي قال: جاء رجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فصلى قريبًا من النبي صلى الله عليه وسلم، ثم انصرف إليه، فسلم عليه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أعد صلاتك، فإنّك لم تصل. إلى أن قال: يا رسول الله كيف أصنع فقال: "إذا استقبلت القبلة، فكبر، ثم اقرأ بأمِّ القرآن" إلى أن قال: "ثم اصنع ذلك في كل ركعة".

ترجم عليه ابن حبان في صحيحه (4) ذكر البيان بأن فرض المصلي في صلاته قراءة فاتحة الكتاب في كل ركعة من صلاته لا أن

قراءته إياها في ركعة واحدة تجزئه عن باقي صلاته.

قلت: فاستفد هذا فإنه مهم جدًّا، ويبين أن المراد بما تيسر: الفاتحة. أما رواية الزائد عليها فقد قال به جماعة من التابعين وغيرهم، ونقله الشيخ تقي الدين (5) عن الأكثرين وحملوا الحديث على من عجز عن الفاتحة، وكذا حديث أبي هريرة:"اقرأ بها في نفسك" أن المراد [اقرأها](6) سرًّا بحيث تسمع نفسك لا تدبر ذلك، وتذكره كما حمله بعض المالكية، لأن القراءة لا تطلق إلَّا على حركة

(1) في الأصل ساقطة.

(2)

سبق تخريجه في ت (3) ص (162).

(3)

زيادة من ن ب د.

(4)

ابن حبان (5/ 88).

(5)

إحكام الأحكام (2/ 374، 375).

(6)

في ن ب د (اقرأ).

ص: 174

اللسان بحيث يسمع نفسه، ولهذا اتفق العلماء على أن الجنب لو تدبر القرآن بقلبه من غير حركة بلسانه لا يكون قارئًا مرتكبًا لقراءة الجنب المحرمة، وكذلك لو أمرّه الجنب على قلبه من غير لفظ جاز، مع أنه يقال: قرأت بقلبي. فدل على أن مراد أبي هريرة ما ذكرنا، ويدل له فعل النبي صلى الله عليه وسلم في قراءته وأصحابه ثم مذهب الشافعي ومن وافقه: أنها واجبة على الإِمام والمأموم والمنفرد عملًا بحديث أبي هريرة: "اقرأ بها في نفسك"، ثم إنه لا يصح أن يكون المراد بقوله:"اقرأ ما تيسر معك" الاحتمال الذي يريده الأصوليون، فإن المجمل ما لم يتضح المراد منه، وهذا متضح المراد، إذ يقع امتثاله [بفعل](1) كل ما يتيسر حتى لو لم ترد أحاديث تعيين الفاتحة لاكتفينا في الامتثال [بكل ما](2) تيسر، وإن أريد بالمجمل الذي لا يتعين فرد من إفراده، فهذا لا يمنع الاكتفاء بكل فرد ينطلق عليه الاسم:[لا صلاة إلَّا بفاتحة الكتاب. مطلق وهو مقيد بقيد المتيسر الذي يقتضي التخيير في قراءة كل فرد من أفراد المتيسرات، فليس المطلق مطلقًا هنا من فرد من أفراد المتيسرات](3)، [فليس المطلق مطلقًا هنا] (4) من كل وجه [والتقييد] (5) المخصوص يقابل التعيين ونظير المطلق الذي لا ينافي التعيين أن يقول: اقرأ قرآنًا، ثم يقول:

(1) في ن ب ساقطة.

(2)

في ن ب (بما).

(3)

في ن د ساقطة.

(4)

هذه الجملة لعلها زائدة فليس لها معنى هنا.

(5)

في ن ب د (والقيد).

ص: 175

اقرأ الفاتحة. فإنه يحمل المطلق على المقيد حينئذ، ويوضح ذلك بمثال وهو أنه لو قال لعبده: اشتر لي لحمًا ولا تشتر لحم الضأن. لم يتعارض [فلو](1) قال: اشتر أي لحم شئت ولا تشتر لحم الضأن في وقت واحد لتعارض، وأما التخصيص فأبعد لأن سياق الكلام يقتضي تيسير الأمر عليه، وإنما يقرب هذا إذا جعلت "ما" بمعنى "الذي" وأريد بها شيء معين وهو الفاتحة لكثرة حفظ

المصلين لها فهي المتيسرة.

الثامنة: فيه إيجاب (2) الركوع والطمأنينة فيه. وقد يتخيل من لا يعتقد وجوبها بأن الغاية: هل تدخل في المغي أم لا؟ فيه مذاهب خمسة أسلفتها في الحديث العاشر من كتاب الطهارة، فمن فرق بين أن يكون من جنس المغيا وصف الركوع بوصف ووصف الطمأنينة [معه](3) بوصف، حتى لو فرضنا أنه ركع ولم يطمئن ارتفع مسمى الركوع، ولم يصدق عليه أنه [جعل](4) مطلق الركوع مغيا للطمأنينة.

