الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
الطمأنينة والسكينة التي تنزل بها الملائكة، فيحس الإنسان بطمأنينة القلب، ويجد من انشراح الصدر ولذة العبادة في هذه الليلة ما لا يجده في غيره.
3 -
قد يراها الإنسان في منامه، كما حصل لبعض الصحابة.
ومن العلامات ما يكون لاحقًا مثل:
4 -
أن تطلع الشمس في صبيحتها صافية لا شعاع لها، فعن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«صبيحة ليلة القدر تطلع الشمس لا شعاع لها، كأنها طَسْت، حتى ترتفع» (1).
تنبيه:
للعامَّة حول علامات ليلة القدر خرافات كثيرة، واعتقادات فاسدة، منها أن الشجر يسجد وأن المباني تنام، وأن المالحة تعذب في تلك الليلة وأن الكلاب تكف عن النباح وغير ذلك مما هو ظاهر الفساد والبطلان.
الاعتكاف
1 -
معناه: الاعتكاف هو الإقامة على الشيء، فقيل لمن لازم المسجد وأقام فيه للعبادة: معتكف وعاكف (2).
2 -
مشروعيته:
يستحب الاعتكاف في رمضان، لحديث أبي هريرة قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قُبض منه اعتكف عشرين يومًا» (3).
وأفضله آخر رمضان، لما ثبت عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل» (4).
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف آخر العشر من شوَّال، قضاءً لاعتكاف رمضان فإنه لم يعتكف ذلك في رمضان (5).
(1) صحيح: أخرجه مسلم (1174).
(2)
«المصباح المنير» (2/ 424)، و «لسان العرب» (9/ 252).
(3)
صحيح: أخرجه البخاري (2044).
(4)
صحيح: أخرجه البخاري (2026)، ومسلم (1172).
(5)
صحيح: أخرجه البخاري (2041)، ومسلم (1173).
فإن نذر الإنسان أن يعتكف يومًا أو أكثر وجب عليه الوفاء بنذره، فعن عمر بن الخطاب أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام؟ قال:«فأوف بنذرك [فاعتكف ليلة] ..» (1).
3 -
لا يشرع الاعتكاف إلا في المسجد:
لقوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (2).
ولأنه معتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك أزواجه، ولو كان يصح الاعتكاف لما اعتكف أزواجه صلى الله عليه وسلم في المسجد مع المشقة في ملازمته، ولو جاز في البيت لفعلوه ولو مرة.
وقد ذهب الجمهور إلى أنه يشرع الاعتكاف في كل مسجد -على اختلاف بينهم في اشتراط كونه جامعًا ونحوه -لعموم قوله تعالى: {فِي الْمَسَاجِدِ} .
وقال قوم: لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى، وبه قال حذيفة وسعيد بن المسيب (3)، ومذهب الجمهور أرجح، وأما ما يُروى عن حذيفة مرفوعًا:«لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة» (4) فاخُتلف في رفعه ووقفه.
4 -
ويُشرع اعتكاف النساء بشرطين:
يشرع للنساء الاعتكاف، فعن عائشة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فاستأذنته عائشة فأذن لها
…
الحديث» (5).
وعنها قالت «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفَّاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجه من بعده» (6)، ويشترط لاعتكاف المرأة أمران:
(1) صحيح: أخرجه البخاري (2042)، ومسلم (1656).
(2)
سورة البقرة: 187.
(3)
«بداية المجتهد» (1/ 466 - الكتب العلمية).
(4)
أخرجه البيهقي (4/ 316)، والإسماعيلي كما في «معجم شيوخه» (3/ 721)، والذهبي في «السير» (15/ 81)، وابن الجوزي في «التحقيق» (1181) من طريق ابن عيينة عن جامع بن أبي راشد عن أبي وائل عن حذيفة به مرفوعًا، واختلف على ابن عيينة فرواه عند عبد الرزاق (8016)، ومن طريقه الطبراني (6/ 301 - 302) بسنده عن حذيفة موقوفًا، وتابعه إبراهيم عن حذيفة موقوفًا عند عبد الرزاق (8014)، والطبراني (9/ 301).
