الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم (1)
حسبنا الله ونعم الوكيل،
ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدًا
17 - باب وجوب القراءة في الصلاة
ذكر فيه، رحمه الله، ستة أحاديث:
الحديث الأول
99/ 1/ 17 - عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة لمن لا يقرأ بفاتحة الكتاب"(2).
(1) بداية الجزء الثاني من الأصل.
(2)
البخاري أطرافه (756) في الآذان، ومسلم (394)، ومصنف ابن أبي شيبة (1/ 360)، والشافعي في مسنده (1/ 75)، والحميدي (386)، وأبو داود (822) في الصلاة، باب: من ترك القراءة: في صلاته، والنسائي (2/ 37) في الافتتاح، وابن ماجه (837)، والدارقطني (1/ 321)، وأبو عوانة (2/ 124)، والبيهقي في السنن (2/ 38، 164)، والبغوي في شرح السنة (576)، وصححه ابن خزيمة (488)، وأحمد في المسند (5/ 321)، وابن حبان برقم (1782).
الكلام عليه من سبعة أوجه:
الأول: في التعريف براويه، هو أبو الوليد: عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن قيس بن ثعلب بن غنم بن (مالك بن سالم)(1) بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج الأنصاري الخزرجي السالمي، أخو أوس بن الصامت، أمه قُرَّة العَين بنت عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان وهو أحد النقباء الاثني عشر ليلة العقبة، ومن [القواقل] (2) وإنما سموا [قوقل] (3) لأنهم كانوا في الجاهلية إذا نزل بهم الضيف قالوا:[قوقل](4) حيث شئت. يريدون: اذهب حيث شئت، وقدر ما شئتَ، فإن لك الأمان، لأنك في ذمتي (5)، قاله ابن حبان. شهد العقبتين الأولى والثانية وبدرًا والمشاهد كلها [وآخا](6) رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي مرثد الغنوي، له مائة حديث وثمانون حديثًا اتفقا منها على ستة، وانفرد البخاري بحديثين ومسلم بأخرين، قال محمد بن كعب القرظي: جمع القرآن [في](7) زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة من
(1) في كتاب الثقات لابن حبان ساقطة (2/ 302) مكرر.
(2)
في ن ب (القوافل).
(3)
في ن ب (قوفل)، من هنا إلى نهاية محمد بن عبادة الواسطي شيخ البخاري مكرر في نهاية الجزء الأول وبداية الجزء الثاني من الأصل.
(4)
في ن ب (قوفل).
(5)
النص في كتاب الثقات لابن حبان (3/ 302).
(6)
في الأصل (فاخا)، والتصحيح من ن ب.
(7)
في ن ب ساقطة.
الأنصار: معاذ، [وعبادة](1)، وأُبي، وأبو أيوب، وأبو الدرداء (وَجَّهَهُ عمر)(2) إلى الشام قاضيًا ومعلمًا، فأقام بحمص، ثم انتقل إلى فلسطين، وهو أول من ولي القضاء بها، روى عنه جماعة من الصحابة، منهم: أنس بن مالك، وجابر، وروى عنه أيضًا بنوه: الوليد، وعبد الله، وداود بنو عبادة، وجماعة من التابعين وغيرهم. مات سنة أربع وثلاثين عن اثنين وسبعين سنة، وقيل خمس وأربعين، ودفن ببيت المقدس، وهو مشهور بها قريب من باب الرحمة يزار (3)، قال ابن حبان: مات بالرملة، ودفن ببيت المقدس،
وقال ابن طاهر: المشهور أنه مات [بقبرص](4) بالشام.
فائدة: "عبادة" -بضم العين يشتبه- بعبادة بفتحها وتخفيف الباء- وهم جماعة منهم محمد بن عبادة الواسطي شيخ البخاري (5).
(1) في الأصل بياض، والتصحيح من ن ب، وفي ن د تقديم بينه وبين أبي.
(2)
زيادة من ن ب د، وانظر: سير أعلام النبلاء (2/ 6).
(3)
لعل قصد المؤلف -رحمنا الله وإياه- الزيارة الشرعية، أما ما كان فيه سفر وتبرّك فهو بدعة وربما يصل إلى درجة الشرك إذا كان يطلب ويرجى منه النفع ودفع الضر.
(4)
في ن ب (بفترس).
(5)
إلى هنا نهاية المكرر من الجزء الأول والثاني في نسخة الأصل.
وبعده كتب: ثم الثلث الأول من الإِعلام بشرح عمدة الأحكام للحافظ الجهبذ المنفرد على رأس المائة الثامنة بكثرة التصانيف السراج عمر ابن الملقن رحمه الله تعالى رحمةً واسعةً يتلوه في أول الثلث الثاني، باب وجوب القراءة في الصلاة، وهو مكرر مع هذه الحصة التي في هذا =
ثانيها: فاتحة الكتاب سميت بذلك، لأنه افتتح بها القرآن ولها أسماء أخر.
