المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ جمع اللغة وتأليف المعاجم: - علم اللغة العربية

[د. محمود فهمى حجازى]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفهرس

- ‌الفصل الأول: اللغة والحياة اللغوية

- ‌مدخل

- ‌طبيعة اللغة

- ‌مدخل

- ‌اللغة والكتابة

- ‌النظام اللغوي:

- ‌الرموز اللغوية والدلالة:

- ‌وظيفة اللغة

- ‌مدخل

- ‌الفصحى واللهجات:

- ‌أشكال التنوع اللغوي:

- ‌لغات التعامل واللغات الدولية:

- ‌مستويات الاستخدام اللغوي:

- ‌مستويات الاستخدام اللغوي والقوانين الصوتية:

- ‌اللغة والكلام:

- ‌ المؤثرات العامة في الحياة اللغوية:

- ‌الفصل الثاني: علم اللغة الحديث

- ‌مدخل

- ‌ علم اللغة وعلم النصوص القديمة:

- ‌ علم اللغة المقارن

- ‌ علم اللغة الوصفي:

- ‌ علم اللغة التاريخي

- ‌ علم اللغة التقابلي

- ‌ علم اللغة والبحث النحوي:

- ‌علم اللغة العام

- ‌مدخل

- ‌قضايا البحث في علم اللغة

- ‌ التسميات المختلفة لعلم اللغة:

- ‌ علم اللغة وعلم النفس

- ‌ علم اللغة والعلوم الاجتماعية:

- ‌ علم اللغة وتعليم اللغات:

- ‌ علوم اللغة بين العلوم:

- ‌الفصل الثالث: علوم اللغة في التراث العربي

- ‌مدخل

- ‌ النحو وعلم العربية:

- ‌ اللغة وعلم اللغة وفقه اللغة:

- ‌ علم اللسان وعلوم الأدب والعلوم العربية:

- ‌الفصل الرابع: كتب طبقات النحويين واللغويين

- ‌مدخل

- ‌ كتب الطبقات

- ‌ كتاب الفهرست:

- ‌ كتب التراجم:

- ‌ المراجع العامة الحديثة في التراث:

- ‌الفصل الخامس: المكتبة النحوية

- ‌مدخل

- ‌ كتاب سيبويه والنحاة البصريون:

- ‌النحاة الكوفيون في القرنين الثاني والثالث

- ‌ نحاة القرن الرابع:

- ‌ الكتب النحوية التعليمية والمنظومات:

- ‌ الموسوعات النحوية والشروح:

- ‌الفصل السادس: المكتبة اللغوية

- ‌ جمع اللغة وتأليف المعاجم:

- ‌ معاجم الترتيب الصوتي:

- ‌ معاجم الترتيب الهجائي:

- ‌ مصادر المعاجم الموسوعية العامة:

- ‌ المعاجم الدلالية الخاصة ذات الترتيب الهجائي:

- ‌ المعاجم الموضوعية:

- ‌ كتب الأبنية الصرفية:

- ‌ كتب التثقيف اللغوي ولحن العامة:

- ‌ كتب الموضوعات الصوتية:

- ‌الفصل السابع: المنهج المقارن و‌‌تصنيف اللغات

- ‌تصنيف اللغات

- ‌ العرب واللغات الأجنبية:

- ‌الأوروبيون والمقارنات

- ‌ نشوء علم اللغة المقارن:

- ‌الفصل الثامن: اللغات السامية بين‌‌ اللغات الأفروأسيوية

- ‌ اللغات الأفروأسيوية

- ‌ اللغات السامية

- ‌ اللغات السامية واللغة المصرية القديمة:

- ‌ اللغات السامية واللغة الليبية القديمة

- ‌الفصل التاسع: الخصائص المشتركة بين اللغات السامية

- ‌ الأصوات

- ‌ بناء الكلمة

- ‌بناء الجملة:

- ‌ الألفاظ الأساسية:

- ‌الفصل العاشر: التوزيع الجغرافي والتاريخي للغات السامية

- ‌ الفرع الأكادي

- ‌الفرع الكنعاني

- ‌مدخل

- ‌الأجريتية:

- ‌الفينيقية:

- ‌اللهجات الكنعانية الجنوبية:

