الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحرب، وكثر فيها القتلى حتى أصبح بين المتحاربين هرم بن سنان بن أبي حارثة، والحارث بن عوف بن أبي حارثة، - المريان انظر بيت رقم- 17 - ودفعا الديات من مالهما، وقيل إنها بلغت ثلاثة آلاف بعير، وعرفت تلك الحرب بحرب داحس والغبراء.
وكان ورد بن حابس العبسي قد قتل خرم بن ضمضم المري قبل ذلك الصلح، قتله في الحرب المذكورة آنفًا، ولما جرى الصلح لم يدخل حصين ابن ضمضم أخوه في الصلح، وحلف ألا يغسل رأسه حتى يقتل ورد بن حابس، أو رجلاً من بني عبس، ولم يطلع أحدًا على ما أضمر حتى سنحت له فرصة، فقتل واحدًا من بني عبس- انظر البيت- 39 - وما بعده، ولما بلغ ذلك الحارث بن عوف وهرم بن سنان اشتد ذلك عليهما، وبلغ ذلك بني عبس فركبوا نحو الحارث يريدون قتله؛ ولما بلغ الحارث ركوبهم وما قد اشتد عليهم من قتل صاحبهم بعث إليهم بمائة بعير، ومعها ابنه، وقال للرسول: قل لهم: آللبن أحب إليكم أم أنفسكم؟ فأقبل الرسول حتى قال لهم ما قال، فقال الربيع بن زياد العبسي: إن أخاكم قد أرسل إليكم الإبل أحب إليكم، أم ابنه تقتلونه؟ فقالوا: بل نأخذ الإبل ونصالح قومنا، فتم الصلح، فنظم زهير معلقته يمدح بها المصلحين لحقنهما الدماء، ويحذر الفريقين من شر الخيانة، وإضمار الحرب، وقد توسع في وصف الحرب ونتائجها المذمومة، ثم ختم المعلقة بحكمته الرائعة التي استحق بها لقب الشاعر الحكيم.
تنبيه بحر معلقة زهير هو البحر الطويل.
1 - أمن أم أوفى دمنةً لكم تكلم
…
بحومانة الدراج فالمتثلم
؟
المفردات: أم أوفى: كنية امرأة، قال السيوطي: وهي امرأته. الدمنة: هي ما أسود من آثار الدار بالبعر والرماد وغيرهما والجمع دمن، والدمنة أيضًا
الحفد، وليست مرادًا هنا، والدمن البعر والسرجين، والكلام على حذف مضاف، إذا التقدير: أمن دمن أم أوفى، دمنة، لأن (من) هنا للتبعيض، فأخرج الدمنة من الدمن. لم تكلم: أصله لم تتكلم، فحذفت إحدى التاءين كما رأيت في البيت رقم- 25 - من معلقة امرئ القيس، ومعنى لم تتكلم: لم تتبين، والعرب تقول لكل ما ظهر من أثر وغيره تكلم، أي تميز عن غيره، فصار بمنزلة المتكلم، وقيل: بل المراد لم يتكلم أهلها، وهو كلام مقبول في العربية، فيكون في الكلام مجاز. الحومانة: بفتح الحاء الأرض الغليظة: وقيل: الحومانة القطعة من الرمل، وجمعها حومان وحوامين وحومانات. الدراج: بفتح الدال، وقال أبو عمرو بضمها اسم مكان، وقيل: هو ماء لبني فزارة والأول أصح. وكذا المتثلم فهما موضعان بالعالية، وإنما كانت الدمنة في الأرض الغليظة لأنهم كانوا ينزلون فيها ليكونوا بمأمن من السيل، وليسهل عليهم حفر النؤي، وضرب أوتاد الخيام.
المعنى يقول: أمن منازل الحبيبة المكناة بأم أوفى دمنة لم تتبين، ولم يظهر أثرها؟ أو المراد لم يتكلم أهلها كما رأيت وإنما أخرج الكلام في مغرض الشك ليدل بذلك على أنه لبعد عهده بمنازل الأحبة وشدة تغيرها لم يعرفها معرفة قطع وتحقيق.
الإعراب. الهمزة: حرف استفهام إنكاري. من أم: جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر متقدم، وأم مضاف وأوفى مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على اللف للتعذر. دمنة: مبتدأ مؤخر. لم: حرف نفي وقلب وجزم. تكلم: فعل مضارع مجزوم بلم، وعلامة جزمه السكون المقدر على آخره منع من ظهور اشتغال المحل بالكسر العارض لضرورة الشعر، والفاعل ضمير مستتر تقديره هي يعود إلى دمنة، والجملة الفعلية في محل رفع صفة دمنة. بحومانة: جار ومجرور متعلقان بمحذوف