الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجل - قَالَ عبد الرَّزَّاق: وَهُوَ عَمرو بن برق - عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؛ فَذكره بِزِيَادَة: «وَإِن كَانَ وَالِده أَو وَلَده؛ فَإِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَضَى لَيْسَ لقَاتل مِيرَاث» .
و «عَمرو» هَذَا هُوَ ابْن عبد الله الصَّنْعَانِيّ أَبُو الأسوار، وَيُقَال: عَمرو بنُ برق. قَالَ ابْن (معِين) : لَيْسَ بالقويّ.
الحَدِيث الرَّابِع بعد الْعشْرين
عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْقَاتِل لَا يَرث» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي «سنَنه» وَالتِّرْمِذِيّ فِي «جَامعه» ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث لَا يَصح، وَلَا يُعرف هَذَا إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْه، وَإِسْحَاق بن عبد الله بن أبي فَرْوَة - يَعْنِي الْمَذْكُور فِي إِسْنَاده - قد تَركه بعض أهل الْعلم، مِنْهُم أَحْمد بن حَنْبَل.
قلت: بل تَرَكُوهُ كَمَا قَالَ البُخَارِيّ، قَالَ يَحْيَى بن معِين: رِجَاله كلهم ثِقَات إِلَّا إِسْحَاق. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: إِسْحَاق لَا يُحْتج بِهِ، إِلَّا أَن لَهُ شَوَاهِد تقويه.
وَرَوَى التِّرْمِذِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى الزُّهْرِيّ: أَنه سمع إِسْحَاق بن أبي فَرْوَة
يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؛ فَقَالَ الزُّهْرِيّ: إِنَّه ثَنَا ابْنُ أَبَى فَرْوَة بِأَحَادِيث لَيْسَ لَهَا خِطَم وَلَا أزمة.
هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب بِحَمْد الله وَمِنْه.
وَأما آثاره فكثيرة:
أَولهَا: عَن عُمر رضي الله عنه أَنه قَالَ: «إِذا تَحَدَّثْتُم (فتحدِّثوا) فِي الْفَرَائِض، وَإِذا لَهَوْتُم فالهوا بِالرَّمْي» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» ثمَّ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» .
قَالَ الْحَاكِم: هَذَا وَإِن كَانَ مَوْقُوفا فَهُوَ صَحِيح الْإِسْنَاد، قَالَ: وَله شَاهد عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ؛ فَذكره
الْأَثر الثَّانِي: عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنه: «أَنه دخل عَلَى عُثْمَان بن عَفَّان؛ فَقَالَ لَهُ محتجًا عَلَيْهِ: كَيفَ تردُّ الأُمَّ إِلَى السُّدس بالأخوين وليسا بإخوة؟ فَقَالَ عُثْمَان: لَا أَسْتَطِيع ردَّ شيءٍ كَانَ قَبْلي (وَمَضَى) فِي الْبلدَانِ، وتوارث الناسُ (بِهِ) » .
وَهَذَا الْأَثر صَحِيح (رَوَاهُ الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ أَيْضا، وَقَالَ الْحَاكِم: صَحِيح) الْإِسْنَاد.
قلت: وَفِيه شُعْبَة مولَى ابْن عَبَّاس؛ قَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بالقويّ.
الْأَثر الثَّالِث: رُوي عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ: «جاءتٍ الجدَّتان إِلَى أبي بكر رضي الله عنه فَأعْطَى أُمَّ الأُمِّ الْمِيرَاث دون أُمِّ الْأَب، فَقَالَ لَهُ بعض الْأَنْصَار: أعطيتَ الَّتِي لَو مَاتَت لم يَرِثهَا، ومنعتَ الَّتِي لَو ماتتْ ورثهَا، فَجعل أَبُو بكر السُّدس بَينهمَا» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» عَن يَحْيَى بن سعيد، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد أَنه قَالَ:«أَتَت الجدَّتان إِلَى أبي بكر الصّديق، فَأَرَادَ أَن يَجْعَل السُّدس للَّتِي من قبل الأُمِّ، فَقَالَ لَهُ رجل من الْأَنْصَار: أَمَا إِنَّك تتْرك الَّتِي لَو مَاتَت وَهُوَ حَيّ كَانَ إِيَّاهَا يَرث. فَجعل أَبُو بكر السُّدس بَينهمَا» .
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن يَحْيَى بن سعيد، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ:«جاءتِ الجدَّتان إِلَى أبي بكر، فَأعْطَى الميراثَ أُمَّ الأُمِّ دون أُمِّ الْأَب، فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن بن سهل بن حَارِثَة - وَقد كَانَ شهد بَدْرًا، وَقَالَ مرّة: رجل من بني حَارِثَة -: يَا أَبَا بكر (يَا) خليفةَ رسولِ الله: أعطيتَ الَّتِي لَو أَنَّهَا مَاتَت لم يَرِثهَا؛ فَجعله بَينهمَا» .
رَوَاهُ أَيْضا من حَدِيثه عَن يَحْيَى، عَن الْقَاسِم: (أَن جدَّتَيْن أتتا إِلَى أَبَى بكر الصّديق أُمَّ الْأُم وأُمَّ الْأَب، فَأعْطَى الميراثَ أُمَّ الأُمِّ دون أُمِّ
الْأَب، فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن بن سهل أَخُو بنى حَارِثَة: يَا خَليفَة رَسُول الله: قد أعطيتَ الَّتِي لَو أَنَّهَا ماتَت لم يَرِثهَا، فَجعله أَبُو بكر بَينهمَا - يَعْنِي: السُّدس» .
