الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 -
المرأة تحج عن غيرها:
(أ) يجوز للمرأة أن تحج عن امرأة أخرى باتفاق العلماء، سواء كانت بنتها أو غير بنتها (1)، فعن موسى بن سلمة أن امرأة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمها ماتت ولم تحج، أفيجزئ عن أمها أن تحج عنها؟ قال:«نعم، لو كان على أمها دين فقضته عنها ألم يكن يجزئ عنها؟ فلتحج عن أمها» (2).
(ب) ويجوز للمرأة أن تحج عن الرجل، عند جمهور العلماء من الأئمة الأربعة وغيرهم، لحديث الخثعمية الذي تقدم مرارًا.
6 -
الحج من مال حرام (3):
إذا حج بمال حرام أو راكبًا دابة مغصوبة، أثم وصح حجُّه وأجزأه عند أكثر العلماء، قالوا: لأن أفعال الحج مخصوصة، والتحريم لمعنى خارج عنها. وخالفهم الإمام أحمد فقال:«لا يجزئ، واستدل له بحديث: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا» (4) وبما يُروى مرفوعًا: «إا خرج الحاج حاجًّا بنفقة طيبة، ووضع رجله في الغرز فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك، زادك حلال وراحلتك حلال، وحجُّك مبرور غير مأزور، وإذا خرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز، فنادى: لبيك، ناداه مناد من السماء، لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك مأزور غير مبرور» (5).
قلت: والراجح قول الجمهور لما تقدم، وأما حديث «إن الله طيب
…
» فليس فيه حجة وأما حديث: «
…
وحجك مأزور غير مأجور» فضعيف لا يصح.
المواقيت
المواقيت: جمع ميقات، وهي زمانية ومكانية:
[1]
المواقيت الزمانية: هي الأوقات التي لا يصح شيء من أعمال الحج إلا
(1)«مجموع فتاوى ابن تيمية» (26/ 13).
(2)
صحيح: أخرجه النسائي (5/ 116)، وأحمد (1/ 279) بسند صحيح، ونحوه عند مسلم (1149)، والترمذي (667) عن بريدة.
(3)
«المجموع» للنووي (7/ 51).
(4)
صحيح: أخرجه مسلم (1015)، والترمذي (2986) وغيرهما.
(5)
ضعيف: أخرجه الطبراني في «الأوسط» (5228)، وأبو نعيم في «الحلية» ، وانظر «العلل المتناهية» .
فيها، وقد ذكرها الله تعالى في قوله:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (1). فهذا نص على أن للحج أوقاتًا منصوصة، فلا يحل الإحرام به إلا في أشهر الحج، وقال تعالى:{وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} (2).
فإن أحرم بالحج قبل أشهره (3): لم يصح منه، وهذا مذهب الصحابة رضي الله عنهم، وعن الشعبي وعطاء أنه يحل من إحرامه.
وقال الأوزاعي والشافعي: تصير عمرة ولابدَّ، وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: يكره ذلك ويلزمه إن أحرم به قبل أشهر الحج.
والصواب أنه لا يصح بحال للآية الكريمة، وأما أنها تنعقد عمرة، ففيه نظر، إذ كيف نبطل عمله الذي دخل لأجل أنه خالف الحق، ثم نلزمه بذلك العمل عمرة لم يُرِدها قط ولا قصدها ولا نواها و «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (4)؟! فهذا كمن أحرم بصلاة قبل وقتها فإنها تبطل، ومن نوى صيامًا قبل وقته فهو باطل.
وأشهر الحج: هي شوال وذو القعدة وتسع من ذي الحجة -اتفاقًا- ثم حصل الخلاف في يوم النحر وبقية ذي الحجة، فصارت الأقوال في أشهر الحج ثلاثة:
1 -
أنها شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، وهو مذهب الحنفية والحنابلة وهو مروي عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وابن الزبير وجماعة من السلف (5).
2 -
أنها شوال، وذو القعدة، وتسع من ذي الحجة فلا يدخل يوم النحر في أشهر الحج، وهو مذهب الشافعية (6)، وحجتهم قوله تعالى:{فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} (7). ولا يمكن فرضه [أي الإحرام به] بعد ليلة النحر.
(1) سورة البقرة: 197.
(2)
سورة الطلاق: 1.
(3)
«المحلى» (7/ 65 - 66)، و «المجموع» (7/ 128) وما بعدها.
(4)
صحيح: أخرجه البخاري، ومسلم (1907) وغيرهما.
(5)
«شرح فتح القدير» (2/ 220)، و «المغنى» (3/ 275).
(6)
«المجموع» (7/ 135)، و «نهاية المحتاج» (3/ 256).
(7)
سورة البقرة: 197.
3 -
أنها شوال، وذو القعدة، وذو الحجة كله، وهذا مذهب مالك وابن حزم، وهو مروي عن عمر وابنه، وابن عباس رضي الله عنهم (1)، وحجتهم أن أقل الجمع ثلاثة، وأن رمي الجمار -وهو من أعمال الحج- يعمل يوم الثالث عشر، وطواف الإفاضة -وهو ركن في الحج- يعمل في ذي الحجة كله بلا خلاف.
قلت: الراجح القول الثالث فتكون أشهر الحج هي شوال وذو القعدة وذو الحجة كله، وهذا على معنى أنه يجب ألا يقع شيء من أعمال الحج قبل أو بعد هذه الأشهر، ولا يلزم أن يكون الحج يجوز في كل يوم من أيامها، فلابد من الاحتفاظ بالآتي:
أن من فاته الوقوف بعرفة في جزء من ليلة النحر فلا حج له، وهذا هو الذي نظر إليه الشافعي رحمه الله حين أخرج يوم النحر (العاشر من ذي الحجة) ومن أشهر الحج، ويردُّ عليه بأن الله تعالى قد سمى يوم النحر: يوم الحج الأكبر في قوله تعالى: {وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ} (2).
[2]
المواقيت المكانية:
وهي أماكن وقتَّها الشرع -أي حددها- ليُحرم منها من أراد الحج أو العمرة ولا يجوز له أن يتجاوزها -إن كان قاصدًا للحج أو العمرة- دون أن يحرم، وهذه المواقيت لكل من مرَّ بها- مريدًا للنسك سواء كان من أهل تلك الجهات أو لم يكن، وهذه الأماكن:
1 -
ذو الحليفة: لأهل المدينة، وهي المعروفة الآن «بآبار علي» .
2 -
الجحفة: وهي لأهل الشام ومصر والمغرب، وهي قريبة من «رابغ» التي جُعلت الآن الميقات.
3 -
قرن المنازل: وهي لأهل نجد، وهي المعروفة الآن بـ «وادي السيل» .
4 -
يلملم: وهي لأهل اليمن.
وهذه المواقيت الأربعة متفق عليها، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «وقَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن
(1)«بداية المجتهد» (1/ 351)، و «الكافي في مذهب أهل المدينة» (1/ 357)، و «المحلى» (7/ 69).
(2)
سورة التوبة: 3.