الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قصيرة بعد فاء الأول وفتحة طويلة بعد فاء الثاني، وكلتاهما لا تدون في هذه النقوش وعلى ذلك فالفعلان "سعد" و "ساعد" يكتبان بنفس الحروف س ع د. ومعنى هذا أنه إذا وجدت الواو مكتوبة فهي تدل بالضرورة على صوت صامت لا على حركة طويلة، فإذا دونت النقوش "ج ور" فالمقصود اسم العلم "جوير" وبالمثل إذا دونت الياء فهي تدل على صوت صامت لا على حركة، فمثلا "ي خ ل د" تدل فيها الياء على صوت صامت تعقبه فتحة ويؤدي عدم تدوين الحركات القصيرة إلى عدم معرفتنا بطبيعة هذه الحركات داخل الكلمة وفي آخرها، وعلى ذلك فلا يمكن بحث قضية النهايات الإعرابية وهل كانت موجودة أم لا في ضوء هذه النقوش، وبالمثل فالتنوين لا يدون في هذه النقوش، حتى إن افترضنا وجوده فيها. وعلى ذلك فكيفية تدوين هذه النقوش تجعل الإفادة منها للتعرف على الخصائص اللغوية محدودة وهي تفيد في التعرف على وجود بعض الكلمات في هذه النقوش وفي التعرف من السياق على معانيها فيها، كما تفيد أيضا في التعرف على بعض خصائص الجملة.
اللغة:
عندما يجد الباحث مجموعة من النقوش في شمال الجزيرة العربية بالقرب من منطقة الشام والعراق تطرح دائمًا عدة فروض حول لغة هذه النقوش فقد تكون عربية وقد تكون كنعانية وقد تكون آرامية، وقد تكون امتدادًا للغة أخرى من خارج هذه المنطقة مثل العربية الجنوبية. وقد أثبتت الدراسات المبدئية للغة هذه النقوش أنها عربية، ومن الممكن دون صعوبة قراءة هذه النقوش باعتبار أنها نصوص عربية.
ترد في النقوش مجموعة أفعال تعرفها بصيغها ومعانيها في العربية، وأهم هذه الأفعال: علم، حل، بات، رعى، ذكر، نعم، خط، تشوق، كتم، ود، قنص، صاد، قاد، حب. ويضم معجم الأسماء في هذه النقوش
ألفاظًا كثيرة تعرفها الحياة الصحراوية مثل: وعل. جمل. فجع، أثر، دار وتضم هذه النقوش مجموعة من الحروف المعروفة في العربية منها: إلى من، لم، الباء، الفاء، اللام، وهكذا تتفق النقوش من الناحية المعجمية مع عربية الجاهلية1.
وثمة ظاهرتان جديرتان بالملاحظة في لغة هذه النقوش وهما: استخدام الاسم الموصول "ذ" واستخدام أداة التعريف "هـ"، وكلتا السمتين موجودة في بعض اللهجات العربية. أما "ذ" المدونة في النقوش فقد تكون منصرفة إعرابيًّا "ذو، ذا، ذي" وقد تلزم حالة واحدة من الحالات المذكورة دون تصويب إعرابي ومع هذا فلا شك أن استخدام هذه الكلمة كاسم موصول هو ما عرف قديمًا عند قبيلة طيئ. فقد ذكر النحاة أن قبيلة طيئ كانت تستخدم كلمة "ذو" اسمًا موصولًا2 وأما استخدام الهاء كأداة للتعريف تحمل الدلالة الإشارية فهو ما تعرفه لهجات عربية كثيرة في الشام وجزيرة العرب إلى اليوم عندما يقولون: "هالولد" و "هالبنت".
إن الخصائص اللغوية للنقوش الثمودية والصفوية واللحيانية تثبت أن كتابها كانوا من البيئة اللغوية العربية، وتثبت أسماء الأعلام الورادة في هذه النقوش أن كتابها عرب جاهليون وثنيون نجد فيها أسماء عربية مثل: حبيب وذهل وقيس ومطر كما نجد فيها أسماء مركبة منسوبة إلى معبودات الجاهلية مثل: عبد مناة، وزيد شمس، وعبد ايل، وعبد يغوث، وتيم يغوث، وتيم اللات. فهذه أسماء عربية جاهلية، عاش أصحابها حياة تشهد النقوش بأنها
1 حول لغة النقوس الصفوية انظر ما كتبه ليتمان في:
Semitic Inscriptions، Leiden 1904.
وكذلك ما كتبه حول النقوش الثمودية في:
Thamud und Safa، s. 31-34
2 حول "ذو" الطائية انظر: ابن هشام: مغني اللبيب 2/ 470