المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(605) باب توكله صلى الله عليه وسلم على الله تعالى وعصمة الله تعالى له من الناس - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ٩

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌(599) باب قتل الحيات والأبتر والوزغ والهرة وسقي البهائم

- ‌كتاب الأدب من الألفاظ وغيرها

- ‌(600) باب سب الدهر - تسمية العنب كرما - قول: عبدي وأمتي - استعمال المسك

- ‌كتاب الشعر

- ‌(601) باب الشعر واللعب بالنرد

- ‌كتاب الرؤيا

- ‌(602) باب الرؤية والحلم، وتأويل الرؤيا

- ‌كتاب الفضائل

- ‌(603) باب فضل نسب النبي صلى الله عليه وسلم وتسليم الحجر عليه قبل النبوة وتفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق

- ‌(604) باب في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(605) باب توكله صلى الله عليه وسلم على الله تعالى وعصمة الله تعالى له من الناس

- ‌(606) باب بيان مثل ما بعث به صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم

- ‌(607) باب شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم وإذا أراد الله رحمة أمة قبض نبيها قبلها

- ‌(608) باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته

- ‌(609) باب إكرامه صلى الله عليه وسلم بقتال الملائكة معه

- ‌(610) باب من شجاعته صلى الله عليه وسلم

- ‌(611) باب جوده صلى الله عليه وسلم

- ‌(612) باب حسن خلقه صلى الله عليه وسلم

- ‌(613) باب في سخائه صلى الله عليه وسلم

- ‌(614) باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، وتواضعه وفضل ذلك

- ‌(615) باب حيائه صلى الله عليه وسلم

- ‌(616) باب تبسمه صلى الله عليه وسلم وحسن عشرته

- ‌(617) باب رحمته صلى الله عليه وسلم بالنساء، والرفق بهن

- ‌(618) باب قربه صلى الله عليه وسلم من الناس، وتبركهم به، وتواضعه لهم

- ‌(619) باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام، واختياره من المباح أسهله، وانتقامه لله تعالى عند انتهاك حرماته

- ‌(620) باب طيب رائحته صلى الله عليه وسلم، ولين مسه وطيب عرقه، والتبرك به

- ‌(621) باب في صفاته الخلقية، وصفة شعره وشيبته

- ‌(622) باب إثبات خاتم النبوة، وصفته، ومحله من جسده صلى الله عليه وسلم

- ‌(623) باب قدر عمره صلى الله عليه وسلم، وإقامته بمكة والمدينة

- ‌(624) باب في أسمائه صلى الله عليه وسلم

- ‌(625) باب علمه صلى الله عليه وسلم بالله، وشدة خشيته له

- ‌(626) باب وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم، وتوقيره، وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه

- ‌(627) باب وجوب امتثال ما قاله شرعا، دون ما ذكره صلى الله عليه وسلم من معايش الدنيا على سبيل الرأي

- ‌(628) باب فضل النظر إليه صلى الله عليه وسلم

- ‌(629) باب فضائل عيسى عليه السلام

- ‌(630) باب من فضائل إبراهيم الخليل، ولوط، عليهما السلام

- ‌(631) باب من فضائل موسى عليه السلام، ويونس، ويوسف، وزكريا، والخضر، عليهم السلام

- ‌كتاب فضائل الصحابة

- ‌(632) باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌(633) باب من فضائل عمر رضي الله عنه

- ‌(634) باب من فضائل عثمان رضي الله عنه

- ‌(635) باب فضائل علي رضي الله عنه

- ‌(636) باب من فضائل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌(637) باب من فضائل طلحة والزبير رضي الله عنهما

- ‌(638) باب من فضائل أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

- ‌(639) باب من فضائل الحسن والحسين رضي الله عنهما

- ‌(640) باب من فضائل زيد بن حارثة، وابنه أسامة، رضي الله عنهما

- ‌(641) باب من فضائل عبد الله بن جعفر رضي الله عنه

- ‌(642) باب من فضائل خديجة رضي الله عنها

- ‌(643) باب فضائل عائشة رضي الله عنها

- ‌(644) تابع باب فضائل عائشة رضي الله عنها حديث أم زرع

- ‌(645) باب من فضائل فاطمة رضي الله عنها

- ‌(646) باب من فضائل أم سلمة رضي الله عنها

- ‌(647) باب من فضائل زينب أم المؤمنين رضي الله عنها

- ‌(648) باب من فضائل أم أيمن رضي الله عنها

- ‌(649) باب من فضائل أم سليم وبلال رضي الله عنهما

- ‌(650) باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه رضي الله عنهما

- ‌(651) باب من فضائل أبي بن كعب وجماعة من الأنصار رضي الله عنهم

- ‌(652) باب من فضائل سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌(653) باب من فضائل أبي دجانة: سماك بن خرشة رضي الله عنه