- ‌العبرية:

- ‌الفرع الآرامي

- ‌مدخل

- ‌الآرامية القديمة:

- ‌آرامية الدولة:

- ‌السريانية:

- ‌اللهجات الآرامية اليهودية:

- ‌النبطية:

- ‌المندعية:

- ‌العربية الجنوبية:

- ‌ اللغات السامية في الحبشة:

- ‌الفصل الحادي عشر: العربية في ضوء اللغات السامية

- ‌مدخل

- ‌ الخطوط السامية والواقع الصوتي:

- ‌القوانين الصوتية

- ‌مدخل

- ‌الثاء العربية ومقابلاتها في اللغات السامية:

- ‌الضاد العربية ومقابلاتها في اللغات السامية:

- ‌أصوات عربية تختلف عن السامية الأولي

- ‌مدخل

- ‌الفاء العربية والباء المهموسة السامية:

- ‌السين والشين العربيتان وأصولهما السامية:

- ‌ الضمائر:

- ‌ الأسماء الثنائية:

- ‌ الأفعال

- ‌ تحديد الجذور في ضوء المقارنات:

- ‌ الألفاظ المشتركة:

- ‌ الدخيل في ضوء القوانين الصوتية:

- ‌ المقارنات اللغوية وتاريخ الألفاظ:

- ‌الفصل الثاني عشر: العربية في جزيرة العرب

- ‌النقوش العربية القديمة

- ‌مدخل

- ‌النقوش الثمودية:

- ‌النقوش الصفوية:

- ‌النقوش اللحيانية:

- ‌الخط:

- ‌اللغة:

- ‌اللهجات العربية واللغة الفصحى

- ‌مدخل

- ‌الهمز بين التحقيق والتخفيف:

- ‌الإمالة:

- ‌الاتباع = التوافق الحركي

- ‌كسر أحرف المضارعة:

- ‌مطابقة الفعل والفاعل:

- ‌ما الحجازية:

- ‌ قضية الاستخدام اللغوي للفصحى واللهجات:

- ‌الفصل الثالث عشر: العربية في المشرق الأسيوي

- ‌مدخل

- ‌ موجات التعريب في المشرق:

- ‌ العربية في العصر الأموي:

- ‌ الجاحظ وملاحظاته اللغوية:

- ‌ العربية بين البداوة والحضارة:

- ‌ العربية في القرن الرابع:

- ‌ الهمداني والحياة اللغوية في القرن الرابع الهجري:

- ‌ المقدسي والحياة اللغوية في القرن الرابع الهجري

- ‌ العلاقات اللغوية في القرن الخامس إلى فجر العصر الحديث

- ‌الفصل الرابع عشر: العربية في القارة الإفريقية

- ‌مدخل

- ‌ تعريب مصر والنوبة والسودان:

- ‌ المغرب وتعريب البربر:

- ‌ العربية جنوب دول المغرب:

- ‌ العربية لغة الدين والثقافة الإسلامية:

- ‌الفصل الخامس عشر: اتجاهات‌‌ التغير في البنيةوالمعجم

- ‌ التغير في البنية

- ‌مدخل

- ‌كلمات جديدة:

- ‌تراكيب نحوية جديدة:

- ‌ نمو المفردات في العربية:

- ‌بيليوجرافيا مختارة بالكتب العربية في الدراسات اللغوية والموضوعات المرتبطة بها

- ‌ببليوجرافيا مختارة بالكتب الأوروبية في علم اللغة العام واللغات السامية

الفصل: ‌ جمع اللغة وتأليف المعاجم:

‌الفصل السادس: المكتبة اللغوية

1-

‌ جمع اللغة وتأليف المعاجم:

