الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (تعلَّموا الْقُرْآن وعلِّموه الناسَ، وتعلَّموا الْفَرَائِض وعلِّموها الناسَ، وتعلَّموا العِلْم وعلِّموه الناسَ؛ فَإِنِّي امرؤٌ مقبوضٌ، وَإِن الْعلم سَيُقْبض وَتظهر الْفِتَن، حَتَّى يخْتَلف الِاثْنَان فِي الْفَرِيضَة (فَلَا يجدان) مِنْ يفصل بَينهمَا)
قَالَ: تَابعه جماعةٌ، وَرَوَاهُ الْمثنى بن بكر، عَن سُلَيْمَان بن جَابر، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِهَذَا.
وَقَالَ: الْفضل بن [دلهم] عَن عَوْف، عَن شهر، عَن أبي هُرَيْرَة.
قلت: وَهَذَا اخْتِلَاف آخر، وَسليمَان بن جَابر هَذَا مَجْهُول الْعين وَالْحَال، لَا جَرَم جزم ابْنُ الصّلاح فِي (مسلكه) بضَعْفِهِ.
الحَدِيث الثَّانِي
عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تعلمُوا الْفَرَائِض؛ فَإِنَّهَا من دِينكم، وَإنَّهُ نصف العِلْم، وَإنَّهُ أوَّلُ مَا يُنْزَعُ مِنْ أُمَّتي» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي «سنَنه» وَالْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» من هَذَا الْوَجْه مَرْفُوعا: «يَا أَبَا هُرَيْرَة، تعلمُوا الْفَرَائِض وعلمِّوه» .
وَقَالَ ابْن مَاجَه: «وعلِّموهاِ فَإِنَّهُ نصف الْعلم [وَهُوَ يُنسى] وَهُوَ أوَّلُ شيءٍ يُنْزَع من أمتِي» .
لم يُضعفهُ الْحَاكِم، بل سكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف؛ لِأَن فِي إِسْنَاده حَفْص بن عُمر بن أبي العطاف الْمدنِي، وَهُوَ واهٍ، ثمَّ رُمي بِالْكَذِبِ، قَالَ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث. وَأعله بِهِ ابْنُ حبَان فِي «تَارِيخ الضُّعَفَاء» وَقَالَ: حَفْص هَذَا يَأْتِي بأَشْيَاء (كلِّها) مَوْضُوعَة، لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ بحالٍ. وأمَّا الْبَيْهَقِيّ فَإِنَّهُ أَلَانَ القولَ فِيهِ؛ فَقَالَ فِي «سنَنه» : تفرد بِهِ حفصُ بن عُمر، وَلَيْسَ بالقويّ.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث شهر بن حَوْشَب، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا:«تعلمُوا الْقُرْآن والفرائض وعلموها النَّاس؛ فَإِنِّي امرؤٌ مَقْبُوض» . ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث فِيهِ اضْطِرَاب، وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن الْقَاسِم الْأَسدي، وَقد ضعفه أحمدُ بْنُ حَنْبَل وغيرُه.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» وَقد سُئِلَ عَن حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ التِّرْمِذِيّ، فَقَالَ: يرويهِ عَوْف الأعرابيُّ، واخْتُلف عَنهُ؛ فَرَوَاهُ الْفضل
بن [دلهم] عَن عَوْف عَن شهر عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا، وَخَالفهُ ابْنُ بكر فَرَوَاهُ عَن عَوْف عَن سُلَيْمَان بن جَابر عَن أبي الْأَحْوَص عَن عبد الله مَرْفُوعا [وَقَالَ أَبُو أُسَامَة: عَن عَوْف، عَن رجل، عَن سُلَيْمَان بن جَابر، عَن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم] وَلم يذكر أَبَا الْأَحْوَص، والمرسل أصح.
وأجْمَلَ ابْنُ الصّلاح القَوْل فِي تَضْعِيف هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: رُوي من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَابْن مَسْعُود، وَأَسَانِيده ضَعِيفَة.
فَائِدَة: حمل الرافعيُّ وغيرُه قَوْلَهُ عليه الصلاة والسلام: «إِنَّهَا نصف الْعلم» عَلَى أَن للْإنْسَان حَالَة حياةٍ وموتٍ، وَفِي الْفَرَائِض مُعظم الْأَحْكَام الْمُتَعَلّقَة بِحَال الْمَوْت. قَالَ ابْن الصّلاح: وَيكون لفظ «النّصْف» هُنَا عبارَة عَن القِسْم الْوَاحِد وَإِن لم يتساويا، كَقَوْلِه:
إِذا مِتُّ كَانَ النَّاس نِصْفَانِ شَامِتٌ
وَآخر مُثن بِالَّذِي كنتُ أصنَعُ
وَقَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: إِنَّمَا قيل لَهَا: «نصف العِلم» لِأَنَّهُ يُبْتَلى بِهِ النَّاس كلهم. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَيْهِ.
وَقيل: لِأَن العِلم يُسْتَفَادُ بالنَّص تَارَة وبالقياس أُخْرَى، والعِلم بِاعْتِبَار أَصله صنْفان أَو نصْفان، وَهَذَا الْعلم مُسْتَفَاد مِنَ النَّص؛ فَكَانَ صِنْفًا أَو نِصْفًا بِهَذَا الِاعْتِبَار، وَإِن [قيل] : فِي الْفَرَائِض مَا ثَبت بِغَيْر نصٍّ. قُلْنَا: حُكْمها ثَبت بِهِ؛ فَكَانَ بِهِ الِاعْتِبَار. حَكَاهُ ابْنُ الرّفْعَة فِي «مطلبه» .