- ‌(654) باب من فضائل عبد الله بن عمرو بن حرام، والد جابر رضي الله عنهما

- ‌(655) باب من فضائل جليبيب رضي الله عنه

- ‌(656) باب من فضائل أبي ذر رضي الله عنه

- ‌(657) باب من فضائل جرير بن عبد الله رضي الله عنه

- ‌(658) باب من فضائل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما

- ‌(659) باب من فضائل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما

- ‌(660) باب من فضائل أنس بن مالك رضي الله عنه

- ‌(661) باب من فضائل عبد الله بن سلام رضي الله عنه

- ‌(662) باب من فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه

- ‌(663) باب من فضائل أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌(664) باب من فضائل حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه

- ‌(665) باب من فضائل أصحاب الشجرة، أهل بيعة الرضوان، رضي الله عنهم

- ‌(666) باب من فضائل أبي موسى وأبي عامر الأشعريين رضي الله عنهما

- ‌(667) باب من فضائل أبي سفيان صخر بن حرب رضي الله عنه

- ‌(668) باب من فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس رضي الله عنهما

- ‌(669) باب من فضائل سلمان وبلال وصهيب رضي الله عنهم

- ‌(670) باب من فضائل الأنصار رضي الله عنهم

- ‌(671) باب من فضائل غفار وأسلم وجهينة وأشجع ومزينة وتميم ودوس وطيئ

- ‌(672) باب خيار الناس

- ‌(673) باب من فضائل نساء قريش

- ‌(674) باب مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، رضي الله عنهم

- ‌(675) باب بيان أن بقاء النبي صلى الله عليه وسلم أمان لأصحابه، وبقاء أصحابه أمان للأمة

- ‌(676) باب فضل الصحابة، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم

- ‌(677) باب معنى قوله صلى الله عليه وسلم:

- ‌(678) باب تحريم سب الصحابة

- ‌(679) باب من فضائل أويس القرني رضي الله عنه

- ‌(680) باب وصية النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مصر

- ‌(681) باب فضل أهل عمان

- ‌(682) باب ذكر كذاب ثقيف

- ‌(683) باب فضل فارس

- ‌(684) باب بيان قوله صلى الله عليه وسلم: "الناس كإبل مائة

- ‌كتاب البر والصلة والآداب

- ‌(685) باب بر الوالدين

- ‌(686) باب تقديم الوالدين على التطوع بالصلاة، وغيرها، وفضل بر الوالدين

- ‌(687) باب فضل صلة أصدقاء الأب والأم، ونحوهما

- ‌(688) باب تفسير البر والإثم

الفصل: ‌(605) باب توكله صلى الله عليه وسلم على الله تعالى وعصمة الله تعالى له من الناس

(605) باب توكله صلى الله عليه وسلم على الله تعالى وعصمة الله تعالى له من الناس

5190 -

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة قبل نجد. فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في واد كثير العضاه. فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة، فعلق سيفه بغصن من أغصانها. قال: وتفرق الناس في الوادي يستظلون بالشجر. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن رجلا أتاني وأنا نائم فأخذ السيف فاستيقظت وهو قائم على رأسي، فلم أشعر إلا والسيف صلتا في يده. فقال لي: من يمنعك مني؟ قال قلت: الله. ثم قال في الثانية: من يمنعك مني؟ قال قلت: الله. قال: فشام السيف. فها هو ذا جالس" ثم لم يعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم.

5191 -

عن جابر بن عبد الله الأنصاري وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة قبل نجد. فلما قفل النبي صلى الله عليه وسلم قفل معه. فأدركتهم القائلة يوما. ثم ذكر نحو حديث إبراهيم بن سعد ومعمر.

5192 -

عن جابر رضي الله عنه قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بذات الرقاع بمعنى حديث الزهري ولم يذكر: ثم لم يعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم.