وادعى بعض المتأخرين: أن الطمأنينة لا تجب، وهو قول ابن القاسم. من حيث إن الأعرابي صلى غير مطمئن ثلاث مرات، والعبادة بدونها فاسدة، ولو كانت فاسدة لكان فعل الأعرابي فاسدًا،

(1) في ن ب د (ولو).

(2)

في الأصل كلمة، كأنها رسم الفاتحة.

(3)

في ن ب ساقطة.

(4)

في الأصل (فعل)، وما أثبت من ن ب د.

ص: 176

ولو كان كذلك لم يقره الشارع عليه في حال فعله. وإذا تقرر بهذه الدعوى عدم الوجوب حمل الأمر في الطمأنينة على الندب، وفي قوله:"فإنك لم تصلِّ" على عدم الكمال وهذا التحيل والدعوى: فاسدان مخالفان لمدلول اللفظ ومفهوم الشريعة (1).

التاسعة: فيه وجوب الرفع من الركوع والاعتدال [منه](2)، خلافًا لمن نفى وجوب الرفع من الركوع والاعتدال فيه.

ومذهب الشافعي وجوبها.

وفي مذهب مالك خلاف استدل من قال بعدم الوجوب: أن المقصود من الرفع الفصل، وهو يحصل بدون الاعتدال: وهو ضعيف، فإن الفصل مقصود، وصيغة الأمر دلت عليه [فلا](3) يجوز تركه.

وعند الشافعية خلاف أيضًا في الاعتدال والجلوس بين السجدتين: هل كل منهما مقصود أم لا؟!، وقد أوضحت ذلك في (شرح المنهاج)، وقريب من هذا الاستدلال في الضعف عن قال في عدم وجوب الطمأنينة: بأن الله -تعالى- قال: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} فلم يأمر -سبحانه- بما زاد على ما يسمى ركوعًا وسجودًا [وهو واه جدًّا، ولا شك أن المكلف يخرج [من عهدة](4)

(1) ساقه بمعناه من إحكام الأحكام (2/ 379).

(2)

في ن ب د (فيه).

(3)

في ن ب (ولا).

(4)

في ن د (عن عمدة).

ص: 177

الأمر بما يسمى ركوعًا وسجودًا] (1) لكن [لا](2) يخرج عن عهدة الأمر الآخر وهو الطمأنينة إلَّا بفعلها، وبه يحصل امتثاله، كما يحصل امتثال الأمر في الركوع والسجود بفعل مسماهما (3).

العاشرة: فيه وجوب السجود والطمأنينة فيه، والكلام فيه: كالكلام في الركوع والرفع منه كما مر.

الحادية عشرة: فيه وجوب الجلوس بين السجدتين والطمأنينة فيه كما مر، وهو صريح الرواية التي سنذكرها قريبًا.

الثانية عشرة: فيه وجوب ذلك في كل ركعة كما ذكرناه.

الثالثة عشرة: فيه الرفق بالمتعلم والجاهل في التعلم وملاطفته وإيضاح المسألة له، وتلخيص المقاصد والاقتصار على المهم، دون المكملات التي [لا](4) يحتمل حاله حفظها والقيام بها.

قال القاضي عياض (5): وفيه دلالة على أن فعل الجاهل بغير علم في العبادات لا يتقرب بها إلى الله -تعالى-، ولا تجزئ لقوله:"فإنك لم تصل".

الرابعة عشرة: فيه استدراجه بفعل ما جهله مرات، لعله أن يكون فعله ناسيًا أو غافلًا فيتذكره فيفعله من غير تعليم وأمر،

(1) زيادة من ن ب د.

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

ساقه بمعناه من إحكام الأحكام (2/ 380).

(4)

في الأصل ساقطة، وما أثبت من ن ب د.

(5)

ذكر في إكمال إكمال المعلم (2/ 153).

ص: 178

وليس ذلك من باب التقرير على الخطأ [بل](1) من باب تحقيق الخطأ، وفعله عن جهل لا عن غفلة ونسيان.

الخامسة عشرة: فيه استحباب السلام وتكراره على قرب المتلاقيين: [وأنه لا يشترط في تكراره التفرق خلاف ما أشعَر به حديث أبي هريرة في أبي داود (2): " [إذا](3) لقيَ أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر، ثم لقيه فليسلم عليه"] (4).

وفيه أيضًا: وجوب الرد عليه في كل مرة، وهذا وإن لم يكن له ذكر في هذا الحديث، لكنه مذكور فيه في بعض طرقه في الصحيح.

