المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(ب) «اللهم بارك لهم فيما رزقتهم، واغفر لهم وارحمهم» (1). 13 - صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة - جـ ٢

[كمال ابن السيد سالم]

فهرس الكتاب

- ‌4 - كتاب الزكاة

- ‌حكم الزكاة ومنزلتها

- ‌من فضائل وفوائد الزكاة

- ‌حكم منع الزكاة وعقوبة مانعها

- ‌شروط وجوب الزكاة

- ‌زكاة الديون

- ‌الأصناف التي تجب فيها الزكاة

- ‌زكاة الذهب والفضة

- ‌الزكاة في الأوراق النقدية «البنكنوت»

- ‌نصاب الأوراق النقدية

- ‌زكاة الحلي

- ‌الزكاة في الرواتب وكسب الأعمال

- ‌زكاة الصداق

- ‌زكاة المواشي

- ‌زكاة الإبل

- ‌زكاة البقر

- ‌زكاة الغنم

- ‌مسائل عامة في زكاة المواشي

- ‌زكاة الزروع والثمار

- ‌زكاة عروض التجارة

- ‌زكاة الركاز والمعادن

- ‌أحكام عامة في الركاز

- ‌مصارف الزكاة

- ‌نقل الزكاة

- ‌زكاة الفطر

- ‌مصرف زكاة الفطر

- ‌5 - كتاب الصيام

- ‌تعريف الصيام

- ‌أقسام الصيام:

- ‌1 - الصيام الواجب وأقسامه:

- ‌صيام رمضان

- ‌المفطرون وأحكامهم

- ‌قضاء رمضان

- ‌2 - صيام التطوع

- ‌مسائل تتعلق بصيام التطوع

- ‌الأيام المنهي عن صيامها

- ‌ليلة القدر

- ‌الاعتكاف

- ‌6 - كتاب الحج والعمرة

- ‌أولاً: الحج

- ‌الحج عن الغير

- ‌المواقيت

- ‌سياق صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ملخص أفعال حج التمتُّع

- ‌ما قبل السفر

- ‌الإحرام

- ‌دخول مكة والطواف

- ‌السعي بين الصفا والمروة

- ‌التحلل من الإحرام

- ‌يوم التروية

- ‌يوم عرفة

- ‌الإفاضة إلى المزدلفة والمبيت بها

- ‌يوم النحر

- ‌أيام التشريق

- ‌طواف الوداع قبل السفر

- ‌أركان الحج

- ‌محظورات الإحرام

- ‌دخول مكة

- ‌أحكام في الطواف عامة

- ‌أحكام السعي بين الصفا والمروة

- ‌الهَدْي

- ‌الحلق والتقصير

- ‌الفوات والإحصار

- ‌ثانيًا: العمرة

- ‌فضل العمرة

- ‌وقت العمرة:

- ‌تجوز العمرة قبل الحج:

- ‌هل يشرع تكرار العمرة

- ‌أركان العمرة:

- ‌واجبات العمرة:

- ‌زيارة المدينة المنورة

- ‌فضل مسجدها وفضل الصلاة فيه:

- ‌آداب زيارة المسجد والقبر الشريفين:

- ‌مسجد قباء:

- ‌البقيع وأُحد:

- ‌المزارات:

- ‌محظورات الحرمين

- ‌7 - كتاب الأيمان والنذور

- ‌أولًا: الأيْمَانُ

- ‌أنواع اليمين القَسَمِيَّة

- ‌كفَّارة اليمين

- ‌ثانيًا: النُّذُور

- ‌8 - كتاب الأطعمة والأشربة وما يتعلق بهما

- ‌الأَطْعِمَة

- ‌من آداب الأكل

- ‌الصَّيْد وأحكامه

- ‌التذكية الشرعية

- ‌الأضحية

- ‌ما يُضَحَّى به

- ‌العقيقة

- ‌الأشربة

- ‌الآنية وما يتعلَّق بها

الفصل: (ب) «اللهم بارك لهم فيما رزقتهم، واغفر لهم وارحمهم» (1). 13

(ب)«اللهم بارك لهم فيما رزقتهم، واغفر لهم وارحمهم» (1).

13 -

غسل اليد لإزالة أثر الطعام:

فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا بات أحدكم وفي يده غَمر (2)، فأصابه شيء، فلا يلومنَّ إلا نفسه» (3).

‌الصَّيْد وأحكامه

تعريفه (4):

الصَّيْد: مصدر صاد يصيد صيدًا، وله إطلاقان في اللغة، فقد يراد به: الاصطياد ووضع اليد على الحيوان المصيد وقبضه وإمساكه، ومنه قوله تعالى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} (5).

وقد يراد به الحيوان المصيد نفسه، كما قال تعالى {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ} (6) وعلى الإطلاق الأول يكون تعريف الصيد اصطلاحًا:«اقتناص حيوان حلال متوحش طبعًا غير مملوك ولا مقتدر عليه» .

وعلى الإطلاق الثاني يُعرَّف الصيد اصطلاحًا على أنه: «حيوان مقتنَص حلال متوحِّش طبعًا غير مملوك، ولا مقدور عليه» .

حكم الصيد:

أجمع أهل العلم على إباحة الاصطياد والأكل من الصيد، ودلَّ على ذلك الكتاب والسنة:

(أ) فمن الكتاب:

1 -

قوله تعالى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً} (7).

(1) صحيح: أخرجه مسلم (3805)، والترمذي (3500)، وأبو داود (3241).

(2)

الغَمَر: الدسومة التي تصيب اليد من أثر الطعام.

(3)

صحيح: أخرجه الترمذي (1860)، وأبو داود (3852)، وابن ماجه (3297)، وأحمد (8175).

(4)

«النهاية» لابن الأثير (3/ 65)، و «كشاف القناع» (4/ 126)، و «ابن عابدين» (6/ 461)، و «المفصل» (3/ 10).

(5)

سورة المائدة: 2.

(6)

سورة المائة: 95.

(7)

سورة المائدة: 96.

ص: 351

2 -

وقوله سبحانه {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} (1).

3 -

وقوله عز وجل {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} (2).

(ب) ومن السنة:

حديث عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله، إني أُرسل الكلاب المعلَّمة فيمسكن عليَّ وأذكر اسم الله عليه، فقال:«إذا أرسلت كلبك المُعلَّم وذكرت اسم الله عليه فَكُلْ» قلت: وإن قتلن؟ قال: «وإن قتلن، ما لم يشركها كلب ليس معها» قلت له: فإني أرمى بالمعراض (3) الصيد فأصيب، فقال:«إذا رميت بالمعراض فخزق فكلْه، وإن أصابه بعرضه فلا تأكله» (4).

متى يكون الصيد محظورًا؟

الأصل في الصيد أنه حلال، لكنه يُحظر في الحالات الآتية:

1 -

إذا قُصد به اللهو والعبث: لا التذكية والانتفاع بلحم الحيوان، فحينئذ يكون حرامًا، فعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا تتخذوا شيئًا فيه روح غرضًا» (5).

وعن سعيد بن جبير قال: مرَّ ابن عمر بنفر قد نصبوا دجاجة يترامونها، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا عنها، فقال ابن عمر:«من فعل هذا؟! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من فعل هذا» (6).

2 -

إذا كان الصائد مُحرمًا بحج أو عمرة فيحرم عليه صيد البر: لقوله تعالى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً} (7) وقد تقدم هذا في «كتاب الحج» .

(1) سورة المائدة: 2.

(2)

سورة المائدة: 4.

(3)

المعراض: عود محدَّد، وربما جعل في رأسه حديدة، يحذف به الصيد كالسهم.

(4)

صحيح: أخرجه البخاري (2054)، ومسلم (1929).

(5)

صحيح: أخرجه مسلم (1957)، والنسائي (4443)، وابن ماجه (3187).

(6)

صحيح: أخرجه مسلم (1958).

(7)

سورة المائدة: 96.

ص: 352

3 -

يحرم صيد الحرمين -مكة والمدينة- ولو الغير لمُحرم: وقد تقدم في «الحج» .

4 -

يحرم صيد المملوك للغير: لما فيه من الظلم والعدوان عليهم.

وسائل الصيد:

إباحة الصيد تعني تمكين الصائد من اقتناص الحيوان، ووضع يده عليه حيًّا إن أمكن، أو مقتولاً بفعل آلة الصيد، حيث يعتبر القتل بآلة الصيد بمنزلة تذكية الحيوان أو ذبحه بصورة مشروعة، ولكل وسيلة أو أداة للصيد شروط معينة حتى يعتبر قتل الحيوان بها بمنزلة التذكية الشرعية.