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَقد رُوي هَذَا عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي إسنادٍ مُرْسل. وَهَذَا الْأَثر فِي طريقيه منقطعٌ؛ فَإِن الْقَاسِم لم يدْرك جدَّه؛ لِأَن أَبَاهُ مُحَمَّدًا وُلدَ فى حَجَّة الْوَدَاع، وَكَانَ عُمُرُهُ حِين تُوفِّي الصّديق نَحْو ثَلَاث سِنِين، وَذكر الْغلابِي أَن الْقَاسِم لم يدْرك أَبَاهُ أَيْضا.
الْأَثر الرَّابِع وَالْخَامِس: قَالَ الرافعيُّ: وَفِي أُمِّ (أَب) الْأَب، و (أُمّ) مَنْ فَوْقه من الأجداد وأمهاتهن قَولَانِ للشافعيِّ، وروايتان عَن زيد، أصَحهمَا: أَنَّهُنَّ وارثات.
قلت: رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث أبي الزِّنَاد عَن خَارِجَة بن زيد بن ثَابت، عَن أَبِيه زيد بن ثَابت:«أَنه كَانَ يورِّث ثَلَاث جدَّاتٍ إِذا استوين، ثِنْتَانِ من قبل الْأَب، وَوَاحِدَة مِنْ قبل الْأُم» .
وَرَوَى من حَدِيث قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب، عَن زيد بن ثَابت:«أَنه كَانَ يورِّث ثَلَاث جَدَّاتٍ؛ ثِنْتَيْنِ مِنْ قِبَل الأُمِّ، وَوَاحِدَة مِنْ قِبَل الْأَب» . كَذَا قَالَ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث حميد وَدَاوُد أَن زيد بن ثَابت قَالَ: «ترثُ جدَّاتٍ جدَّتَيْن مِنْ قِبَل الْأَب، وَوَاحِدَة مِنْ قِبَل الأُمِّ» .
وَمن حَدِيث ابْن أبي لَيْلَى عَن الشعبى: «أَن زيد بن ثَابت وعليًّا كَانَا يورثان ثلاثَ جدَّاتٍ. ثِنْتَيْنِ مِنْ قِبَل الْأَب، وَوَاحِدَة من قِبَل الْأُم» .
الْأَثر السَّادِس: وَكَانَ مِنْ حَقه أَن يقدَّم؛ فَإِن الرَّافِعِيّ ذكره قبل، وَهُوَ مُجَمِّعُ آثارًا -:
وَهَذَا مَشْهُور فِي كُتُب الْفَرَائِض، نَقله إِمَام الْحَرَمَيْنِ عَن عُلَمَاء الْفَرَائِض، وَلَا يَحْضُرُني فِي الْكتب الحديثية.
الْأَثر السَّابِع: «مَذْهَب ابْن عَبَّاس فِي زوجٍ وأبوين: أَن لَهَا الثُّلُث كَامِلا» .
هُوَ كَمَا قَالَ؛ فقد أخرجه الْبَيْهَقِيّ عَنهُ فِي «سنَنه» من رِوَايَة عِكْرِمَة قَالَ: «أَرْسلنِي ابْنُ عَبَّاس إِلَى زَيْدِ بْنِ ثابتٍ أسأله عَن زوجٍ وأبوين، فَقَالَ زيدٌ: للزَّوْج النّصْف، وَللْأُمّ ثلث مَا بَقِي، وَللْأَب بَقِيَّة المَال. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: للْأُم الثُّلُث كَامِلا» .
وَفِي رِوَايَة: «وَللْأُمّ ثلث مَا بَقِي وَهُوَ السُّدُس، فَأرْسل إِلَيْهِ ابْن عَبَّاس: أَفِي كتاب الله تَجِد هَذَا؟ قَالَ: لَا وَلَكِن (أكره) أَن أُفَضِّل
أُمًّا عَلَى أَب، قَالَ: وَكَانَ ابْن عَبَّاس يُعْطَى للأُمِّ الثُّلُث من جَمِيع المَال» .
وَفِي رِوَايَة لَهُ: «أبكتابِ الله أَمْ بِرَأْيِك؟ فَقَالَ: برأيي. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: وَأَنا أَقُول برأيي، للأُمِّ الثُّلُث كَامِلا» .
ثمَّ رَوَى الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدِهِ عَن فُضَيْل، عَن إِبْرَاهِيم قَالَ «خَالف ابْنُ عَبَّاس فِيهَا النَّاس» وَفِي رِوَايَة عَن إِبْرَاهِيم خَالف ابْن عَبَّاس جَمِيع أهل (الصَّلَاة) فِي زوج وأبوين» .
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَيجوز أَن يُحْتج فِيهَا بِاتِّفَاق الصَّحَابَة، قبل إِظْهَار ابْن عَبَّاس الْخلاف كَمَا احْتج عُثْمَان فِي الْمَسْأَلَة السَّابِقَة.
أَي: وَهُوَ الْأَثر الثَّانِي.
الْأَثر الثَّامِن: المشركة: وَهِي: زوج، وأُمّ، وَأَخَوَانِ لأُمٍّ، وأخوِان لأَب وأُمّ، فَللزَّوْج النّصْف، وللأُم السُّدس، وللأخوين للْأُم الثُّلُث، والأخوان للْأَب وَالأُم يشاركانهما فِي الثُّلُث لَا يُسْقطان. قَالَ: وَاخْتلفت الرِّوَايَة فِي ذَلِك عَن زيد بن ثَابت.
قلت: هُوَ كَمَا قَالَ، وَقد رَوَى الرِّوَايَتَيْنِ الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدِهِ، ثمَّ قَالَ: الرِّوَايَة الصَّحِيحَة عَن زيد بن ثَابت التَّشْرِيك، وَالْأُخْرَى تفرّد بهَا مُحَمَّد بن سَالم وَلَيْسَ بالقويّ.