(5)
صحيح: أخرجه البخاري (2045)، ومسلم (1172).
(6)
صحيح: أخرجه البخاري (2026)، ومسلم (1172).
(أ) إذن زوجها: لأنها لا تخرج من بيتها إلا بإذنه، وقد تقدم في حديث عائشة أنها استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم وكذا حفصة وزينب لأجل الاعتكاف.
فائدة: إذا أذن لها الزوج في الاعتكاف، فهل له أن يخرجها منه؟ (1).
- إذا كان اعتكافها تطوعًا فله أن يخرجها منه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما استأذنته عائشة في الاعتكاف وتبعتها حفصة ثم زينب، خاف أن يكن غير مخلصات في الاعتكاف بل أردن القرب منه لغيرتهن عليه، فأخرجهن وقال: «
…
آلبر أردت؟ ما أنا بمعتكف
…
» (2).
- وإذا كان اعتكافها واجبًا (كالنذر مثلًا): فإما أن يكون نذرًا متتابعًا (نذرت اعتكاف العشر الأواخر) وأذن زوجها فليس له أن يخرجها منه، وإن لم تكن اشترطت التتابع في نذرها فله أن يخرجها ثم تستدرك فيما بعد بقية النذر (3).
(ب) أن لا يكون في اعتكافها فتنة:
فالمرأة تعتكف ما لم يكن في اعتكافها فتنة، فإن ترتب على اعتكافها فتنة لها أو للرجال، فتمنع ولا تُمكَّن منه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم منع أزواجه من الاعتكاف فيما دون ذلك كما تقدم في حديث عائشة.
5 -
هل يشترط الصوم للاعتكاف؟ (4)
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين (5):
الأول: لا يصح الاعتكاف إلا بصوم: وهو مذهب أبي حنيفة (6) ومالك وأحمد -في إحدى الروايتين- وهو مروي عن عائشة وابن عباس وابن عمر، وحجتهم:
1 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف في رمضان، ولم يعرف مشروعية الاعتكاف إلا بصوم، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه أنهم اعتكفوا بغير صوم.
(1) من كتابي «فقه السنة للنساء» (ص: 247) عن «جامع أحكام النساء» (2/ 416) بتصرف.
(2)
صحيح: تقدم قريبًا.
(3)
«المجموع» للنووي (6/ 476).
(4)
فائدة هذا محلُّها: إذا اعتكف في غير رمضان لنذر أو نحوه، أو كان مفطرًا في رمضان بعذر وأراد أن يعتكف.
(5)
«بداية المجتهد» (1/ 470)، و «تهذيب السنن» (7/ 104 - 109 - مع عون المعبود).
(6)
اشتراط الصوم للاعتكاف عند أبي حنيفة خاص باعتكاف النذر فقط.
2 -
اقتران الاعتكاف مع الصوم في آية واحدة.
3 -
حديث عائشة قالت: «السُّنة على المعتكف أن لا يعود مريضًا، ولا يشهد جنازة ولا يمسَّ امرأة، ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بُدَّ منه، ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع» (1) وقد رُوى عنها مرفوعًا ولا يصح.
الثاني: لا يشترط الصوم للاعتكاف وإنما يستحب: وهو مذهب الشافعي وأحمد -في المشهور عنه- وهو مروي عن عليٍّ وابن مسعود، وحجتهم:
1 -
أن عمر قال للنبي صلى الله عليه وسلم: «يا رسول الله، إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام؟ قال: «فأوف بنذرك» ، فاعتكف ليلة» (2).
قالوا: والليل ليس بمحل للصيام، وقد جوَّز الاعتكاف فيه.
2 -
في رواية لحديث عائشة الذي تقدم -في اعتكاف أزواجه صلى الله عليه وسلم فقال لما رأى أخيبة أزواجه: «آلبرَّ تُرِدْن؟» فأمر بخبائه فقُوِّض، وترك الاعتكاف في شهر رمضان، حتى اعتكف في الأوَّلِ من شوال» (3).
