الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن الهاء هنا ليست أصلية، بل هي هاء وزن "هَفْعَلَ"، وهذا الوزن قياسي في العبرية والعربية الجنوبية في مقابل وزن "أَفْعَلَ" في العربية الشمالية، ولعل مقارنة كلمة أراق وكلمة هراق بنفس المعنى توضح لنا أن الأولى بوزن أَفْعَلَ وأن الثانية بوزن هَفْعَلَ، وكلا الوزنين للتعدية في اللغات السامية. وعلى ذلك فكلمة هراق بوزن هفعل، ومن الممكن أن تكون دخيلة من العربية الجنوبية، ومن الممكن أيضًا أن تكون راسبًا من اللغة السامية الأولى إذا افترضنا أنها عرفت أيضًا وزن هفعل للتعدية، ويصدق ما ذكرناه حول كلمة هراق على كلمات أخرى في العربية مثل: هجرع، هيلع
…
إلخ. وقد يكشف بحث الكلمات المبدوءة بالهاء في العربية عن أمثلة كثيرة من هذا النوع الهاء فيها زائدة لا أصلية.
وإذا كان ثمة خلافا في تحديد الحروف الأصول في كلمة مدينة1 فإن بحثها في ضوء اللغات السامية يوضح أن الميم زائدة، ففي العربية والعبرية نجد كلمة "دين" بمعنى القانون وفي الآرامية "دينا". كما نجد في العبرية "بيت دين" بمعنى المحكمة، وفي العربية والعبرية ديان بمعنى القاضي، وقد ظهرت كلمة مدينة في الآرامية في منطقة الشام قبل الإسلام بمعنى المنطقة الإدارية أو الدائرة القضائية مرتبطة بهذا المعنى القضائي الذي ما زلنا نجده في كلمات عربية مثل دائن، مدين، أدان، إدانة.... إلخ.
وعندما أطلق الرسول صلى الله عليه وسلم على يثرب اسم المدينة كان هذا الاستخدام مرتبطًا بظهور الدولة الإسلامية الصغيرة حول الرسول وهو يحكم في المدينة وهكذا توضح الدراسة المقارنة جوانب مختلفة في تحديد الجذور في كلمات عربية مختلفة.
1 انظر: مادة: مدن، دين، في المعاجم العربية.
8-
الألفاظ المشتركة:
العلاقة بين الألفاظ العربية وما يقابلها اشتقاقيًّا في اللغات السامية الأخرى تتناول موضوعين اثنين. فهناك ألفاظ تشترك فيها اللغات السامية بصفة عامة
وترجع إلى اللغة السامية الأم. وإلى جانب هذا فهناك ألفاظ دخلت من إحدى اللغات السامية إلى لغة سامية أخرى، كأن تدخل كلمة عربية إلى الحبشية أو كلمة عبرية إلى الآرامية.. إلخ. ومعنى هذا أن البحث يتناول الألفاظ السامية المشتركة من جانب. والألفاظ الدخيلة من لغة سامية لأخرى من الجانب الآخر.
هناك مجموعة من الألفاظ المشتركة في اللغات السامية، والمقصود بذلك أن جذورها الاشتقاقية مشتركة، وليس معنى هذا أن معناها متفق في اللغات السامية المختلفة كل الاتفاق، فالتغير الدلالي ظاهرة معروفة في إطار اللغة الواحدة فضلا عنه في إطار الأسرة اللغوية الواحدة، فكلمة "لحم" تعني في العربية شيئًا مخالفًا لما تعنيه كلمة Lehem في العبرية، فالأخيرة تعني الحبز واضح أن الكلمتين العربية والعبرية من جذر اشتقاقي واحد هو ل ح م. ويتفق معنى هذا الجذر اتفاقًا بعيدًا في أن المقصود هو الأكل اليابس غير السائل، ولكن اختلاف معنى الكلمتين قد جعل كلا منهما تتخصص بمعنى آخر يوضح فكرة وحدة الأصل الاشتقاقي وتغير دلالات الكلمات المشتقة منه في اللغات السامية المختلفة. فكلمة "أهل" في العربية يقابلها في العبرية Ohel هما من أصل واحد هو همزة وهاء ولام. ولكن الكلمة العبرية تعني "الخيمة" ولا تعني أي شيء آخر، أما الكلمة العربية فتعني الأسرة عمومًا أو الزوجة بصفة خاصة. وهناك علاقة بين المعنيين يمكن تصورها بأن المجتمع البدوي أشبه وصف الخيمة أو الزوجة التي بها أو الزوجة أو الأولاد الذين بها بنفس الكلمة، لقد تغير المعنى وتحدد باختلاف دلالة الكلمة العبرية عن الكلمة العربية المقابلة لها اشتقاقًا، فلا شك أن الزوجة تختلف عن الخيمة فالمعجم الاشتقاقي للغات السامية وأية دراسة للمقابلات السامية من ناحية المفردات تبحث الكلمات التي انحدرت من أصل اشتقاقي واحد ثم يبحث مدى الاتفاق أو الاختلاف الدلالي بعد ذلك.