الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما إذا خرج الجنين حيًّا حياة مستقرة، لم يحلَّ أكله إلا بذبحه، والله أعلم.
ما قُطع من البهيمة وهي حية (1):
عن أبي واقد الليثي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما قُطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة» (2).
قال ابن حزم، رحمه الله:
الأضحية
(4)
تعريفها:
الأُضحية -بضم الهمزة ويجوز كسرها ويجوز حذف الهمزة، وفتح الضاد- هي ما يُذكى تقربًا إلى الله تعالى في أيام النحر بشرائط مخصوصة، وكأنها اشتقت من اسم الوقت الذي شرع ذبحها فيه، وبها سمى اليوم يوم الأضحى (5).
مشروعيتها:
الأصل في مشروعية الأضحية: الكتاب والسنة والإجماع، فأما الكتاب: فقول الله سبحانه: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (6) قال بعض أهل العلم المراد به: الأضحية بعد صلاة العيد. وأما السنة، فعن أنس قال:«ضحَّى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده، وسمَّى وكبَّر، ووضع رجله على صفاحها» (7).
(1)«المحلى» (7/ 449)، و «المغنى» (9/ 320 - الفكر)، و «نيل الأوطار» (8/ 166).
(2)
حسن: أخرجه أبو داود (2858)، والترمذي (1480) وله شواهد.
(3)
«المحلى» (7/ 449).
(4)
لأخينا في الله محمد العلاوي -حفظه الله- كتاب نافع في «فقه الأضحية» وقد قدَّم له شيخنا بارك الله فيه، فليرجع إليه.
(5)
«سبل السلام» (4/ 160)، و «ابن عابدين» (5/ 111).
(6)
سورة الكوثر: 2.
(7)
صحيح: أخرجه البخاري (5558)، ومسلم (1966).
وأجمع المسلمون على مشروعية الأضحية (1).
حكم الأضحية:
اختلف أهل العلم في حكم الأضحية، على قولين (2):
الأول: أنها واجبة على الموسر: وهو قول ربيعة والأوزاعي وأبي حنيفة والليث وبعض المالكية، واستدلوا بأدلة منها:
1 -
قوله تعالى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (3) وأجيب بأن للعلماء في تأويل الآية خمسة أقوال أظهرها أن المراد: صلِّ لله، وانحر لله.
2 -
حديث جندب بن سفيان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «
…
من ذبح قبل أن يصلي فليُعد مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح» (4).
وأجيب بأن المقصود بيان شرط الأضحية المشروعة، فهو كما قال لمن صلى راتبة الضحى مثلًا قبل طلوع الشمس: إذا طلعت الشمس فأعد صلاتك، كذا في الفتح (10/ 6، 19).
3 -
حديث البراء أن أبا بردة قال: يا رسول الله ذبحتُ قبل أن أصلي، وعندي جذعة خير من مُسنة، فقال صلى الله عليه وسلم:«اجعلها مكانها، ولن تجزئ عن أحد بعدك» (5).
وأجاب الخطابي عن الاستدلال به على الوجوب فقال: وهذا لا يدل على ما قاله لأن أحكام الأصول مراعاة في أبدالها فرضًا كانت أو نفلاً، إنما هو على الندب كما كان الأصل على الندب، ومعناه أنها تجزئ عنك إن أردت الأضحية ونويت الأجر فيها. اهـ (المعالم 2/ 199).
4 -
حديث البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أربعة لا يجزين في الأضاحي: العوراء البيِّن عورها و
…
» (6) الحديث وسيأتي.
(1)«المغنى» (9/ 345)، و «الحاوي» للماوردي (19/ 83)، و «المحلى» (7/ 355).
(2)
«المبسوط» (12/ 8).
(3)
سورة الكوثر: 2.
(4)
صحيح: أخرجه البخاري (5562)، ومسلم (1960).
(5)
صحيح: أخرجه البخاري (5560).
(6)
صحيح: أخرجه أبو داود (2802)، والترمذي (1497)، والنسائي (7/ 215)، وابن ماجه (3144) وغيرهم.
قالوا: فقوله: «لا يجزين ..» دليل على وجوبها!! لأن التطوع لا يقال فيه: لا تجزئ، قالوا: والسلامة من العيوب إنما تُراعى في الرقاب الواجبة، وأما التطوع فجائر أن يتقرب إلى الله فيه بالأعور وغيره.
وأجيب: بأن الضحايا قربان سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقرب به إلى الله عز وجل حسبما ورد به الشرع، وهو حكم ورد به التوقيت، فلا يتعدى به سنته صلى الله عليه وسلم لأنه محال أن يتقرب إليه بما قد نهى عنه على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
5 -
حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان له سعة ولم يُضَحِّ فلا يقربنَّ مُصلَاّنا» (2) والصواب وقفه كما رجَّحه الأئمة (3).
القول الثاني: أن الأضحية سنة وليست واجبة: وهو مذهب الجمهور: مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور والمزني وابن المنذر وداود وابن حزم وغيرهم، واستدلوا بما يلي:
1 -
حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يُضحى فلا يمسَّ من شعره وبشره شيئًا» (4).
قالوا: فقوله (وأراد أن يضحي) دليل على أن الأضحية ليست بواجبة.
2 -
صحَّ عن الصحابة أن الأضحية ليست بواجبة، ولم يصح عن أحد منهم أنها واجبة، قال الماوردي:«ورُوى عن الصحابة رضي الله عنهم ما ينعقد به الإجماع على سقوط الوجوب» (5) اهـ. قلت: من ذلك:
(أ) عن أبي سريحة قال: «رأيت أبا بكر وعمر، وما يضحيان» (6).
(ب) عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: «إني لأدع الأضحى، وإني لموسر، مخافة أن يرى جيراني أنه حتم عليَّ» (7).
(1)«التمهيد» لابن عبد البر (20/ 167).
(2)
ضعيف: أخرجه ابن ماجه (3123)، وأحمد (2/ 321)، والحاكم (2/ 389)، والدراقطني (4/ 285)، والبيهقي (9/ 260) والصواب وقفه.
(3)
كالدارقطني في «العلل» (10/ 34)، وابن عبد البر (23/ 191) والترمذي.
(4)
صحيح: أخرجه مسلم (1977)، والنسائي (7/ 212)، وابن ماجه (3149)، وأحمد (6/ 289) وقد اختلف في رفعه ووقفه، والأظهر رفعه.
(5)
«الحاوي» (19/ 85)، وانظر «المحلى» (7/ 358).
(6)
إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق (8139)، والبيهقي (9/ 269).
(7)
إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق (8149)، والبيهقي (9/ 265)