قالوا: وأول شوال وهو يوم الفطر لا يحل صومه.
3 -
ما رُوى عن ابن عباس مرفوعًا: «ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه» (4) وهو ضعيف، والصواب وقفه.
4 -
أن الاعتكاف عبادة مستقلة بنفسها، فلم يكن الصوم شرطًا فيها كسائر العبادات.
5 -
أنه لزوم مكان معين لطاعة الله تعالى، فلم يكن الصوم شرطًا كالرباط.
قلت: والأظهر أنه لا يشترط الصوم لاعتكاف وإنما يستحب، والله أعلم.
(1) إسناده جيد: أخرجه أبو داود (2473)، والبيهقي (4/ 315)، وقد اختلف في ثبوت قولها «السنة» ، بل جزم الدارقطني بأن اللفظ كله مدرج من كلام الزهري، لكن ردَّه الألباني في «الإرواء» (4/ 140).
(2)
صحيح: أخرجه البخاري (2042)، ومسلم (1656).
(3)
صحيح: أخرجه هذا اللفظ مسلم (1172).
(4)
ضعيف: أخرجه الحاكم (1/ 605) والبيهقي (4/ 318)، والدارقطني (2/ 199) بسند ضعيف والصواب وقفه على ابن عباس.
6 -
أقل مدة للاعتكاف (1):
ذهب الجمهور ومنهم أبو حنيفة والشافعي إلى أن زمان الاعتكاف لا حَدَّ لأَقلِّه، وقال مالك: أقله يوم وليلة، وعنه: ثلاثة أيام، وعنه: عشرة أيام.
والظاهر أن من اعتقد أن من شرط الاعتكاف الصوم، قال: لا يجوز اعتكافه ليلة، فلا أقل من يوم وليلة إذ انعقاد النهار إنما يكون بالليل.
قلت: والأظهر أن أقلَّه ليلة لحديث عمر لما أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يفي بنذره فاعتكف ليلة وقد تقدم في المسألة السابقة، وأما قول الجمهور بأنه يجزئ أقل من ليلة ولو لحظة من ليل أو نهار، فهذا يحتاج إلى دليل.
7 -
متى يدخل المعتكف ومتى يخرج؟
من نذر أن يعتكف أيامًا معدودة، أو أراد أن يعتكف العشرة الأخيرة من رمضان فالسنة أن يدخل المعتكف بعد صلاة الفجر أول هذه الأيام (الحادي والعشرين) هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ففي حديث عائشة رضي الله عنها «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، فكنت أضرب له خباءً فيصلي الصبح ثم يدخله
…
» (2) وهو قول الأوزاعي والليث والثوري.
وذهب الأئمة الأربعة وطائفة إلى أنه يدخل قبيل غروب الشمس (يوم العشرين) وأوَّلوا الحديث على أنه دخل أول الليل وإنما تخلى بنفسه في الخباء بعد صلاة الصبح، قالوا: لأن العشر اسم لعدد الليالي فيلزم أن يبدأ قبل ابتداء الليلة.
قلت (أبو مالك): الحديث يلزم منه أحد أمرين: إما أن يكون شرع في الاعتكاف من الليل -كما قالوا- وإنما دخل خبائه بعد الفجر، فهذا يشكل على من منع الخروج من العبادة بعد الدخول فيها.
وإما أن يكون إنما شرع في الاعتكاف بعد الفجر، ويقوي هذا -عندي- حديث أبي سعيد الخدري: «اعتكفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان، فخرجنا صبيحة عشرين
…
» (3).
ففيه أنه صلى الله عليه وسلم لما كان يعتكف العشر الأوسط كان يخرج صبيحة العشرين فيكون دخوله فجر العاشر، فوافق حديث عائشة والله أعلم.
(1)«بداية المجتهد» (1/ 468)، و «فتح الباري» (4/ 319).
(2)
صحيح: تقدم تخريجه.
(3)
صحيح: أخرجه البخاري (2036)، وقد تقدم.
