الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
احْتِمَالَيْنِ: أَحدهمَا: أَن يكون أعطَاهُ قبل أَن يسلم، ثمَّ قَالَ: وَهُوَ الْأَقْوَى. وَثَانِيهمَا: أَن يكون بعد إِسْلَامه.
قلت: وَهَذَا عجيبٌ، فقد (رَوَى) ابْن الْأَثِير فِي كِتَابه «أُسْد الغابة» : أَن الْإِعْطَاء قَبْل الْإِسْلَام، وَأَنه شهد حنينًا كَافِرًا؛ فارتفع الْخلاف، وَللَّه الْحَمد.
وَأما عدي بن حَاتِم، والزبرقان بن بدر؛ فَلم أر أحدا غَيرهمَا من الْمُؤَلّفَة، وَقد جمع ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تلقيحه» الْمُؤَلّفَة من كَلَام ابْن عَبَّاس وَابْن إِسْحَاق وَمُقَاتِل، وَمُحَمّد بن حبيب فِي « (محبره) » ، وَابْن قُتَيْبَة، فَلم يذكرهما فيهم.
الحَدِيث الثَّالِث عشر
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تحل الصَّدَقَة إِلَّا لخمسةٍ
…
» وَذكر مِنْهُم «الْغَارِم» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فى «سنَنه» مِنْ طَرِيقين:
أَحدهمَا: عَن عَطاء بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تحل الصَّدَقَة لغنيٍّ، إِلَّا لخمسة: لغاز فِي سَبِيل الله، أَو لعامل عَلَيْهَا، أَو لغارم، أَو لرجل اشْتَرَاهَا بِمَالِه، أَو لرجلٍ كَانَ لَهُ جَاره مِسْكين فَتصدق عَلَى المسكينِ؛ (فأهدى) المسكينُ للغني» .
وَكَذَلِكَ أخرجه مَالك فِي «موطئِهِ» مُرْسلا.
ثَانِيهَا: عَن عَطاء عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِمَعْنَاهُ، كَذَا قَالَ أَبُو دَاوُد، وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه من هَذَا الْوَجْه مُتَّصِلا، كَمَا ذكره أَبُو دَاوُد بِاللَّفْظِ الأول (مَعَ) تقديمٌ وتأخيرٌ، وَقَالَ:«أَو غنيّ اشْتَرَاهَا بِمَالِه، أَو فَقير تصدق عَلَيْهِ فأهداها لَغَنِيّ» يدل عَلَى مَا تقدم.
وَرَوَاهُ الْبَزَّار مُتَّصِلا من طَرِيقين إِلَى أبي سعيد مَرْفُوعا، وَرَوَاهُ أَحْمد مُتَّصِلا أَيْضا، وَاخْتلف الْحفاظ (أَيهمَا) أصح: طَريقَة الْوَصْل أَو طَريقَة الْإِرْسَال؟ فصحح الثَّانِي طائفةٌ؛ فَفِي «علل ابْن أبي حَاتِم» : أَن الثَّوْريّ أرْسلهُ، وَنقل عَن أَبِيه أَن الْإِرْسَال أشبه. كَذَا نَقله عَن الثَّوْريّ، وَسَيَأْتِي عَن الْبَيْهَقِيّ مَا يُخَالِفهُ، وَسُئِلَ عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ فَقَالَ فِي «علله» : هَذَا الحَدِيث حدَّث بِهِ عبد الرَّزَّاق عَن معمر، وَالثَّوْري عَن زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيدٍ، قَالَه ابْن عَسْكَر، وَقَالَ غيرُه: عَن عد الرَّزَّاق عَن معمر وَحده، وَهُوَ أصح. قَالَ: وَرَوَاهُ ابْن مهْدي، عَن الثَّوْريّ، عَن زيد بن أسلم قَالَ: حَدثنِي الثبْتُ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَلم يسم رجلا، وَهُوَ الصَّحِيح.
وَصحح طَائِفَة الأول، قَالَ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» بعد أَن أخرجه
فِيهِ من حَدِيث (عَطاء عَن أبي سعيد مَرْفُوعا بِلَفْظ أبي دَاوُد الْمُرْسل: هَذَا حَدِيث) صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ، قَالَ: وَإِنَّمَا لم يخرجَاهُ لإرسال مَالك بن أنس إِيَّاه، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء. قَالَ: وَهَذَا من شرطي أَنه صَحِيح، فقد يُرْسل مالكٌ (الحديثَ أَو يصله أَو يَقِفُهُ) فَالْقَوْل قَول الثِّقَة الَّذِي يصله ويسنده. وَقَالَ الْبَزَّار فِي «مُسْنده» : هَذَا الحَدِيث قد رَوَاهُ غيرُ واحدٍ، عَن زيد، عَن عَطاء مُرْسلا، وأسنده عبد الرَّزَّاق عَن: معمر، وَالثَّوْري قَالَ:(وَإِذا) حدَّث بِالْحَدِيثِ ثقةٌ كَانَ عِنْدِي الصَّوَاب، وَعبد الرَّزَّاق عِنْدِي ثِقَة، وَمعمر ثِقَة، وَقَالَ ابْن عبد الْبر: هَذَا الحَدِيث وَصله جمَاعَة من رِوَايَة زيد بن أسلم. وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» : إِسْنَاده ثِقَات. وَجمع الْبَيْهَقِيّ طُرُقَهُ، وفيهَا: أَن مَالِكًا، وَابْن عُيَيْنَة (أرسلا) وَأَن معمرًا، وَالثَّوْري (وصلا) وهما من جُلَّة الْحفاظ المعتمدين، وَالصَّحِيح إِذن أَن الحُكم للمتصل كَمَا صرَّح بِهِ أهل هَذَا الْفَنّ والأصوليون.
تَنْبِيه: هَذَا الحَدِيث ذكره الرَّافِعِيّ هُنَا مُخْتَصرا، وَذكره بَعْدُ مطولا بِلَفْظ أبي دَاوُد، وَجُمْهُور المصنفين عَلَى جَوَاز تقطيع الحَدِيث إِذا لم (يخل) بِالْمَعْنَى، وَهَذَا مِنْهُ، ومِنْ أَكْثَرهم اسْتِعْمَالا لهَذَا البخاريُّ