الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث السَّادِس
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كل شَرط لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ بَاطِل» هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم من رِوَايَة عَائِشَة رضي الله عنها فِي حَدِيث بَرِيرَة الطَّوِيل وَقد سلف.
الحَدِيث السَّابِع
«أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي بروع بنت واشق - وَقد نكحت بِغَيْر مهرٍ فَمَاتَ زَوجهَا - بِمهْر نسائها وَالْمِيرَاث» . هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ أَحْمد، أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ، وَالنَّسَائِيّ، وَابْن مَاجَه، فِي «سُنَنهمْ» وَأَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «صَحِيحه» وَالْحَاكِم فِي «الْمُسْتَدْرك» عَلَى الصَّحِيحَيْنِ (من رِوَايَة) معقل بن (يسَار) الْأَشْجَعِيّ، وَهُوَ أَبُو سِنَان أَو أَبُو مُحَمَّد، أَو أَبُو عبد الرَّحْمَن، أَو أَبُو يزِيد، أَو أَبُو عِيسَى أَقْوَال، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وَقَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم. وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد بن حزم فِي رسَالَته الْكُبْرَى فِي إبِْطَال الْقيَاس: لَا مغمز فِيهِ لصِحَّة إِسْنَاده. وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى الإِمَام الشَّافِعِي رضي الله عنه أَنه قَالَ: قد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِأبي هُوَ وَأمي - «أَنه قَضَى فِي بروع بنت واشق وَقد نكحت بِغَيْر مهرٍ، فَمَاتَ زَوجهَا، فَقَضَى (لَهَا) بِمهْر نسائها وَقَضَى لَهَا بِالْمِيرَاثِ» فَإِن كَانَ يثبت عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَهُوَ أولَى الْأُمُور بِنَا، وَلَا حجَّة فِي قَول أحد دون النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَإِن كَثُرُوا، وَلَا فِي قِيَاس وَلَا شَيْء فِي قَوْله إِلَّا طَاعَة الله بِالتَّسْلِيمِ لَهُ (وَإِن كَانَ لَا يثبت عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم) لم يكن لأحد أَن (يثبت) عَنهُ (مَا لم يثبت) وَلم أحفظه عَنهُ (من) وَجه يثبت مثله. هُوَ مرّة يُقَال: عَن معقل بن يسَار، وَمرَّة عَن معقل بن سِنَان، ومرَّة عَن بعض أَشْجَع لَا يُسمى. هَذَا كَلَام الشَّافِعِي برمتِهِ وَهُوَ نَصه فِي «الْأُم» بِحُرُوفِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الإِمَام الرَّافِعِيّ فِي الْكتاب فِي رِوَايَة هَذَا (الحَدِيث) اضْطِرَاب، قيل: رَوَاهُ (معقل بن سِنَان، وَقيل:) معقل بن يسَار، وَقيل: رجل من أَشْجَع، أَو نَاس من أَشْجَع، وَنقل الرَّافِعِيّ أَيْضا عَن صَاحب « (التَّقْرِيب» ) أَنه صحّح الحَدِيث، وَأَنه
(قَالَ) الِاخْتِلَاف فِي الرَّاوِي لَا يضر؛ لِأَن الصَّحَابَة عدُول كلهم (وَلِأَنَّهُ) يحْتَمل أَن بَعضهم نسبه إِلَى أَبِيه، وَبَعْضهمْ إِلَى جدٍّ لَهُ قريب أَو بعيد، وَبَعْضهمْ إِلَى قومه وقبيلته. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» بعد أَن نقل كَلَام الشَّافِعِي السالف: لَكِن (عبد) الرَّحْمَن بن مهْدي إِمَام من أَئِمَّة الحَدِيث. رَوَاهُ وَذكر إِسْنَاده ثمَّ قَالَ: هَذَا إِسْنَاد صَحِيح. قَالَ: وَقد سَمّى فِيهِ معقل بن سِنَان، وَهُوَ صَحَابِيّ مَشْهُور. وَقَالَ فِي «خلافياته» : إِسْنَاده صَحِيح وَرُوَاته ثِقَات. قَالَ: وَمَعْقِل بن سِنَان صَحَابِيّ مَشْهُور. قَالَ فِي «سنَنه» وَرَوَاهُ يزِيد بن هَارُون، وَهُوَ أحد حفاظ الحَدِيث مَعَ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي بِإِسْنَاد صَحِيح
…
وَذكر سَنَده، ثمَّ سَاقه الْبَيْهَقِيّ باخْتلَاف طرقه (ثمَّ) قَالَ فيهمَا: هَذَا الِاخْتِلَاف فِي قصَّة بروع بنت واشق عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا يوهن الحَدِيث؛ فَإِن جَمِيع هَذِه الرِّوَايَات أسانيدها صِحَاح، وَفِي بَعْضهَا مَا دلّ عَلَى أَن جمَاعَة من أَشْجَع شهدُوا بذلك؛ فَكَأَن بعض الروَاة يُسمى مَعَهم، وَبَعْضهمْ سَمّى اثْنَيْنِ، وَبَعْضهمْ أطلق وَلم يسم، وَمثله لَا يرد الحَدِيث، وَلَوْلَا ثِقَة من رَوَاهُ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لما كَانَ (لفرح) عبد الله بن مَسْعُود بروايته مَعْنَى، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : قَالَ أَبُو زرْعَة الَّذِي قَالَ معقل بن سِنَان هُوَ أصح.
