الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْن الْجَوْزِيّ فِي «ضُعَفَائِهِ» ذكر فِيهِ قَول يَحْيَى: ضَعِيف الحَدِيث. وَقَول النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَاقْتصر عَلَى ذَلِك، وَقَالَ فِي «تَحْقِيقه» لما (سَاق) الحَدِيث (بِالْإِسْنَادِ) السالف: إِسْمَاعِيل وَسَعِيد ضعيفان. وَقد عرفت أَن الضعْف فِي هَذَا الحَدِيث لَا من جِهَة إِسْمَاعِيل؛ بل من جِهَة سعيد، وَلَيْسَ ضعفه مُتفقًا عَلَيْهِ، كَمَا علمت أَيْضا. وَوَقع فِي «الضُّعَفَاء» لَهُ: أَن (سعيدًا) هَذَا يروي عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش. وَالْمَعْرُوف فِي تَرْجَمته أَن إِسْمَاعِيل يروي عَنهُ، فَتنبه لَهُ. وَزَاد القَاضِي حُسَيْن فِي رِوَايَته لهَذَا الحَدِيث زِيَادَة غَرِيبَة، لم أر من خرجها، وَهِي:«سووا بَين أَوْلَادكُم فِي الْعَطِيَّة، حَتَّى القُبَل» .
الحَدِيث الثَّانِي عشر
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يحل لواهب أَن يرجع فِيمَا وهب، إِلَّا الْوَالِد؛ فَإِنَّهُ يرجع فِيمَا وهب لوَلَده» .
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَأَيْضًا فقد رُوي أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يحل لرجل يُعطي عَطِيَّة أَو يَهب هبة فَيرجع فِيهَا إِلَّا الْوَالِد فِيمَا يُعطي وَلَده وَمثل الَّذِي يُعطي الْعَطِيَّة ثمَّ يرجع فِيهَا كَمثل الْكَلْب يَأْكُل؛ فَإِذا شبع (قاء) ثمَّ عَاد (فِيهِ» .
هَكَذَا سَاقه) الرَّافِعِيّ (مساقة حديثين، وهما حَدِيث) وَاحِد، أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّافِعِي فِي «الْمُخْتَصر» فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَو اتَّصل حَدِيث طَاوس: «لَا يحل للْوَاهِب أَن يرجع فِيمَا وهب، إِلَّا وَالِد فِيمَا وهب لوَلَده» لَقلت بِهِ، وَرَوَاهُ (عَن) مُسلم بن خَالِد، عَن ابْن جريج، عَن الْحسن بن مُسلم، عَن طَاوس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يحل لواهب أَن يرجع فِيمَا وهب، إِلَّا الْوَالِد من وَلَده» ثمَّ قَالَ بعده بِقَلِيل: وَلَو اتَّصل حَدِيث طَاوس
…
فَذكر مَعْنَى مَا تقدم عَن «الْمُخْتَصر» قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «الْمعرفَة» : وَهَذَا الحَدِيث إِنَّمَا يُروى مَوْصُولا من جِهَة عَمْرو بن شُعَيْب، وَعَمْرو (ثِقَة) ثمَّ أسْندهُ من حَدِيث أبي دَاوُد، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا حُسَيْن الْمعلم، عَن عَمرو بن شُعَيْب، عَن طَاوس، عَن ابْن عُمر وَابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم:«لَا يحل لرجل أَن يُعطي عَطِيَّة أَو يهب هبة فَيرجع فِيهَا (إِلَّا) الْوَالِد فِيمَا يُعطي وَلَده، وَمثل الَّذِي يُعطي الْعَطِيَّة ثمَّ يرجع فِيهَا كَمثل الْكَلْب يَأْكُل حَتَّى إِذا شبع قاء ثمَّ عَاد [فِي] قيئه» .
