الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: علم اللغة الحديث
مدخل
…
الفصل الثاني: علم اللغة الحديث
علم اللغة في أبسط تعريفاته هو دراسة اللغة على نحو علمي. وتدرس اللغة في إطار علم اللغة في المجالات الآتية:
أ- الأصوات phonetics، Phonology
ب- بناء الكلمة "الصرف" Morphology، Morphematics
ج_ بناء الجملة "النحو" Syntax
د- المفردات ودلالتها Semantics
1-
علم اللغة وعلم النصوص القديمة:
ويختلف علم اللغة1 Linguistics بمفهومه الحديث عن علم النصوص،
1يرجع مصطلح Linguistics والمصطلحات الأوربية المقابلة مثل Linguistique في الفرنسية، Linguistica في الإيطالية إلى الكلمة اللاتينية Lingua بمعنى "اللسان". أو "اللغة" وقد بدأ استخدام الكلمة في اللغات الأوربية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وتحدد معناها بتقدم علم اللغة في القرن العشرين، وكان يقابلها في اللغة الألمانية إلى عهد قريب كلمة Sprachwissenschaft ولكن الجيل الجديد من الباحثين الألمان يفضلون التسمية الأوربية العامة Linguistik انظر:
K-D bunting Einfuhrung in die linguistik. Frankfurt 1971 S. 13
Das Fischer Lexikon Sprachen. Frankfurt 1961 s. 7
وكثيرًا ما يحدث خلط بين مجالي العلمين، فعلم النصوص هو ما يطلق عليه في اللغات الأوربية اسم Philoligy، وقد تحدد مجال علم الفيلولوجي1 بمعناه الدقيق بتحقيق المخطوطات وإعدادها للنشر العلمي وفك رموز الكتابات القديمة وكل ما يتعلق بتقديم النصوص والنقوش القديمة على نحو يمكن من القيام بأبحاث متخصصة فيها، ولا شك أن تحقيق النصوص وفك الرموز ونشر النقوش أعمال علمية جليلة تقوم على دراسات تاريخية أو لغوية أو أدبية إلخ. ولكن هذا العمل الفيلولوجي يخرج عن ميدان اللغة، ويعتبر علم الفيلولوجي بهذا المعنى أساسًا لعلم اللغة ولغيره من العلوم التي تقوم على النصوص.
ارتبط البحث اللغوي الحديث في طور نشأته في القرن التاسع عشر بالبحث في النصوص والنقوش القديمة. لقد كانت المدرسة المقارنة في علم اللغة تهدف إلى التعرف على العلاقات التي تربط كل لغة من لغات الأسرة اللغوية الواحدة بالمراحل الأقدم، بل حاولوا التعرف على ملامح اللغة الهندية الأوربية الأم التي يفترض الباحثون في أن اللغات الهندية الأوربية المختلفة قد انحدرت منها. وحاول الباحثون في اللغات السامية أيضا إيضاح العلاقات التي تربط كل لغة من اللغات السامية باللغة السامية الأم التي افترض العلماء وجودها قبل اللغات السامية المعروفة. وأدى هذا الهدف التاريخي إلى الاهتمام بالنصوص القديمة وإلى النظر في المراحل التاريخية التالية باعتبارها انعكاسًا للماضي وامتدادًا له، ومن ثم فقد
1 يرجع اشتقاق هذه الكلمة إلى كلمتين يونانيتين Philos، وتعني "حب" و Logos وتعني "كلمة" أو "دراسة" وقد استخدمت الكلمة في الإنجليزية ابتداء من القرن الرابع عشر بمعنى دراسة التراث القديم.
شغل علماء كثيرون بالبحث في النقوش والنصوص القديمة1 لقد اكتشفت اللغة الأكادية وبدأت دراستها في القرن التاسع عشر، وفي نفس الفترة اكتشفت العربية الجنوبية القديمة وكان التعرف على هاتين اللغتين قائمًا على مقارنة الصيغ الواردة في نقوشهما بما هو معروف في اللغات السامية الأخرى، وخصوصًا العربية والعبرية والآرامية والحبشية. وعندما اكتشفت النقوش العربية الشمالية القديمة وهي المعروفة باسم النقوش الثمودية والصفوية واللحيانية في أواخر القرن الماضي وأوائل القرن العشرين كان نشر هذه النقوش وفهم نصوصها يقوم أيضًا على أساس المقارنة مع اللغات السامية الأخرى.