قَالَ الرَّافِعِيّ: وتُسَمَّى حِماريَّة؛ لِأَن عمر كَانَ لَا يُورث أَوْلَاد الْأَب وَالأُم، فَقَالُوا: هَبْ أنْ أَبَانَا كَانَ حمارا، ألَسْنا مِنْ أُمٍّ وَاحِدَة؟ ؛ فَشَرَكَهُمْ.
قلت: رَوَاهُ الْحَاكِم فِي «الْمُسْتَدْرك» ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي «السّنَن» ، قَالَ فِي سنَنه: أبنا أَبُو عبد الله - هُوَ: الْحَاكِم - ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس [ثَنَا يَحْيَى] بن أبي طَالب، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أبنا أَبُو أُميَّة بن يعْلى الثَّقَفِيّ، عَن أبي الزِّنَاد، عَن (عَمْرو) بن (وهيب) ، عَن أَبِيه، عَن زيد بن ثَابت فِي المشركة قَالَ:«هَبُوا أَن أباهم كَانَ حمارا، مَا زادهم الأبُ إِلَّا قُرْبًَا. وأشرك بَينهم فِي الثُّلُث» .
قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ. (قَالَ) : وشرحْتُه بِحَدِيث الشّعبِيّ عَن عُمر وعليّ وَزيد فِي: أُمٍّ وَزوج وإخوة لأَب وَأم وإخوة لأم، أَن الْإِخْوَة من الْأَب وَالأُم شُرَكَاء للإخوة من الْأُم فِي ثلثهم، وَذَلِكَ أَنهم قَالُوا:«هم بَنو أُمٍّ كلهم، وَلم يزدهم الْأَب إِلَّا قُرْبًا؛ فهم شُرَكَاء فِي الثُّلُث» .
وَذكر الطَّحَاوِيّ: أَن عمر كَانَ [لَا] يُشْرك حَتَّى ابْتُلي بمسألةٍ، فَقَالَ لَهُ الْأَخ وَالْأُخْت من الْأَب [وَالأُم] : يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: هَبْ أَن أَبَانَا كَانَ حمارا، ألَسْنَا من أُمٍّ واحدةٍ. فَرجع.
قلت: وَبَلغنِي عَن بعض المتفقهة فِي علم الْفَرَائِض والمقلدين فِي علم الحَدِيث: أَنه يُنكر عَلَى الإِمَام الرافعيِّ وَغَيره من الْفُقَهَاء تسميتهم هَذِه الْمَسْأَلَة بالحماريَّة، وَقَالَ: هَذِه تَسْمِيَة لم (يقلها) أحد، وَالْمَعْرُوف أَنهم قَالُوا إِن أَبَانَا كَانَ حَجَرًا. وَمِمَّا قَالَه هَذَا المغتر حَتَّى لَو عَكسه لَكَانَ أصوب؛ فَإِن مَا ادَّعَاهُ من هَذِه التَّسْمِيَة لَا يُعْرف؛ فَلَيْتَهُ سكت.
الْأَثر التَّاسِع: أَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَرَأَ: «وَإِن كَانَ لَهُ أَخ أَو أُخْت مِنْ أُمّ» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» لَكِن عَن سعد - أَظُنهُ: ابْن أبي وَقاص - أخرجه من حَدِيث الْقَاسِم [بن] عبد الله بن ربيعَة بن [قانف] :
أَن سَعْدا كَانَ يقْرؤهَا: «وَإِن كَانَ رجل يُورث كَلَالَة أَو امْرَأَة وَله أَخ أَو أُخْت من أُمّ» .
وَقَالَ أَبُو الطّيب: رَوَاهُ عَن سعد بن أبي وَقاص أَبُو بكر بن الْمُنْذر، وَحَكَاهُ الزَّمَخْشَرِيّ عَنهُ وَعَن أبيّ بن كَعْب.
الْأَثر الْعَاشِر: أَن الْأُخوة يسقطون بالجدِّ؛ لِأَن ابْن الابْن نَازل منزلَة الابْن فِي إِسْقَاط الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات وَغير ذَلِك، فَلْيَكُن أَب الْأَب نازلاً
منزلَة الْأَب. يُرْوى هَذَا التَّوْجِيه عَن ابْن عَبَّاس، لَا يحضرني من خرَّجه، نعم ذكر الْبَيْهَقِيّ فِي بَاب: مَنْ يورِّث الْإِخْوَة مَعَ الجدِّ، بِسَنَدِهِ إِلَى [عبد الرَّحْمَن] بن معقل قَالَ:«جَاءَ رجل إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ لَهُ: كَيفَ تَقول فِي الجدِّ؟ ، قَالَ: إِنَّه لَا جدَّ، أَي أَب لَك أكبر؟ فَسكت الرجلُ فَلم يجبهُ وَكَأَنَّهُ عيى عَن جَوَابه، فَقلت أَنا: آدم. قَالَ: أَفلا تسمع إِلَى قَول الله تَعَالَى: (يَا بني آدم) » .
وَفِي «سنَن سعيد بن مَنْصُور» : ثَنَا خَالِد بن عبد الله، عَن (لَيْث) بن أبي سليم، عَن عَطاء:«أَن أَبَا بكر وعُمر وَعُثْمَان وابْنَ عبَّاسٍ كَانُوا يجْعَلُونَ الجدَّ أَبَا» .
