الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عُرَفَاؤُهُمْ، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه أَن النَّاس قد طيبُوا وأذنوا» .
وَرَوَى الشَّافِعِي الْقِصَّة فِي «سير الْوَاقِدِيّ» من كتاب «الْأُم» بأطول من ذَلِك، وفيهَا: «أَنه عليه السلام ترك حَقَّه وحَقَّ أهل بَيته، فَسمع بذلك الْمُهَاجِرُونَ، فتركوا لَهُم حَقهم (وَسمع بذلك الْأَنْصَار فتركوا لَهُم حَقهم) ، ثمَّ بَقِي قوم من الْمُهَاجِرين الآخرين، وَأَنه عرَّف عَلَى كل عشرَة وَاحِدًا
…
» ثمَّ سَاق الحَدِيث.
الحَدِيث التَّاسِع
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قدِّموا قُريْشًا» .
هَذَا الحَدِيث تقدَّم بَيَانه فِي بَاب صَلَاة الْجَمَاعَة وَاضحا.
الحَدِيث الْعَاشِر
«أنَّه صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي حلف الفضول» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ الْحميدِي عَن سُفْيَان، عَن عبد الله، عَن مُحَمَّد، وَعبد الرَّحْمَن بن أبي بكر قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد شهدتُ فِي دَار عبد الله بن جدعَان حلفا، لَو دعيت بِهِ فِي الْإِسْلَام لَأَجَبْت، تحالفوا أَن (يردوا) الفضول (عَلَى) أَهلهَا، وَأَن لَا يَعُد (ظَالِم) مَظْلُوما» .
وَرَوَاهُ ابْن أبي أُسَامَة فِي «مُسْنده» أَيْضا، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث طَلْحَة بن عبد الله بن عَوْف.
(قَالَ) السُّهيْلي: وَهَذَا أَقْوَى وَأولَى مَا ورد فِي تَفْسِير حلف الفضول. قَالَ: وَقَول ابْن قُتَيْبَة فِيهِ حسنٌ، وَهُوَ كَانَ قد سبق قُريْشًا إِلَى مثل هَذَا الْحلف جرهم فِي الزَّمن الأوَّل فتحالف مِنْهُم ثَلَاثَة، هم ومَنْ تَبِعَهُمْ: الْفضل بن فضَالة، وَالْفضل بن ودَاعَة، وَالْفضل بن الْحَارِث - وَقيل: ابْن (رِفَاعَة) - فلمَّا أشبه فعل قُرَيْش الآخر فعل هَؤُلَاءِ الجرهميين سُمِّي حِلف الفضول، وَكَانَ ذَلِك فِي ذِي الْقعدَة قبل المبعث بِعشْرين سنة، ثمَّ ذكر السُّهيْلي سَبَب ذَلِك وأوضحه (كعادته) .
(قَالَ الرَّافِعِيّ: وَكَذَلِكَ كَانَ عليه السلام فِي الْحلف الأول وَكَانَ مَعَ المطيبين) .
قلت: فِي «مُسْند أَحْمد» من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «شهدتُ حِلْفَ المطيبين مَعَ عمومتي، وَأَنا غُلَام، فَمَا أُحِبُّ أَن لي حُمْرَ النّعم وَأَنِّي (أنكثه) » .
وَفِي «سنَن الْبَيْهَقِيّ» من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَيْضا رَفَعَهُ: «شهِدت وَأَنا غُلَام حلف المطيبين، فَمَا أُحب أَن أنكثه وَأَن لي (بِهِ) حُمْرَ النعم» .
وَفِي رِوَايَة لَهُ: «شهدتُ مَعَ عمومتي» (وَرَوَى هَذَا الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» بِلَفْظ «شهِدت غُلَاما مَعَ عمومتي) حلف المطيبين، فَمَا (ترَى) أَن لي حُمْر النعم وَإِنِّي أنكثه» . ثمَّ قَالَ: حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد. وَكَذَا أخرجه ابْن حبَان فِي «صَحِيحه» .
وَفِي «سنَن الْبَيْهَقِيّ» أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَفعه: (مَا شهِدت حلفا إِلَّا حلف قُرَيْش من حلف المطيبين، وَمَا أحب لي بِهِ حمر النعم، وَأَنِّي كنت نقضته» . والمطيبون: هَاشم و [أُميَّة] وزهرة، ومخزوم، وَرَوَى هَذَا ابْن حبَان فِي «صَحِيحه» بِلَفْظ:«مَا شهدتُ مِنْ حلف قُرَيْش إِلَّا حلف المطيبين، وَمَا أحب أَن لي حمر النعم، وَإِنِّي كنت نقضته» .
قَالَ (ابْن حبَان) : والمطيبون: هَاشم و [أُميَّة] وزهرة، ومخزوم.