قامت حركة التأليف في المعاجم العربية على أساس المادة التي جمعها اللغويون في البادية في القرن الثاني الهجري. لقد خرج عدد كبير من اللغويين إلى البادية. وأخذ كل منهم يجمع اللغة من أبناء القبائل العربية، وبذلك تم إنجاز أول عمل لغوي ميداني في الجزيرة العربية. ولاحظ كثير من البدو اهتمام اللغويين بتلقي اللغة عنهم، فهاجروا إلى جنوب العراق حيث ازدهرت علوم اللغة في البصرة والكوفة، وأخذوا يبيعون المادة اللغوية التي عندهم لكل من ينشدها من اللغويين. ولم تكن عملية جمع اللغة شاملة لتسجيل كل الألفاظ التي عرفتها القبائل العربية، بل كان اللغويون يصدرون في اختيارهم للقبائل واختيارهم للرواة عن مبدأ أساسي هو تسجيل اللغة الفصحى والابتعاد عن الصيغ والألفاظ غير الفصحى. وبهذا المعيار ركز اللغويون عملهم على لغة تلك القبائل التي تقترب كل الاقتراب من العربية الفصحى، ورفضوا لهجات القبائل البعيدة عن الفحصى، وبين هذا وذلك صنفت لهجات القبائل المختلفة.

ص: 95

وظل هذا الأساس سائدًا في عملية جمع اللغة في القرن الثاني الهجري. وبذلك حفظت لنا كتب اللغة الاستخدام اللغوي عند مجموعة من القبائل العربية الشمالية.

لقد اهتم اللغويون بقبائل قيس وتميم وأسد وهذيل وبعض بطون قبيلة كنانة وبعض بطون طيء1. وقد تجنب اللغويون أخذ اللغة عن الحضر، أي عن العرب المستقرين وعن القبائل العربية التي عاشت بالقرب من جماعات لغوية غير عربية، فلم يؤخذ من قبيلة لخم ولا من قبيلة جذام، لمجاورتهم أهل مصر والقبط، وبالمثل تجنب اللغويون أخذ اللغة عن قضاعة وغسان وإياد لمجاورتهم أهل الشام2.

وأعرض جامعو اللغة عن قبائل تغلب لاختلاط هذه القبائل بالجماعات اللغوية غير العربية في الشام والعراق ومصر. أما قبائل العرب في اليمن وشرق الجزيرة العربية ومدن الحجاز فقد خرجت أيضا عن اهتمام اللغويين، وقد فسروا عدم أخذ اللغة عن أهل اليمن أن لغتهم تغيرت لمخالطتهم للهند والحبشة ورفضوا أخذ اللغة عن قبائل شرق الجزيرة العربية ومدن الحجاز باعتبار أن لغتهم اختلطت بلغة غير العرب.

والواقع أن اللغويين لم يهتموا في القرن الثاني الهجري بالتنوع اللغوي في الجزيرة العربية، وقصروا اهتمامهم على تقرير فصاحة لغة القبيلة أو عدم فصاحتها، فشغلتهم قضية الفصاحة عن باقي القضايا الكثيرة التي يمكن طرحها في العمل اللغوي الميداني. فسر اللغويون التغير الذي لاحظوه في لهجات بعض القبائل

1 نص الفارابي المقتبس في المزهر للسيوطي 1/ 211.

2 هناك خطأ وقع فيه الفارابي هنا إذ ذكر أن أكثرهم "نصارى يقرءون بالعبرانية" فمعرفة العبرية في القرن الثاني الهجري، الثامن الميلادي كانت مقصورة على رجال الدين اليهود وقلة من المهتمين بالتراث اليهودي. والصحيح أن أهل الشام كانوا في فجر الإسلام من أبناء الآرامية بلهجاتها المختلفة.

ص: 96

التي رفضوها بأنه ثمرة الاختلاط بأبناء الجماعات اللغوية غير العربية في مصر والشام والعراق وبأبناء الجماعات اللغوية الهندية والحبشية الذين اختلط بهم نفر من العرب. ولكن جامعي اللغة في القرن الثاني الهجري لم يهتموا بالعربية الجنوبية التي كانت دون شك منتشرة في مناطق من الجنوب العربي آنذاك، بل عدوا ما وجدوه عند قبائل اليمن من ظواهر لغوية مخالفة ضربًا من الاختلاط الذي أصاب اللغة وجعلها غير نقية وغير سليمة. وبذلك لم يكن العمل اللغوي في القرن الثاني الهجري محاولة لتسجيل جوانب الحياة اللغوية عند أبناء اللغة العربية أو محاولة لبحث جوانب التنوع اللغوي في الجزيرة العربية، بل كان محاولة للبحث عن الصيغ الفصيحة والكلمات الفصيحة عند القبائل العربية التي يقترب استخدامها للغة من المستوى اللغوي المنشود.