وَفِي «غَرِيب أبي عبيد الْقَاسِم بن سَلام» : حدَّثني ابْن عُليَّة، عَن أَيُّوب، عَن ابْن أَبَى مليكَة، قَالَ ابْنُ عُليَّة: يشبه أَن يكون هَذَا كَلَام ابْن عَبَّاس، مَنْ شَاءَ باهلته أَن الله لم يذكر فِي كِتَابه جدًّا إِنَّمَا هُوَ أبٌ.
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَأجْمع الصَّحَابَة عَلَى أَن الْأَخ لَا يُسْقط الجدّ.
قلت: لَا إِجْمَاع فِي الْمَسْأَلَة؛ فقد حَكَى ابْن حزم قولَا: أَن الْإِخْوَة تُقَدَّم عَلَى الجدِّ، ثمَّ حَكَى أقوالاً أُخَر فِيهِ.
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَبَاب الجدِّ أكْثَرَ فِيهِ الصحابةُ.
قلت: جدًّا؛ فَفِي «سنَن الْبَيْهَقِيّ» عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن عُبَيْدَة قَالَ:«إِنِّي لأحْفَظُ عَن عُمر فِي الجَدِّ مائَة قَضِيَّة، كلهَا ينْقض بَعْضهَا بَعْضهَا» .
وَذكر البيهقيُّ جُملةً مِنْ ذَلِك فِي «سنَنه» ثمَّ رَوَى بِسَنَدِهِ (عَن سعيد بن خَيْبَر، عَن رجل من مُرَاد أَنه سمع عليًّا رضي الله عنه يَقُول: من سره)«أَن يقتحم (جراثيم) جَهَنَّم؛ (فليقض) بَين الجِدِّ وَالإِخْوَة» .
الْأَثر الْحَادِي عشر: شبَّه عليٌّ رضي الله عنه الجدَّ بالبحر أَو النَّهر الْكَبِير، وَالْأَب كالخليج الْمَأْخُوذ مِنْهُ، وَالْمَيِّت وَأَخُوهُ كالساقيتين الممتدتين مِنَ الخليج، والساقية إِلَى الساقية أقرب مِنْهَا إِلَى الْبَحْر، أَلا ترَى أَنه إِذا (سدَّت) إِحْدَاهمَا أخذت الْأُخْرَى ماءها وَلم يرجع إِلَى الْبَحْر وشَبَّهَهُ زيدُ بن ثَابت بساق الشَّجَرَة وَأَصلهَا، وَالْأَب كغصنٍ مِنْهَا، وَالإِخْوَة كغصنين تفرعا من ذَلِك الْغُصْن، وأحدُ الغصنين إِلَى الآخر أقرب مِنْهُ إِلَى أصل الشَّجَرَة، أَلا ترَى أَنه إِذا قُطع أحدُهما امتص الآخر مَا كَانَ يمتصه الْمَقْطُوع وَلَا يرجع إِلَى السَّاق» .
هَذَا الْأَثر رَوَاهُ البيهقيُّ فِي «سنَنه» من حَدِيث سُفْيَان، عَن عِيسَى الْمدنِي، عَن الشّعبِيّ قَالَ: «كَانَ مِنْ رَأْي أبي بكر وَعمر رضي الله عنهما أَن يُجعل الجدّ أَوْلى من الْأَخ، وَكَانَ عمر يكره الكلامَ فِيهِ، فلمَّا
(صَار) عُمر جَدًّا قَالَ: هَذَا أمْر (قد وَقع) لابد للنَّاس من مَعْرفَته، فَأرْسل إِلَى زيد بن ثَابت يسْأَل، فَقَالَ: كَانَ مِنْ (رَأْيِي) ورأي أبي بكر: أَن يَجْعَل الجِد أوْلى مِنَ الْأَخ، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا تجْعَل شَجَرَة نَبتَت، فانشعب مِنْهَا [غُصْن] ، فاشعب فِي الْغُصْن [غُصْن]، فَمَا يَجْعَل للغصن الأوَّل أَوْلى من الْغُصْن الثَّانِي وَقد خرج الْغُصْن من الْغُصْن. قَالَ: فَأرْسل إِلَى عليٍّ رضي الله عنه فَسَأَلَهُ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ زيدٌ إِلَّا أَنه جعله (سيلاً) سَالَ فانشعب مِنْهُ شُعْبَة، ثمَّ انشعب مِنْهُ شعبتان. فَقَالَ: أَرَأَيْت لَو أنَّ هَذِه الشعبة الْوُسْطَى تيبس رَجَعَ اليبس إِلَى (الشعبتين) جَمِيعًا، فَقَامَ رضي الله عنه فَخَطب الناسَ
…
.» إِلَى آخِره.
وَفِي (رِوَايَة) لَهُ: فَقَالَ زيد: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، لَا تجْعَل شَجَرَة نَبتَت فانشعب مِنْهَا غُصْن، فانشعب فِي الْغُصْن غصنان، فَمَا جعل الأوَّل أَوْلى من الثَّانِي، وَقد خرج الغصنان من (الْغُصْن) الأوَّل» . وَذكر عَن عليٍّ كَمَا تقدَّم.
وَفِي رِوَايَة لَهُ: «أَن عمر بن الْخطاب (أَتَى) إِلَى زيد يسْأَله،
فَسَأَلَهُ عَنهُ، فَامْتنعَ حَتَّى يعرف رَأْيه فِيهِ، ثمَّ أَتَاهُ أُخْرَى فَكتب إِلَيْهِ، وَضرب لَهُ مَثَلاً، إِنَّمَا مثله مَثَلُ شجرةٍ نَبتَت عَلَى سَاق وَاحِد؛ فَخرج فِيهَا غُصْن، ثمَّ خرج فِي الْغُصْن غُصْن آخر، (فالساق) يسْقِي الْغُصْن، فَإِن قطعتَ الْغُصْن الأوَّل رَجَعَ المَاء إِلَى الْغُصْن - يَعْنِي الثَّانِي - وَإِن قطعتَ الثَّانِي رَجَعَ المَاء إِلَى الأول. فأمضاه عُمر» .
