الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1143 - النَّوَاوي *
الإمام، الفَقِيه، الحافظ الأوحد، القُدْوة، الزَّاهد، محيي الدين، أبو زكريا، يحيى بن شرف بن مِرَى (1)، الحِزَامي، الحَوْراني، الشَّافعي، صاحب التصانيف.
ولد في المحرَّم سنة إحدى وثلاثين وست مئة.
وقدم دمشق سنةَ تسعٍ وأربعين (2)، فسكن في الرواحيَّة (3)، وحفظ -فيما قيل- "التنبيه"(4) في أربعة أشهر ونصف، وقرأ رُبْعَ "المُهَذَّب"(5)
* ذيل مرآة الزمان: 3/ 283 - 291، تذكرة الحفاظ: 4/ 1470 - 1474، العبر: 5/ 312 - 313، فوات الوفيات: 4/ 264 - 268، طبقات الشافعية للسبكي: 8/ 395 - 400، طبقات الشافعية للإسنوي: 2/ 476 - 477، البداية والنهاية: 13/ 278 - 279، السلوك للمقريزي: 1 / ق 2/ 648، النجوم الزاهرة: 7/ 278، ترجمة الإمام النووي للسخاوي، طبقات الحفاظ: 510، الدارس في تاريخ المدارس (تنبيه الطالب): 1/ 24 - 25، مفتاح السعادة: 1/ 398، شذرات الذهب: 5/ 354 - 356، روضات الجنات:744.
ونوى: بليدة من أعمال حوران النسبة إليها نواوي، ونواني، ونووي، انظر "معجم البلدان": 5/ 307، و"تاج العروس"(نوى).
(1)
بالكسر والقصر كما في "تاج العروس"(مرى)، وفي "الفتوحات الوهبية": بضم الميم وكسر الراء.
(2)
في "مفتاح السعادة": 1/ 398 "قدم دمشق في خمسين وست مئة، وله تسع وعشرون سنة"، وهو خطأ كما لا يخفى.
(3)
انظر حاشيتنا رقم (3) ص 215 من هذا الكتاب.
(4)
"التنبيه في فروع الشافعية" للإمام أبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي المتوفى سنة (476) هـ، انظر "كشف الظنون": 1/ 489.
(5)
"المهذب في الفروع" للإمام أبي إسحاق الشيرازي أيضًا، وقد شرع الإمام النووي في شرحه، وسماه "المجموع شرح المهذب"، بلغ فيه إلى باب الربا، ولم يتمه، وهو مطبوع مشهور، متداول، انظر "كشف الظنون": 2/ 1912.
من حفظه في باقي السنة على شيخه الكمال إسحاق بن أحمد، ثم حَجَّ مع أبيه، وسمع من الرضي بن البرهان، وشيخ الشيوخ عبد العزيز بن محمد الأنْصْاري، وزين الدين بن عبد الدائم، وزين الدين خالد بن يوسف، وتقي الدين بن أبي اليُسْر، وجمال الدين بن الصيرفي، والشيخ شمس الدين بن أبي عمر، وغيرهم.
وقرأ "الكمال" للحافظ عبد الغني (1) على الزين خالد (2)، وشرحًا في أحاديث "الصحيحين" على المحدث أبي إسحاق إبراهيم بن عيسى المُرَادي، وأخذ الأصول عن القاضي التَّفْلِيسي، وتفقَّه على جماعة منهم: الكمال سلَّار الإِرْبِلي، وشمس الدين عبد الرحمن بن نوح، وقرأ النحو على الشيخ أحمد المِصْري، وقرأ على ابن مالك كتابًا من تصنيفه.
ولازم الاشتغال والتصنيف، وتخرَّج به جماعة، وولي مشيخة دار الحديث الأشرفية بعد أبي شَامة (3).
حدَّث عنه: ابن أبي الفتح، والمِزِّي، وابن العَطَّار، وغيرهم.
وقد ذكر ابنُ العَطَّار "سيرتَه" في كراريس (4)، وحكى عنه أنه كان
(1) سلفت ترجمته برقم (1090) من هذا الكتاب.
(2)
سلفت ترجمته برقم (1129) من هذا الكتاب.
(3)
انظر "الدارس في تاريخ المدارس"(تنبيه الطالب): 1/ 24 - 25.
(4)
علي بن إبراهيم بن داود، أبو الحسن، علاء الدين بن العطار، صحب الإمام النووي، وتتلمذ عليه، وحفظ "التنبيه" بين يديه، حتى كان يقال له: مختصر النووي، ولي درس الحديث بالنورية، ولم يكن مثل الأقران الذين نبغوا في عصره، ألف في ترجمة الإمام النووي كتاب "تحفة الطالبين"، منه نسخة مصورة في مكتبة مجمع اللغة العربية بدمشق، وله كتب أخرى، توفي سنة (724) هـ، والإمام الذهبي أخوه لأمه من الرضاعة، انظر "الدرر الكامنة": 3/ 73 - 74، و"كشف الظنون": 1/ 368.
