الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قضايا البحث في علم اللغة
…
قضايا البحث العلمي في علم اللغة Linguistics
لأول وهلة مختلفة متنافرة فإن كل أصوات اللغات تصدر من الجهاز الصوتي الإنساني وهو مشترك عند كل البشر. ولذا فهناك أصوات كثيرة تتكرر في أكثر اللغات. وهناك وسائل محددة تتوسل بها اللغات المختلفة للتمييز بين أصواتها. فالتعرف على هذه الجوانب والاستفادة من خبرات الباحثين في اللغات المختلفة لوضع نظرية شاملة في بنية اللغة مما يدخل في علم اللغة العام، فهناك وسائل محددة تتبعها اللغات المختلفة للتمييز بين الكلمات في جمل لأداء المعاني المختلفة. فكل اللغات مثلا بها جمل شرطية وجمل استفهامية إلخ
…
والتعرف على هذه الوسائل وعلى منهج تحليل اللغة من هذه الحوانب جزء من علم اللغة العام. وهناك معاجم كثيرة ألفت للغات مختلفة، بلورت في أثناء إعدادها مناهج دقيقة في العمل المعجمي، وهذه الأسس المنهجية الناجمة عن العمل التطبيقي جزء من علم اللغة العام.
وفضلا عن هذا يهتم علم اللغة العام ببيان طبيعة العلاقات المؤثرة في حياة اللغة في المجتمعات الإنسانية1 فاللغة لا تعيش في فراغ، بل لا بد لها من جماعة تستخدمها حتى تصبح لغة، وهنا يهدف علم اللغة العام إلى إيضاح
1 انظر مثلا الدراسات المنشورة في:
J.A Fishman، Ch. A. Ferguson. J.D. Gupta، Language Problems of Developing Nations New York 1964
J.D Gupta، Language Conflict and National Development، Unitersity of California press 1970.
إبراهيم أنيس: اللغة بين القومية والعالمية، القاهرة 1970.
الجوانب الحضارية المختلفة التي تؤثر في حياة اللغة، ويحاول إيضاح عوامل انتشار اللغات وموتها وعوامل التجديد اللغوي ومشكلات الازدواج اللغوي وغير ذلك من المشكلات التي تتكرر في مجموعات إنسانية مختلفة. إن كل بحث دقيق يعد حول بنية أية لغة أو وظائفها في المجتمع هو بحث يفيد علم اللغة العام، ولذلك تتطور النظرية العامة للغة ولمناهج بحثها بتطور الأبحاث الجزئية في اللغات واللهجات المختلفة.
إن علم اللغة الحديث يحاول بتطوير مناهجه وبالإصرار على الدقة العلمية أن يصل إلى نتائج دقيقة. ولذلك استبعدت من البحث في اللغة تلك الموضوعات التي لا يمكن بحثها بمناهج دقيقة. وأشهر هذه الموضوعات نشأة اللغة، ومرجع الاهتمام القديم بهذا الموضوع إلى الدين، فقد تكونت عند الجماعات الدينية المختلفة آراء راسخة نسبيًّا حول نشأة اللغة الإنسانية، فاليهود يصرون على كونها هي العبرية ومسيحيو الشرق يجعلونها السريانية، وحار المؤلفون العرب، بين جعلها العربية أو السريانية1. وإذا كان المفكر العربي ابن حزم قد وجد أنه من العبث التفكير في اللغة الأولى عند الإنسان ونسبتها إلى الدين دون دليل2، فإن علم اللغة الحديث لا يتناول البحث في قضية نشأة اللغة الإنسانية لعدم وجود منهج علمي لبحث ذلك. لقد حاول بعض الباحثين في القرن الماضي إعادة تكوين عدد من اللغات الموغلة في القدم مثل اللغة الهندية - الأوروبية الأولى واللغة السامية الأولى. واللغة الهندية - الأوربية الأولى هي الأصل المفترض الذي خرجت عنه كل لغات الأسرة الهندية - الأوربية المختلفة. واللغة السامية الأولى هي الأصل المفترض الذي خرجت عنه اللغات السامية المختلفة. ولكن محاولات إعادة تكوين اللغة الهندية- الأوربية الأولى واللغة السامية الأولى لم تنجح إلا في التعرف على بعض الخصائص المغرقة في القدم، ولكن من الصعب القول بأن
1 السيوطي: المزهر في علوم اللغة 1/ 30-35
2 ابن حزم: الإحكام في أصول الأحكام 1/ 30