وَفِي رِوَايَة: «أَنه (شبهه) بأصْل الشَّجَرَة، وَالْأَب بغُصْنٍ مِنْهَا، وَالإِخْوَة (بخوطين) ؛ تشعبا من الْغُصْن» .
ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ.
الْأَثر الثَّانِي عشر: الْمَسْأَلَة الْمَعْرُوفَة ب «الخرقاء» : وَهِي: أُمّ وجدّ
وَأُخْت، فللأم الثُّلُث، وَالْبَاقِي يقسم بَين الجدّ وَالْأُخْت أَثلَاثًا. وسُمِّيَتْ بالخرقاء لتخرُّق أَقْوَال الصَّحَابَة رضي الله عنهم وَكَثْرَة اخْتلَافهمْ فِيهَا، فَهَذَا مَذْهَب زيد، وَعند أبي بكر: للأُمّ الثُّلُث، وَالْبَاقِي للجدّ. وَعند عُمر: للْأُخْت النّصْف، وَللْأُمّ ثلث مَا يَبْقَى، وَالْبَاقِي للجدّ. وَعند عُثْمَان: لكل وَاحِد مِنْهُم الثُّلُث وَعند عليّ: للْأُخْت: النّصْف، وَللْأُمّ الثُّلُث، وللجد السُّدس. وَعند ابْن مَسْعُود: للْأُخْت النّصْف وَالْبَاقِي بَين الْجد وَالأُم بِالسَّوِيَّةِ. ويُرْوى عَنهُ مثل مَذْهَب عُمر.
هَذِه الْمَسْأَلَة ترْجم عَلَيْهَا الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» : بَاب الِاخْتِلَاف فِي مَسْأَلَة الخرقاء، ثمَّ ذكر بِسَنَدِهِ إِلَى الشّعبِيّ: «أَن الْحجَّاج سَأَلَهُ فِي: أُمّ وَأُخْت وجدّ، فَقَالَ: قد اخْتلف فِيهَا خمسةٌ من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: عبد الله بن عَبَّاس وَزيد، وَعُثْمَان، وعليّ، وَعبد الله بن مَسْعُود. قَالَ: فَمَا قَالَ فِيهَا ابْن عَبَّاس إِن كَانَ (لمقنبًا) وَفِي رِوَايَة (إِن كَانَ لمنقبًا) . قلت: جعل الجدَّ أَبَا، وَلم يُعْطِ الأختَ شَيْئا، وَأعْطَى الأُمَّ الثُّلُث. قَالَ: فَمَا قَالَ فِيهَا زيد؟ قلت: جَعَلها من تسعةٍ، أعْطى للْأُم ثَلَاثَة، والجدَّ أَرْبَعَة، وَالْأُخْت سَهْمَيْنِ.
قَالَ: فَمَا قَالَ فِيهَا (أَمِير الْمُؤمنِينَ - يَعْنِي عُثْمَان - قلت: جعلهَا أَثلَاثًا. قَالَ: فَمَا قَالَ فِيهَا) ابْن مَسْعُود؟ قلت: جعلهَا من سِتَّة أسْهم؛ فَأعْطَى الْأُخْت ثَلَاثَة، والجدَّ سَهْمَيْنِ، وَالأُم سَهْما. قَالَ: فَمَا قَالَ أَبُو تُرَاب - يَعْنِي: عليًّا -؟ قلت: جعلهَا من سِتَّة أسْهم؛ الْأُخْت ثَلَاثَة، وَالأُم
سَهْمَيْنِ، والجدَّ سَهْما» .
قلت: وتابع الشعبيَّ إبراهيمُ، كَمَا سَاقه الْبَيْهَقِيّ أَيْضا، ثمَّ رَوَى بِسَنَدِهِ عَن عُمر فى: أم، وَأُخْت، وجد، للْأُخْت النّصْف، وَللْأُمّ ثلث مَا يَبْقَى، وللجد مَا بَقِي» .
ثمَّ [رَوَى] بِسَنَدِهِ إِلَى إِبْرَاهِيم قَالَ: «كَانَ عُمر وعبدُ الله رضي الله عنهما لَا يفضلان أُمًّا عَلَى جدٍّ. هَذَا مَجْمُوع مَا ذكره البيهقيُّ فِي هَذَا الْبَاب، وَفِيه مُخَالفَة لِمَا ذكره الرافعيُّ فِي حَقِّ ابْن مَسْعُود، وَلما رَوَاهُ الشَّافِعِي عَن رجلٍ عَن الثَّوْريّ عَن إِسْمَاعِيل بن رَجَاء، عَن إِبْرَاهِيم وسُفْيَان، عَمَّن سمع الشعبيَّ يَقُول - أَظُنهُ عَن عبد الله - «فِي جدٍّ وَأُخْت وَأم، للْأُخْت ثَلَاثَة أسْهم، وَللْأُمّ سهم، وللجد سَهْمَان» .
وَرَوَى ابْن حزم من حَدِيث وَكِيع، ثَنَا سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عُمر بن الْخطاب:«فِي: أختٍ، (وَأم) ، وجدٍ، قَالَ للْأُخْت النّصْف، وَللْأُمّ السُّدس، وَمَا بَقِي فللجد» .