وقد أثمرت حركة جمع اللغة مجموعة من الكتب والرسائل اللغوية، لقد جمع تجنب اللغويون ما عرفته القبائل الفصيحة من ألفاظ، وصنفوها في مجموعات دلالية وألفوا في هذا مجموعة كبيرة من الكتب. ألف الأصمعي، ت 216هـ، في خلق الإنسان والإبل والخيل والوحش والنبات والشجر، وألف أبو زيد الأنصاري في اللبن والمطر والنبات والشجر، وظلت الرسائل هي الشكل الوحيد الذي اتخذته دراسة الألفاظ العربية من الناحية الدلالية وقتا طويلا، إلى أن برزت إلى الدوائر العلمية حركة تأليف المعاجم. وقد كان لما ألفه الأصمعي وأبو زيد الأنصاري ومن عاصرهما من اللغويين أكبر الأثر في المعاجم العربية وفي نظرية اللغة عند العرب بشكل عام.

لقد أخذ مؤلفوا المعاجم المادة التي دونها علماء القرن الثاني واحتفلوا بكل ما سجله الأصمعي وأبو زيد ومعاصروهما كل الاحتفال، ولذا تتكرر أسماء هؤلاء اللغويين في المعاجم اللغوية الكثيرة التي ظهرت في القرون التالية. وإذا كان هؤلاء اللغويون في القرن الثاني قد قصروا جهدهم على جمع الصيغ والدلالات الفصيحة أو القريبة كل القرب من الفصيحة فإن الأكثرية المطلقة من

ص: 97

علماء اللغة في القرون التالية قد لاحظت تغير الاستخدام اللغوي بعد القرن الثاني ولذا توقفت حركة العمل اللغوي الميداني توقفًا تامًا. ولم يكن العمل اللغوي الميداني في القرن الثاني الهجري هادفًا إلى دراسة التنوع اللغوي والتغير اللغوي في الجزيرة العربية أو في البيئات العربية الأخرى، بل اقتصروا على ما اتفقوا على القول بفصاحته. وظل اللغويون في القرون التالية يقصرون عملهم على المادة اللغوية التي اعترف علماء القرن الثاني بفصاحتها. وبذلك حددت حركة جمع اللغة في القرن الثاني الهجري إطار النظرية العامة للعمل اللغوي في القرون التالية. وظلت التعبيرات الشائعة في كتب اللغة مثل لغة الحجاز أو لغة أهل الحجاز أو لغة تميم أول لغة هذيل لا تعني الاستخدام اللغوي عند هذه القبائل عموما. بل تعني الاستخدام اللغوي عند هذه القبائل في القرن الثاني الهجري، وبذلك لم تختلف الظواهر التي عالجها السيرافي في القرن الرابع الهجري عن الظواهر التي ناقشها السيوطي في القرن التاسع الهجري، فهما يناقشان مثل باقي النحاة العرب ما سجله الباحثون في القرن الثاني الهجري. وعندما يذكر ابن منظور، ت 711هـ، والزبيدي، ت 1205هـ، في لسان العرب وتاج العروس مجموعة من الملاحظات حول دلالات الألفاظ، فإنهما لم يسجلا هذه الملاحظات عن الاستخدام اللغوي في القرن السابع الهجري أو القرن الثاني عشر للهجرة، بل نقلاها عن كتب تعود بدورها إلى كتب قام أكثرها على أساس ما جمعه اللغويون في القرن الثاني الهجري. وبذلك تعد حركة جمع اللغة في القرن الثاني الهجري أساس المادة اللغوية ونظرية اللغة عند أصحاب المعاجم العربية التالية.

يعد نشاط العلماء العرب في عصر الحضارة الإسلامية لتأليف المعاجم من أبرز مظاهر جهدهم العملي، وهم بهذا أهم من ألف المعاجم قبل العصر الحديث على الإطلاق. لقد بدأت حركة تأليف المعاجم العربية موازية لتدوين الرسائل اللغوية في النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة.

وفي هذه الفترة أيضا ألف كتاب سيبويه. وبذلك عرف النصف الثاني من

ص: 98