وأما الخروج: فعلى القول الأول: يخرج بعد فجر يوم العيد إلى المصلى، وهذا استحبه مالك، وعلى القول الثاني يخرج بعد غروب الشمس آخر يوم من رمضان، والله أعلم.
8 -
ما يبطل به الاعتكاف: يبطل الاعتكاف بواحد مما يلي:
(أ) الخروج من غير عذر شرعي ولغير الحاجة المُلحَّة: فلا يخرج من المسجد إلا لما لابد منه حسًّا أو شرعًا، ومثال الأول: أن يخرج للحصول على الأكل والشرب وقضاء الحاجة إن تعذر هذا بدون الخروج.
ومثال الثاني: أن يخرج ليغتسل من جنابة أو ليتوضأ إذا تعذر فعله في المسجد، فهذا مما لابد منه شرعًا.
فعن عائشة قالت: «وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُدخل رأسه -وهو في المسجد- فأُرَجِّله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفًا» (1).
وقد تقدم قولها: «السنة على المعتكف أن لا يعود مريضًا، ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة، ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا ما لابد منه» .
ويؤيده حديث عمرة قالت: «كانت عائشة في اعتكافها إذا خرجت إلى بيتها لحاجتها، تمرُّ بالمريض فتسأل عنه وهي مجتازة لا تقف عليه» (2).
إذا اشترط في نيته الخروج لشيء معين: كأن يشترط أن يخرج للجنازة أو إلى عمله نهارًا -كما يفعل بعض الموظفين- فأكثر الفقهاء على أن شرطه لا ينفعه، وأنه إن فعل بطل اعتكافه.
وقال الثوري والشافعي وإسحاق -وهو رواية عن أحمد- أنه إن اشترط في ابتداء اعتكافه لم يبطل بفعله كالاشتراط في الحج.
(ب) الجماع: أجمع أهل العلم على أن من جامع امرأته في فرجها وهو معتكف عامدًا لذلك [ذاكرًا اعتكافه] أنه يبطل اعتكافه (3).
لقوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (4).
(1) صحيح: أخرجه البخاري (2029)، ومسلم (297).
(2)
إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (8055).
(3)
«تفسير القرطبي» ، و «بداية المجتهد» (1/ 470)، و «الفتح» (4/ 272)، و «السيل الجرار» (2/ 136).
(4)
سورة البقرة: 187.
فالجماع قد نهي عنه بخصوصه في عبادة، ففعله يبطلها (1).
وأما المباشرة بما دون الجماع: فإن كانت لغير شهوة فلا بأس بها، كأن تغسل رأسه أو فعليه أو تناوله شيئًا، لحديث عائشة قالت:«كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصغى إليَّ رأسه وهو مجاور في المسجد فأرجله وأنا حائض» (2) وإن كانت عن شهوة فهي محرمة لهذه الآية، فإن فعل فأنزل فسد اعتكافه، وإن لم ينزل لم يفسد، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه، وقال في الآخر: يفسد في الحالين، وهو قول مالك، لأنها مباشرة محرمة فأفسدت الاعتكاف كما لو أنزل، قال ابن قدامة: ولنا أنها مباشرة لا تفسد صومًا ولا حجًا فلم تفسد الاعتكاف كالمباشرة لغير شهوة. اهـ (3).
9 -
ما يجوز للمعتكف:
(أ) الخروج للحاجة التي لابد منها: كالخروج للأكل أو الشرب أو قضاء الحاجة إذا تعذر فعله في المسجد، كما تقدم.
(ب) اشتغال المعتكف بالأمور المباحة: من تشييع (توصيل) زائره والقيام معه إلى باب المسجد، والحديث مع غيره.
(جـ، د) زيارة المرأة للمعتكف، وخلوة المعتكف بزوجته:
وهذه الأمور الثلاثة الأخيرة مستفادة من حديث صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم:
«أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة ثم قامت تنقلب، فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبها حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة
…
» الحديث (4).