وَرَوَى سعيد بن مَنْصُور فِي «سنَنه» : عَن [هشيم] عَن عُبَيْدَة، عَن الشّعبِيّ، قَالَ: «أرسل إليَّ الْحجَّاج فَقَالَ لي: مَا تَقول فِي فريضةٍ أُتِيْتُ بهَا: أم، وجدّ، وَأُخْت؟ قلت: مَا قَالَ فِيهَا الْأَمِير؟ فأخْبَرَني بقوله. فَقلت: هَذَا قضاءُ أبي تُرَاب - يَعْنِي: عليَّ بن أبي طَالب -، وَقَالَ: فِيهَا
سبعةٌ من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قَالَ عُمر وَابْن مَسْعُود: للْأُخْت النّصْف، [وللجِدّ الثُّلُث، وَللْأُمّ السُّدس] . وَقَالَ عُثْمَان بن عَفَّان: للْأُم الثُّلُث، وَللْأُخْت الثُّلُث، وللجد الثُّلُث» .
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَقد تُسَمَّى هَذِه الْمَسْأَلَة «مُثَلَّثَة عُثْمَان» لِمَا عَرَفْتَ مِنْ مذْهبه، ومسدسة؛ لِأَن فِيهَا سِتَّة مَذَاهِب عَن الصَّحَابَة، ومسبعة لِأَن عَن عُمرَ فِيهَا رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهمَا تقدمتْ، وَالْأُخْرَى:«أَنه يفْرض للْأُم: السُّدس» وَالْمعْنَى وَاحِد، وَرُبمَا تسمى «مُخَمَّسة» ؛ لِأَن مِنْهُم مَنْ يَقُول: قَضَى فِيهَا عُثْمَان وعليٌّ وَزيد وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس. كَأَنَّهُ لَا تثبت الرِّوَايَة عَن غَيرهم.
قلت: الْقَائِل هُوَ الشّعبِيّ، كَمَا تقدَّم.
الْأَثر الثَّالِث عشر: الأكدرية: «وَهِي: زوج، وَأم، وجد، وَأُخْت من الْأَبَوَيْنِ أَو من الْأَب، للزَّوْج النّصْف، وَللْأُمّ الثُّلُث، وللجد السُّدس، ويُفْرض للْأُخْت النّصْف، وتعول من سِتَّة إِلَى تِسْعَة، ثمَّ يُضم نصيب الْأُخْت إِلَى نصيب الجدِّ، ويُجعل بَينهمَا أَثلَاثًا، وتَصِحُّ من سَبْعَة وَعشْرين» .
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَأنكر قبيصةُ قضاءَ زَيْدٍ فِيهَا بِمَا اشْتهر عَنهُ. ثمَّ ذكر الرَّافِعِيّ أَرْبَعَة أقوالٍ لِمَ سُمِّيَتِْ أكدرية؟ رَابِعهَا: لتكدر أَقْوَال الصَّحَابَة وَكَثْرَة اخْتلَافهمْ فِيهَا، فَأَبُو بكر يُسْقط الأُخْتَ، وَعمر وَابْن مَسْعُود
يَقُولَانِ: للْأُم السُّدس. وَالْبَاقِي كَمَا ذكرنَا، فتعول إِلَى ثَمَانِيَة، وعليٌّ يفْرض، وتُعَالُ كَمَا ذكرنَا، وَلَكِن تقرر نصيب الْأُخْت عَلَيْهَا.
وَهَذَا رَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» بعضه من طَرِيق الشّعبِيّ: فِي: أم، وَأُخْت، وَزوج، وجِدّ؛ فِي قَول عليٍّ: للْأُم الثُّلُث، وَللْأُخْت النّصْف، وَللزَّوْج النّصْف، وللجد السُّدس؛ من تِسْعَة. وَفِي قَول عبد الله: للْأُخْت النّصْف، وَللزَّوْج النّصْف، وَللْأُمّ الثُّلُث، وللجد السُّدس، من تِسْعَة أسْهم، ويُقَاسم الجدَ الْأُخْت بسدسه وَنِصْفهَا، فَيكون لَهُ ثُلُثَاهُ، وَلها ثلثه، تضرب التِّسْعَة فِي ثَلَاثَة؛ فَتكون سَبْعَة و (عشْرين) ، للْأُم سِتَّة، وَللزَّوْج تِسْعَة، وَيبقى اثْنَا عشر؛ للجدّ ثَمَانِيَة، وَللْأُخْت أَرْبَعَة.
الأكدريةُ أُمُّ الْفروج. هَذَا مَا ذكره الْبَيْهَقِيّ بعد أَن بوَّب: الِاخْتِلَاف فِي مَسْأَلَة الأكدرية. ثمَّ ذكر فِي بَاب: كَيْفيَّة الْمُقَاسَمَة بَين الجِدّ وَالإِخْوَة (قَول زيد) كَمَا (رُوِيَ) الإِمَام الرَّافِعِيّ أَولا.
وَفِي «سنَن سعيد بن مَنْصُور» : ثَنَا هشيم، ثَنَا الْمُغيرَة، عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: قَالَ عليٌّ للزَّوْج ثَلَاثَة أسْهم، وَللْأُمّ سَهْمَان، وللجد سهم، وَللْأُخْت ثَلَاثَة أسْهم. وَقَالَ ابْن مَسْعُود: للزَّوْج ثَلَاثَة أسْهم، وَللْأُمّ سهم؛ وللجد سهم، وَللْأُخْت ثَلَاثَة أسْهم.
