الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بن سُلَيْمَان، وميز كَلَام عُرْوَة من كَلَام عَائِشَة، فَجعل الْقطعَة الْأَخِيرَة من كَلَامه، والقطعة الأولَى من كَلَام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
تَنْبِيه: وَقع فِي كَلَام ابْن معِين أَن حَدِيث عَائِشَة هَذَا رَوَاهُ مُسلم، وَمرَاده أَصله لَا كُله، وَوَقع فِي «الْمُفْهم» للقرطبي عزو حَدِيث:«لم يكن (يَد) السَّارِق تقطع فِي الشَّيْء التافه» إِلَى البُخَارِيّ، وَلَيْسَ هُوَ فِيهِ، وَإِنَّمَا فِيهِ أَصله كَمَا أعلمتك، فَتنبه لذَلِك.
الحَدِيث الْخَامِس
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» من طرق:
أَحدهَا: من حَدِيث عبيد الله بن مقسم، عَن رجل، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه:«أَن عليًّا رضي الله عنه وجد دِينَارا، فَأَتَى بِهِ فَاطِمَة [فَسَأَلت] عَنهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ (رَسُول الله صلى الله عليه وسلم) : هُوَ رزق (الله) فَأكل مِنْهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأكل عَلّي وفاطمةُ، فلمَّا كَانَ بعد ذَلِك أَتَتْهُ امْرَأَة تُنشد الدِّينَار، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: يَا عَلّي، أدِّ الدِّينَار» .
وَرجل هَذَا مَجْهُول، لَا يعرف من هُوَ.
ثَانِيهَا: من حَدِيث بِلَال بن يَحْيَى الْعَبْسِي عَن عَلّي: «أَنه الْتقط دِينَارا فَاشْتَرَى بِهِ دَقِيقًا، فَعرفهُ صَاحب الدَّقِيق؛ فردَّ عَلَيْهِ الدِّينَار، فَأَخذه عَلّي (فَقطع) مِنْهُ قيراطين، فَاشْتَرَى بِهِ لَحْمًا» .
وبلال هَذَا رَوَى عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مُرْسلا، وَعَن عمر بن الْخطاب، وَهُوَ مَشْهُور بالرواية عَن حُذَيْفَة، وَقيل عَنهُ بَلغنِي عَن حُذَيْفَة، وَفِي سَمَاعه مِنْ عَلّي نظر. قَالَه كُله الْمُنْذِرِيّ.
ثَالِثهَا: من حَدِيث مُوسَى بن يَعْقُوب (الزمعِي) عَن أبي حَازِم، عَن سهل بن سعد: «أَن عَلّي بن أبي طَالب دخل عَلَى فَاطِمَة، وَحسن وحسين يَبْكِيَانِ، فَقَالَ: مَا يبكيهما؟ ! قَالَت: الْجُوع! فَخرج عَلّي فَوجدَ دِينَارا بِالسوقِ، فجَاء إِلَى فَاطِمَة فَأَخْبرهَا، فَقَالَت: اذْهَبْ إِلَى فلَان الْيَهُودِيّ فَخذ لنا دَقِيقًا. فجَاء إِلَى الْيَهُودِيّ فَاشْتَرَى بِهِ دَقِيقًا، فَقَالَ الْيَهُودِيّ: أَنْت ختن هَذَا الَّذِي يزْعم أَنه رَسُول الله؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَخذ دينارك وَلَك الدَّقِيق. فَخرج عَلّي حَتَّى جَاءَ بِهِ فَاطِمَة فَأَخْبرهَا، فَقَالَت: اذْهَبْ إِلَى فلَان الجَزَّار فَخذ لنا مِنْهُ بدرهم لَحْمًا. فَذهب فرهن الدِّينَار بدرهم لحم، فجَاء بِهِ، فعجنت (ونصبت) وخبزت، وَأرْسلت إِلَى أَبِيهَا فَجَاءَهُمْ (فَقَالَ) : يَا رَسُول الله، أذكرُ لَك، فَإِن رَأَيْته حَلَالا أكلنَا
وأكلت مَعنا، من شَأْنه كَذَا وَكَذَا فَقَالَ: كُلُوا بِسم الله. فَأَكَلُوا مِنْهُ، فَبينا هم مكانهم إِذا غلامٌ ينشد الله وَالْإِسْلَام الدِّينَار، فَأمر بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، [فدعي لَهُ] فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: سقط مِني فِي السُّوق. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَا عَلّي، اذْهَبْ إِلَى الجزار فَقل لَهُ: إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول لَك: أرسل إليَّ بالدينار ودرهمك عليَّ. فَأرْسل بِهِ، فَدفعهُ إِلَيْهِ» . ومُوسَى هَذَا وَثَّقَهُ يَحْيَى بن معِين، وَقَالَ ابْن عدي: لَا بَأْس بِهِ وبرواياته عِنْدِي. وَقَالَ النَّسَائِيّ وَغَيره: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَذكره من هَذَا الطَّرِيق صاحبُ «الْإِلْمَام» .