يقرأُ كلَّ يوم اثني عشر درسًا على مشايخه شرْحًا وتصحيحًا: دَرْسين في "الوسيط"، ودرسًا في "المهذَّب"، ودرسًا في "الجمع بين الصحيحين"، ودرسًا في "صحيح مُسْلم"، ودرسًا في "اللمع" لابن جنِّي، ودرسًا في "إصلاح المنطق"، ودرسًا في التصريف، ودرسًا في أصول الفقه، ودرسًا في أسماء الرجال، ودرسًا في أصول الدين. قال (1): وكنت أعلق جميعَ ما يتعلق بها من شَرْح مُشْكل، ووضوح عبارة، وضَبْط لغَة، وبارك الله لي في وقتي، وخَطَرَ لي أن أشتغل بالطّب، واشتريت كتاب "القانون" فأظلم قلبي، وبقِيت أيامًا لا أقدر على الاشتغال، فأفقتُ على نفسي، وبعت "القانون" فأنار قلبي.
قال ابن العطار: وكان يمتنع من أكل الفواكه والخيار ويقول: أخاف أن يرطِّب جسمي، ويَجْلِبَ النَّوْم. وكان يأكل في اليوم واليلة أكلةً، ويشرب شربة واحدة عند السَّحَر، وكلَّمْتُه في الفاكهة فقال: دمشق كثيرة الأوقاف، وأملاكُ مَنْ تحت الحجْر والتصرف لهم لا يجوز إلا على وجه الغبطة لهم، ثم المعاملة فيها على وجه المساقاة، وفيها خلاف، فكيف تطيب نفسي بأكل ذلك؟
وقال ابن فَرَح (2): الشيخ محيي الدِّين قد صار إلى ثلاثِ مراتب، كل مرتبة منها لو كانت لشخص لشُّدَّت إليه الرِّحال: العِلْم، والزهد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقال الشيخ شمس الدين بن الفخر الحَنْبَلي: كان إمامًا بارعًا،
(1) أي الإمام النووي.
(2)
ستأتي ترجمته برقم (1151) من هذا الكتاب.
حافظًا مفتيًا، أتقن علومًا شتى، وصنَّف التصانيف الجمَّة، وكان شديد الورع والزُّهد، تاركًا لجميع ملاذِّ الدنيا من الماكول إِلا ما يأتيه به أبوه من كعك وتين، وكان يَلْبَسُ الثياب الرَّثَّة المرقعة، ولا يدخُل حمَّامًا، وترك الفواكه جميعها، ولم يتناول من الجهات دِرْهمًا.
وقال الشيخ قُطْب الدِّين اليونيني: كان أوحدَ زمانه في العلم والوَرَع والعِبادة، والتقلُّل وخشونة العَيْش، واقف الملك الظاهر بدار العَدْل غير مرَّة: فَحُكِيَ عن الملك الظّاهر (1) أنه قال: أنا أفزع منه (2).
سافر لزيارة بيت المقَدْس، وعاد إلى نوى فمِرَض عند والده، ومات في رجب سنة ست وسبعين وست مئة.
وفيها: مات شيخ العراق العلَّامة المقرئ مجد الدين عبد الصمد بن أحمد بن أبي الجيش البَغْدَادي الحَنْبَلي. والشيخ شمس الدين قاضي القُضَاة أبو بكر محمد بن العماد إبراهيم (3) بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي بمصر، وله أربع وسبعون سنة.
(1) من سلاطين الممالك المشهورين، تولى سلطنة مصر والشام سنة (658) هـ، وتوفي سنة (676) هـ، وقبره بالقبة من المدرسة التي أمر ابنه السعيد ببنائها، وهي الآن مقر دار الكتب الظاهرية، انظر ترجمته وأخباره في "النجوم الزاهرة": 7/ 94، وما بعدها. و"الدارس في تاريخ المدارس" (تنبيه الطالب): 1/ 348 - 359.
(2)
انظر "ذيل مرآة الزمان": 3/ 283، وانظر رسائله الجريئة إلى الملك الظاهر في "ترجمة شيخ الإسلام النووي" للسخاوي: 40 - 55.
(3)
في "تذكرة الحفاظ": 4/ 1474 "محمد بن العماد بن إبراهيم"، وهو خطأ، انظر ترجمته في "العبر": 5/ 311.