أحدها: أم القرآن.
ثانيها: أم الكتاب: لأن أصل القرآن منها بدىء، وأم الشيء أصله، ومنه سميت مكة أم القرى، لأنها أصل البلاد، ودحيت الأرض من تحتها.
وقيل: لأنها مقدمة، وإمام لما يتلوها من السور وبُدىء بكتابتها في المصحف ويقرأ بها في الصلاة.
ثالثها: السبع المثاني: لأنها سبع آيات باتفاق العلماء، وسميت مثاني لأنها تثنى في الصلاة، وتقرأ في كل ركعة.
وقال مجاهد: سميت مثاني لأن الله استثناها لهذه الأمة، وادخرها لهم، وقد امتن الله -تعالى- على رسوله صلى الله عليه وسلم بها فقال:{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)} (1) والمراد بها فاتحة الكتاب.
رابعها: سورة الحمد.
خامسها: الصلاة.
سادسها: الوافية [بالفاء](2)، لأن تبعيضها لا يجوز.
= المجلد من هذا الباب ليثق الواقف من أهل العلم على هذين المجلدين بصحة القيد وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(1)
سورة الحجر: آية 87.
(2)
زيادة من ن د.
سابعها: الكافية.
ثامنها: الشفاء.
تاسعها: الأساس.
عاشرها: الكبر.
الحادي عشر: الشافية (1) وقد أوضحتها في (مختصري لتفسير القرطبي) فراجعها منه. ومنع بعضهم تسميتها: بأم الكتاب، زعمًا بأن هذا اسم اللوح المحفوظ، فلا يسمى به غيره، وهو غلط، فقد ثبت في صحيح مسلم (2)، عن أبي هريرة قال:"من قرأ بأم الكتاب أجزأت عنه"، وفي سنن أبي داود (3) عنه مرفوعًا أيضًا:"الحمد لله رب العالمين أم القرآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني".
الوجه الثالث: قوله: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"، فيه دليل (4) على وجوب قراءتها في الصلاة، ووجه الاستدلال ظاهر، واعتقد بعض علماء الأصول: الإِجمال في مثل هذا اللفظ لدورانه بين نفي الحقيقة والكمال، وأما نفي الحقيقة فلا سبيل إليه للزومه نفي كل إضمار محتمل، وهو منتفٍ لأن الإِضمار إنما احتيج إليه للضرورة، وهي تندفع بإضمار فرد فلا يحتاج إلى إضمار أكثر منه، وإضمار الكل يتنافض، فإن إضمار الكمال يقتضي إثبات أصل
(1) انظر: الفتوحات الإِلهية تفسير الجمل (4/ 613).
(2)
مسلم (396).
(3)
أبو داود رقم (1457). انظر تخريجه في الحديث الثاني في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم التعليقة (2) و (4) ص (36).
(4)
ساقه بمعناه في إحكام الأحكام (2/ 386، 388).
الصحة، ونفيه يعارض الأصل، وليس واحد منهما بأولى من الآخر، فيتعين الإِجمال، وهذا إنما يتم إذا حمل [لفظ](1) الصلاة والصيام وغيرهما على غير عرف الشرع، أما إذا حمل على عرف الشرع فيكون منتفيًا حقيقة، ولا يحتاج إلى الإِضمار المؤدي إلى الإِجمال، فإن ألفاظ الشارع محمولة على عرفه في الغالب لأنه المحتاج إليه، فإنه بعث لبيان الشرعيات لا لبيان موضوعات الألفاظ في اللغة، ثم إن الصلاة اسم لمجموع الصلاة التي تحريمها التكبير وتحليلها التسليم، حقيقة لا كل ركعة، لقوله عليه الصلاة والسلام:"خمس صلوات كتبهن الله على العباد في اليوم والليلة"، فلو كان كل ركعة تسمى صلاة لقال: سبع عشرة صلاة.
الوجه الرابع: قد يستدل بالحديث من يرى وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، بناءًا [على أن [كل](2) ركعة تسمى صلاة، وقد بينَّا عدمه (3).
الخامس، قد يستدل به من يرى وجوبها في ركعة] (4) واحدة بناءًا على أنه يقتضي حصول اسم الصلاة عند قراءة الفاتحة، فإذا حصل مسمى قراءتها وجب أن تحصل الصلاة، والمسمى يحصل بقراءتها مرة واحدة، فوجب القول بحصول مسمى الصلاة، بدليل أن
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
في ن د ساقطة.
(3)
ساقه بمعناه من إحكام الأحكام (2/ 389).
(4)
في ن ب ساقطة.
