الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
إذا ضلَّت الأضحية قبل أن يضحي بها فلا يلزمه شيء:
فعن تميم بن حويص قال: اشتريت شاة بمنى أضحية، فضلَّت، فسألت ابن عباس رضي الله عنهما عن ذلك، فقال:«لا يضرُّك» (1).
وعن ابن عمر قال: «من أهدى بدنة، ثم ضلَّت أو ماتت، فإن كانت نذرًا أبدلها، وإن كان تطوُّعًا فإن شاء أبدلها وإن شاء تركها» (2).
قلت: ويلحق بهذا لو مرضت أو ماتت قبل التضحية، والله أعلم.
3 -
هل تنقل الأضاحي إلى بلد آخر؟
الأصل أن محلَّ التضحية بلد المُضَحِّي، لأن أطماع الفقراء فيه تمتد إليها، ومع هذا فلا مانع من نقلها إلى غيره إذا دعت المصلحة إلى ذلك، ففي حديث جابر بن عبد الله -في لحوم الهدي-. قال: كنا لا نأكل من لحوم بُدْننا فوق ثلاثة بمنى، فرخَّص لنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«كلوا، وتزوَّدوا» فأكلنا وتزوَّدنا (3).
العقيقة
تعريف العقيقة (4):
أصل العقِّ: الشق والقطع، وقيل للذبيحة عقيقة لأنه يُشقُّ حلقُها.
ويقال للشعر الذي يخرج على رأس المولود من بطن أمه سواء من الناس أو البهائم.
والعقيقة اصطلاحًا: ما يُذكَّى عن المولود شكرًا لله تعالى بنيةٍ وشرائط مخصوصة.
مشروعيتها وحكمها الشرعي:
العقيقة مشروعية في قول عامة أهل العلم منهم ابن عباس وابن عمر وعائشة، وفقهاء التابعين وأئمة الأمصار، للأدلة الآتية:
1 -
حديث سليمان بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مع الغلام عقيقته، فأهريقوا عنه دمًا، وأميطوا عنه الأذى» (5).
(1) إسناده صحيح: أخرجه البيهقي (9/ 289)، وابن حزم (7/ 358).
(2)
إسناده صحيح: أخرجه مالك (866)، والبيهقي (9/ 289).
(3)
صحيح: أخرجه البخاري (1719)، ومسلم (1972).
(4)
«المغنى» (9/ 362)، و «سبل السلام» (4/ 1426)، و «الموسوعة الفقهية» (30/ 276).
(5)
صحيح: أخرجه البخاري معلِّقًا مجزومًا به (5472)، وأحمد (4/ 18)، والنسائي (7/ 164)، وأبو داود (2839)، والترمذي (1515).
2 -
وحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دمًا، وأميطوا عنه الأذى» (1).
3 -
حديث سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل غلام رهينة بعقيقته، تُذبح عنه يوم سابعه، ويحلق، ويُسمَّى» (2).
4 -
وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة» (3).
5 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقَّ عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا» (4).
وقد ذهب الحسن وداود إلى أن العقيقة واجبة، للأوامر المتقدمة، وذهب الجمهور إلى أنها مستحبة لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآتي: «من ولد له ولد فأحب أن ينسك
…
» فجعلوه صارفًا للأوامر السابقة.
بينما كرهها أبو حنيفة وأصحاب الرأي!! واستدلوا بنحو ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العقيقة فقال: «لا يحب الله العقوق» كأنه كره الاسم -وقال:- «من ولد له ولد فاحب أن ينسك عنه فلينسك، عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة» (5).
وهو ضعيف، وعلى فرض صحته، فقد قال الحافظ في «الفتح»: «ولا حجة فيه لنفي مشروعيتها، بل آخر الحديث يثبتها، إنما غايته أن يؤخذ أن الأولى أن تسمى نسيكة أو ذبيحة وأن لا تسمى عقيقة
…
» اهـ. قلت: قد سمَّاها النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث. واستدلوا -كذلك- بما يُروى عن أبي رافع أن الحسن بن علي لما عقيقة ولد أرادت أمُّه فاطمة أن تعقَّ عنه بكبشين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تعقي عنه، ولكن احلقي شعر رأسه ثم تصدَّقي بوزنه من الورق في سبيل الله» ثم ولد حسين بعد ذلك فصنعت مثل ذلك (6).
(1) صحيح: أخرجه البزار (1236 - زوائد)، والحاكم (4/ 238).
(2)
صحيح: أخرجه أبو داود (2838)، والنسائي (7/ 166)، والترمذي (1522)، وابن ماجه (3165) وغيرهم.
(3)
صحيح: أخرجه أحمد (6/ 31)، والترمذي (1513)، وابن ماجه (3163) وله شواهد.
(4)
صحيح: أخرجه أبو داود (2841)، والنسائي (7/ 166)، وغيرهما وله شواهد كثيرة.
(5)
حسن: أخرجه أبو داود (2842)، والنسائي (7/ 162)، وأحمد (2/ 194)، والبيهقي (9/ 300).
