الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العمرة، وأما كون العمرة: الحج الأصغر، فقد جعله ابن تيمية حجة على الموجبين لا لهم، لأنه يلزم منه إيجاب حجَّين وهو ممتنع. وعلى كلٍّ فالأحوط فعلها وعدم التفريط لاحتمال ثبوت زيادة «العمرة» في حديث عائشة، ولاحتمال أن يكون المراد من قوله صلى الله عليه وسلم:«دخلت العمرة في الحج كهاتين ..» وجوبها كالحج، ولأن العمل بأدلة الوجوب تبرأ بها المة بالإجماع. والله أعلم.
فضل العمرة
(1):
العمرة من أجلِّ العبادات، وأفضل القربات التي يرفع الله بها لعباده الدرجات، ويحط عنهم بها الخطيئات، وقد حضَّ عليها النبي صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً:
1 -
فقال صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما» (2).
2 -
وقال: «تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة» (3).
3 -
واعتمر عليه الصلاة والسلام واعتمر معه أصحابه في حياته وبعد مماته.
وقت العمرة:
يجوز إيقاع العمرة في جميع أيام السنة -عند جمهور العلماء- إلا أنها في رمضان أفضل منها في غيره، لقوله صلى الله عليه وسلم:«عمرة في رمضان تعدل حجة معي» (4).
تجوز العمرة قبل الحج:
فعن عكرمة بن خالد «أنه سأل ابن عمر رضي الله عنهما عن العمرة قبل الحج، فقال: لا بأس بها، قال عكرمة: قال ابن عمر: اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحج» (5).
هل يشرع تكرار العمرة
؟
تكرار العمرة يكون على حالتين:
1 -
تكرار العمرة في السنة الواحدة بأسفار متعددة: فهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم على قولين (6):
(1)«إرشاد الساري» عن «الوجيز» (ص: 266).
(2)
صحيح: أخرجه البخاري (1773)، ومسلم (1349).
(3)
صحيح: أخرجه الترمذي (807)، والنسائي (5/ 115)، وانظر «صحيح الجامع» (2899).
(4)
صحيح: أخرجه البخاري (1782)، ومسلم (1256).
(5)
صحيح: أخرجه البخاري (1774).
(6)
«مجموع الفتاوى» (26/ 267) وما بعدها، (26/ 290)، و «المجموع» للنووي (7/ 140).
(أ) أنه يكره، وبه قال الحسن وابن سيرين والنخعي، وهو مذهب مالك، واختاره شيخ الإسلام، وحجتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يعتمروا في عام مرتين، فتكره الزيادة على فعلهم، ولأن العمرة هي الحج الأصغر، والحج لا يشرع في العام إلا مرة واحدة، فكذلك العمرة.
(ب) أنه جائز ومستحب، وهو مذهب الجمهور، منهم عطاء وطاوس وعكرمة والشافعي وأحمد، وهو المروي عن عليٍّ وابن عمر وابن عباس وعائشة، وحجتهم أن عائشة اعتمرت في شهر مرتين بأمر النبي صلى الله عليه وسلم: عمرتها التي كانت مع الحجة، والعمرة التي اعتمرتها من التنعيم، وهذا على القول بأنها لم ترفض عمرتها وأنها كانت قارنة كما ذهب إليه الجمهور.
وكذلك استدلوا بحديث «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما
…
» (1)، وبحديث عائشة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر عمرتين: عمرة في ذي القعدة وعمرة في شوال» (2).
قلت: والظاهر لي أن مذهب الجمهور أرجح، والعمرة عمل خير لم يأت ما ينهي عن تكراره، وقياسها على الحج -في كونه مرة- لا يصح؛ لأن العمرة ليس لها وقت تفوت به بخلاف الحج، ثم إن الحج لا يتصور تكراره في عام واحدة، فبطل القياس عليه، والله أعلم.
2 -
تكرار العمرة في سفرة واحدة:
الخلاف في هذه المسألة مثل الخلاف في التي قبلها، لكن الراجح هنا أنه لا يُشرع تعدد العُمر في السفرة الواحدة كما يفعله كثير من الناس اليوم من الخروج إلى التنعيم -بعد الحج مثلاً- ثم الاعتمار، فهذا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم «وإنما كانت عُمَر النبي صلى الله عليه وسلم كلها داخلاً مكة، وقد أقام بعد الوحي بمكة ثلاث عشرة سنة لم ينقل عنه أنه اعتمر خارجًا من مكة تلك المدة أصلاً، فالعمرة التي فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرعها: عمرة الداخل إلى مكة لا عمرة من كان بها فخرج إلى الحل ليعتمر، ولم يفعل هذا على عهده أحد قط إلا عائشة وحدها من بين سائر من كان
(1) صحيح: تقدم قريبًا.
(2)
إسناده صحيح: أخرجه أبو داود (1991)، والبيهقي (5/ 11).
وقال ابن القيم في «تهذيب السنن» (5/ 325 - العون): وهو وهم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في شوال قط
…
اهـ. فليراجع.