المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

هل تتناول المرأة دواءً يقطع الحيضة في رمضان؟ الحيض أمر كتبه - صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة - جـ ٢

[كمال ابن السيد سالم]

فهرس الكتاب

- ‌4 - كتاب الزكاة

- ‌حكم الزكاة ومنزلتها

- ‌من فضائل وفوائد الزكاة

- ‌حكم منع الزكاة وعقوبة مانعها

- ‌شروط وجوب الزكاة

- ‌زكاة الديون

- ‌الأصناف التي تجب فيها الزكاة

- ‌زكاة الذهب والفضة

- ‌الزكاة في الأوراق النقدية «البنكنوت»

- ‌نصاب الأوراق النقدية

- ‌زكاة الحلي

- ‌الزكاة في الرواتب وكسب الأعمال

- ‌زكاة الصداق

- ‌زكاة المواشي

- ‌زكاة الإبل

- ‌زكاة البقر

- ‌زكاة الغنم

- ‌مسائل عامة في زكاة المواشي

- ‌زكاة الزروع والثمار

- ‌زكاة عروض التجارة

- ‌زكاة الركاز والمعادن

- ‌أحكام عامة في الركاز

- ‌مصارف الزكاة

- ‌نقل الزكاة

- ‌زكاة الفطر

- ‌مصرف زكاة الفطر

- ‌5 - كتاب الصيام

- ‌تعريف الصيام

- ‌أقسام الصيام:

- ‌1 - الصيام الواجب وأقسامه:

- ‌صيام رمضان

- ‌المفطرون وأحكامهم

- ‌قضاء رمضان

- ‌2 - صيام التطوع

- ‌مسائل تتعلق بصيام التطوع

- ‌الأيام المنهي عن صيامها

- ‌ليلة القدر

- ‌الاعتكاف

- ‌6 - كتاب الحج والعمرة

- ‌أولاً: الحج

- ‌الحج عن الغير

- ‌المواقيت

- ‌سياق صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ملخص أفعال حج التمتُّع

- ‌ما قبل السفر

- ‌الإحرام

- ‌دخول مكة والطواف

- ‌السعي بين الصفا والمروة

- ‌التحلل من الإحرام

- ‌يوم التروية

- ‌يوم عرفة

- ‌الإفاضة إلى المزدلفة والمبيت بها

- ‌يوم النحر

- ‌أيام التشريق

- ‌طواف الوداع قبل السفر

- ‌أركان الحج

- ‌محظورات الإحرام

- ‌دخول مكة

- ‌أحكام في الطواف عامة

- ‌أحكام السعي بين الصفا والمروة

- ‌الهَدْي

- ‌الحلق والتقصير

- ‌الفوات والإحصار

- ‌ثانيًا: العمرة

- ‌فضل العمرة

- ‌وقت العمرة:

- ‌تجوز العمرة قبل الحج:

- ‌هل يشرع تكرار العمرة

- ‌أركان العمرة:

- ‌واجبات العمرة:

- ‌زيارة المدينة المنورة

- ‌فضل مسجدها وفضل الصلاة فيه:

- ‌آداب زيارة المسجد والقبر الشريفين:

- ‌مسجد قباء:

- ‌البقيع وأُحد:

- ‌المزارات:

- ‌محظورات الحرمين

- ‌7 - كتاب الأيمان والنذور

- ‌أولًا: الأيْمَانُ

- ‌أنواع اليمين القَسَمِيَّة

- ‌كفَّارة اليمين

- ‌ثانيًا: النُّذُور

- ‌8 - كتاب الأطعمة والأشربة وما يتعلق بهما

- ‌الأَطْعِمَة

- ‌من آداب الأكل

- ‌الصَّيْد وأحكامه

- ‌التذكية الشرعية

- ‌الأضحية

- ‌ما يُضَحَّى به

- ‌العقيقة

- ‌الأشربة

- ‌الآنية وما يتعلَّق بها

الفصل: هل تتناول المرأة دواءً يقطع الحيضة في رمضان؟ الحيض أمر كتبه

هل تتناول المرأة دواءً يقطع الحيضة في رمضان؟

الحيض أمر كتبه الله على بنات آدم، ولم تكن النسوة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكلفن ذلك ليصمن رمضان كاملاً، وعليه فلا يستحب ذلك.

لكن إذا فعلت ذلك -ولم يكن هذا الدواء يضر بها- فلا بأس به، فإذا تناولته وانقطع دمها كان لها حكم الطاهرة فتصوم ولا إعادة عليها. والله أعلم.

المستحاضة لا تمتنع من الصوم: ولا من الصلاة، بل يجبان عليها بإجماع العلماء.

3 -

من خشي الهلاك بصومه: فيجب عليه الفطر (1).