-[المعنى العام]-

صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ يقول "احفظ الله يحفظك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء ما ضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك" وصدق الله العظيم، إذ يقول:{ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا} [الطلاق: 2، 3].

وأخشى بني آدم لله، وأتقاهم له محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فكافأه ربه بقوله {والله يعصمك من

ص: 101

الناس} [المائدة: 67] عصمة هلاك واستئصال، لا عصمة إيذاء وبلاء، فكم أوذي من الكفار، وكم تحمل من جهل الجاهلين، وكذلك الأنبياء، يبتلون فيصبرون، وإذا كان بعض الأنبياء قد قتلوا فإن محمدا صلى الله عليه وسلم عصم من الناس بوعد الله، وظهر هذا اليقين بهذا الوعد في هذه القصة.

كانت الجولات الحربية بين الإسلام والكفر على أشدها، وما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة إلا وري بغيرها، ليبقى المسلمون على استعداد دائم، وكان الكفار متربصين بالمسلمين وبرسول الإسلام، لا يدعون فرصة للنيل منهم إلا ويقتنصونها.

وسنحت لهم فرصة العمر في ظن أحدهم، حيث تعقب جيش المسلمين العائد من غزوة ذات الرقاع، لعله ينفرد بأحدهم، فيغتاله، ورأى من بعيد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في نحر الظهيرة، وفي شدة الحر ينزلون للقيلولة، في واد كثير الشجر، كثير الظل، ينزلون للراحة، ويتفرقون تحت الشجر، ورأى من بعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد انفرد بشجرة مظلة، علق على غصن من أغصانها سلاحه وسيفه، ثم افترش الأرض، فنام، وتسلل الأعرابي في غفلة من الصحابة لنومهم واستراحتهم، حتى وصل إلى شجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فسحب سيفه، وأخرجه من غمده، وأشهره، وقال: يا محمد، من يمنعك مني الآن؟ من يحول بيني وبين قتلك بسيفك؟ فقال صلى الله عليه وسلم بهدوء الواثق الشجاع: الله يمنعني. ونزلت الكلمة على قلب الأعرابي كالصاعقة، أعاد التهديد مرة أخرى، وأعاد الرسول صلى الله عليه وسلم لفظ الله مرة أخرى، وزاد الرعب في قلب الأعرابي فكرر التهديد للمرة الثالثة وكرر رسول الله صلى الله عليه وسلم الجواب، وارتجف الأعرابي، وسقط السيف من يده، وتناوله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتسمر الأعرابي في مكانه لا يتحرك، لا يفكر في الجري والفرار، وأصابه ذهول الموقف وغطاه الخوف. قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجلس، فجثا خاضعا على ركبتيه، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم من يمنعك أنت مني الآن؟ قال: لا أحد. فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، فجاءوا، فقص عليهم ما جرى، فحاولوا قتل الرجل، فمنعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال للرجل: اذهب إلى حال سبيلك. قال الرجل: أنت خير مني، أعاهدك أن لا أقاتلك، ولا أعين عليك من يقاتلك، فلما ولى دخل الإسلام قلبه، فرجع إلى قومه، فقال لهم: جئتكم من عند خير الناس، وقص عليهم القصة، فآمن بإيمانه خلق كثير، وهكذا أسلم الكافرون، لأن رسول الإسلام كان قدوة، كان رحمة للعالمين.

-[المباحث العربية]-

(غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة قبل نجد) الضمير في "غزونا" لجابر ومن كان معه من الصحابة، و"قبل نجد" بكسر القاف وفتح الباء، أي جهتها، وقد وقع القصد إلى جهة نجد في عدة غزوات وفي رواية البخاري تحديد الغزوة، ولفظها "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع

" وذكر القصة.

وكذا في الملحق الثاني لروايتنا، ولفظه "حتى إذا كنا بذات الرقاع" وعند ابن إسحق "أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بني النضير شهر ربيع وبعض جمادى - يعني من سنته - وغزا نجدا، يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان، حتى نزل نخلا، وهي غزوة ذات الرقاع، وقد سبق الكلام عنها في الغزوات.

ص: 102

(فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح الكاف، و"رسول الله" فاعل، وكان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يكون في مؤخرة الجيش العائد، تواضعا، وحراسة، وكانت القصة في العودة من الغزوة، ففي رواية البخاري "أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معه، فأدركتهم القائلة .... " الحديث، وكذا في الملحق الأول لروايتنا.

