الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على رأسه ولا يجب عند الجمهور -خلافًا للحنفية- وقد نقل ابن المنذر إجماع العلماء على أن الأصلع يمر الموس على رأسه (1).
الفوات والإحصار
1 -
الفوات: ما يفوت به الحج، ومن فاته الوقوف بعرفة حتى طلع الفجر من يوم النحر، فقد فاته الحج، وقد تقدم الدليل عليه في «ركن الوقوف» .
من فاته الحج، ماذا يفعل؟
من فاته الوقوف بعرفة فقد فاته الحج، ويتحلل بعمرة من طواف وسعي وحلق أو تقصير، ولزمه أن يقضيه من قابل، ولزمه الهدي في وقت القضاء، ويسقط عنه ما بقي من المناسك كالنزول بالمزدلفة والرمي ومني ونحوها، وهذا قول الجمهور، خلافًا للحنفية فإنهم لا يوجبون عليه الهدي (2).
وإن اختار من فاته الحج، البقاء على إحرامه ليحج من قابل، فله ذلك، لأن تطاول المدة بين الإحرام وفعل النسك لا يمنع إتمامه، كالعمرة والمحرم بالحج في غير أشهره.
إذا أخطأ في الوقوف بعرفة:
إذا أخطأ الناس، فوقفوا في اليوم الثامن أو العاشر، فإنه يجزئهم، ولا يجب عليهم القضاء (3)، لأنهم فعلوا ما أُمروا به.
فإن اختلفوا فأصاب بعضهم وأخطأ بعضهم لم يجزئهم، لأنهم غير معذورين في ترك ما عليه الجماعة.
2 -
الإحصار: منع المحرم من إتمام النسك. والأصل فيه قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (4).
الإحصار المعتبر (5):
اختلف أهل العلم في السبب المعتبر به الإحصار، لاختلافهم في فهم الآية
(1)«المجموع» (8/ 192، 193).
(2)
«البدائع» (2/ 220)، و «الهداية» (2/ 136)، و «القوانين الفقهية» (ص 95)، و «التاج والإكليل» (3/ 200)، و «روضة الطالبين» (3/ 182)، و «الكافي» (360).
(3)
«المجموع» (8/ 281).
(4)
سورة البقرة: 196.
(5)
«المجموع» (8/ 283) وما بعدها، و «بداية المجتهد» (1/ 528)، و «الإنصاف» (4/ 71).
السابقة، فقال قوم: المحصر هو المحصر بالعدوِّ فقط، وهو مذهب الشافعية والحنابلة.
قالوا: لأن الآية نزلت في إحصار المشركين وصدهم النبي صلى الله عليه وسلم عن عمرة الحديبية واحتجوا كذلك بقوله تعالى: {فَإِذَا أَمِنتُمْ} بعد قوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} وبقوله تعالى بعده: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً ..} قالوا: فلو كان المحصر هو المحصر بمرض لما كان لذكر المرض بعد ذلك فائدة، وهذامذهب ابن عمر وابن عباس.
وقال آخرون: بل المحصر هو المحصر بمرض وبعدو وبكل ما يمنع من إتمام النسك وبه قال مالك وهو رواية عن أحمد واختاره شيخ الإسلام وهو الراجح (1) لعموم قوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} وأما كون سبب نزولها أن النبي صلى الله عليه وسلم أحصره العدو، فهذا قصر للدليل على سببه ولا يصح، وأما الاستدلال بقوله تعالى {فَإِذَا أَمِنتُمْ} فهو من باب ذكر حكم بعض أفراد العام، وهذا لا يقتضي التخصيص كما هو مقرر في الأصول، هذا على أنه قوله تعالى {فَإِذَا أَمِنتُمْ
…
} الأظهر أنه في غير المحصر، بل في المتمتع الحقيقي، فكأن المعنى: فإذا لم تكونوا خائفين لكن تمتعتم بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي، ويدل على هذا التأويل قوله سبحانه:{ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} والمحصر يستوي فيه حاضر المسجد الحرام وغيره بإجماع!!
قلت: «أبو مالك» : وأصرح من هذا كله حديث عائشة رضي الله عنها في قول النبي صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير: «أردت الحج؟» قالت: والله لا أجدني إلا وجعة، فقال لها:«حجي واشترطي، وقولي: اللهم محلي حيث حبستني» (2) وهو صريح في اعتبار النبي صلى الله عليه وسلم الوجع والمرض سببًا للإحصار، والله أعلم.
من أحصر ماذا يصنع؟
من أحصر عن إتمام نسكه، فإن كان اشترط أن محله حيث حُبس، فإنه يحلُّ ولا شيء عليه، لحديث عائشة المتقدم.
وإن لم يكن قد اشترط، فإنه يتحلل بعمرة ويجب عليه هدي عند الجمهور لقوله تعالى:{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (3).
(1)«بداية المجتهد» (1/ 529)، و «الإنصاف» (4/ 71)، و «الاختيارات» (ص 120).
(2)
صحيح: أخرجه البخاري (5089)، ومسلم (1207).
(3)
سورة البقرة: 196.