[جـ] من لا يجوز له الفطر:

وهو كل مسلم، بالغ، عاقل، صحيح غير مريض، مقيم غير مسافر، والمرأة الطاهرة من الحيض والنفاس.

‌قضاء رمضان

1 -

من أفطر بغير عذر:

ذهب أكثر أهل العلم إلى أن من أفطر متعمدًا يجب عليه القضاء سواء كان بعذر أو بغير عذر، واختلف هؤلاء:

فأوجب بعضهم على من أكل أو شرب: القضاء والكفارة قياسًا على الجماع (2)(!!) وهو قول ابن المبارك والثوري وإسحاق وأبي حنيفة ومالك وقال الشافعي وأحمد: عليه القضاء دون الكفارة.

وذهب ابن حزم (3) إلى أنه لا يُشرع له القضاء إذا أفطر متعمدًا بغير عذر على أصله في أن العبادة المؤقتة محددة الطرفين إذا تركت من غير عذر لم يشرع قضاؤها إلا بنص جديد، فإيجاب صيام غير رمضان -الذي افترض عليه صيامه- بدلاً منه، إيجاب شرع لم يأذن به الله تعالى، قلت (أبو مالك): وهو مذهب قوي -كما تقدم تحريره في قضاء الصلوات الفائتة- ويؤيده هنا أنه لم يثبت أمر النبي صلى الله عليه وسلم للمجامع في رمضان بالقضاء مع ثبوت الكفارة كما تقدم قريبًا، وقد صحَّ عن

(1)«المحلى» (6/ 228)، و «المجموع» (6/ 262)، و «الدر المختار» (2/ 116)، و «القوانين الفقهية» (82).

(2)

قد مرَّ قريبًا أن أمر المجامع في رمضان بالقضاء لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(3)

«المحلى» (6/ 180) مسألة (735).

ص: 128

ابن مسعود أنه قال: «من أفطر يومًا من رمضان من غير عذر ولا رخصة لم يجزِه صيام الدهر كله» (1) ونحوه عن أبي هريرة.

قلت: لكن يخرج مما تقدم من تعمد التقيؤ فإنه يقضي لأجل النص فيه كما مرَّ في موضعه، والله أعلم.

2 -

قضاء رمضان لا يجب على الفور:

قضاء الفوات من رمضان -بعذر شرعي- لا يجب على الفور، وإنما وجوبه على التراخي وجوبًا مُوسَّعًا، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت:«كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان» (2).

قال الحافظ في «الفتح» (4/ 191): وفي الحديث دلالة على جواز تأخير قضاء رمضان سواء كان [يعني التأخير] لعذر أو لغير عذر. اهـ.

لكن يستحب المبادرة بالقضاء، لعموم قوله تعالى:{أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} (3).

فائدة: إذا أخر القضاء حتى دخل رمضان الذي بعده: فإنه يصوم رمضان الذي ورد عليه -كما أُمر- فإذا أفطر في شوال قضى الأيام التي كانت عليه فقط ولا مزيد على هذا، فلا يجب عليه إطعام ولا غيره، لعدم ثبوت شيء مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وهذا مذهب أبي حنيفة وابن حزم، وهو الراجح وقال مالك: يطعم في القضاء عن كل يوم مُدًّا مُدًّا عددها مساكين إن تعمد ترك القضاء وهو قول الشافعي (4).

3 -

لا يجب التتابع في القضاء:

لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (5). وقال ابن عباس: «لا بأس أن يفرق» (6)،

(1) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (9784).

(2)

صحيح: أخرجه البخاري (1950)، ومسلم (1146).

(3)

سورة المؤمنون: 61.

(4)

«المحلى» (6/ 260، 261)، وانظر «المجموع» (6/ 412).

(5)

سورة البقرة: 184.

(6)

إسناده صحيح: علَّقه البخاري، ووصله عبد الرزاق (4/ 43)، والدارقطني (2/ 192)، والبيهقي (4/ 258) بسند صحيح.

ص: 129

وقال أبو هريرة: «يواتره إن شاء» (1)، وقال أنس:«إن شئت فاقض رمضان متتابعًا، وإن شئت متفرقًا» (2).

وأما ما رُوى عن أبي هريرة مرفوعًا: «من كان عليه صوم رمضان، فليسرده ولا يقطعه» (3) فضعيف لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وذهب إلى التخيير بين المتابعة والتفريق في قضاء الصيام الأئمةُ الأربعة (4).

4 -

من مات وعليه صوم:

اختلف أهل العلم فيمن مات وعليه صوم، هل يصوم عنه وليه؟ على ثلاثة أقوال:

الأول: لا يُصام عنه لا في النذر ولا في قضاء رمضان: وهذا مذهب أبي حنيفة وأصحابه ومالك وظاهر مذهب الشافعي (5) وحجتهم:

1 -

قوله تعالى: {وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَاّ مَا سَعَى} (6).

