الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ....» (1).
شروط وجوب الزكاة
لا تجب الزكاة في الأموال إلا بشروط، فمن حكة الله عز وجل في فرض شرائعه، أنه جعل لها شروطًا أي: أوصافًا معينة لا تجب إلا بوجودها، لتكون الشرائع منضبطة.
إذ لو لم يكن هناك شروط لكان كل شيء يحتمل أنه واجب أو غير واجب ثم هناك موانع أيضًا تمنع وجوب الزكاة مع وجود الشروط، وجميع الأشياء لا تتم إلا بتوفر شروطها، وانتفاء موانعها (2).
وهذه الشروط على قسمين: شروط في من تجب في ماله الزكاة، وشروط في المال نفسه.
الشرط التي يجب توفرها في صاحب المال لتجب الزكاة عليه:
يشترط في صاحب المال الذي تجب فيه الزكاة شرطان:
1 -
الحرية: فلا تجب الزكاة على العبد، لأنه لا يملك، والسيد مالك لما في يده، وقد قال صلى الله عليه وسلم:«من باع عبدًا له مال، فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع» (3).
ولقول ابن عمر رضي الله عنهما: «ليس في مال العبد زكاة حتى يعتق» (4).
وعن كيسان بن أبي سعيد المقبري قال: «أتيت عمر بزكاة مالي مائتي درهم -وأنا مكاتب- فقال: هل عتقت؟ قلت: نعم، قال: اذهب فاقسمها» (5).
2 -
الإسلام: فلا زكاة على الكافر بالإجماع، لأنها عبادة مطهِّرة، والكافر لا طهرة له ما دام على كفره، وإنَّما نقول لا تجب في ماله زكاة، ونعني أننا لا نلزمه بها حتى يسلم، فإنها لا تقبل منهم، فلا فائدة في إلزامهم بها، وقد قال تعالى:
(1) مسلم (987)، وأبو داود (1642).
(2)
«الشرح الممتع» (6/ 18).
(3)
صحيح: أخرجه البخاري (2379)، ومسلم (1173).
(4)
البيهقي (4/ 108) بسند صحيح، وانظر «الإرواء» (3/ 252).
(5)
مصنف ابن أبي شيبة بسند جيد كما في «الإرواء» (3/ 252).
{وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَاّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ ....} (1). وليس معنى هذا أنه لا يحاسب على تركها، فإن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة على المعتمد في الأصول، والله أعلم.
هذا في الكافر الأصلي، أما المرتد -والعياذ بالله- (2) فإن كانت الزكاة قد وجب عليه في حال إسلامه فلا تسقط عنه بالردة -عند الشافعية والحنابلة- لأنها حق ثبت وجوبه فلم يسقط بردته كغرامة المتلفات.
وذهب الحنفية إلى أنها تسقط بالردة.
هل تجب الزكاة في مال الصغير والمجنون؟
للعلماء في هذه المسألة قولان مشهوران:
الأول: لا تجب الزكاة في مالهما إما مطلقًا أو في بعض الأموال (3):
وبهذا قال الحنفية، وهو مروي عن بعض السلف.
قالوا: لأن الزكاة عبادة محضة كالصلاة، فهي تفتقر إلى نية، والصبي والمجنون لا تتحقق منهما النية.
ولأن الصبي والمجنون قد سقط عنهما التكليف فلا تجب عليهما.
ولأن الزكاة طهرة للمزكي، والتطهير إنما يكون من أرجاس الذنوب، ولا ذنب للصبي والمجنون.
ولأن في عدم الأخذ من مالهما حفاظًا على هذا المال، مع عدم استطاعتهما استثماره.
القول الثاني: تجب الزكاة في مال الصبي والمجنون مطلقًا (4):
وهو قول الجمهور، وهو قول عمر وعلي وعبد الله بن عمر وعائشة وجابر بن عبد الله (5)، ولا يُعلم لهم من الصحابة مخالف إلا رواية ضعيفة عن ابن عباس لا يحتج بها.
(1) سورة التوبة: 54.
(2)
«الموسوعة الفقهية» (23/ 233 - الكويت)، و «فقه الزكاة» (1/ 115).
(3)
«المغنى» (2/ 622)، و «بدائع الصنائع» (2/ 4 - 5)، و «المجموع» (5/ 329)، و «المحلى» (5/ 205)، و «فقه الزكاة» (1/ 125).
(4)
«المحلى» (5/ 201)، و «المجموع» (5/ 329)، و «مجموع الفتاوى» (25/ 17)، و «الموسوعة» (23/ 232)، و «الشرح الممتع» (6/ 26).
(5)
انظر مصنف عبد الرزاق (6986 إلى 6992)، ومصنف ابن أبي شيبة (3/ 149)، و «سنن البيهقي» (4/ 107)، و «المحلى» (5/ 208)، والأموال لأبي عبيد (ص 448).
ويؤيد هذا القول:
- عموم النصوص الدالة على وجوب الزكاة في مال الأغنياء وجوبًا مطلقًا، ولم تستثنِ صبيًّا ولا مجنونًا.
- ما ورد عن عمر بن الخطاب قال: «اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الصدقة» (1).
أن مقصود الزكاة سد خلة الفقراء من مال الأغنياء، شكرًا لله تعالى، وتطهيرًا للمال، ومال الصبي والمجنون قابل لأداء النفقات والغرامات، فلا يضيق عن الزكاة.
أن الزكاة حق الآدمي فاستوى في وجوب أدائها المكلف وغير المكلف.
وهذا القول هو الراجح، وعليه فإن الولي يخرجها عنهما من مالهما لأنها زكاة واجبة.
شروط المال لتجب الزكاة فيه؟
يشترط في المال حتى تجب فيه الزكاة شروط:
1 -
أن يكون من الأصناف التي تجب فيها الزكاة: وستأتي تفصيلاً فيما بعد.
2 -
أن يبلغ النصاب: وهو القدر الذي رتب الشارع وجوب الزكاة على بلوغه، فمن لم يملك هذا القدر وملك ما دونه، أو لم يملك شيئًا أصلاً فلا زكاة عليه، وهو يختلف باختلاف المال، كما سيأتي.
3 -
أن يكون هذا المال مملوكًا ملكًا تامًّا:
والدليل على هذا الشرط (2): إضافة الأموال إلى أربابها في القرآن والسنة في مثل قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (3)، وقوله {فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ} (4) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله فرض عليهم في أموالهم
…
».
ولأن الزكاة هي تمليك المال للمستحقين له، والتمليك فرع عن الملك.
(1) ضعيف: أخرجه الترمذي (641)، وموطأ مالك (بلاغًا)، والدارقطني (2/ 111)، وعبد الرزاق (6989) بسند ضعيف وانظر «الإرواء» (788).
(2)
«فقه الزكاة» للقرضاوي (1/ 150).
(3)
سورة التوبة: 103.
(4)
سورة المعارج: 24.