قَالَ: وَلم يشْهد حلف المطيبين؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَبْل مولده، وَإِنَّمَا شهد حلف الفضول، وهُمْ (كالمطيبين) .
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: لَا أَدْرِي هَذَا التَّفْسِير من قَول أبي هُرَيْرَة أَو من دونه. قَالَ: وَبَلغنِي أَنه قد قيل: حلف المطيبين؛ لأَنهم غمسوا أَيْديهم فِي طِيْبٍ. قَالَ الشَّافِعِي: وَقَالَ بَعضهم: حلفٌ من الفضول.
قَالَ مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي: قَالَ بعض أهل الْمعرفَة بالسير وَأَيَّام النَّاس: إِن قَوْله فِي الحَدِيث: «حلف المطيبين» غلط؛ إِنَّمَا هُوَ حلف الفضول، وَذَلِكَ أَنه عليه السلام لم يدْرك حلف المطيبين؛ لِأَن ذَلِك كَانَ قَدِيما قبل أَن يُولد بِزَمَان. وَكَذَا ذكر هَذَا الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» وابْنُ عدي فِي «كَامِله» ، وَفِي «المستعذب عَلَى المهذَّب» : حلف المطيبين والفضول حلفان كَانَا فِي الْجَاهِلِيَّة من قُرَيْش:
أما الأول: فَلِأَن عَاتِكَة بنت عبد الْمطلب عملت لَهُم طيبا فِي جِفْنَةٍ وتركتها فِي الحِجْر؛ فغمسوا أَيْديهم فِيهَا وتحالفوا، وَقيل: إِنَّهُم مسحوا بِهِ الْكَعْبَة توكيدًا عَلَى أنفسهم. ولأي أمرٍ تحالفوا؟ قيل: عَلَى مَنْع الظَّالِم ونصْر الْمَظْلُوم. وَقيل: كَانَ بَنُو عَبْدِ الدَّار أَرَادوا أخْذَ السِّقَايَة والرفادة من بني هَاشم، فتحالفوا عَلَى مَنعهم، وَنحر الْآخرُونَ جَزُورًا، وغمسوا أَيْديهم فِي الدَّم، وَقيل: سُمُّوا المطيبين لأَنهم تحالفوا عَلَى أَن ينفقوا ويطعموا الْوُفُود من طيب أَمْوَالهم. وَفِي حلف (الفضول) وَجْهَان:
الأول: أَنه اجْتمع فِيهِ رجال أَسمَاؤُهُم الْفضل: ابْن الْحَارِث، وَابْن ودَاعَة، وَابْن فضَالة (كَمَا سلف) .
والفضول جَمْع فضل، قَالَ الْهَرَوِيّ: يُقَال: فضل وفضول، كَمَا يُقَال: سعد وسعود. وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: هم قوم من جرهم تحالفوا يُقَال لَهُم: فِضال وفُضال وفضالة، فلمَّا تحالفت قُرَيْش عَلَى مثله سُمُّوا حلف الفضول. ولأي أمْرٍ تحالفوا؟ فَقيل: عَلَى أَن لَا يَجدوا بِمَكَّة مَظْلُوما من أَهلهَا، أَو من غَيرهَا إِلَّا قَامُوا مَعَه.
وَقيل: عَلَى أَنهم يُنْفقُونَ من فضول أَمْوَالهم، فسمُّوا بذلك حلف الفضول.
وَقيل: سُمُّوا بذلك لفاضلِ ذَلِك الطِيْب.
تَنْبِيه (خَاتِمَة) قَالَ الرَّافِعِيّ: وَكَانَ فِي قُرَيْش حِلفان قبل المبعث - وَالْحلف: الْعَهْد والبيعة - أَحدهمَا: أَنه وَقع نزاع بَين عبد منَاف وَبني عبد الدَّار، فِيمَا كَانَ إِلَى قُصي من الحجابة والسقاية والرفادة واللواء، فتبع عبد منَاف قبائل. . إِلَى آخِره. وَقد بَيَّنَّاها.
وَعبد منَاف وَعبد الدَّار ولدان لقُصيّ وَلَهُمَا أَخ ثَالِث اسْمه عبد الْعُزَّى، وَالْمرَاد بالحجابة: حجاب الْكَعْبَة، وَهِي ولَايَة فتحهَا وغلقها وَخدمتهَا، ويُعبَّر عَن ذَلِك (بالسِّدَانةِ) أَيْضا (وَهِي) بكَسْر السِّين الْمُهْملَة، وَالْمرَاد بالسقاية: الْقيام بتهيئة المَاء من زَمْزَم، وطرْح الزَّبِيب فِيهِ لسقي الْحجَّاج، والرِّفادة - بكَسْر الرَّاء - مَال كَانَت قُرَيْش تجمعه