وَقَالَ زيد بن ثَابت: للزَّوْج ثَلَاثَة، وَللْأُمّ سَهْمَان، وللجد سهم، وَللْأُخْت ثَلَاثَة أسْهم، تُضْرب جَمِيع السِّهَام فِي ثَلَاثَة، فَتكون سَبْعَة
وَعشْرين، للزَّوْج من ذَلِك تِسْعَة، وَللْأُمّ سِتَّة، يَبْقَى اثْنَا عشر؛ للجدّ مِنْهَا ثَمَانِيَة، وَللْأُخْت أَرْبَعَة. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: للزَّوْج النّصْف، وَللْأُمّ الثُّلُث، وللجد مَا بَقِي، وَلَيْسَ للْأُخْت شَيْء» .
وَرَوَى ابْنُ حزم من طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: حَدثُونِي عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن الشّعبِيّ قَالَ: حدَّثَني (راوية) زَيْدِ بن ثَابت - يَعْنِي: قبيصَة بن (ذُؤَيْب) أَنه لم يقل فِي الأكدرية شَيْئا - يَعْنِي: زيد بن ثَابت -.
الْأَثر الرَّابِع عشر: «فِي المُبَعَّض: يُحْجَبُ بِقَدْر مَا فِيهِ من الرِّقِّ
…
» إِلَى آخِره.
هَذَا غَرِيب عَنهُ. بل فِي «الْبَيْهَقِيّ» عَنهُ أَنه قَالَ: «المملوكون وَأهل الْكِتَابَة بِمَنْزِلَة الْأَمْوَات» .
الْأَثر الْخَامِس عشر: قَول زيد «فِي الجدّ وَالإِخْوَة؛ حَيْثُ كَانَ ثلث الْبَاقِي بعد الْفَرْض خيرا لَهُ فِي الْقِسْمَة» .
هَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» من رِوَايَة إِبْرَاهِيم عَنهُ «أَنه كَانَ يُشْرك الجدَّ إِلَى الثُّلُث مَعَ الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات، فَإِذا بلغ الثُّلُث أعطَاهُ الثُّلُث، وَكَانَ للإخوة وَالْأَخَوَات مَا بَقِي» ثمَّ سَاق ذَلِك إِلَى أَن قَالَ: «فَإِن لحقتِ
(الْفَرَائِض) امْرَأَة (و) زوج (و) أُمّ؛ أعطي أهل الْفَرَائِض فرائضهم، وَمَا بَقِي قَاَمَ الْأُخوة وَالْأَخَوَات، فَإِن كَانَ ثلث مَا بَقِي خير لَهُ من الْمُقَاسَمَة أعطَاهُ ثلث مَا بَقِي (وَإِن كَانَت الْمُقَاسَمَة خيرا لَهُ من ثلث مَا بَقِي) قَاسم، وَإِن كَانَ سدس جَمِيع [المَال خيرا لَهُ من الْمُقَاسَمَة أعطَاهُ السُّدس، وَإِن كَانَت الْمُقَاسَمَة خيرا لَهُ من سدس جَمِيع المَال] قَاسم.
الْأَثر السَّادِس عشر: اتّفقت الصَّحَابَة عَلَى الْعَوْل فِي زمن عُمر حِين ماتَتِ امرأةٌ فِي عَهده عَنْ زوجٍ وأختين؛ فَكَانَت أول فَرِيضَة عائلة فِي الْإِسْلَام، فَجمع الصَّحَابَة وَقَالَ: فرض اللَّهُ للزَّوْج النّصْف، وللأختين الثُّلثَيْنِ؛ فَإِن بدأت بِالزَّوْجِ لم يَبْقَ للأختين حَقُّهُمَا، وَإِن بدأت بالأختين لم يبْق للزَّوْج حَقُّه؛ فأشيروا عليَّ. فَأَشَارَ عَلَيْهِ ابْن عَبَّاس بالعول فَقَالَ: أرأيتَ لَو مَاتَ رجلٌ وَترك سِتَّة دَرَاهِم، ولرجلٍ عَلَيْهِ ثَلَاثَة وَللْآخر أَرْبَعَة، أَلَيْسَ يَجْعَل المَال سَبْعَة أَجزَاء؟ فَأخذ الصَّحَابَة بقوله رضي الله عنه ثمَّ أظهر ابْن عَبَّاس الْخلاف فِيهِ بعد ذَلِك وَلم يَأْخُذ بقوله رضي الله عنه إِلَّا قَلِيل» .
هَذَا لَا يَحْضُرُني هَكَذَا، وَإِنَّمَا فِي «سنَن الْبَيْهَقِيّ» بَاب الْعَوْل فِي الْفَرَائِض، ثمَّ ذكر بِسَنَدِهِ: أَن أول مَنْ أعال الْفَرَائِض زيدُ بْنُ ثَابت، وَكَانَ أَكثر مَا أعالها بِهِ الثُّلثَيْنِ» .
وَعَن عليّ: «فِي: امرأةٍ وأبوين و (ابْنَيْنِ) ، صَار ثُمنها تسعا» .
وَعَن عبد الله وعليّ: «أَنَّهُمَا أعالا فِي الْفَرَائِض» .