قلت: وَهَذَا قريب، وَقَالَ الشَّيْخ زكي الدَّين فِي «حَوَاشِي السّنَن» :(هَذَا الحَدِيث) صَححهُ التِّرْمِذِيّ، وَبِه قَالَ أَصْحَاب الرَّأْي. قَالَ: وَهُوَ أصح قولي الشَّافِعِي. قَالَ: وَمَا يرْوَى من أَن عليًّا رضي الله عنه قَالَ: لَا يعقل معقل بن سِنَان أَعْرَابِي يَبول عَلَى عَقِبَيْهِ فَلم يَصح ذَلِك عَنهُ.
قلت: وَكَذَلِكَ تَضْعِيف الْوَاقِدِيّ لَهُ بِأَنَّهُ (حَدِيث ورد) إِلَى الْمَدِينَة من أهل الْكُوفَة فَمَا عرفه أحد من عُلَمَاء الْمَدِينَة وَلأَجل ذَلِك قَالَ مَالك: يقدم إِيجَاب مهرهَا كَمَا حُكيَ عَن عَلّي وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَزيد بن ثَابت لَا يقْدَح؛ لِأَن (مثل) هَذَا كثير فِي الحَدِيث، قَالَه الْمَاوَرْدِيّ (و) فِي «الْمُسْتَدْرك» : سَمِعت أَبَا عبد الله الْحَافِظ، وَقيل لَهُ: سَمِعت الْحسن بن سُفْيَان يَقُول: سَمِعت حَرْمَلَة بن يَحْيَى يَقُول: سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول: إِن صَحَّ حَدِيث بروع بنت واشق قلت بِهِ، فَقَالَ أَبُو عبد الله: لَو حضرت الشَّافِعِي لقمت عَلَى رُءُوس أَصْحَابه وَقلت: فقد صَحَّ الحَدِيث فَقل بِهِ. فَقَالَ الْحَاكِم: فالشافعي إِنَّمَا قَالَ: لَو صَحَّ الحَدِيث؛ لِأَن هَذِه الرِّوَايَة إِن كَانَت صَحِيحَة فَإِن الْفَتْوَى فِيهِ لعبد الله بن مَسْعُود وَسَنَد الحَدِيث لنفر من أَشْجَع. قَالَ: وَشَيخنَا (أَبُو عبد الله) رحمه الله إِنَّمَا حكم بِصِحَّة الحَدِيث؛ لِأَن الثِّقَة قد سَمّى فِيهِ رجلا من الصَّحَابَة وَهُوَ معقل بن سِنَان الْأَشْجَعِيّ، قَالَ: وبصحة مَا ذكرته أخبرنَا الْقطيعِي، قَالَ: نَا عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ: حَدثنِي أبي، عَن عبد الرَّحْمَن
بن مهدى، عَن سُفْيَان، عَن (فراس) عَن الشّعبِيّ، عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله «فِي رجل تزوج امْرَأَة فَمَاتَ وَلم يدْخل بهَا وَلم يفْرض لَهَا، فَقَالَ: لَهَا الصَدَاق (كَامِلا) وَعَلَيْهَا الْعدة وَلها الْمِيرَاث. فَقَامَ معقل بن سِنَان فَقَالَ شهِدت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَضَى بِهِ فِي بروع بنت واشق» فَصَارَ الحَدِيث صَحِيحا عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ.
وَذكره الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين بن دَقِيق الْعِيد أَيْضا فِي آخر «الاقتراح» فِي الْقسم الرَّابِع فِي أَحَادِيث رَوَاهَا من أخرج لَهُ الشَّيْخَانِ فِي «صَحِيحَيْهِمَا» وَلم يخرجَا تِلْكَ الْأَحَادِيث. وَخَالف الْحفاظ كلهم أَبُو بكر بن أبي خَيْثَمَة فَقَالَ فِي «تَارِيخه» فِي تَرْجَمَة معقل بن سِنَان: هَذَا حَدِيث مُخْتَلف فِيهِ. قَالَ أَبُو سعيد [الدَّارمِيّ] : مَا خلق الله معقل بن سِنَان قطّ، وَلَا كَانَت بروع بنت واشق قطّ! قَالَ النَّوَوِيّ فِي «التَّهْذِيب» هَذَا الذى قَالَه [الدَّارمِيّ] غلط مِنْهُ وجهالة؛ لما عَلَيْهِ الْحفاظ وَالصَّوَاب أَنه حَدِيث صَحِيح، وَإِنَّمَا ذكرت هَذَا لأنبه عَلَى بُطْلَانه؛ لِئَلَّا يرَاهُ من لَا
يعرف حَاله فيتوهمه صَحِيحا، وَلَقَد أحسن صَاحب التَّقْرِيب من أَصْحَابنَا حَيْثُ صحّح الحَدِيث كَمَا تقدم نَقله عَنهُ، وَقَالَ: الِاخْتِلَاف فِي الرَّاوِي لَا يضر؛ لِأَن الصَّحَابَة كلهم عدُول، وَلِأَنَّهُ يحْتَمل أَن بَعضهم نسبه إِلَى أَبِيه وَبَعْضهمْ إِلَى جدٍّ لَهُ قريب أَو بعيد، وَبَعْضهمْ إِلَى قومه وقبيلته وَعبر الشَّيْخ الْمُسَمَّى: نجم الدَّين بن الرّفْعَة فِي كتاب «الْمطلب شرح الْوَسِيط» عَن هَذَا بِأَن قَالَ: [يحْتَمل] أَن يسارا أَبوهُ وسنانًا (جده وَأَشْجَع) قبيلته فنسبه أحد الروَاة لِأَبِيهِ، وَالْآخر لجده، وَالْآخر لقبيلته.
فَائِدَتَانِ:
أَحدهمَا: اسْم زوج بروع: هِلَال بن مرّة الْأَشْجَعِيّ، وَقيل: هِلَال بن مَرْوَان، ذكره ابْن مَنْدَه وَأَبُو نعيم.
الثَّانِيَة: مَعْقِل: بِفَتْح الْمِيم، وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَكسر الْقَاف.
وَسنَان: بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة، وَبعد نون مَفْتُوحَة وَبعد الْألف نون.
وبِرْوع: بباء مُوَحدَة مَكْسُورَة ثمَّ رَاء مُهْملَة سَاكِنة، ثمَّ وَاو مَفْتُوحَة ثمَّ عين مُهْملَة، وأبوها واشق - بالشين الْمُعْجَمَة الْمَكْسُورَة وبالقاف - وهى كلابية، وَقيل: أشجعية.
قَالَ الْجَوْهَرِي فِي «صحاحه» : أَصْحَاب الحَدِيث يَقُولُونَ: بروع بِكَسْر الْبَاء، وَالصَّوَاب الْفَتْح؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَام فِعوَل إِلَّا خِرْوَع وَهُوَ اسْم لكل نبت يتثنى، وعتود: اسْم وادٍ. وَذكر صَاحب «الْمُحكم» فِي بروع، نَحْو قَول الْجَوْهَرِي، وَقَالَ القلعي فِي كِتَابه «أَلْفَاظ الْمُهَذّب» :