الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، أخرجه الشَّيْخَانِ فِي «صَحِيحَيْهِمَا» من حَدِيث أبي ذَر رضي الله عنه قَالَ:«سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الْعَمَل أفضل؟ قَالَ: إيمانٌ بِاللَّه، وجهادٌ فِي سَبيله. قلت: فأيُّ الرّقاب أفضل؟ قَالَ: أغلاها ثمنا، وأنفسها عِنْد أَهلهَا. قلت: فَإِن لم أفعل؟ (قَالَ: تعين صانعًا أَو تصنع لأخرق. قلت: فَإِن لم أفعل) قَالَ: تَدَع النَّاس من الشرِّ فَإِنَّهَا صَدَقَة تصدَّق بهَا عَلَى نَفسك» .
وَرَوَاهُ مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» من حَدِيث عَائِشَة كَمَا ذكره الرَّافِعِيّ سَوَاء، واختلفتِ الرِّوَايَة فِيهِ عَن مَالك فبعضهم رَوَاهُ عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة، (وَأَكْثَرهم رَوَاهُ) عَن هِشَام عَن أَبِيه مُرْسلا. وَمن هَذَا الْوَجْه أخرجه الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم.
الحَدِيث الْخَامِس عشر
رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «حق الجِوار (أَرْبَعُونَ) دَارا، هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، وَأَشَارَ قُدَّامًا وخَلْفًَا ويمينًا وَشمَالًا» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «مراسيله» عَن إِبْرَاهِيم بن مَرْوَان الدِّمَشْقِي، وَهُوَ صدوقٌ، حَدثنِي أبي - وَهُوَ من رجال مُسلم - قَالَ: ثَنَا هِقْل بن زِيَاد، ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، عَن يُونُس، عَن ابْن شهَاب - وَمثلهمْ لَا
يسْأَل عَنْهُم - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «أَرْبَعُونَ دَارا جَار. قَالَ: قلتُ لِابْنِ شهَاب: وَكَيف أَرْبَعُونَ دَارا؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ عَن يَمِينه وَعَن يسَاره وَخَلفه وَبَين يَدَيْهِ» .
وَوَقع فِي «التَّحْقِيق» لِابْنِ الْجَوْزِيّ: بدل «إِبْرَاهِيم بن مَرْوَان» «أَزْهَر بن مَرْوَان» وَعَزاهُ إِلَى رِوَايَة أبي دَاوُد، وَهُوَ وهْم، فَالَّذِي فِيهِ إِنَّمَا هُوَ كَمَا أسلفناه، وَهُوَ إِبْرَاهِيم بن مَرْوَان الطاطري الصدوق.
ولمّا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي دَاوُد قَالَ: هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف - يَعْنِي إرْسَال هَذَا الحَدِيث - قَالَ: ورُوي من وَجْهَيْن عَن عَائِشَة، أَحدهمَا: عَن الصَّهْبَاء عَنْهَا «قَالَت: يَا رَسُول الله مَا (حق) - أَو مَا حَدُّ - الجِوَار؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ دَارا» .
وَثَانِيهمَا: عَن أُمِّ هَانِئ بنت أبي (صفرَة) عَنْهَا: أَنه عليه الصلاة والسلام قَالَ: «أَوْصَانِي جِبْرِيل عليه السلام بالجار إِلَى أَرْبَعِينَ دَارا، عَشرة من (هَاهُنَا) وَعشرَة من (هَاهُنَا) وَعشرَة من هَاهُنَا، وَعشرَة من هَاهُنَا» .
قَالَ إِسْمَاعِيل بن سيف - أحد رُوَاته -: «عَن يَمِينه، وَعَن يسَاره، وقباله وَخَلفه» .
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وكلا الإسنادين ضَعِيف، وَالْمَعْرُوف مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «مراسيله» . يَعْنِي السالف.
قلت: ورُوي مَوْصُولا من وَجْهَيْن آخَرين:
أَحدهمَا: من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا، رَوَاهُ ابْنُ حبَان فِي «الضُّعَفَاء» من هَذَا الطَّرِيق، بِلَفْظ الرَّافِعِيّ السالف سَوَاء، ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده عبد السَّلَام بن أبي الْجنُوب. قَالَ: وَهُوَ مُنكر الحَدِيث، يروي عَن الثِّقَات مَا لَا يشبه حَدِيث الاثبات، لَا يُعجبنِي الِاحْتِجَاج بِخَبَرِهِ لمُخَالفَة الْأَثْبَات فِي الرِّوَايَات.
ثَانِيهَا: من حَدِيث كَعْب بن مَالك، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (أكبر معاجمه» وَأَبُو بكر الرَّازِيّ، والسياق لَهُ عَنهُ: (قَالَ: «أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رجل) فَقَالَ: إِنِّي نزلتُ مَحِلّة بني فلَان، وَإِن أَشَّدهم لي أَذَى أقربهم لي مِنْ جِوَاري، فَبعث النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَبَا بكر وعُمَر وعليًّا أَن يَأْتُوا أَبْوَاب الْمَسْجِد، فيقوموا عَلَيْهِ فيصيحوا: أَلا إِن أَرْبَعِينَ دَارا جِوار، وَلَا يدْخل الجنةَ من خَافَ جِوارُهُ بوائقه. قيل لِلزهْرِيِّ: أَرْبَعِينَ دَارا؟ قَالَ: أَرْبَعِينَ هَكَذَا، وَأَرْبَعين هَكَذَا» .
وَعَزاهُ بَعضهم إِلَى رِوَايَة مُحَمَّد بن أسلم الطوسي، وَفِيه:«أَلا إِن أَرْبَعِينَ دَارا جَار. قَالُوا: يَعْنِي أَرْبَعِينَ هَكَذَا يُمْنَةً، وَأَرْبَعين هَكَذَا يُسْرَةً، وَأَرْبَعين قُدَّامًا وَأَرْبَعين خلفا» .