الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9-
الدخيل في ضوء القوانين الصوتية:
وتحديد أية كلمة مشتركة في لغتين ساميتين موروثة فيهما من اللغة السامية الأم أو دخيلة من إحدى اللغتين إلى اللغة الأخرى، إنما يتم بمعيار لغوي في المقام الأول. وهذا المعيار الذي ارتضاه البحث الحديث يدخل في إطار التطبيقات المباشرة لفكرة القوانين الصوتية وليس هذا المعيار جديدًا كل الجدة فقد عرف اللغويون العرب وجود مقابلات مطردة بين العربية والآرامية. وهناك مثالان ذكرهما الجواليقي، ت540هـ، في كتابه "المُعَرَّب"1 يوضحان أنه طبق فكرة القوانين الصوتية لإثبات كون الكلمة دخيلة في العربية، ذكر الجواليقي أن كلمة "الناطور" من المعرب وأنها تعني حافظ النخل والشجر وقد استدل على كونها عربية الأصل بما ذكره الأصمعي أن المقابل العربي لهذه الكلمة هو "الناظور" بالظاء والواقع أن الظاء العربية يقابلها طاء في الآرامية، وهذا قانون من القوانين الصوتية المطردة، وكان الجواليقي قد لاحظ اطراد التقابل بين الظاء العربية والطاء الآرامية فالمادة "نظر" في العربية لا بد وأن يقابلها "نطر" في الآرامية؛ يقول الجواليقي والنبط تجعل الظاء طاء وتدل كلمة النبط عند الجواليقي على البيئة اللغوية الآرامية ويبدو أن هذا يرجع إلى أن النبط كانوا من أقرب مستخدمي اللغة الآرامية إلى العرب، واستدل الجواليقي على اطراد هذا القانون الصوتي بكلمة:"برطلة" وتعني ابن الظل والواقع أن كلمة "بر" في الآرامية تعني "ابن" في العربية وأما الكلمة الثانية فتنتهي بفتحة طويلة، دونت تاء مربوطة للدلالة على التعريف وباقي الكلمة متفق مع الكلمة العربية ظل إلا في التقابل بين الظاء العربية والطاء الآرامية. وبهذا عرف الجواليقي معتمدًَا على ملاحظات اللغويين في القرن الثاني الهجري مثل الأصمعي فكرة القوانين الصوتية بين العربية والآرامية وطبقها تطبيقًا محدودًا للتعرف على عدم
1 انظر: المعرب للجواليقي، ص334، ص68
أصالة الكلمة في العربية ولتحديد أصلها.
وقد ارتضى البحث الحديث تطبيق فكرة القوانين الصوتية باعتبارها المعيار الأول لتحديد أصالة الكلمة أو عدم أصالتها من الناحية الاشتقاقية1 ونوضح هذه الفكرة بمجموعة أمثلة تنتمي إلى المادة العربية "ثغر" وما يقابلها وفق القوانين الصوتية في اللغات السامية المختلفة. الثاء العربية تعبر عن الثاء في اللغة السامية الأم. ويقابلها الشين في العبرية والتاء في الآرامية، أما الغين العربية فيقابلها في الآرامية والعبرية صوت العين ومعنى هذا أن المقابل الاشتقاقي المباشر للمادة العربية "ث غ ر" هو "ش ع ر" في العبرية و"ت ع ر" في الآرامية. وهذا ما نجده في الكلمات "ثغر" في العربية و saar في العبرية. و tara في الآرامية، وواضح أن هذه الكلمات من جذر اشتقاقي واحد وقد طرأ على الكلمة الآرامية قلب مكاني وألحقت بها الفتحة الطويلة التي كانت أداة التعريف في الآرامية أما معنى هذه الكلمات فمتقارب لكنه غير متفق مثل كثير من الكلمات ذات الأصل الاشتقاقي الواحد، المعنى الأساسي لكل هذه الكلمات هو معنى الفتحة فتدل كلمة ثغر في العربية على منافذ الدولة نحو الخارج ونقط الحدود، فكانت توصف منطقة الحدود العربية البيزنطية بأنها الثغور. وعندما تطورت دلالة هذه الكلمة إلى معناها الحديث في العربية تحدد معناها بالمنافذ البحرية للدولة وكانت من قبل تدل على المنافذ البحرية أو البرية دون تخصيص. يضاف إلى هذا اسخدام كلمة "ثغر" بمعنى فتحة الفم، أما في العبرية فتدل كلمة "شعر" على الباب أو المدخل، وتدل الكلمة الآرامية "ترعا" على الباب أو المدخل أو الشيء الموصل إلى شيء آخر، وعندما انتقلت الصيغة الآرامية المذكورة إلى العربية احتفظت بسمتين أساسيتين دلتا على كونها غير أصلية في العربية ودخيلة من الآرامية، وهما وجود التاء - لا الثاء
1 انظر مثلا:
برجشتراسر: التطور النحوي للغة العربية ص 140-154