2 -

قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» (7).

3 -

ما يُروى عن عبادة بن نسي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من مرض في رمضان فلم يزل مريضًا حتى مات لم يطعم عنه، وإن صح فلم يقضه حتى مات أطعم عنه» (8) ولا يصح.

4 -

حديث عمرة: أن أمها ماتت وعليها صيام من رمضان فقالت لعائشة: أقضيه عنها؟ قالت: «لا، بل تصدقي عنها مكان كل يوم نصف صاع على كل مسكين» (9).

(1) إسناده صحيح: أخرجه الدارقطني وانظر «الإرواء (4/ 95).

(2)

إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (9115)، والبيهقي (4/ 258).

(3)

ضعيف: أخرجه الدارقطني (2/ 191)، والبيهقي (4/ 259)، وانظر «الإرواء» (4/ 95).

(4)

«المحلى» (6/ 261)، و «مسائل أحمد» لأبي داود (ص 95)، و «المجموع» (6/ 312)، و «المغنى» (3/ 43).

(5)

«تهذيب السنن» (7/ 27 - مع العون)، و «المجموع» (6/ 412)، و «فتح القدير» (2/ 360).

(6)

سورة النجم: 39.

(7)

صحيح: أخرجه البخاري مسلم (1631)، والترمذي (1376)، وأبو داود (2880)، والنسائي (3651).

(8)

إسناده ضعيف: أخرجه عبد الرزاق (7635).

(9)

إسناده ضعيف: أخرجه الطحاوي في «المشكل» (3/ 142)، وابن حزم في «المحلى» (7/ 4).

ص: 130

ورُوى عنها أنها قالت: «لا تصوموا عن موتاكم وأطعموا عنهم» (1).

قالوا: وهي التي روت قوله صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صوم، صام عنه وليُّه» (2) فدل على أن العمل على خلاف ما روته!!

5 -

عن ابن عباس أنه قال: «لا يصلِّي أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد» (3).

وهو راوي حديث الصوم عن الأم الذي سيأتي.

6 -

تأوَّلوا: حديث «صام عنه وليه» بأن المراد: فعل عنه ما يقوم مقام الصوم وهو الإطعام!! قال النووي في المجموع (6/ 419): هو تأويل باطل يرده باقي الأحاديث.

7 -

قالت المالكية: عمل أهل المدينة على خلاف ذلك؟!!.

الثاني: يُصام عنه النذور والقضاء مطلقًا: وهو مذهب أبي ثور وأحد قولي الشافعي -واختاره النووي- وأصحاب الحديث وابن حزم (4) واستدلوا:

1 -

بحديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من مات وعليه صيام، صام عنه وليُّه» (5).

2 -

حديث ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر [وفي رواية:«صوم نذر» ] فأقضيه عنها؟ قال: «نعم، فدين الله أحق أن يُقضى» (6).

3 -

حديث بريدة قال: بينما أنا جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أتته امرأة فقالت: يا رسول الله، إني تصدقت على أمي بجارية، وإنها ماتت، فقال:«وجب أجرك، وردَّها عليك الميراث» ، قالت: يا رسول الله، إنه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها؟ قال:«صومي عنها»

الحديث (7).

(1) إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه عبد الرزاق، والبيهقي (4/ 256).

(2)

صحيح: أخرجه البخاري (1952)، ومسلم (1147).

(3)

إسناده صحيح: أخرجه النسائي في «الكبرى» (2918)، ومن طريقه ابن عبد البر في «التمهيد» (9/ 27)، والطحاوي في «المشكل» (6/ 176).

(4)

«المحلى» (7/ 2 - وما بعدها)، و «المجموع» (6/ 418)، و «الفتح» (4/ 228).

(5)

صحيح: تقدم قريبًا.

(6)

صحيح: أخرجه البخاري (1953)، ومسلم (1148).

(7)

صحيح: أخرجه مسلم (1149)، والترمذي (667).

ص: 131

4 -

حديث ابن عباس «أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن الله نجاها أن تصوم شهرًا فنجاها الله تعالى، فلم تصم حتى ماتت، فجاءت بنتها أو أختها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تصوم عنها» (1).

5 -

أجابوا عن استدلال المانعين بقوله تعالى {وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَاّ مَا سَعَى} (2). بأن الذي أنزل هذه الآية هو الذي أنزل قوله {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (3) وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم الصيام دينًا، فعلم أن المراد: ليس للإنسان إلا ما سعى، وما حكم الله ورسوله أن له من سعي غيره عنه والصوم من جملة ذلك.

6 -

وأجابوا عن حديث: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله

» بأنه لا متعلَّق له بمسألتنا لأن فيه انقطاع عمل الميت، وليس فيه انقطاع عمل غيره عنه ولا المنع منه.

7 -

أجابوا في فتوى ابن عباس وعائشة بأن الآثار عنهما فيها مقال، ولو صحت لكانت الحجة فيما روياه مرفوعًا دون فتواهما، كما هو مقرر في الأصول.

الثالث: يُصام عنه النذر دون قضاء رمضان: وهو مذهب أحمد وإسحاق وأبي عبيد والليث (4) وحجتهم:

1 -

أن حديث عائشة عام، وحديث ابن عباس خاص فيحمل عليه، ويكون المراد بالصيام الذي يصومه الولي صيام النذر.

2 -

أن الثابت عن عائشة في منعها من الصيام عن الميت إنما هو في قضاء صيام الفرض لا النذر كما تقدم في أثر عمرة عنها وفيه: «إن أمها ماتت وعليها من رمضان

»، فالظاهر أنها لا تمنع من صيام النذر عن الميت عملاً بما روته من العموم، فيدل على أنها لم تفهم الإطلاق الشامل لصوم رمضان غيره في مَرْويِّها.

3 -

أن الثابت عن ابن عباس -وهو راوي الحديث الآخر في الصوم عن الميت- قوله: «إذا مرض الرجل في رمضان ثم مات ولم يصم، أطعم عنه ولم يكن عليه قضاءٌ، وإن كان عليه نذر قضى عنه وليه» (5) ولا شك أنه الأدرى بمعنى مَرْوِيِّه.

(1) صحيح: أخرجه أبو داود (3308)، والنسائي (3816).

(2)

سورة النجم: 39.

(3)

سورة النساء: 11.

(4)

«تهذيب السنن» (7/ 27 - العون)، و «الفتح» (4/ 228).

(5)

إسناده صحيح: أخرجه أبو داود (2398)، وابن حزم (7/ 7).

ص: 132

4 -

أن فرض الصيام جارٍ مجرى الصلاة والإسلام، فكما أنه لا يصلي أحد عن أحد ولا يُسلم أحد عن أحد، فكذلك الصيام، ومقتضى الدليل أن فعلهما عن الميت بعد موته لا يبرئ ذمته، ولا يقبل منه، ولا ينفعه أداء غيره عنه لفرائض الله عليه.

وأما النذر فإن الشارع لم يلزمه به ابتداءً وإنما ألزم به المكلف نفسه، فصار بمنزلة الدَّيْن الذي استدانه، فدخلته النيابة.

قلت (أبو مالك): والذي يترجح لديَّ أنه يصام عن الميت القضاء والنذر مطلقًا، لأن العام (في حديث عائشة) لا يُخَصَّصُ بأحد أفراده (في حديث ابن عباس) إلا عند التعارض -كما تقرر في الأصول- ولا تعارض هنا، ولذا قال الحافظ في «الفتح» (4/ 228): فحديث ابن عباس صورة مستقلة يسأل عنها من وقعت له، وأما حديث عائشة فهو تقرير قاعدة عامة. اهـ.

والحاصل: أن من مات وعليه صيام لا يخلو من أحد ثلاثة:

1 -

أن يتصل عذره في قضائه حتى يموت وهو غير قادر على قضائه، فهذا لا شيء عليه ولا على ورثته، ولا في تركته لا صيام ولا إطعام (1).

2 -

أن يزول عذره ويتمكن من قضاء رمضان، ولا يقضيه حتى يموت، فهذا يُصام عنه.

3 -

أن يموت وعليه نذر، فيصوم عنه ورثته.

فائدتان:

1 -

قوله صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» خبر بمعنى الأمر وتقديره (فليصم عنه وليه) وهذا الأمر للندب لا للإيجاب عند الجمهور (2) خلافًا لأهل الظاهر، ويقوي هذا رواية البزار ففيها (فليصم عنه وليه إن شاء)(3)، وهذا هو الموافق للقواعد فإن الأصل براءة الذمة وأن المكلف غير ملتزم بأداء ما ثبت في ذمة غيره إلا بدليل صريح.

2 -

من مات وعليه صوم، وصام عنه رجال بعدد الأيام التي عليه جاز ذلك.

وأما الإطعام فإن جمع وليه مسكين بعدد الأيام التي عليه وأشبعهم، جاز، كذلك فعل أنس بن مالك رضي الله عنه.

(1)«المجموع» (6/ 414).

(2)

«فتح الباري» (4/ 228).

(3)

هذا لو صحت، وهي زيادة منكرة وانظر «تمام المنة» (ص: 427).

ص: 133