وَله طَرِيق رَابِع: أخرجه عبد الرَّزَّاق عَن أبي بكر بن أبي سُبْرَة، عَن شريك بن عبد الله، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: «أَن عليًّا جَاءَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِدِينَار وجده فِي السُّوق، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: عرِّفه ثَلَاثًا. فَفعل فَلم يجد أحدا يعرفهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم كُله
…
» وَذكر الحَدِيث، وَفِي آخِره:«فَجعل أجل الدِّينَار وَشبهه ثَلَاثَة أَيَّام» .
وَهَذَا إِسْنَاد واه، أَبُو بكر بن أبي سُبْرَة وضَّاع، كَمَا قَالَه أَحْمد وَغَيره، وَشريك هُوَ ابْن عبد الله بن أبي نمر، وَقد تُكلم فِيهِ، لكنه من رجال «الصَّحِيحَيْنِ» .
وَرَوَاهُ الشَّافِعِي فِي «الْأُم» من هَذَا الْوَجْه، فَقَالَ: أَنا الدَّرَاورْدِي، عَن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عَن عَطاء بن يسَار، عَن عَلّي: «أَنه وجد دِينَارا عَلَى عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأمره أَن يعرِّفه فَلم
يُعرف، فَأمره أَن يَأْكُلهُ، ثمَّ جَاءَ صَاحبه، فَأمره أَن يغرمه» .
قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «الْمعرفَة» : كَذَا فِي رِوَايَة الشَّافِعِي التَّعْرِيف، وَقد رُوي فِي حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَسَهل بن سعد مَا دلّ عَلَى أَنه فِي الْوَقْت اشْتَرَى بِهِ طَعَاما، ثمَّ فِي حَدِيث أبي سعيد «أَن امْرَأَة أَتَت تُنشد الدِّينَار» وَفِي حَدِيث سهل:«إِذا غُلَام ينشده، فَأمره عليه الصلاة والسلام بِأَدَائِهِ» قَالَ: وَالْأَحَادِيث فِي اشْتِرَاط المُدَّة أَكثر وَأَصَح إِسْنَادًا من هَاتين الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَعَلَّه إِنَّمَا أنفقهُ قبل مُضي مُدَّة التَّعْرِيف للضَّرُورَة، وَفِي حَدِيثهمَا مَا دلّ [عَلَيْهِ] وَقَالَ فِي «سنَنه» : ظَاهر حَدِيث عَلّي هَذَا يدل عَلَى أَنه أنفقهُ قبل التَّعْرِيف فِي الْوَقْت (قَالَ:) وَقد روينَا عَن عَطاء بن يسَار، عَن عَلّي فِي هَذِه الْقِصَّة:«أَنه عليه الصلاة والسلام أمره أَن (يعرِّفه) فَلم يعْتَرف؛ فَأمره أَن يَأْكُلهُ» قَالَ: وَظَاهر تِلْكَ الرِّوَايَة أَنه شَرط التَّعْرِيف فِي الْوَقْت، وأباح أكله قبل مُضِي السَّنة، وَالْأَحَادِيث الَّتِي وَردت فِي اشْتِرَاط التَّعْرِيف سنة فِي جَوَاز الْأكل أصح وَأكْثر، فَهِيَ أولَى. قَالَ: وَيحْتَمل أَن يكون إِنَّمَا أَبَاحَ لَهُ إِنْفَاقه قبل مُضِي سنة لوُقُوع الِاضْطِرَار [إِلَيْهِ] والقصة تدل عَلَيْهِ. قَالَ: وَيحْتَمل أَنه لم يشْتَرط مُضِي سَنَة فِي قَلِيل اللّقطَة. قَالَ: وَفِي متن هَذَا الحَدِيث اخْتِلَاف، وَفِي (إِسْنَاده) ضعف.
قلت: وَالِاحْتِمَال الأول جزم بِهِ القَاضِي أَبُو الطّيب، فَقَالَ: لَعَلَّ