الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من يملك أربعًا من الإبل أو تسعًا وثلاثين من الغنم ويعتبره فقيرًا، ثم يوجب الزكاة على من يملك نصاب الفضة الذي لا يشتري به شاة واحدة ويعدُّه غنيًّا؟! (1).
ولا شك أن هذا المذهب أعدل، والله أعلم.
مثال توضيحي:
شخص يمتلك (2000) جنيه، وآخر يمتلك (100000) جنيه فما مقدار الزكاة في مال كل منهما إذا حال عليهما الحول؟
والجواب:
نحتاج أولاً على أن نعرف مقدار النصاب -وهو نصاب الذهب كما تقدم [85 جرامًا] فإذا فرض أن ثمن الجرام من الذهب = (30) جنيهًا، فيكون النصاب = 85 × 30 = 2550 جنيه وبما أن ما يمتلكه الشخص الأول أقل من النصاب فلا زكاة عليه إلا أن يتصدق.
وأما الشخص الآخر فيمتلك مبلغًا أكبر من النصاب فيجب عليه زكاة ربع العُشر:
مقدار الزكاة = 100000 × 40 = 2500 جنيه.
زكاة الحلي
اختلف أهل العلم من السلف والخلف في زكاة الحلي من الذهب والفضة على أقوال، أشهرها قولان:
الأول: أنه لا زكاة في حُلي الذهب والفضة المعتاد للمرأة (الملبوس):
وهو مذهب جمهور العلماء (2) وهو قول ابن عمر وجابر وعائشة وأسماء بنت أبي بكر من الصحابة، وحجة القائلين به:
1 -
حديث: «ليس في الحُلي زكاة» (3) وهو حديث باطل مرفوعًا، والصواب وقفه على جابر.
(1) انظر: «فقه الزكاة» للقرضاوي (1/ 286 وما بعدها)، و «الفقه الإسلامي وأدلته» (2/ 760).
(2)
الدر المختار (2/ 41)، وبداية المجتهد (1/ 242)، والمجموع (6/ 29)، والمغنى (3/ 9 - 17).
(3)
ابن الجوزي في «التحقيق» وحكم عليه البيهقي وغيره بالبطلان، وانظر «الإرواء» (817).
2 -
عن نافع أن ابن عمر «كان يُحلِّي بناته وجواريه الذهب ثم لا يخرج منه الزكاة» (1).
3 -
وقول ابن عمر: «ليس في الحلي زكاة» (2).
4 -
قول جابر بن عبد الله: لما سئل عن الحلي أفيه زكاة؟ قال جابر: «لا» ، فقال: وإن كان يبلغ ألف دينار؟ فقال جابر: «كثير» (3) وفي رواية قال: «يُعار ويُلبس» .
5 -
عن عائشة أنها «كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي، فلا تخرج من حليهن الزكاة» (4).
6 -
عن أسماء: أنها «كانت لا تزكي الحُلي» (5).
7 -
قالوا: الزكاة إنما تكون في المال النامي المغل، والحلي المباح لا نماء فيه فهو كالثياب، بخلاف ما إذا ادخر واتخذ كنزًا أو أعد للتجارة، فتكون فيه الزكاة.
تنبيه: أصحاب هذا القول يشترطون أن يكون الحلي ما يباح، فإذا كان محرمًا كاتخاذ الرجل الذهب مثلًا ففيه الزكاة عندهم.
القول الثاني: أن حلي الذهب والفضة تجب فيه الزكاة مطلقًا إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول: سواء كان ملبوسًا أو مدخرًا أو معدًّا للتجارة (6). وحجة هذا القول (7):
1 -
العمومات الواردة في الكتاب العزيز، كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
…
} (8).
(1) صحيح: أخرجه مالك (585)، والبيهقي (4/ 138) بسند صحيح.
(2)
صحيح: أخرجه عبد الرزاق (4/ 82)، ونحوه ابن أبي شيبة (3/ 154)، والدارقطني (2/ 109) بسند صحيح.
(3)
صحيح: أخرجه عبد الرزاق (4/ 82)، والبيهقي (4/ 138) بسند صحيح والرواية لابن أبي شيبة (3/ 155).
(4)
صحيح: أخرجه مالك (584)، وعبد الرزاق (4/ 83)، وهو صحيح.
(5)
مصنف ابن أبي شيبة (3/ 155) بسند صحيح.
(6)
وهذا مذهب الحنفية ورواية عن أحمد وابن حزم انظر «فتح القدير» (1/ 524)، و «الدر المختار» (2/ 41)، و «المحلى» (6/ 78) وهو قول ابن مسعود وعمر وعبد الله بن عمرو ورواية عن عائشة.
(7)
انظر «جامع أحكام النساء» (2/ 143) وما بعدها لشيخنا مصطفى بن العدوي -حفظه الله-.
(8)
سورة التوبة: 34.