ولكن تنوع جوانب البحث اللغوي في القرن العشرين فرض التخصص على من يريد المشاركة في البحث العلمي. وهنا أصبح نشر النصوص والنقوش القديمة علما مستقلا عن علم اللغة، فعلم اللغة بمفهومه الحديث يختلف عن علم النصوص القديمة PhiLology ولم يكن التمييز بينهما واضحًا في القرن التاسع عشر لارتباط البحث اللغوي بالنصوص القديمة، وكان الباحثون الألمان يميزون منذ القرن التاسع عشر بين العمل الفيلولوجي Phiology وعلم اللغة 2Sprachwissenschaft وقد أخذ غيرهم من الباحثين يميل إلى تمييز
1 عندما أخذ الباحثون في القرن التاسع عشر يقارنون اللغات الهندية الأوربية بهدف التوصل إلى أصولها القديمة كان عليهم أن يتوسلوا ببحث لغة النصوص القديمة فأطلق الباحثون الإنجليز والفرنسيون على هذه المقارنات
Comparative philologie compatative، philology
2 قامت المدرسة الفيلولوجية الألمانية في القرن التاسع عشر بفضل جهود K. Lachmann الذي استطاع أن يطور منهجًا واضحًا في التحقيق، فارتبطت كلمة Philolgie في الألمانية بتحقيق النصوص القديمة ونشرها، انظر:
F. Schanbel، Deutsche Geschichte im neunzehten jahrhundert "Herder-Bucherei Band 207 - 1965 s. 99-102
أما دراسة الخصائص اللغوية من الجوانب الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية فقد أطلقوا عليها منذ القرن التاسع عشر Sprachwissenschaft أي علم اللغة انظر المرجع السابق ص 103-105 ومادتي philologie و Sprachwissenschaft. في موسوعة Der grosse Brockhaus 1956.
المجالين وعدم خلطهما تحت اسم واحد1 وقد تحدد مجال علم النصوص القديمة الفيلولوجي بمعناه الدقيق بتحقيق المخطوطات وإعدادها للنشر العلمي وفك رموز الكتابات القديمة وإعدادها للنشر العلمي أيضا. فكل ما يتعلق بتقديم النصوص والنقوش القديمة على نحو يمكن من القيام بأبحاث متخصصة فيها يعد من علم الفيلولوجي، ولا شك أن تحقيق النصوص والنقوش ونشرها أعمال علمية جليلة وهي الأساس الذي تقوم عليه دراسة هذه النصوص والنقوش من الجوانب التاريخية أو اللغوية أو الاجتماعية المختلفة. ويعتبر العمل الفيلولوجي بذلك أساسًا لعلم اللغة ولغيره من العلوم التي تعنى بتفسير النصوص وتحليل مادتها. فتحقيق ديوان من الدواوين المخطوطة يعتبر عملا فيلولوجيا يفيد البحث في اللغة كما يفيد البحث في الأدب ولكنه لا يدخل في مجال علم اللغة. فالدراسة اللغوية للديوان تعني دراسة النص من جوانبه الصوتية والصرفية والنحوية والمعجمية أي من الجوانب التي تعارف العلماء على جعلها مجال البحث في علم اللغة.
1 ذكرت دائرة المعارف البريطانية ط1970 مادة Linguistics أن هذا المصطلح واضح الدلالة على عكس مصطلح Philology الذي يمكن أن يدل إلى جانب دراسة اللغة على بحث التراث Literature ونقد النصوص texual criticism والفن Art والآثار Archaeology والدين Religion.
انظر حول الاستخدام الأمريكي للكلمة
I.B. Carrool، the study of Language، Harvard Un. Press 1960 P. 3 65-66 وفيه يجعل كارول علم الفيلولوجي في مركز وسط بين علم اللغة من جانب والدراسات الأدبية والإنسانية من الجانب الآخر. كما أنه يعتبر دراسة التاريخ الحضاري للغة وإعداد المعاجم بالإضافة إلى تحقيق النصوص ودراسة الفولكلور والميثولوجيا من مجالات علم الفيلولوجي، ويحاول بعد هذا تقسيم العمل الفيلولوجي إلى مجالين هما: Linguistic Philology ويعنى بإعداد المعاجم و Literary Philology وموضوعه تحقيق النصوص وتفسيرها ونقد المؤلفات الأدبية اعتمادًا على دراسة لغتها.