الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنما هو من نحو ما ذكرنا من تبديل ألفاظ الناس على طول الأزمان واختلاف البلدان ومجاورة الأمم وأنها لغة واحدة في الأصل1 وهكذا أتيح لبعض النحاة والمفكرين في الدولة الإسلامية أن يعرفوا لغات متشابهة ومن أصل واحد مثل العربية والعبرية والسريانية وأن يعرف بعضهم إلى جانب العربية لغات تختلف بنيتها عن بنية اللغات السامية مثل اللغة الفارسية وهي لغة هندية أوربية، واللغة التركية وهي لغة تنتمي إلى مجموعة لغوية أخرى.
1 الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم ط القاهرة د. ت راجعه: أحمد شاكر 1/ 30.
الأوروبيون والمقارنات
…
3-
الأوربيون والمقارنات
وفي إطار العصور الوسطى اللاتينية كان النحو أحد الفنون السبعة أي العلوم التي تناولها التدريس والشرح والتعليق في كل أنحاء غرب أوربا1، وكان كثير من أبناء المنطقة الحضارية اللاتينية منتمين أيضا إلى بيئات لغوية تختلف لغاتها عن اللاتينية اختلافا بعيدا، ولا تمت إليها إلا بصلة قرابة بعيدة. اهتم عدد من المؤلفين المنتمين للبيئات اللغوية الإنجليزية والأيسلندية والألمانية ابتداء من القرنين السابع والثامن للميلاد بتأليف المعاجم البسيطة للغة اللاتينية مع الألفاظ المقابلة بلغة أخرى مثل الإنجليزية القديمة، كما اهتموا بالتأليف في النحو اللاتيني2
1 الفنون السبعة "seven liberal arts" هي النحو والجدل والبلاغة من جانب والموسيقى والحساب والهندسة والفلك من الجانب الآخر. وقد أطلق علماء العصور الوسطى اللاتينية على العلوم الثلاثة الأولى trivium وعلى العلوم الأربعة الأخيرة quadrivium، ويرجع المصطلحان كما يرجع التصنيف إلى العالم السياسي الروماني boethius في أواخر القرن الخامس الميلادي انظر أيضا:
R.H. robins، A short history of linguistics. p. 69.
J. koch ed. ، artes liberales، leiden 1956.
2 من أقدم الجهود في النحو اللاتيني في أواخر القرن العاشر للميلاد:
Aelfric's، latin grammar and colloquium
وقد كان المؤلف أحد رجال الدين الذين اهتموا بتعليم اللاتينية للتلاميذ الإنجليز من أبناء اللغة الإنجليزية القديمة "الأنجلو-سكسونية"، انظر المرجع المذكور ص70. وكذلك تحقيق هذا الكتاب مع المعجم:
J. zupitza ed. aelfrics Grammar and glosser، berlin 1880 sammlung englischer denkmaler I.
وقد ذكر روبنز في كتابه المذكور كتابًا لنحوي أيسلندي غير معروف، انظر ص72 وما كتبه حول First grammatical treatise
كان هؤلاء المؤلفون يتعاملون في حياتهم اليومية بلغات تختلف عن اللاتينية اختلافا بعيدا ولكنها تمت إليها بصلة قرابة بعيدة وعلى الرغم من هذا فلم تؤد معرفتهم بهذه اللغات إلى بحث بنيتها وبيان أوجه الشبه والخلاف أو العلاقات التاريخية بينها وكل ما عرفه أولئك العلماء مجموعة ملاحظات عابرة للتعرف على علاقات القرابة بين اللغات في القرن الرابع عشر الميلادي، فقد أدرك دانتي 1265-1321 ببحث عدد من المفردات في اللغات الإسبانية والبرفسالية والفرنسية والإيطالية أن هذه اللغات ترجع إلى أصل واحد، ولكن دانتي لم يجعل هذه اللغات متفرعة عن اللاتينية، لأنها في رأيه لغة مصنوعة صنعها العلماء ليتعاملوا بها وأنها لم تكن لغة حية طبيعية في وقت من الأوقات، وإذا كان البحث العلمي قد أثبت خطأ هذا الرأي وأوضح أن اللغات الرومانية المختلفة إنما تطورت عن أصل واحد هو اللاتينية الشعبية، أي اللاتينية في صورتها المنطوقة، فإن أهمية رأي دانتي ترجع إلى تصنيفه لهذه اللغات في إطار واحد1. وهناك محاولات كثيرة تالية لتصنيف اللغات الأوربية المختلفة في مجموعات ولكن قصور هذه المحاولات يرجع إلى كونها قامت على دارسة المفردات ولم تقم على دراسة البنية الصرفية والنحوية، وقد صنف سكاليجر Scaliger 1540- 1609 اللغات الأوربية إلى أربع مجموعات رئيسية، وهي
1 جاء هذا في بحث دانتي:
dante de bulgari eloquentia I 8.
B.E. bidos، handbuch der romanischen sprachwissenchaft، s. 23-24 وكذلك munchen 1968.