وَعَن عبيد الله بن عبد الله بن (عتبَة) بن مَسْعُود قَالَ: «دخلتُ أَنا وزفرُ بن أَوْس بن الْحدثَان عَلَى ابْن عَبَّاس بَعْدَمَا ذهب بَصَره، فتذاكرنا فرائضَ الْمِيرَاث، فَقَالَ: ترَوْنَ الَّذِي أحصى رمل عالج عددا لم (يحص) فِي مالٍ نصفا وَنصفا وَثلثا، إِذا ذهب نصفٌ ونصفٌ؛ فَأَيْنَ مَوضِع الثُّلُث؟ ، فَقَالَ لَهُ زفر: يَا ابْن عَبَّاس: (من) أوَّل من أعال الفرائضَ؟ قَالَ: عمر بن الْخطاب قَالَ: ولِمَ؟ قَالَ: لمَّا تدافعتْ عَلَيْهِ وَركب بَعْضهَا بَعْضًا قَالَ: وَالله مَا أَدْرِي كَيفَ أصنع بكم؟ واللَّهِ مَا أَدْرِي أَيّكُم قدَّمَ اللَّهُ وَلَا أَيّكُم أخَّر. قَالَ: وَمَا أجد فِي هَذَا [المَال] شَيْئا (أحسن) مِنْ أَن (أقسم) عَلَيْكُم بِالْحِصَصِ. ثمَّ قَالَ ابْن عَبَّاس: وأيْمُ الله لَو قَدَّمَ مَنْ قدَّمَ اللَّهُ، وأخَّر مَنْ أخَّرَ اللَّهُ مَا عالتْ فريضةٌ. فَقَالَ لَهُ زفر:
وأيهم قَدَّم؟ وأيهم أخَّر؟ فَقَالَ: كل فَرِيضَة لَا تَزُول إِلَّا إِلَى فَرِيضَة، فَتلك الَّتِي قدَّم اللَّهُ، وَتلك فريضةٌ؛ الزَّوْج لَهُ النّصْف، فَإِن زَالَ فَلهُ الرُّبع لَا يُنْقص مِنْهُ، وَالْمَرْأَة لَهَا الرُّبْع، فَإِن زالتْ عَنهُ صَارَت إِلَى الثُّمْن لَا
يُنْقَص مِنْهُ، وَالْأَخَوَات لَهُنَّ الثُّلُثَانِ، والواحدة لَهَا النّصْف، فَإِن دخلن عَلَيْهِنَّ الْبَنَات كَانَ لَهُنَّ مَا بَقِي فَهَؤُلَاءِ الَّذين أخَّر الله، فَلَو أعْطى مَنْ قدَّم الله فَرِيضَة كَامِلَة، ثمَّ قَسَّم مَا يَبْقَى بَين من أخَّر الله بِالْحِصَصِ مَا عالتْ فريضةٌ. فَقَالَ لَهُ زفر: مَا مَنعك أَن تُشِير بِهَذَا الرَّأْي عَلَى عُمر؟ فَقَالَ: هِبْتُهُ وَالله» . قَالَ ابْن إِسْحَاق: قَالَ لي الزُّهْرِيّ: وايمُ اللَّهِ: لَوْلَا أَنه تقدم إِمَام هدى كَانَ أمْره عَلَى الْوَرع مَا اخْتلف عَلَى ابْن عَبَّاس اثْنَان من أهل الْعلم.
وَذكر هَذَا الْحَاكِم بأخْصَرَ مِنْ هَذَا، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم، وَلم يخرجَاهُ. قَالَ أَبُو عَمرو بن الْحَاجِب فِي كِتَابه فِي «الْأُصُول» : وَانْفَرَدَ ابْن عَبَّاس بإنكار الْعَوْل. قلت: لَا، فقد وَافقه عَطاء وابْنُ الْحَنَفِيَّة وَدَاوُد وأصحابُه، كَمَا نَقله عَنْهُم أَبُو مُحَمَّد بن حزم ثمَّ اخْتَارَهُ.
الْأَثر (السَّابِع) عشر: المِنْبَرِيَّة: سُئِلَ عَنْهَا عليُّ بن أبي طَالب - كرَّم الله وَجهه - وَهُوَ عَلَى المِنْبَر، وَهِي: زَوْجَة وبنتين وأبوين فَقَالَ عَلَى الارتجالِ: صَار ثُمْنها تُسْعًا، وَذَلِكَ لِأَن (ثلثه) من سَبْعَة وَعشْرين تُسع فِي الْحَقِيقَة.
وَهَذَا قد أخرجه أَبُو عبيد فِي «غَرِيبه» ثمَّ البيهقيُّ فِي «سنَنه» وَلم يذكرَا أَنه قَالَ ذَلِك عَلَى الْمِنْبَر، ولفظها كَمَا تقدَّم فِي الْأَثر قبله؛ فَإِن لفظ
أبي عبيد كلفظه.
وَذكر الإِمَام الرَّافِعِيّ مسَائِل مُلَقَّبَات مَشْهُورَة فِي كُتُب الفرضيين، فَمِنْهَا:
مربعات ابْن مَسْعُود: وَهِي: بنت وَأُخْت وجد، قَالَ: للْبِنْت النّصْف، وَالْبَاقِي بَينهمَا مُنَاصَفَة. [وَزوج وَأم وجد، قَالَ: للزَّوْج النّصْف، وَالْبَاقِي بَينهمَا] . وَزَوْجَة وَأم [وجد] وَأَخ. جعلَ المَال بَينهم أَربَاعًا.
وَزَوْجَة وَأُخْت وجدّ؛ قَالَ: للزَّوْجَة الرّبع، وَللْأُخْت النّصْف، وَالْبَاقِي للجدِّ. فالصور كلهَا مِنْ أَرْبَعَة، والأخيرة (تسمى) مربعة [الْجَمَاعَة] ؛ لأَنهم كلهم جعلوها من أَرْبَعَة، وإنِ اخْتلفُوا فِي بعض الْأَنْصِبَاء.
ثمَّ ذكر بعد ذَلِك: (الثمنية و) التسعينية، والنصفية، والعمريتان، والمباهلة، والناقضة، والدينارية وَكلهَا مَشْهُورَة فِي كُتُبِ (الْفَرَائِض) فَلَا نطوّل بالْكلَام عَلَيْهَا، ونشرع فِيمَا هُوَ أهَمُّ مِنْ ذَلِك؛ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق.