الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأهل اليمن يلملم قال: «فهنُّ لهنَّ ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن مهلُّه من أهله، وكذلك أهل مكة يهلون منها» (1).
5 -
ذات عِرْق: لأهل العراق والمشرق، وهذا المكان قريب من «العقيق» وقد اختلف فيمن وَقَّته، فقيل عمر، لحديث ابن عمر قال:«لما فُتح هذان المصران (يعني البصرة والكوفة) أتوا عمر، فقالوا: يا أمير المؤمنين: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدَّ لأهل نجد قرنًا، وهو جور عن طريقنا، وإنا إن أردنا قرنًا شق علينا؟ قال: فانظروا حذوها من طريقكم، فحدَّ لهم ذات عرق» (2).
وقيل: بل حدَّه النبي صلى الله عليه وسلم، لحديث جابر:«مَهلُّ أهل المدينة من ذي الحليفة، والطريق الآخر الجحفة، وهلُّ العراق من ذات عرق، ومهلُّ أهل المدينة من ذي الحليفة، والطريق الآخر الجحفة، ومهل العراق من ذات عرق، ومهلَّ أهل نجد من قرن، ومهل أهل اليمن من يلملم» (3) وهو مختلف في رفعه، لكن يؤيد الرفع حديث عائشة رضي الله عنها «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقَّت لأهل العراق ذات عرق» (4). ويجمع بأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي وقته وخفى علمه على عمر رضي الله عنه فاجتهد فوافق السنة وكم له من موافقات للشرع!!
المقيم بمكة ميقاته: منازل مكة، والمقيم بين مكة وأحد هذه المواقيت فميقاته منزله.
من كان طريق لا تمر بشيء من هذه المواقيت، فإذا علم أنه حاذى أقربها منه أحرم منه، ومن كان في طائرة فإنه يحرم إذا حاذى الميقات وكان فوقه، ويكون متأهبًا قبل الإحرام بأن يلبس ثياب الإحرام قبل محاذاة الميقات، فإذا حاذاه نوى الإحرام في الحال، لا أن يؤخره إلى أن يهبط (5).
سياق صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم
عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: دخلنا على جابر بن عبد الله
…
فقلت: أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بيده فعقد تسعًا فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) صحيح: أخرجه البخاري (1526)، ومسلم (1181).
(2)
صحيح: أخرجه البخاري (1531)، والبيهقي (5/ 27).
(3)
صحيح: أخرجه أبو داود (1183)، ولرفعه شواهد «الإرواء» (998).
(4)
صحيح: أخرجه أبو داود (1739)، والنسائي (2/ 6) وغيرهما، وانظر «لإرواء» (999).
(5)
«أوضح المسالك إلى أحكام المناسك» للسلمان (ص: 42، 43) باختصار.
مكث تسع سنين لم يحج ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج فقدم المدينة بشرٌ كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويعمل مثل عمله فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحُليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع قال: «اغتسلي واستثفري بثوب واحرمي» فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماش وعن يمينه مثل ذلك وعن يساره مثل ذلك ومن خلفه مثل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل به من شيء عملنا به فأهلَّ بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وأهل الناس بهذا الذي يهلون به فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئًا منه ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته. قال جابر رضي الله عنه لسنا ننوي إلا الحج لسنا نعرف العمرة حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثًا ومشى أربعًا ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ {وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (1) فجعل المقام بينه وبين البيت فكان أبي يقول ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون ثم رجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ} (2) أبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده.
ثم دعا بين ذلك ثال مثل هذا ثلاث ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا صعدنا مشى حتى أتى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا صعدنا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا حتى إذا كان آخر طوافه على المروة فقال لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدى فليحل وليجعلها عمرة، فقام سراقة بن مالك بن خثعم فقال يا رسول الله ألعامنا هذا أم لأبد؟ فشبَّك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى وقال: دخلت العمرة في الحج -مرتين- لا، بل لأبد أبد وقدم عليٌّ من اليمن ببُدُن النبي صلى الله عليه وسلم فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل ولبست ثيابًا صبيغًا واكتحلت فأنكر ذلك عليها فقالت إن أبي أمرني بهذا قال فكان عليٌّ
(1) سورة البقرة: 125.
(2)
سورة البقرة: 158.
يقول بالعراق فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشًا على فاطمة للذي صنعت مستفتيًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت فيه فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها فقال: صدقت صدقت ماذا قلتَ حين فرضت الحج؟ قال: قلت: اللهم إني أهل بما أهل به رسولك، قال: فإن معي الهدى فلا تحل، قال: فكان جماعة الهدى الذي قدم به على من اليمن والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم مائة.
قال: فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدى فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس وأمر بقُبة من شعر تضرب له بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعًا في بني سعد فقتله هذيل، وربا الجاهلية موضوع وأول ربًا أضع ربانا ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد اللهم اشهد -ثلاث مرات- ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئًا ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حَبْل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص وأردف أسامة خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى: أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى حبلاً من الحبال أرخى لها قليلاً حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحدٍ وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئًا ثم اضطجع رسول الله صلى
الله عليه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه