الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1060 - السِّلَفِيُّ *
الحافِظ، العلَّامة، شيخ الإسلام، أبو طاهرٍ، عماد الدِّين، أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم، الأصْبَهاني، الجُرْواءاني، وَسِلَفَة: لقبُ جَدِّه أحمد، ومعناه: الغَليظ الشَّفَة.
قيل: إنه ولد سنةَ اثنتين وسبعين وأربع مئة.
وأوَّل سماعه في سنة ثمانٍ وثمانين.
سمع الرَّئيس أبا عبد الله القاسم بن الفَضْل الثَّقَفي، ومكِّي بن منصور السلَّار، وأبا العَبَّاس بن أُشْتة، وخَلْقًا بأصبهان، ورَحَل إلى بغداد سنة ثلاثٍ وتسعين فسمع من: نصر بن البَطِر، وأبي بكر الطُّرَيثيثي، وغيرهما، وسمع بالكُوفة من أبي البَقَاء الحَبَّال، وبمكَّة من الحسين بن علي الطَّبَري، وبالمدينة من أبي الفَرَج القَزْويني، وبالبَصْرة من محمد بن جَعْفر العَسْكري، وبِزَنْجان من أبي بكر أحمد بن محمد بن
* الأنساب: 7/ 105 - 106، الكامل لابن الأثير: 11/ 469، مرآة الزمان: 8/ 230، الروضتين: 2/ 16، وفيات الأعيان: 1/ 105 - 107، سير أعلام النبلاء: 5/ 21 - 39، تذكرة الحفاظ: 4/ 1298 - 1304، العبر: 4/ 227 - 228، ميزان الاعتدال: 1/ 155، المختصر المحتاج إليه: 1/ 206 - 207، أهل المئة: 134، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 68 - 72، الوافي بالوفيات: 7/ 351 - 356، طبقات الشَّافعية للسبكي: 6/ 32 - 44، طبقات الشافعية للإسنوي: 2/ 58 - 59، البداية والنهاية: 12/ 307 - 308، غاية النهاية: 1/ 102 - 103، لسان الميزان: 1/ 299 - 300، النجوم الزاهرة: 6/ 87، حسن المحاضرة: 1/ 354، طبقات الحفاظ: 468، أزهار الرياض: 3/ 167 - 171، 283 - 293، شذرات الذهب: 4/ 255.
زَنْجويه، وبهَمَذَان من أبي غالب أحمد بن محمد العَدْل، وبالرَّي من صاحب "البحر"(1) أبي المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الشَّافعي، وبقَزْوين من إسماعيل بن عبد الجَبَّار المالكي، وبِمَرَاغة من سَعْد بن علي المِصْري، وبدمشق من أبي طاهر الحِنَّائي، وبنهاوند من أبي منصور محمد بن عبد الرحمن بن غَزْو، وبواسط من أبي نُعَيم بن زبزب، وبسَلَمَاس من محمود بن سعادة الهِلالي، وبالحِلَّة من محمد بن الحسن بن فَدُّويه الكُوفي، وبشَهْرَسْتَان من أبي الفتح أحمد بن محمد بن رُشَيد الأَدَمي، وبالإسْكَندرية من أبي القاسم بن الفَحَّام الصِّقِلِّي (2).
وبقي في الرِّحْلة بضع عشرة سنة، وسمع ما لا يُوصف كَثْرَةً، ونسَخَه بخَطِّه، وكان متقنًا، ضابطًا، ناقِدًا، وله ثلاثة معاجم: معجم لمشيخة أصبهان، ومُعْجم لمشيخة بغداد، ومعجم لباقي البلاد. وركب في سنة إحدى عشرة من بلد صور في البحر إلى الإسكندرية فاستوطنها خمسًا وستين سنة إلى أَنْ مات، ولم يخرج منها إلّا مَرَّةً إلى القاهرة للسَّمَاع من أبي صادق مُرْشد بن يحيى المَدِيني، وطبقته.
سَمِعَ منه: الحافظُ أبو علي البَرَدَاني، وغيره من الكبار. وحدَّث عنه الحافظ محمد بن طاهر، ومات قبله بستين عامًا، وروى عنه خَلْق ماتوا قَبْلَه، وروى عنه القاضي عِياض بالأجازة، ومات قبله بدهر.
(1) في الأصل "أبي البحر"، وهو وهم، والبحر هو كتاب "بحر المذهب في الفروع" انظر "كشف الظنون": 1/ 226.
(2)
في الأصل ضبطت بفتح الصاد وكسر القاف، والمثبت من "معجم البلدان": 3/ 416، وفي "اللباب": 2/ 58 "بفتح الصاد واللام".
وحدَّث عنه: الحافظ عبد المغني المَقْدسي، وعلي بن المُفَضَّل، وعبد القادر الرُّهَاوي، والحسن بن أحمد الأوقي، وعبد الوهَّاب بن رَوَاج (1)، وأبو الحسن بن الجُمَّيزِي، وأبو القاسم بن زوَاحة، وأبو القاسم عبد الرَّحمن بن مَكِّي، سِبْط السِّلَفي، وخَلْق كثير.
ذكره ابنُ الدَّبَّاغ في الطبقة الثالثة عشرة من الحُفَّاظ.
وقال الأوقي سمعته يقول: لي ستُّون سنة ما رأيت مَنَارة الاسكندرية إلَّا من هذه الطَّاقة.
وقال ابن المُفَضَّل: عِدَّةُ شيوخه بأصْبَهان فوق ست مئة شيخ، وخَرَجَ إلى بغداد وله عشرون سنة أقل أو أكثر، ومشيخته ببغداد في خمسة وثلاثين جُزْءًا.
قال: وله تصانيف كثيرة، وكان يَنْظِمُ الشِّعْر، ويثيب من يمدحه.
قال: ولقي في القراءات ابن سِوَار، وأبا منصور الخياط، وأبا الخَطّاب بن الجَرَّاح، سَمِعْته يقول: متى لم يكنِ الأصلُ بخطِّي لم أفرحْ به. وكان جَيِّدَ الضَّبْط، كثير البحث عما يُشْكل، وكان أَوْحدَ زمانه في عِلْم الحديث، وأَعْرَفَهم بقوانين الرِّواية والتحديث، جَمعَ بين علوِّ الإسناد وعلوِّ الانتقاد؛ وبذلك تفرَّد عن أبناء جنسه.
وقال السَّمْعَاني: أبو طاهر ثِقَةٌ ورع، متقن، متثَبِّتٌ فَهِمٌ حافظ، له حَظٌّ من العربية، كثير الحديث، حَسَنُ البَصيرة فيه.
(1) في "تذكرة الحفاظ": 4/ 1300 "رواح"، وهو تصحيف.
وعن ابنِ ناصر قال: كان السِّلَفي ببغداد كأنَّه شُعْلة نارٍ في التحصيل.
وقال عبد القادر (1) الرُّهَاوي: كان له عند ملوك مِصْر الجاه والكلمةُ النَّافذة مع مخالفَتِه لهم في المَذْهب، وكان لا يبدو منه جَفْوة لأحد، ويجلس للحديث فلا يشرب ماءً، ولا يَبْزُق، ولا يتورَّك، ولا يبدو له قَدَمٌ، وقد جاوز المئة، بلغني أن سُلْطان مِصْر حضر عنده ليسمع؛ فجعل يتحدث مع أخيه فَزَبَرَهما، وقال: أَيشْ هذا، نحن نقرأ الحديث وأنتما تتحدثان؛ ! وبلغني أنَّه مُدَّة مُقامه بالإسكندرية ما خَرَج إلى فُرْجة إلا مَرَّة واحدة، وما نكاد ندخُل إلا نراه مُطَالعًا في شيء، وكان حليمًا، ولما دخل الثَّغْر رآه الفُضَلاء والكبراء فاستحسنوا عِلْمه وأخلاقَه وآدابه؛ فأكرموه وخدموه، حدَّثني بعضُ رُفَقَائي عن ابنِ شافع قال: السِّلَفي شَيخُ العُلَماء، وسمِعْتُ بعضَ فضلاء هَمَذَان يقول: السِّلفي أحفظُ الحُفَّاظ.
وقال ابنُ عَسَاكر: سمِعْتُ بقراءة السِّلَفي من جماعة، ولم أظفر بالسَّمَاع منه، تزوَّج بالإسكندرية امرأةً ذات يسَار (2)، وحَصَلَتْ له ثروةٌ بعد فقْرٍ وتصوُّفٍ، وصارت له بالثغر وجاهة، وبنى له العادل علي بن إسحاق بن السَّلَّار (3)؛ أمير مصر مدرسة، ووقَفَ عليها.
(1) في "تذكرة الحفاظ": 4/ 1301 "عبد القاهر"، وهو تحريف، وستأتي ترجمة عبد القادر الرهاوي برقم (1096) من هذا الكتاب.
(2)
في "تذكرة الحفاظ": 4/ 1302 "ذات بستان"، وهو تحريف.
(3)
هو وزير الظافر العبيدي، وقد قتل سنة (548) هـ، وكان سنيًّا انظر ترجمته في "وفيات الأعيان": 3/ 416 - 419، وانظر أخباره في "سير أعلام النبلاء": 15/ 203.
وقال عبد القادر: كان آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المُنْكر، أزال من جِواره منكراتٍ كثيرة، رأيته منع القُرَّاء بالألحان، وقال: هذه القراءة بدْعة، اقرؤوا ترتيلًا.
وقال ابنُ نُقْطَة: كان السِّلَفي جَوَّالًا في الآفاق، حافِظًا، ثقةً، متقِنًا، أحضروا له نسخة سعد الخير "بالمجتبى" للنَّسائي ليرويه، فاجتذبها من يد القارئ بغيظٍ وقال: لا أحدِّث إلَّا مِنْ أَصْلي.
وقال ابنُ المُفَضَّل: حَفِظْتُ أسماءً وكُنىً، ثم ذاكرت السِّلَفي، فجعل يذكرها حِفْظًا، وقال: ما هذا مليح، أنا شيخ كبيرٌ في هذه البَلْدة لا يذاكرني أحد وحِفْظي هكذا؟
وقال الحافظ عبد العظيم: كان السِّلَفي مغرىً بجَمْعِ الكُتُب، وما حَصَل له من المال يخرجه في ثمنها، كان عنده خزائن كُتُبٍ لا يتفرَّغ للنظر فيها؛ فَعَفِنَتْ وتلصَّقت لنداوة البلد؛ فكانوا يخلِّصونها بالفأس، فتلف أكْثرُها.
قال الوجيه عيسى بن عبد العزيز اللَّخْمِي: توفِّيَ السِّلَفي صبيحة الجُمُعة خامس ربيع الآخر سنةَ ستٍّ وسبعين وخمس مئة، وله مئة وست سنين، وحدَّث ليلة مَوْته وهو يردُّ اللحن الخفيَّ على القارئ، وصلى الصُّبْح، ومات فجأة.
كذا قال، ولم يبلغ السِّلَفي مئة وست سنين، بل كمل المئة بيقين، وزاد عليها سنتين أو نحو ذلك، وقد رُوي عنه أنَّه كان يقول: كتبوا عني بأَصْبَهان في أول سنة
اثنتين وتسعين وأنا ابن سبع عشرة سنة أو نحوها، وليس في وجهي شَعْرة.
وقال أيضًا: أذكر قَتْلَ نِظام المُلْك في سنة خمس وثمانين، وكنت ابن عشر (1).
وقد مات معه في سنة ست وسبعين الشَّريفُ أبو المَفاخر سعيد بن الحسين الهاشمي العَبَّاسي النيسَابوري؛ راوي "صحيح" مُسْلم بمِصْر. والمُسْنِد أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن صابر الدِّمَشْقِي بها. والمسند أبو الفَهْم عبد الرحمن [بن](2) عبد العزيز بن محمد بن أبي العَجَائز الأَزدي بدمشق. والعلامة أبو الحسن علي بن عبد الرحيم بن الحسين بن العَصَّار السِّلَفي ببغداد.
(1) انظر "وفيات الأعيان": 1/ 107.
(2)
ما بين حاصرتين مستدرك في هامش الأصل.