الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحسن بالمسلمين أن يخالفوا هدي نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه -رضوان الله عليهم- فإن الخير كل الخير في هديه وهديهم، والشر كل الشر في المخالفة عن هديه وهديهم.
تنبيهان مهمان جدًّا:
الأول: يحرص كثير من الحجاج على المكث في المدينة المنورة أيامًا أكثر من الأيام التي يمكثونها في مكة، مع أن الصلاة في المسجد الحرام تعدل مئة ألف في غيره من المساجد، أما الصلاة في المسجد النبوي فهي كألف صلاة فيما سواه.
وهذا الفرق الكبير في الفضل بين الصلاة في مكة وبين الصلاة في المدينة ينبغي أن يكون فيه مقنع لأولئك الحجاج أن يكون مكثهم في مكة أكثر منه في المدينة.
الثاني: كثير من الحجاج يظنون أن زيارة المسجد النبوي هي من مناسك الحج، ولذا فإنهم يحرصون عليها كحرصهم على مناسك الحج، حتى لو أن رجلاً حج ولم يأت المدينة فعندهم أن حجه ناقص!!
ويروون على غير ما يظن هؤلاء، فزيارة المسجد النبوي سنة شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه، لكن لا علاقة بين الزيارة وبين الحج، ولا يترتب على زيارة المسجد صحة للحج، بل ولا كمال له، لأن زيارة المسجد النبوي ليست من مناسك الحج، بل هي مشروعة لذاتها وحدها.
محظورات الحرمين
(1):
جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث عباد بن تميم عن عمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن إبراهيم حرَّم مكة ودعا لها، وإني حرمت المدينة كما حرَّم إبراهيم مكة» .
فتحريمهما إنما كان بوحي من الله سبحانه لنبييه ورسوليه الكريمين -صلوات الله وسلامه عليهما-. وإذا قيل الحرمان، فهما مكة والمدينة، ولا يجوز إطلاق لفظ الحرم شرعًا إلا عليهما وحدهما، ولا يجوز إطلاق لفظ الحرم شرعًا على المسجد الأقصى، ولا على مسجد إبراهيم الخليل، إذ لم يسم الوحي حرمًا إلا مكة والمدينة، وهو تشريع لا مكان لعقل البشر فيه.
(1) نقلاً من «إرشاد الساري» لفضيلة الوالد الشيخ محمد إبراهيم شقرة -حفظه الله- عن «الوجيز» (ص 260 - 261).
ويحظر في أرض الحرمين أمور لا يجوز فعلها لمن كان يحيا فيهما، أو أتاهما زائرًا لحج أولعمرة أو لغير ذلك، وهذه الأمور هي:
1 -
صيد الحيوان والطير، وتنفيره، والإعانة عليه.
2 -
قطع النبات والشوك إلا ما دعت الحاجة والضرورة إليه.
3 -
حمل السلاح.
4 -
التقاط اللقطة في حرم مكة للحاج، أما من كان مقيمًا في مكة التقطها وعرفها، والفرق بين الحاج والمقيم ظاهر في ذلك. اهـ.
قلت: والدليل على هذه المحظورات قول النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة:
«إن هذا البلد حرَّمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يُعضد شوكه، ولا يُنفِّر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها، ولا يُختلى خلاها» . فقال العباس: يا رسول الله، إلا الإذخر، فإنه لقِينهم ولبيوتهم، فقال:«إلا الإذخر» (1).
وعن جابر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يحل لأحدكم أن يحمل بمكة السلاح» (2).
وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال [يعني في المدينة]: «لا يُخْتَلَى خلاها، ولا يُنَفَّرُ صيدها، ولا تُلتقط لُقَطَتُهَا إلا لمن أشاد بها [أنشدها] ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها السلاح لقتال، ولا يصلح أن يُقْطَعَ منها شجرة إلا أن يَعلفَ رجل بعيره» (3).
قال الشيخ شقرة:
فمن أتى شيئًا من هذه المحظورات فقد أثم، ويلزمه التوبة والاستغفار، إلا الصيد فإن على المحرم فيه دم الجزاء زيادة على التوبة والاستغفار. اهـ.
(1) صحيح: أخرجه البخاري (1834)، ومسلم (1353).
(2)
صحيح: أخرجه مسلم (1356).
(3)
صحيح: أخرجه أبو داود (2018).