الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل يجب على المحصر القضاء؟
ذهب الجمهور إلى أن المحصر لا يجب عليه قضاء نسكه إن تحلل -خلافًا للحنفية- إلا أن كيون واجبًا في الأصل كحجة الإسلام فيطالب به بالوجوب السابق. والله أعلم.
ثانيًا: العمرة
تعريفها: العمرة لغةً: الزيارة، وقيل القصد إلى مكان عامر، وسميت بذلك لأنها تفعل في العمر كله.
وشرعًا: قصد الكعبة للنسك وهو الطواف والسعي (1).
حكمها:
اختلف أهل العلم في حكم العمرة على من وجب عليه الحج، على قولين:
الأول: تجب العمرة في العمر مرة: وهو مذهب الشافعي في أحد قوليه، وإحدى الروايتين عن أحمد، وهو مروي عن عمر وابن عباس وزيد بن ثابت وابن عمر وجماعة من السلف، وبه قال أهل الظاهر (2) وحجتهم:
1 -
قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} (3). ومقتضى الأمر الوجوب ثم عطفها على الحج.
2 -
حديث عائشة أنها قالت: يا رسول الله، هل على النساء جهاد؟ قال:«نعم، عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة» (4) وظاهر قوله (عليهن) الوجوب.
3 -
حديث الصبي بن معبد قال: أتيت عمر رضي الله عنه فقلت يا أمير المؤمنين، إني
(1)«مغنى المحتاج» (1/ 460)، و «كشاف القناع» (2/ 436) وما بعدها.
(2)
«الأم» (2/ 132)، و «المجموع» (7/ 3، 7)، و «المغنى» (3/ 218)، و «الإنصاف» (3/ 387)، و «المحلى» (7/ 360).
(3)
سورة البقرة: 196.
(4)
صححه الألباني: أخرجه أحمد (6/ 71)، وابن ماجه (2901)، وقال في «الإرواء» (981):«وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين» ، قلت: الحديث عند البخاري (1520)، والنسائي (5/ 86) بدون ذكر العمرة، ومخرج الحديث واحد، فيبحث في ثبوت هذه اللفظة، والله أعلم.
أسلمت، وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبين عليَّ فأهللت بهما، فقال:«هَديت لسنة نبيك» (1).
4 -
أن العمرة هي الحج الأصغر عند الجمهور (2).
الثاني: العمرة مستحبة وليست واجبة: وهو مذهب أبي حنيفة ومالك (3)، والقول القديم للشافعي والرواية الأخرى عن أحمد وهو مروي عن ابن مسعود، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، واحتجوا بما يلي:
1 -
ما رُوى عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العمرة: أواجبة هي؟ قال: «لا، وأن تعتمروا فهو أفضل» (4).
2 -
ما رُوى عن طلحة مرفوعًا: «الحج جهاد، والعمرة تطوع» (5).
3 -
أن العمرة والحج عبادتان من جنس واحد، فإذا فعلت الكبرى لم تجب الصغرى كالوضوء مع الغسل، وإن كان الوضوء مع الغسل أفضل وأكمل (6)، وهكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم لكن أمرهم بالتمتع، وقال:«دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة» (7).
4 -
أن العمرة ليس فيها عمل غير أعمال الحج -وأعمال الحج إنما فرضها الله مرة واحدة لا مرتين -فعلم أن الله لم يفرض العمرة (8).
قلت: أما الأحاديث التي استدل بها الفريق الثاني فلا يصح منها شيء، ومع هذا فأدلة الموجبين كذلك ليست صريحة في الإيجاب، فقوله تعالى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} إنما هو في وجوب الإتمام لمن شرع فيهما، وأما في الابتداء فقد أوجب الحج فقط، حيث قال:{وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} (9). ولم يوجب
(1) صحيح: أخرجه النسائي (2/ 13 - 14)، وأبو داود (1799)، وابن ماجه (2970)، وانظر «الإرواء» (2970).
(2)
انظر «الفتح» (6/ 322، 8/ 172)، و «تفسير الطبري» (10/ 75).
(3)
«المدونة» (1/ 370)، و «فتح القدير» (2/ 306)، و «البدائع» (3/ 1320).
(4)
ضعيف: أخرجه الترمذي (939).
(5)
ضعيف: أخرجه ابن ماجه (2989) ،
(6)
«مجموع الفتاوى» (26/ 9).
(7)
صحيح: تقدم تخريجه.
(8)
«مجموع الفتاوى» (26/ 8).
(9)
سورة آل عمران: 97.