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث (يُؤكده) مُرْسل الْحسن بن مُسلم (بن يناق) - يَعْنِي: السالف - والْحَدِيث الْمَوْصُول عَن النُّعْمَان
بن بشير، وَحَدِيثه فِي الْمَنْع من رُجُوع غَيره يؤكده حَدِيث ابْن عَبَّاس الثَّابِت فِي «الصَّحِيح» :«الْعَائِد فِي هِبته كالعائد فِي قيئه» . وَفِي رِوَايَة: «كَالْكَلْبِ يعود فِي قيئه» . قَالَ همام: قَالَ قَتَادَة: وَلَا نعلم الْقَيْء إِلَّا حَرَامًا. وَرَوَاهُ فِي «سنَنه» من حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج كَمَا سلف، بِلَفْظ:«لَا يحل لأحد يهب لأحد هبة ثمَّ يعود فِيهَا إِلَّا الْوَالِد» - وَهَذَا متابعٌ لمُسلم بن خَالِد - ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل، وَقد روُي مَوْصُولا. ثمَّ سَاقه من حَدِيث إِسْحَاق بن يُوسُف الْأَزْرَق، عَن حُسَيْن الْمعلم، عَن عَمرو بن شُعَيْب، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عُمر قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يُعْطي عَطِيَّة فَيرجع فِيهَا، إِلَّا الْوَالِد فِيمَا يُعْطِيهِ وَلَده، وَمثل الَّذِي يُعْطي الْعَطِيَّة ثمَّ يرجع فِيهَا كَالْكَلْبِ يَأْكُل حَتَّى إِذا شبع قاء، ثمَّ عَاد فَرجع فِي قيئه» ثمَّ سَاقه من حَدِيث يزِيد بن زُرَيْع، عَن حُسَيْن كَمَا سلف عَن أبي دَاوُد، ثمَّ سَاقه من حَدِيث عبد الْوَارِث، عَن (عَامر) الْأَحول (عَن عَمرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يرجع فِي هِبته إِلَّا الْوَالِد، والعائد فِي هِبته كالعائد فِي قيئه» . ثمَّ قَالَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِبْرَاهِيم بن طهْمَان وَسَعِيد بن أبي عرُوبَة، عَن (عَامر) الْأَحول، وَكَذَلِكَ يُرْوى عَن سعيد
بن بشير، عَن مطر وعامر الْأَحول) عَن عَمرو، عَن أَبِيه، عَن جده: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يرجع الرجل فِي هِبته، إِلَّا الْوَالِد من وَلَده، والعائد فِي هِبته كالعائد فِي قيئه» .
وَيحْتَمل أَن يكون عَمرو بن شُعَيْب رَوَاهُ من الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، فحسين الْمعلم حُجَّة، و (عَامر) الْأَحول ثِقَة، وَرُوِيَ عَن مطر وعامر نَحْو رِوَايَة (عَامر) وَحده. وَقَالَ فِي «خلافياته» لما أخرجه من حَدِيث إِسْحَاق الْأَزْرَق عَن حُسَيْن: تَابعه يزِيد بن زُرَيْع وَيزِيد بن هَارُون عَن حُسَيْن، وحسين من الثِّقَات، وَكَذَلِكَ سَائِر رُوَاته. ثمَّ سَاقه من حَدِيث عبد الْوَارِث عَن عَامر، ثمَّ ذكر مُتَابعَة إِبْرَاهِيم وَسَعِيد ومطر (لعامر)، ثمَّ قَالَ: وَكَأن عَمْرو بن شُعَيْب سمع الحَدِيث من الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا.
قلت: وَرَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» من حَدِيث حُسَيْن، كَمَا سلف، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي «جَامعه» من حَدِيث ابْن [أبي] عدي، عَن حُسَيْن الْمعلم، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن طَاوس، عَن (ابْن) عُمر وَابْن عَبَّاس، رَفَعَاهُ:«لَا يحل لأحدٍ أَن يُعْطِي عَطِيَّة فَيرجع فِيهَا، إِلَّا الْوَالِد فِيمَا يُعْطي وَلَده» .
وَأخرجه (النَّسَائِيّ) أَيْضا من هَذَا الْوَجْه، كَمَا أخرجه أَبُو دَاوُد، وَأخرجه ابْن مَاجَه من هَذَا الْوَجْه أَيْضا، وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالنَّسَائِيّ أَيْضا من حَدِيث عَمرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده مَرْفُوعا:«لَا يرجع [أحد] فِي هِبته إِلَّا الْوَالِد من وَلَده» . وَقد سُئِل الدَّارَقُطْنِيّ عَن حَدِيث عَمرو هَذَا (و) حَدِيث ابْن عُمر وَابْن عَبَّاس؛ فَقَالَ: لَعَلَّ الإسنادين محفوظان. وَقد سلف هَذَا عَن الْبَيْهَقِيّ أَيْضا، وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «صَحِيحه» وَالْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» كَمَا أخرجه أَبُو دَاوُد، ثمَّ قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد - قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ عَمرو بن شُعَيْب عَن طَاوس - وَلَا أعلم خلافًا فِي عَدَالَة عَمرو بن شُعَيْب، إِنَّمَا اخْتلفُوا فِي سَماع أَبِيه من جده. ثمَّ رَوَى بإسنادٍ إِلَى الإِمَام أَحْمد [أَن مُحَمَّد] بن عَلّي بن حمدَان الْوراق قَالَ (لَهُ) : عَمرو بن شُعَيْب سمع من أَبِيه شَيْئا؟ فَقَالَ: هُوَ عَمرو