(هـ) غسل المعتكف ووضوؤه في المسجد:
فعن رجل خدم النبي صلى الله عليه وسلم قال: «توضأ النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد وضوءًا خفيفًا» (5) وقد تقدم غَسل عائشة وترجيلها رأس النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)«الشرح الممتع» (4/ 525).
(2)
صحيح: أخرجه البخاري (2029).
(3)
«المغنى» (3/ 199).
(4)
صحيح: أخرجه البخاري (2035)، ومسلم (2175).
(5)
صحيح: أخرجه أحمد (5/ 364)، بسند صحيح.
(و) اتخاذ خيمة في مؤخرة المسجد يعتكف فيها: لأن عائشة رضي الله عنها كانت تضرب للنبي صلى الله عليه وسلم خباءً إذا اعتكف (1)، وكان ذلك بأمر منه صلى الله عليه وسلم (2).
(ز) أن يضع فراشه أو سريره في المسجد: فعن ابن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتكف طُرح له فراش أو يوضع له سرير وراء إسطوانة التوبة» (3) ويشعر بهذا حديث أبي سعيد ففيه: «
…
فلما كان صبيحة عشرين نقلنا متاعنا
…
» الحديث (4).
(ح) الخطبة وعقد الزواج للمعتكف (5): وهذا لا بأس لأن الاعتكاف عبادة لا تحرم الطيب فلم تحرم النكاح كالصوم وهذا مشروط بعدم الجماع كما تقدم.
(ط) ويجوز اعتكاف المرأة المستحاضة (6): لكن ينبغي لها أن تتحفظ لئلا تلوث المسجد، فلها أن تخرج لتتحفظ ونحوه، صيانة للمسجد.
فعن عائشة قالت: «اعتكَفَتْ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة مستحاضة من أزواجه فكانت ترى الحمرة والصفرة فربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلي» (7).
هل يجوز للحائض الاعتكاف؟
اعتكاف الحائض مبني على مسألتين، الأولى: هل يلزم للاعتكاف صوم؟ والثانية: هل تدخل الحائض المسجد؟
فمن رأى أنه يلزم للاعتكاف صوم منع اعتكافها لأنها لا تصوم، وكذلك من رأى أن الحائض لا تدخل المسجد يمنع اعتكافها فيه (8).
وقد تقدم تحرير المسألتين في موضعهما من هذا الكتاب فليراجع، والله أعلم.
فائدة: إذا اعتكفت المرأة في المسجد استترت بشيء: فإن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لما أردن الاعتكاف أمرن بأبنيتهن فضربت في المسجد، ولأن المسجد يحضره
(1) صحيح: أخرجه البخاري (2023).
(2)
صحيح: مسلم (1173).
(3)
حسن: أخرجه ابن ماجه (642 - الزوائد).
(4)
صحيح: أخرجه البخاري (2040).
(5)
«الموطأ» (1/ 318)، و «المحلى» (5/ 192)، و «المغنى» (3/ 205).
(6)
«المجموع» (6/ 520)، و «المغنى» (3/ 209).
(7)
صحيح: أخرجه البخاري (2037)، ومسلم (2476).
(8)
«جامع أحكام النساء» (2/ 430) وما بعدها.
الرجال، وخير لهم وللنساء أن لا يرونهن ولا يرينهم، فإن كان للنساء مكان مخصص في المسجد فهو الأفضل (1).
10 -
من آداب الاعتكاف:
يستحب للمعتكف أن يشغل نفسه بطاعة الله، كالصلاة وتلاوة القرآن، وذكر الله تعالى، واستغفاره والدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وتفسير القرآن ودراسة الحديث ونحو ذلك.
ويكره أن يشغل نفسه بما لا يفيد من الأقوال والأفعال، أو أن يتخذ المعتكف موضع عشرة، ومجلبة للزائرين، وأخذه بأطراف الأحاديث بينه وبين مجالسيه، فهذا لون، والاعتكاف النبوي لون آخر.
(1) انظر كتابي: «فقه السنة للنساء» (ص: 247) ط. التوفيقية.