وفيه (5) أن صيغة الرد: "وعليكم السلام" أو "وعليك السلام" بالواو ونظير تكرار الرد تكرار تحية المسجد (6) بالدخول على قرب وحكاية قول المؤذن وسجود التلاوة والإِحرام لدخول [مكة](7) والوضوء لمس المصحف وقصد الأعرابي بتكرار سلامه تكرار الرد

(1) زيادة من ن ب د.

(2)

أبو داود (5036)، باب: الرجل يفارق الرجل ثم يلقاه أيسلم عليه؟ والمنذرى (8/ 71).

(3)

في ن ب ساقطة.

(4)

في الأصل ساقطة، وما أثبت زيادة من ن ب د.

(5)

في ن ب زيادة واو.

(6)

انظر التعليق (5) ص (338) من الحديث الأول في باب جامع.

(7)

في ن ب ساقطة.

ص: 179

استكثارًا لدعائه عليه السلام كما في قصة سعد لما زارهم عليه السلام كما أخرجه أبو داود (1)[والنسائي](2).

السادسة عشرة: فيه أن من أخل ببعض واجباب الصلاة: لا تصح صلاته، ولا يسمى مصليًا، بل يقال: لم يصل.

فإن قلت: كيف تركه الشارع يصلي مرارًا صلاة فاسدة؟.

[فجوابه: أنه عليه السلام لم يعلم من حاله أنه يأت بها في المرة الثانية والثالثة فاسدة](3) بل كان محتملًا عنده أنه يأتي بها صحيحة، وفعل الرجل الداخل في المرة الأولى إياها على وجه الغفلة والنسيان، وتضمن أمره عليه السلام بالرجوع والصلاة وبيان أنه لم يصل مجملًا من غير تفصيل.

فائدة زائدة: وهي إقامة عذره بالغفلة والنسيان تجويزًا لذلك، إعلامًا أنه فعله جهلًا وعنادًا مع أن ذلك أبلغ في التعليم والتعريف والأدب، وأخذ ما يجهل بقوله له ولغيره كما أمرهم بالإِحرام بالحج ثم بفسخه إلى العمرة، ليكون أبلغ في تقرير ذلك عندهم.

السابعة عشرة: فيه أنه ينبغي للجاهل أن يسأل التعليم من العلماء، والاعتراف بعدم العلم، وأن يقربه ويقسم.

الثامنة عشرة: فيه وجوب النظر إلى صلاة الجاهل فيها،

(1) أبو داود (5023)، (8/ 61)، باب: كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان.

(2)

زيادة من ن ب د.

(3)

في ن ب ساقطة.

ص: 180

وتعريفه الصواب وما جهله، وأن ذلك [ليس](1) من باب التجسس ولا الدخول فيما لا يعني.

التاسعة عشرة: فيه جواز صلاة الفرض منفردًا إذا أتى أي: بفرائضها وشروطها.

العشرون: فيه وجوب القيام للصلاة قبل الدخول فيها على القادر لقوله: "إذا قمت إلى الصلاة فكبر".

الحادي والعشرون: روى البخاري في [صحيحه](2) في هذا الحديث: الجلسة بعد السجدة (3) الثانية، ولم يقل أحد بوجوبها، بل اختلفوا في استحبابها، وهذه الرواية ذكرها في كتاب الاستئذان (4) في باب من رد فقال: عليكم السلام، فقد يقال ذكرها فيه أنه يبين له الأكمل من حال الصلاة لا الأقل.

[الثانية](5) والعشرون: روى النسائي هذا الحديث من رواية رفاعة بن رافع بزيادات وفيها زيادة: "فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك، وإن انتقصت منها شيئًا انتقص من صلاتك، ولم تذهب كلها"(6). قال ابن عبد البر: وهو حديث ثابت، وفي هذه الزيادة

(1) زيادة من ن ب د.

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

نهاية الجزء الأول من ن ب.

(4)

البخاري، الفتح (6251). انظر: ت (3) ص (163).

(5)

في ن ب (الثاني).

(6)

انظر: ت (1)(161). وانظر: الدراية في تخريج الهداية (1/ 143).

ص: 181

ما مر في المسألة قبلها من الأشكال، وفي حديث رفاعة هذا ما هو غير واجب أيضًا.

[الثالثة](1) والعشرون: فيه أن المفتي إذا سئل عن شىء وكان هناك شيء آخر يحتاج إليه السائل ولم يسأله عنه: يستحب له أن يذكره له، ويكون هذا من النصيحة، لأن في الحديث من رواية رفاعة أنه علمه الوضوء والاستقبال.

(1) في ن ب (الثالث).

ص: 182