(في واد كثير العضاه) بكسر العين وفتح الضاد، آخره هاء، وهي كل شجرة ذات شوك، وقيل هو العظيم من السمر مطلقا، والسمرة الشجرة الكثيرة الورق.

(فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة) زاد في رواية "فاستظل بها" أي من حر الشمس في القائلة، وفي رواية "فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبي صلى الله عليه وسلم".

(فعلق سيفه بغصن من أغصانها) وفرش فراشه، ونام تحتها، من التعب.

(وتفرق الناس في الوادي يستظلون بالشجر) المراد من الناس الجيش.

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن رجلا أتاني وأنا نائم، فأخذ السيف، فاستيقظت، وهو قائم على رأسي، فلم أشعر إلا والسيف صلتا في يده)"صلتا" بفتح الصاد وضمها وسكون اللام، أي مجردا من غمده، أي مسلولا، وهو منصوب على الحال، و"السيف" مبتدأ، و"في يده" خبر، وفي رواية للبخاري "فجاء رجل من المشركين، وسيف النبي صلى الله عليه وسلم معلق بالشجرة، فاخترطه" أي استله من غمده، وفي رواية "فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا، فجئناه فإذا عنده أعرابي جالس" وفي رواية "فإذا أعرابي قاعد بين يديه" وفي رواية "قال جابر: فنمنا نومة، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا، فجئناه" فهذا القدر من الرواية لم يحضره الصحابة، وإنما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم، بعد أن دعاهم واستيقظوا.

وهذا الرجل اسمه غورث على وزن جعفر، وقيل: بضم الغين، من الغرث، وهو الجوع، ووقع عند الخطيب "غورك" بالكاف بدل الثاء، وحكى الخطابي غويرث بالتصغير، وهو غورث بن الحارث، قال القاضي: وقد جاء حديث آخر مثل هذا الخبر، وسمي الرجل فيه "دعثورا".

(فقال لي: من يمنعك مني؟ قال: قلت: الله. ثم قال في الثانية: من يمنعك مني؟ قال: قلت الله) في رواية "فقال: تخافني؟ قال: لا" وفي رواية كرر "من يمنعك مني" ثلاث مرات، وهو استفهام إنكاري بمعنى النفي، أي لا يمنعك مني أحد، لأن الأعرابي كان قائما، والسيف في يده، والنبي صلى الله عليه وسلم جالس، لا سيف معه، ولفظ "الله" خبر لمبتدأ محذوف أي مانعي منك الله.

(فشام السيف) أي أعاده في غمده، وألقاه، وهذه الكلمة تستعمل في الأضداد، يقال: شامه إذا استله، وشامه إذا أغمده، وعند ابن إسحاق "فدفع جبريل في صدره، فوقع السيف من يده، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: من يمنعك أنت مني؟ قال: لا أحد، قال: قم، فاذهب لشأنك، فلما ولى قال: أنت خير مني".

(فها هو ذا جالس. ثم لم يعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية البخاري "لم يعاقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم "فيجمع بين هذا، وبين رواية ابن إسحاق السابقة، بأن قوله "فاذهب" كان بعد أن أخبر الصحابة بقصته، فمن عليه، لشدة رغبة النبي صلى الله عليه وسلم في استئلاف الكفار، ليدخلوا في الإسلام، وقد ذكر

ص: 103

الواقدي أنه أسلم، وأنه رجع إلى قومه، فاهتدى به خلق كثير، وفي رواية للبخاري "فتهدده أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم" أي فمنعهم صلى الله عليه وسلم.

-[فقه الحديث]-

-[يؤخذ من الحديث]-

1 -

جواز تفرق العسكر في نزولهم ونومهم، ومحله إذا لم يكن هناك من يخافون منه.

2 -

جواز الاستظلال بأشجار البوادي.

3 -

وتعليق السلاح وغيره فيها.

4 -

وجواز المن على الكافر الحربي، وإطلاقه.

5 -

وفرط شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم.

6 -

وقوة يقينه.

7 -

وصبره على الأذى.

8 -

وحلمه وعفوه عن الجهال.

9 -

ومقابلة السيئة بالحسنة.

10 -

وفيه الحث على مراقبة الله تعالى، وحفظه في الرخاء ليحفظ في الشدة.

11 -

وفيه عصمته سبحانه وتعالى لرسوله من القتل.

والله أعلم

ص: 104