الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1091 - عبد الله بن أحمد *
ابن محمد بن قُدَامة بن مقدامة (1) بن نَصْر، الإمام، الحافظ، الفقيه، شيخ الإِسلام، موفق الدِّين، أبو محمد، المَقْدسي، الجَمَّاعِيلي (2)، ثم [الدِّمَشْقي، الصَّالحي، الحَنْبلي، صاحب "المغني"](3).
ولد بجَمَّاعيل في شعبان سنة إحدى وأربعين وخمس مئة، وهاجر مع أقاربه وله عَشْر سنين، وحَفِظ القرْآن، ولزم الاشتغال من صِغَره، إلى أن صَار من بحور العِلْم.
ورحل في أول سنة إحدى وستين في طلب العِلْم إلى بغداد؛
* معجم البلدان: 2/ 160، التكملة للمنذري: 3/ 107، ذيل الروضتين: 139 - 142، سير أعلام النبلاء: 22/ 165 - 173، العبر: 5/ 79 - 80، دول الإِسلام: 2/ 93 - 94، المختصر المحتاج إليه: 2/ 134 - 137، البداية والنهاية: 13/ 99 - 101، ذيل طبقات الحنابلة: 2/ 133 - 149، النجوم الزاهرة: 6/ 256، القلائد الجوهرية: 2/ 340 - 344، شذرات الذهب: 5/ 88 - 92، التاج المكلل: 229 - 231.
(1)
كذا في الأصل، وفي "فوات الوفيات": 2/ 158 "مقدم"، أما في باقي المصادر فهو "مقدام"، وهو الأشبه بالصواب.
(2)
انظر حاشيتنا رقم (2) ص 147 من هذا الجزء.
(3)
ما بين حاصرتين مستدرك على هامش الأصل، ولم يظهر في التصوير، والمثبت من "سير أعلام النبلاء": 22/ 166، وقد طبع المغني في تسعة مجلدات غير مرة، وهو مشهور، متداول.
فأدرك نحو أربعين يومًا من حياة الشيخ عبد القادر (1)، ونزل عنده بالمدرسة، واشتغل عليه تلك الأيام، وسمِعَ منه، ومن هبة الله بن الحسن الدَّقَّاق، وأبي الفتح بن البَطِّي، ومَعْمر بن الفاخر، وشُهْدَة الكاتبة، ويحيى بن ثابت، وجماعة. وسَمِعَ بدمشق من أبي المكارم بن هِلال وغيره، وبالمَوْصل من خطيبها أبي الفَضْل الطُّوسي، وبمكة من المبارك بن الطَّبَّاخ.
وتلا بحرف نافع على أبي الحسن البطَائحي، وبحرف أبي عمرو على أبي الفتح بن المَنِّي.
حدَّث عنه: البهاء عبد الرحمن، والحافظ ضياء الدين، وابن نُقْطة، وابن خليل، وابن النَّجَّار، وأبو شامة، وابن عبد الدائم، وإسماعيل بن الفَرَّاء، وخَلْق.
قال ابن النجار: كان إمامَ الحنابلة بجامع دمشق، وكان ثِقَةً حُجَّة نبيلًا، غزير الفَضْل، نَزِهًا، ورعًا، عابدًا على قانون السَّلَف، عليه النُّور والوَقار، وينتفع الرجل برؤيته قبل أن يسمعَ كلامه.
وقال ابنُ الحاجب: هو إمام الْأَئمة، ومفتي الْأُمة، خصَّه الله بالفَضْل الوافر، والخاطر الماطر، والعِلْم الكامل، طنَّتْ بذكره الأمصار، وضنَّتْ بمثله الأعصار، وأخذ بمجامع الحقائق النَّقلية والعقلية.
(1) عبد القادر بن أبي صالح عبد الله، الجيلاني، من كبار الزهاد والمتصوفين، مؤسس الطريقة القادرية، وشيخ الحنابلة، ولد سنة (471 هـ)، وتوفي سنة (561 هـ)، انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء": 20/ 439 - 451 ولمحمد بن يحيى التاذفي كتاب "قلائد الجواهر في مناقب الشيخ عبد القادر".
قال: وله المؤلفات الغزيرة، وما أظن الزمان يسمح بمثلِه، كان متواضعًا، حَسَنَ الاعتقاد، ذا أناةٍ وحِلْم ووَقَار، وكان مجلسه معمورًا بالفُقهاء والمحدِّثين، وكان كثير العِبادة، دائم التهجد، لم ترَ مثلَه، ولم ير مثل نَفْسه.