2 -
الأحاديث العامة عن النبي صلى الله عليه وسلم الآمرة بإخراج زكاة الذهب والفضة، كقوله صلى الله عليه وسلم: «ما من صاحب ذهب لا يؤدي ما فيها إلا جعل له يوم القيامة صفائح من نار يكوى بها
…
» (1).
3 -
الأحاديث الخاصة الواردة بخصوص إخراج زكاة الحلي والوعيد لمن لم يخرجها ومنها:
(أ) حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها، وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لها:«أتعطين زكاة هذا؟» قالت: لا، قال:«أيسرُّك أن يُسَوِّرك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟» قال: فخلعتهما فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: هما لله عز وجل ولرسوله (2).
(ب) حديث عبد الله بن شداد قال: دخلنا على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتخات من وَرِق، فقال:«ما هذا يا عائشة؟» فقلت: صنعتهن أتزيَّن لك يا رسول الله، قال:«أتؤدين زكاتهن؟» قلت: لا، أو ما شاء الله، قال:«هو حسبك من النار» (3).
(جـ) حديث أسماء بنت يزيد قالت: دخلت أنا وخالتي على النبي صلى الله عليه وسلم وعليها أسورة من ذهب فقال لنا: «أتعطيان زكاته؟» قالت: فقلنا: لا، قال:«أما تخافان أن يسِّوركما الله أسورة من نار؟ أدِّيا زكاته» (4).
4 -
الآثار الواردة عن بعض الصحابة مثل:
(أ) أثر ابن مسعود: أن امرأة سألته عن زكاة الحلي؟ فقال: «إذا بلغ مائتي درهم فزكِّيه، قالت: إن في حجري يتامى لي أفأدفعه إليهم؟ قال: «نعم» (5).
(1) تقدم تخريجه قريبًا.
(2)
صحيح لشواهده: أخرجه أبو داود (1563)، والنسائي (5/ 38)، والترمذي (637)، وأحمد (2/ 178).
(3)
حسن لشواهده: أخرجه أبو داود (1565)، والدارقطني (2/ 105)، والحاكم (1/ 389)، والبيهقي (4/ 139) وفي إسناده مقال ينجبر بما قبله.
(4)
حسن لشواهده: أخرجه أحمد (6/ 461)، والطبراني في «الكبير» (24/ 181) وسنده حسن لشواهده المتقدمة.
(5)
صحيح لغيره: أخرجه عبد الرزاق (4/ 83)، والطبراني (9/ 371) بسند صحيح لغيره.
(ب) أثر عمر: أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري أن «اؤمر مَن قبلك من نساء المسلمين أن يصدقن من حليهن [وفي رواية: أن يزكي الحلي] ولا يجعلن الهداية والزيادة تعارضًا بينهن» (1).
(جـ) أثر عبد الله بن عمرو: «أنه كان يكتب إلى خازنه سالم أن يخرج زكاة حلي بناته كل سنة» (2).
(د) أثر عائشة: أنها قالت: «لا بأس بلبس الحلي إذا أعطى زكاته» (3).
وقد صح هذا المذهب عن سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، وعبد الله بن شداد، وسفيان الثوري وغيرهم، كما نقله شيخنا -حفظه الله- في «جامع أحكام النساء» (2/ 156 - 157).
الترجيح: وبعد عرض أدلة الفريقين، فالذي يترجح -عندي- والعلم عند الله تعالى أن القول بوجوب إخراج الزكاة من حلي الذهب والفضة على كل حال ما دام بلغ النصاب وحال عليه الحول هو الأقوى دلالة، والأحوط عملاً، وبه يخرج من الخلاف.
لا تجب الزكاة في الحلي من اللؤلؤ والجواهر
لا تجب الزكاة فيما دون الذهب والفضة كاللؤلؤ والمرجان والزبرجد والياقوت ونحوها بالاتفاق، إذ لا دليل على ذلك (4).
لكنها إذا كانت عروضًا معدَّة للاتِّجار فيها ففيها الزكاة كسائر العروض -عند الجمهور- وسيأتي هذا في موضعه، إن شاء الله.
إذا كان عند المرأة خواتيم من ذهب وبها فصوص من الجوهر، فكيف تزكيه؟
إن كان يمكنها نزع الجوهر دون إفساد للخاتم فإنها تزكي خواتيم الذهب -دون الجوهر- إذا كانت بلغت النصاب وحال عليها الحول، وإن لم يمكنها نزعه إلا
(1) ابن أبي شيبة (3/ 153)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (4/ 217)، والبيهقي (4/ 139) وسنده مرسل.
(2)
سنن الدارقطني (2/ 107) بسند حسن.
(3)
الدارقطني (2/ 107)، والبيهقي (4/ 139) وسنده حسن.
(4)
انظر «موطأ» مالك (1/ 250)، و «الأم» للشافعي (2/ 36)، و «المجموع» (6/ 6).