الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلابد في الزكاة من الملك، واختلف: أهو ملك اليد (الحيازة) أم ملك التصرف؟ أم أصل الملك؟ (1).
زكاة الديون
وعلى هذه الأوجه الثلاثة اختلف في زكاة الدَّيْن: هل يكون على الدائن باعتباره المالك الحقيقي للمال؟ أم يكون على المدين باعتباره المتصرف فيه والمنتفع به؟ أم يُعفى كلاهما لأن ملك كل منهما غير تام؟
وأعدل الأقوال في زكاة الدَّيْن أن يقال: إن الدين نوعان:
1 -
دين مرجو الأداء، بأن يكون على موسر مقر بالدين، فهذا يعجل زكاته مع ماله الحاضر في كل حول.
رواه أبو عبيد في الأموال (ص 432) عن عمر وعثمان وابن عمر من الصحابة وغيرهم من التابعين.
2 -
دين غير مرجو الأداء، بأن يكون على معسر لا يرجى يساره، أو على جاحد ولا بيَّنة، فقيل: يزكيه إذا قبضه لما مضى من السنين (وهو مذهب علي (2) وابن عباس (3".
وقيل: يزكيه إذا قبضه لسنة واحدة (وهو مذهب مالك).
وقيل: لا زكاة عليه لشيء مضى من السنين ولا زكاة لسنته أيضًا (وهو مذهب أبي حنيفة).
قال شيخ الإسلام (25/ 48): «وأقرب الأقوال: قول من لا يوجب فيه شيئًا بحال، حتى يحول الحول، أو يوجب فيه زكاة واحدة عند القبض، فهذا القول له وجه، وهذا وجه» اهـ.
وقد صح عن عثمان بن عفان أنه قال: «هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دين فليؤده، حتى تحصل أموالكم فتؤدون منها الزكاة» (4).
(1) انظر «مجموع الفتاوى» (25/ 45).
(2)
إسناده صحيح: رواه عنه أبو عبيد في الأموال (431/ 1220)، وعنه البيهقي (4/ 150) بسند صحيح.
(3)
إسناده ضعيف: رواه أبو عبيد في الأموال وضعفه الألباني في «الإرواء» (786).
(4)
صحيح: أخرجه مالك (591)، وعنه الشافعي (1/ 237)، والبيهقي (4/ 148)، وهو صحيح كما في «الإرواء» (789).
وقالت عائشة: «ليس في الدين زكاة [حتى يقبضه]» (1).
فائدة:
من كان في يده مال تجب فيه الزكاة، وهو مدين، فإن كان هذا الدين مما يستغرق النصاب أو ينقص المال عن النصاب فلا زكاة فيه.
وإن كان الدين ينقص المال لكن لما فوق النصاب، فإنه يخرج ما يفي بدينه ويزكى الباقي، فمثلاً إذا كان ماله ثلاثون دينارًا وعليه خمسة، زكى خمسة وعشرين.
4 -
أن يمر على الملك -عند المالك- عام هجري كامل: (حَوَلان الحَوْل).
وهذا يشترط في زكاة الذهب والفضة والماشية، أما الزروع والثمار فلا، فإن حولها عند اكتمالها واستوائها وهذا مجمع عليه عند فقهاء الأمصار (2).
وهاهنا يرد سؤال وهو:
حكم «المال المستفاد» في أثناء الحول؟
المال المستفاد أثناء الحول على ثلاثة أقسام (3):
1 -
إذا كان المال المستفاد من ربح المال الذي عنده (من جنسه) كربح مال التجارة ونتاج الماشية، فهذا يجب ضمُّه إلى أصله، فيعتبر حوله بحول الأصل، قال ابن قدامة: لا نعلم فيه خلافًا (4).
2 -
إذا كان المال المستفاد من غير جنس المال الذي عنده، كأن يكون ماله إبلاً، فيستفيد ذهبًا من إرث أو نحوه، فهذا المستفاد يُعتبر له حول من يوم استفادته إن كان نصابًا، وليس متعلقًا بحول المال الأصلي.
3 -
إذا كان المال المستفاد من جنس المال الذي عنده -الذي بلغ النصاب- لكن ليس هذا المال المستفاد من نماء المال الأول، ومثاله: أن يكون عنده أربعون من الغنم مضى عليها بعض الحول، فيشترى أو يوهب له مائة أخرى، فهنا مذهبان:
(1) أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 32) من طريقين في كل منهما ضعف، وحسنه الألباني في «الإرواء» (784) بهما.
(2)
«بداية المجتهد» (2/ 261 - 262)، و «مجموع الفتاوى» (25/ 14).
(3)
«المغنى» (2/ 626)، (3/ 32)، و «فتح القدير» لابن الهمام (1/ 510)، و «الموسوعة الفقهية» (23/ 244).
(4)
الظاهر أن ابن حزم يخالف في هذا، انظر «المحلى» (6/ 83) وما بعدها.