(6)
ضعيف: أخرجه أحمد (6/ 392)، والطبراني في «الكبير» (1/ 917)، والبيهقي (9/ 304).
وهو حديث ضعيف كذلك، فلم يبق لمن كرهها حجة، وقد استفاضت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم بالحث على العقيقة والتحريض على فعلها، وفعلها صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين.
من الذي يُطالَبُ بالعقيقة؟ (1)
تُطلب العقيقة من الأب -أو من تلزمه نفقة المولود- فيؤديها من مال نفسه لا من مال المولود، ولا يفعلها غيره إلا بإذنه.
ولا يؤثر في هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم عقَّ عن الحسن والحسين، لاحتمال أن نفقتهما كانت عليه لا على والديهما، ولأنه صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وقد رُوى مرفوعًا «كل بني أم ينتمون إلى عصبة، إلا ولد فاطمة رضي الله عنهما، فأنا وليُّهم، وأنا عصبتهم» وفي لفظ: «وأنا أبوهم» (2) وهو ضعيف.
وقد اشترط الشافعية فيمن يطالب بها أن يكون موسرًا، وذلك بأن يقدر عليها وتكون فاضلة عن مؤنته ومؤنة من تلزمه نفقته.
وصرَّح الحنابلة بأنها تُسنُّ في حق الأب وإن كان معسرًا، ويقترض إن كان يستطيع الوفاء، قال الإمام أحمد:«إذا لم يكن مالكًا ما يعق فاستقرض، أرجو أن يُخلف الله عليه، لأنه أحيا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم» اهـ.
ما يجزئ في العقيقة:
تقدم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة» (3) وهو قول أكثر أهل العلم منهم ابن عباس وعائشة، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور (4).
وقال بعض أهل العلم: تجزئ شاة عن الغلام، وشاة عن الجارية، وبه قال ابن عمر.
ويستدل له بحديث ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقَّ عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا» (5).
(1)«سبل السلام» (4/ 1429)، و «الموسوعة» (30/ 277).
(2)
ضعيف: أخرجه أبو يعلى (6741)، والطبراني (3/ 44) وغيرهما وانظر «المجمع» (4/ 224 - 9/ 173).
(3)
صحيح: تقدم قريبًا.
(4)
«المغنى» (9/ 363)، و «الموسوعة» (30/ 279).
(5)
صحيح: تقدم قريبًا.
وهل تجزئ بغير الغنم؟
عن ابن أبي مليكة، قال: نفس لعبد الرحمن بن أبي بكر غلام، فقيل لعائشة: يا أم المؤمنين، عُقِّي عنه جزورًا، فقالت:«معاذ الله، ولكن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شاتان مكافئتان» (1).
وقد ذهب طائفة من العلماء إلى أن الإطلاق في قوله صلى الله عليه وسلم: «أهريقوا عنه دمًا» مُقيَّد بنحو قوله صلى الله عليه وسلم: «عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة» فقالوا: لا يجزئ غير الغنم، ولا يقوم مقامها الإبل والبقر.
ينبغي أن تكون خالية من العيوب: التي لا يصح بها القربان من الأضاحي وغيرها، وقال ابن حزم في «المحلى»:«ويجزئ فيها المعيب سواء كان مما يجوز في الأضاحي أو كان مما لا يجوز فيها والسالم أفضل» اهـ.
قلت: يكفي قوله تعالى {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} (2) وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا» (3).
من أحكام العقيقة (4):
1 -
وقتها: السُّنة أن يُعقَّ عن المولود يوم السابع، لحديث سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«الغلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى» (5) فإن فات يوم السابع، ففي أربع عشرة فإن فات ففي إحدى وعشرين، وبهذا قال الحنابلة -وهو قول ضعيف عند المالكية- وبه قال إسحاق، وهو مروي عن عائشة رضي الله عنها. وإن ذبح قبل ذلك أو بعد أجزأه، لأن المقصود يحصل به.
وقد نصَّ الشافعية على أن العقيقة لا تفوت بتأخيرها، لكن يستحب ألا تؤخر عن سنِّ البلوغ، فإن أُخرت حتى يبلغ سقط حكمها في حق غير المولود، وهو مخيَّر في العقيقة عن نفسه (6).
2 -
العقيقة أفضل من التصدق بثمنها: لأن نفس الذبح وإراقة الدماء مقصود،
(1) حسن: أخرجه الطحاوي في «المشكل» (1/ 457)، والبيهقي (9/ 301).
(2)
سورة البقرة: 267.
(3)
صحيح: أخرجه مسلم (1015)، وغيره.
(4)
انظر «أحكام الطفل» لشيخي أحمد العيسوي -رفع الله قدره- (ص: 172 - وما بعدها) ط. الهجرة وما سأذكره من مراجع.
(5)
صحيح: تقدم قريبًا.
(6)
«المغنى» (9/ 364 - الفكر)، و «الموسوعة» (30/ 278).