إطلاق اسم الكل يطلق على الجزء، [لكن](1) بطريق المجاز لا الحقيقة.
والجواب عن هذا: أنه دلالة مفهوم على صحة الصلاة بقراءة الفاتحة في ركعة، فإذا دل المنطوق على وجوبها في كل ركعة كان مقدمًا عليه (2).
السادس: قد يستدل به من يرى وجوبها على العموم؛ لأن صلاة المأموم: صلاة. فتنتفي عند انتفاء قراءتها، فإن وجد دليل يقتضي تخصيصه من هذا العموم قدم، وإلَاّ فالأصل العمل به (3).
قلت: بل صح ما يدل على عمومه، وهو أنه عليه الصلاة والسلام ثقلت عليه القراءة في صلاة الفجر، فلما فرغ قال:"لعلكم تقرؤون خلف إمامكم، قلنا: نعم هذا يا رسول الله!، قال: "لا تفعلوا إلَّا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها" (4)،
(1) زيادة من ن د.
(2)
ساقه بمعناه من إحكام الأحكام (2/ 389).
(3)
ساقه بمعناه من المرجع السابق.
(4)
ابن حبان (1785)، والدارقطني (1/ 318)، والحاكم في المستدرك (1/ 238)، وأبو داود في الصلاة (823)، والبيهقي في "كتاب القراءة خلف الإِمام"، وفي السنن (2/ 164)، وفي شرح السنة للبغوي (606)، والحديث حسنه الترمذي (311)، والدارقطني، وأخرجه البخاري في جزء القراءة (18، 63)، قال ابن حجر في الفتح (2/ 242): وقد ثبت الإِذن بقراءة المأموم الفاتحة في الجهرية بغير قيد، وذلك فيما أخرجه البخاري في جزء القراءة والترمذي وابن حبان وساق الحديث إلى أن =
حديث حسن، كما قاله الترمذي، وصحيح كما قاله ابن حبان، وما عارض هذا فضعيف [أو](1) مؤول.
وفي مذهب الشافعي في وجوب قراءتها على المأموم تفصيل، إن كانت سرية وجبت على المشهور، وادعى ابن الرفعة في الكفاية أنها تجب قطعًا، وتبعه بعض شراح هذا الكتاب عليه والخلاف في الرافعي.
وإن كانت جهرية وجبت أيضًا على أصح القولين.
وقال الشيخ تاج الدين الفاكهي المالكي: إن قرأ المأموم خلف إمامه حال الجهر فبئس ما صنع، ولا تبطل صلاته. ورأى قوم بطلان صلاته، وقد روي ذلك عن الشافعي، وما نقله عن الشافعي غريب، وقوله: بئس ما صنع: عجيب.
السابع: قد يستدل به على عدم وجوب ما زاد على الفاتحة. ورُوي [عن عمر](2)[و](3) عثمان بن أبي العاص:
= قال: والظاهر أن حديث الباب وهو حديث عبادة، انظر ت (2)(ص 185)، مختصر من هذا وكان هذا سببه، والله أعلم. وله شاهد من حديث أبي قتادة عند أبي داود والنسائي، ومن حديث أنس عند ابن حبان برقم (1835). قال الدارقطني:"إسناده حسن ورجاله ثقات"، وقال الخطابي:"إسناده جيد لا يطعن فيه"، وقال البيهقي:"صحيح". وانظر: نتائج الأفكار (1/ 432، 434).
(1)
في ن ب ساقطة.
(2)
زيادة من ن ب.
(3)
زيادة يقتضيها السياق.
وجوب ثلاث آيات (1).
وعند المالكية حكايته قولين:
الأول: أنه سنة.
والثاني: فضيلة. قال صاحب (البيان والتقريب): ومنشأ الخلاف النظر إلى تأكد الأمر، وعدم تأكده، وهذا في الفرائض، أما السنن والتطوعات فما عدا الفاتحة فيها سنة ما عدا ركعتي الفجر، فالمشهور عندهم الاقتصار فيها على الفاتحة.
(1) قال ابن حجر رحمه الله في الفتح (2/ 252): وفيه استجاب السورة أو الآيات مع الفاتحة، وهو قول الجمهور في الصحيح، والجمعة والأوليين من غيرهما، وصح إيجاب ذلك عن بعض الصحابة كما تقدم وهو قول عثمان بن أبي العاص. اهـ. أقول: وهو مروي عن عمر بن الخطاب حيث قال: لا تجزئ صلاة إلَّا بفاتحة الكتاب وشيء معها: وآيتين معها، فإن كنت خلف إمام فاقرأ في نفسك. وجاء عن عمران بن حصين أيضًا لا تتم صلاة إلَّا بفاتحة الكتاب، وثلاث آيات فصاعدًا. انظر: المحلى (3/ 312)، والمجموع (3/ 381، 385)، والمغني (1/ 485).