الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومرسلاً، وَلَفظه فِي الأول:«حَرِيم (قليب) الْبِئْر العادية خَمْسُونَ ذِرَاعا، وحريم (قليب) (الْبِئْر) البادي خَمْسَة وَعِشْرُونَ ذِرَاعا) وَلَفظه فِي الثَّانِي كَلَفْظِ الدَّارَقُطْنِيّ، إِلَّا أَنه قَالَ بدل «الْبَدِيِّ» : «المحدثة» .
ذكرهمَا جَمِيعًا فِي كتاب الْأَحْكَام من «مُسْتَدْركه» عَن شَيْخه ابْن خُزَيْمَة بِإِسْنَادِهِ، وَسكت عَلَيْهَا.
فَائِدَة: الْبَدِيِّ: بِفَتْح الْبَاء، وَكسر الدَّال، وَتَشْديد الْيَاء، كَذَا رَأَيْته بِخَط ابْن الْجَوْزِيّ مضبوطًا فِي «غَرِيبه» ورأيته فِي «الصِّحَاح» بِالْهَمْز، ضبط الْكَاتِب، وَفِي «الرَّافِعِيّ» عَنهُ: أَن البدية الَّتِي أحدثت فِي الْإِسْلَام وَلم تكن عَادِية. وَهُوَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي «صحاحه» فِي فصل «بَدَأَ» : والبديء والبدي: الْبِئْر الَّتِي حُفرت فِي الْإِسْلَام وَلَيْسَت بعادية. ثمَّ ذكر الحَدِيث، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هِيَ الَّتِي ابْتَدَأتهَا أَنْت فحفرتها. وَقَالَ أَبُو عبيد: وَهِي الَّتِي حُفرت فِي الْإِسْلَام، والعادية: الْقَدِيمَة.
الحَدِيث الْحَادِي عشر
قَالَ الرَّافِعِيّ: لَا يمْنَع من أَحْيَا مَا وَرَاء الْحَرِيم، قَرُبَ أم بَعُدَ؛ لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم «أقطع عبد الله بن مَسْعُود الدُّور، وَهِي بَين ظهراني عمَارَة الْأَنْصَار من الْمنَازل» (والدُّور) يُقَال: إِنَّه اسْم مَوضِع، وَيُقَال: الْمَعْنى أَنه أقطعه تِلْكَ الْبقْعَة ليتخذها دورًا.
هَذَا الحَدِيث تبع فِي إِيرَاده الإِمَام الشَّافِعِي؛ فَإِنَّهُ قَالَ فِي
قَالَ الشَّافِعِي: وَفِي ذَلِك دلَالَة عَلَى أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أقطع الْمَدِينَة بَين ظهراني عمَارَة الْأَنْصَار من الْمنَازل والنخيل.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» و «مَعْرفَته» من حَدِيث الرّبيع عَنهُ، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن يَحْيَى بن جعدة قَالَ:«لما قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة أقطع الناسَ الدّور، فَقَالَ حَيّ من بني زهرَة - يُقَال لَهُم: بَنو عبد (بن زهرَة) -: نكب عَنَّا ابْن أم عبد. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: فَلم ابتعثني (الله) إِذا؟ ! إِن الله لَا يقدس أُمَّة لَا يُؤْخَذ للضعيف فيهم حَقه» .
وَهَذَا مُرْسل، قَالَ ابْن معِين وَأَبُو حَاتِم: يَحْيَى بن جعدة لم يلق ابْن مَسْعُود وَإِنَّمَا يُرْسل عَنهُ، وَقد وَصله الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» فَقَالَ: ثَنَا أَبُو خَليفَة الْفضل بن الْحباب، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن سَلام الجُمَحِي، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن يَحْيَى بن جعدة، [بن هُبَيْرَة] عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: «لمَّا قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة أقطع
الدَّور، وأقطع ابْن مَسْعُود فِيمَن أقطع، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه: يَا رَسُول الله، نَكِّبه عَنَّا. قَالَ: فَلِمَ بَعَثَنِي الله إِذا؟ ! إِن الله لَا يقدس أُمَّة (لَا يُعْطون) الضَّعِيف مِنْهُم حَقه» .
و «هُبَيْرَة» : حَالَته جَيِّدَة كَمَا قررتها فى أَوَائِل كتَابنَا هَذَا فِي بَاب: بَيَان النَّجَاسَات وَالْمَاء النَّجس، لَا كَمَا زعم من يُضعفهُ.
فَائِدَة: وَقع فِي «مُخْتَصر الْمُزنِيّ» : «فجَاء حيٌّ من بني عذرة» كَمَا أسلفناه بدل «بني عبد» وَهُوَ غلط؛ لِأَن «عبد بن زهرَة» لَا يَكُونُوا من «بني عذرة» .
وَإِنَّمَا هم من قُرَيْش، وهم رَهْط عبد الرَّحْمَن بن عَوْف. قَالَه الإِمَام فِي «نهايته» وَقَالَ القَاضِي حُسَيْن:«بَنو عذرة» من الْأَنْصَار. وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، وَإِنَّمَا هم من الْيمن، منسوبون إِلَى عذرة بن زيد اللات، و «عبد بن زهرَة» هُوَ عبد بن الْحَارِث بن زهرَة، وَابْن مَسْعُود من قُرَيْش، وَالظَّاهِر أَن قُريْشًا (لَا تكره) مجاورته، وَلَكِن ذَلِك الْحَيّ لمَّا كَانُوا من الْيمن وهم قريبون من الْأَنْصَار، سكنوا بَينهم؛ فكرهوا مجاورة ابْن مَسْعُود، قَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب: كَانَت الْمَدِينَة نصفهَا عَامر وَنِصْفهَا خراب، فأقطع الْأَنْصَار الخراب، وأقطع ابْن مَسْعُود بَين ظهرانيهم، وَأَرَادُوا إبعاده بقَوْلهمْ:«نكِّب» هُوَ بِكَسْر الْكَاف، وَقَالَ بَعضهم: مَعْنَى «نكِّب» : عدِّل، تَقْدِيره: عدل هُنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بإقطاعه.