1 -

الصيد باستخدام الجوارح:

المقصود بالجوارح: السباع ذوات الأنياب، كالكلب والفهد، وجوارح الطير ذوات المخالب كالصقر والبازي، قال الله تعالى {وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} (1).

ما يشترط في الصيد بالجوارح (2)، ليحلَّ صيدها:

1 -

أن يكون مُعَلَّمًا: قال تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} (3).

ويعتبر في تعليم الجارحة ثلاثة شروط هي:

(أ) إذا أرسله الصائد استرسل.

(ب) إذا زجره انزجر.

(جـ) إذا أمسك الجارح صيدًا لم يأكل منه، ويتكرر هذا منه حتى يصير معلَّمًا في حكم العرف، وأقل ذلك ثلاث مرات، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة.

فإن أكل الجارح من الصيد لم يحلَّ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم:«إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله فكل مما أمسكن عليك، وإن قتلت، إلا أن يأكل الكلب، فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه» (4).

(1) سورة المائدة: 4.

(2)

سورة المائدة: 4.

(3)

«المغنى» (9/ 292 - الفكر)، و «مغنى المحتاج» (4/ 275)، و «المفصل» (3/ 13).

(4)

صحيح: تقدم قريبًا.

ص: 353

تنبيه: إذا صاد الكلب غير المعلَّم فأدركه الصائد حيًّا فذبحه ذبحًا شرعيًّا حلَّ أكله كذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ثعلبة الخشني: «

وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكُلْ» (1).

2 -

أن يسمى الصائد عند إرساله: لعموم قوله تعالى: {وَلَا تَاكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (2) وقوله عز وجل {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} (3).

وفي حديث عدي بن حاتم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل

» (4).

وفي حديث أبي ثعلبة قال صلى الله عليه وسلم: «.. وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله فكل

» (5).

3 -

أن لا يشارك كلبه كلب آخر:

فعن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله، أرسل كلبي وأسمِّي، فأجد معه على الصيد كلبًا آخر لم أُسمِّ عليه، ولا أدري أيهما أخذ، قال:«لا تأكل، إنما سَمَّيت على كلبك ولم تُسمِّ على الآخر» (6).

4 -

أن يجرح الكلب الصَّيْدَ: فإن خنقه أو قتله بصدمته لم يحلَّ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«ما أنهر الدم، وذكر اسم الله فَكُلْ» (7).

فائدتان:

1 -

يجوز اقتناء الكلب للصيد والماشية والحراسة فقط:

فعن عبد الله بن مغفل قال: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب ثم قال: «ما بالهم وبال الكلاب» رخَّص في كلب الصيد وكلب الغنم» (8).

(1) صحيح: أخرجه البخاري (5478)، ومسلم (1532).

(2)

سورة الأنعام: 121.

(3)

سورة المائدة: 4.

(4)

صحيح: تقدم قبله.

(5)

صحيح: تقدم قبله.

(6)

صحيح: تقدم قريبًا.

(7)

صحيح: أخرجه البخاري (5503)، ومسلم (1986).

(8)

صحيح: أخرجه مسلم (280)، والنسائي (67)، وأبو داود (74)، وابن ماجه (3200).

ص: 354

وأما اقتناء الكلاب لغير ذلك فلا يجوز، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من اقتنى كلبًا ليس بكلب صيد ولا ماشية ولا أرض، فإنه ينقص من أجره قيراطان كل يوم» (1) ونحوه من حديث ابن عمر.

2 -

هل يجوز الصيد بالكلب الأسود البهيم؟ (2)

الكلب الأسود البهيم الذي ليس فيه بياض، قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله، فعن جابر بن عبد الله قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب حتى إن المرأة تقدم من البادية بكلبها فنقتله، ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها، وقال:«عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين، فإنه شيطان» (3) ولذا لم يُجِزْ الإمام أحمد وابن حزم وسائر أهل الظاهر صيد الكلب الأسود، لأن ما وجب قتله حرم اقتناؤه وتعليمه، فلم يبح صيده، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم سمَّاه شيطانًا، ولأن إباحة الصيد المقتول رخصة فلا تستباح بمحرم كسائر الرخص. وقد كره ذلك طائفة من السلف منهم: الحسن والنخعي وقتادة وإسحاق.

وذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي إلى إباحة صيد الكلب الأسود البهيم، لعموم الأدلة المتقدمة في إباحة الصيد بالكلاب المعلَّمة من غير أن تخصَّ كلبًا دون آخر. قلت: الأظهر أنه لا يجوز والله أعلم.

2 -

الصيد بآلة الصيد كالقوس والسهم ونحوهما (4):

لا خلاف بين العلماء في إباحة أكل ما صيد بالقوس أو السهم إذا ذكر عليه اسم الله، ففي حديث عدي بن حاتمٍ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «

وما رميت سهمك فاذكر اسم الله، فإن غاب عنك يومًا فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل ما شئت ..» (5).

وفي حديث أبي ثعلبة قال صلى الله عليه وسلم: «.. فما أصبتَ بقوسك فاذكر اسم الله، ثم كُلْ ..» (6).

(1) صحيح: أخرجه البخاري (5480)، ومسلم (1574).

(2)

«المحلى» (7/ 477)، و «المغنى» (9/ 297).

(3)

صحيح: أخرجه مسلم (1572)، وأبو داود (2846).

(4)

«المغنى» (9/ 301 - الفكر)، و «المفصَّل» (3/ 14).

(5)

صحيح: أخرجه البخاري (5484)، ومسلم (1929) واللفظ له.

(6)

صحيح: أخرجه البخاري (5478)، ومسلم (1930).

ص: 355

الصيد بالمِعْراض:

المعراض: عود محدَّد وربما كان في رأسه حديدة، يحذف به الصيد، فإن أصاب الصيد بحدِّه فخزق (أي: جرح) وقتل فيباح الصيد، وإن أصاب المعراض بعرضه -لا بحدِّه- فقتل بثقله فيكون موقوذًا فلا يباح أكله، وبهذا قال الجمهور من الأئمة الأربعة وغيرهم، لحديث عدي بن حاتم قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعراض، فقال: «إذا أصاب بحدِّه فَكُلْ، وإذا أصاب بعرضه فقتل فلا تأكل، فإنه وقيذ

» (1).

وسائر آلات الصيد كالمعراض في أنها إذا قتلت بعرضها ولم تجرح لم يبح الصيد، كالسهم يصيب الطائر بعرضه فيقتله، وكالرمح والحربة والسيف، يضرب به صفحًا -لا بحدِّه- فكل ذلك حرام؛ وكذلك إذا أصاب بحدِّه فلم يجرح وقتل بثقله لم يبح لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا رميت بالمعراض فخزق فكُلْه ..» (2) فجعل نفوذه في الصيد وجرحه شرطًا، ولأنه إذا لم يجرحه فإنما يقتله بثقله فأشبه ما إذا أصاب بعرضه (3).

3 -

الصيد بالندقية:

بنادق الصيد الحديثة يستعمل فيها الرصاص، ومنه المدوَّر، ومنه المدبَّب، وكلاهما ينفذ في جسم الحيوان ويجرحه، فيباح الصيد بها.

ومما تجدر الإشارة إليه أن جمهور العلماء يشترطون في الآلة أن تكون محددة (!!) فقد يشكل هذا على إباحة الصيد بالبندقية ذات الرصاص المدوَّر، إلا أن الذي يظهر أن مرادهم بالمحدَّد هو ما ينفذ في جسم الحيوان ويجرحه، فهذا هو المناط كما يظهر من الأدلة في المسألة، فيزول الإشكال، والله أعلم.

هل يجوز الصيد بالحجر والحصى ونحوه؟ (4)

الحجر الذي لا حدَّ له بحيث لو رمى به الصيد لم يخزقه ولم يجرح، إذا قتل الحيوان لم يُبح أكله لأنه موقوذ، وبهذا قال عامة الفقهاء، وقد تقدمت الأدلة على اشتراط تفوذ الآلة في جسم الصيد وجرحه حتى يحلَّ.

(1) صحيح: أخرجه البخاري (2054)، ومسلم (1929).

(2)

صحيح: تقدم قريبًا.

(3)

«المغنى» (9/ 305) بنحوه مع شيء من الإضافة.

(4)

«المغنى» (9/ 313)، و «المحلى» (7/ 460)، و «نيل الأوطار» (8/ 156).

ص: 356