الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب: صَدَقَة التَّطَوُّع
ذكر فِيهِ رحمه الله تِسْعَة أَحَادِيث:
الحَدِيث الأول
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ليتصدَّق الرجل من ديناره، وليتصدَّق من درهمه، وليتصدَّق من صَاع بُرِّه» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، أخرجه مُسلم فِي (صَحِيحه من) حَدِيث (جرير) بن عبد الله قَالَ: «كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي صدر النَّهَار، فَجَاءَهُ قومٌ حفاء مجتابي النمار أَو العباء (متقلدي) السيوف، عامتهم من مُضَر، بل كلهم من مُضَر؛ فتمعَّر وَجه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما رَأَى بهم من الْفَاقَة، فَدخل ثمَّ خرج، فَأمر بِلَالًا فأذَّن وَأقَام، فَصَلى (بهم) ثمَّ خطب. فَقَالَ:(يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم الَّذِي خَلقكُم من نَفْس وَاحِدَة) إِلَى آخر الْآيَة: (إِن الله كَانَ عَلَيْكُم رقيبًا)، وَالْآيَة الَّتِي فِي الْحَشْر:(اتَّقوا الله ولتنظر نفسٌ مَا قدَّمت لغدٍ) إِلَى آخر الْآيَة، تصدق الرجل مِنْ ديناره، مِنْ درهمه، مِنْ ثَوْبه، مِنْ صَاع بُرِّه، من صَاع تَمْره، حَتَّى
قَالَ: وَلَو بِشِقِّ تَمْرَة، قَالَ: فجَاء رجل من الْأَنْصَار بُصرَّةٍ كَادَت كفّه تعجز عَنْهَا، بل قد عجزت، ثمَّ تتَابع النَّاس، حَتَّى رأيتُ كَوْمَيْن من طَعَام وَثيَاب، حَتَّى رأيتُ وَجه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَتَهَلَّل كَأَنَّهُ مُذْهَبَة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَام سُنَّةً حَسَنَة فَلهُ أجرهَا وَأجر مَنْ عمل بهَا (مِنْ) بعده، مِنْ غير أَن (ينقص) من أُجُورهم شَيْء ومَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَام سُنَّةُ سَيِّئَة كَانَ عَلَيْهِ وزِرْها وَوِزْر مَنْ عمل بهَا مِنْ بعده من غير أَن (ينقص) مِنْ أوزارهم شَيْء» .
فَائِدَة: قَوْله «مجتابي النمار» : يُقَال: (اجتاب) فلَان ثوبا إِذا لبسه، - وتَمَعَّرَ: تغيَّر من الْغَضَب، والكومة من الطَّعَام: الصُّبْرَة، وأصل الكوم مَا ارْتَفع من الطَّعَام وأشرف، ومذهبه - بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة - قَالَ ابْن الْأَثِير: هُوَ من الشَّيْء الْمَذْهَب، أَي: المموه بِالذَّهَب، أَو من قَوْلهم: فرس مَذْهَب؛ إِذا عْلَتْ حُمرَتَه صُفْرَةٌ. وَفَسرهُ الْحميدِي فِي «غَرِيبه» بِأَن قَالَ: المدهن - يعْنى بالنُّون -: نقرة فِي الْجَبَل يُستنقع فِيهَا المَاء من الْمَطَر، والمدهن أَيْضا: مَا جُعل فِيهِ الدّهن، والمدهنة كَذَلِك؛ شبه صفاء وَجهه (لإشراق السرُور (بصفاء هَذَا) المَاء الْمُجْتَمع، أَو بصفاء الدّهن.