وذكر الحافظ ضياء الدِّين سيرته في جُزْأين، وقال: كان تام القَامة، أبيضَ، مشرق الوجه، أَدْعَجَ (1)، كانَّ النُّور يخرج من وجهه لحُسْنِه، واسعَ الجبين، طويل اللِّحية، قائمَ الأنف، مقرون الحاجبين، صغيرَ الرأس، لطيف اليدين والقَدَمين، نحيفَ الجسم، ممتَّعًا بحواسه، أقام هو والحافظ (2) ببغداد أربع سنين؛ فأتقنا الفِقْه والحديث والخلاف، أقاما عند الشيخ عبد القادر، ثم عند ابن الجوزي، ثم انتقلا إلى رباط النَّعَّال، واشتغلا على ابن المَنِّي، ثم سافر في سنة سبع وستين ومعه الشيخ العِماد (3)، وأقاما سنة.
قال الحافظ ضياء الدين: رأيتُ أحمدَ بن حنبل في النَّوْم؛ فألقى علي مسألةً، فقلت: هذه في الخِرَقي (4). فقال: ما قصَّر صاحِبُكم الموفَّق في شرح الخِرَقي.
(1) أي أن سواد عينيه كان شديد السواد. "اللسان": (دعج).
(2)
أي الحافظ عبد الغني، وقد سلفت ترجمته برقم (1090)، وهو ابن عمة الموفق. وقد وهمت أغلب المصادر في قرابته، انظر "القلائد الجوهرية": 1/ 30.
(3)
العماد، أبو إسحاق، إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي، أخو الحافظ عبد الغني، ولد سنة (543 هـ)، وكان متصديًا لقراءة القرآن والفقه، وكان صاحب أحوال وكرامات، توفي سنة (614 هـ)، انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء": 22/ 47 - 52.
(4)
أي مختصر الخرقي، وهو أبو القاسم، عمر بن الحسين بن عبد الله البغدادي الحنبلي، توفي سنة (334 هـ)، انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء": 15/ 363 - 364.
وقال أيضًا: وكان رحمه الله إمامًا في التفسير، وفي الحديث ومشكلاته، إمامًا في الفِقْه، بل أوحد زمانه فيه، إمامًا في علم الخلاف، أوحد في الفرائض، إمامًا في أصول الفِقْه، إمامًا في النحو والحساب والأنجم السَّيَّارة والمنازل. سمِعْت الحافظ أبا عبد الله اليُونيني (1) يقول: أما ما علمته من أحوال شيخِنا وسيدنا موفق الدين فإني إلى الآن ما أعتقد أن شخصًا ممن رأيتُه حَصَل له من الكمال في العلوم والصِّفَات الحميدة التي يحصل بها الكمال سواه؛ فإنه كان كاملًا في صورته ومعناه من حيث الحُسْن والإِحسان، والحِلْم والسُّؤدُد، والعلوم المختلفة والأخلاق الجميلة؛ رأيت منه ما يعْجِزُ عنه كبارُ الأولياء.
وقال الشيخ الضِّياء: كان لا يناظر أحدًا إلا وهو يبتسم، وبقي يجلس زمانًا بعد الجُمعة للمناظرة، ويجتمع إليه الفقهاء، وكان يُشْغل (2) إلى ارتفاع النهار، ومن بعد الظهر إلى المغرب، ولا يضجر، ويسمعون عليه، وكان يقرئ في النحو، وكان لا يكاد يراه أحد إلا أحبَّه، وما عَلِمْتُ أنه أوجعَ قلبَ طالبٍ، وكانت له جارِيَة تؤذيه بخلُقِها فما يَقول لها شيئًا، وكان أولاده يتضاربون وهو لا يتكلم، وكان حَسَنَ الأخلاق لا يكاد يراه أحد إلا مبتسمًا، يحكي الحكايات ويمزح، وسمعت البهاء يقول: ما رأيت أكثر احتمالًا منه، وسمِعْتهُ يصفه بالشجاعة، وقال: كان
(1) في بعض المصادر عبد الله اليونيني، وهو وهم. انظر "العبر": 5/ 248.
(2)
أي يدرِّس، الإشغال: التدريس، والاشتغال: الطلب، وهذان المصطلحان يفهمان من خلال سياقهما، ففي ترجمة العماد "ولا كان يتفرغ للتصنيف من كثرة اشتغاله وإشغاله". "سير أعلام النبلاء": 22/ 48، وفي ترجمة الموفق "وكلموه مرة في صبيان يشتغلون عليه". "سير أعلام النبلاء": 22/ 171.